الأدب يسبق السرقة والاحتيال أحياناً! المحامية مريم البحر: محتالـون يستـأذنـون الضحايـا لسرقـة أموالهـم

المحاماة ملاذ ومروءة وفن قبل أن تكون مهنة.. وليس المحامون كلهم محامين بالضرورة.. ليس عمل المحامي فقط معرفة القانون، فالكثير يعرف النصوص حتى من غير المحامين، لكن حقيقة المحامي تكمن في دراسة الوقائع دراسة قانونية والنظر إلى ما يمثل هذه الوقائع في نصوص القانون.. المحاماة فن الحجة والجدل والبرهان والإقناع.. وليس من عمل المحامين قلب الثوابت أو تضليل الحقائق؛ لأن المحامي قبل ذلك كله إنســان لا يكسب دعوى ويخسر نفسه.
«لصوص الجيوب ولكنهم مؤدبون»
معكم القانونية المحامية مريم فيصل البحر، عندما نتحدث عن قضايا النصب والاحتيال الإلكتروني نجد أنفسنا أمام أكثر النماذج تكرارا، وهو ما أطلق عليه الصوص الجيوب ولكنهم مؤدبونب، وما جعلنا نتحدث عن تلك الجرائم هو ما حذرت منه النيابة العامة من وجود تنظيم عصابي يوهم الضحايا باستثمار أموالهم. وأشارت النيابة إلى أنها تلقت أخيرا أكثر من 300 شكوى تعرض مقدموها للنصب والاحتيال الإلكتروني.
وبينت النيابة أن التنظيم يدعو إلى تحميل تطبيق AnyDesk الذي يمكنه من التحكم بهواتف الضحايا عن بُعد والدخول إلى حساباتهم المصرفية دون علمهم وتحويل ما بها من مبالغ نقدية والاستيلاء عليها.. وأهابت بالمواطنين والمقيمين إلى عدم الاستجابة لطلبات تحميل التطبيق المشار إليه أو أي تطبيقات لأي غرض كان، تجنبا لتعرضهم للنصب والاحتيال الإلكتروني.
الحكاية عادة تبدأ من المحتالين الذين يرسلون روابط إلكترونية، أو يتواصلون مع الضحايا هاتفياً، ويطلبون منهم تزويدهم ببياناتهم البنكية، متحججين بأسباب عدة، منها عدم حظر بطاقة الصراف الآلي، أو بحجة تحديث البيانات، أو الادعاء بفوز العميل بجائزة، فاز بها في مسابقة لم يشترك فيها من الأساس.
اللافت في اتصالات المحتالين المستحدثة أنهم يحرصون على التحدث بلباقة وأدب وثقة عالية، وهذا ما حدث مع صاحب هذه القضية، إذ استأذن أحدهم منه بأدب وحميمية، ليزوده برمز التحقق المصرفي الذي أرسل إليه، من أجل استكمال عملية تحديث بياناته المصرفية، مشيراً إلى أنه لم يدرك الأمر، وأن المتصل ما هو إلا محتال، لأن المتصل عبر عن تخوفه من توقف حساباته إذا لم يقم بتحديث البيانات فوراً؛ مما جعله يصدق ما يقوله المحتال، هو أنه اتصل من رقم هاتفي يحمل اسم البنك الذي يتعامل معه، ما جعله لا تساوره أي شكوك بأن الأمر به أي خدعة، وقام بتزويده ببياناته المصرفية.
وهنا نجد أن أكثر حالات الاحتيال تنجح بسبب تقديم الضحية معلوماته طوعاً، وليس بسبب ذكاء المحتال، فالتعرض لعملية احتيال ناجحة يحتاج إلى التواصل بين الجانبين (أي الشخص المخادع والضحية المستهدفة)، وبوسع الأفراد حماية أنفسهم من الاحتيال.
في 10 دقائق ضاعت تحويشة العمر
أما القضية الثانية فالشاكية تروي قصتها وهي منهارة قائلة:
في 10 دقائق ضاعت تحويشة العمر، فقد تلقيت مكالمة هاتفية من جهة تدعي أنها إحدى شركات الاستثمار، تعرض عليّ أن أقوم بإنشاء محفظة استثمار بعوائد مضمونة ومجزية، وكانوا يعرفون عني معلومات تفصيلية من الاسم والوظيفة والبنك الذي أتعامل معه إلى جانب معلومات أخرى تتعلق بتاريخي المهني، وهو ما أوحى لي بأنهم كيان حقيقي، لأبدأ الاستفسار عن التفاصيل في مكالمة استغرقت 10 دقائق اكتشفت خلالها أنها كانت مجرد إلهاء لحين السطو على حسابي المصرفي.
وبعد انتهاء المكالمة، وجدت الشاكية رسائل بإيداع مبالغ في حسابها، ومن ثم رسائل أخرى بسحب المبالغ المودعة مع كافة الأرصدة في حساباتها المختلفة، وتصفيرها بالكامل.
وهنا، بدأت الضحية بإجراءاتها المعتادة بمهاتفة البنك وصولا إلى جهات التحقيق التي أكدت أن تلك العملية تمت من خلال آليات النسخ المتزامن، والتي حصلوا من خلالها على معلومات الضحية، وتتولى الجهات المعنية التحقيق في الأمر.
رسالة نصية لتحميل تطبيق وهمي
أما صاحبة القضية الأخرى، فقد وصلها اتصال هاتفي من شخص، يعرض عليها تحميل تطبيق باسم وهمي، يمكنها هذا التطبيق من الحصول على أكواد خصم، والتمتع بخدمات بتخفيضات هائلة، وهنا اطمأنت الشاكية؛ لأن المتصل يتحدث اللهجة المحلية، ولم يطلب منها أي باسورد أو أرقام حساب، ولكنه طلب منها الضغط بالموافقة على رابط محدد لتحميل التطبيق على هاتفها، من خلال الرابط الذي سوف يتم إرساله لها، وأقنعها بأنه نوع من الدعاية لهذا التطبيق، وبالفعل قامت الشاكية بفعل ما قاله لها المتصل االمحتالب، وما هي إلا دقائق، ووصلت لها رسالة بأنه تم سحب عدة مبالغ مالية من حسابها البنكي على دفعات متعددة.
الشاكي كان لديه مشكلة بشأن الهاتف الخاص به مع إحدى شركات الاتصالات وتوقف الهاتف عن العمل مع البنك الخاص به وبعد تغير رقم هاتفه وحل المشكلة تلقى رسالة البنك الخاص به، لأنه لا يعرف الرقم الجديد سوى البنك، حتى تفعل حسابك لازم تتواصل معهم ولا بد من الاتصال بهذا الرقم
وبالفعل قام بالاتصال بالرقم، ووجهوا له بعض الأسئلة كونه يمتلك الرقم المدني، ثم فوجئ بسحب ١٠ آلاف دينار من حسابه في البنك.
واتضح أن المتهم قد سهل لأحد الأشخاص الاستيلاء على بيانات بطاقة الدفع الالكتروني الخاصة بالشاكي، واستخدمها في سحب المبلغ من الحساب البنكي.
في النهاية نقول:
إن المحتالين ما زال لديهم العديد من الطرق، وعلى البنوك التحذير منها بشكل دائم، وأيضا يجب على العملاء توخي الحذر.