توصيلة بناتي من «سكوتر» إيمان إيمان العدوي: مشـروعـي لتـقـلـيـل المضايقات للفتيات في وسائل المواصلات
«من يعتصم بالله يفتح الله له أبواب الرزق ولا ييأس» بهذه الكلمات تصف إيمان العدوي مشوارها الحياتي ومسارها في خلق الفرص لنفسها دون انتظار للآخرين، وفي يناير الماضي قررت إيمان أن تعلن عن مشروعها بتوصيل الفتيات والسيدات مستخدمة دراجتها البخارية الصغيرة «السكوتر»، لتتغلب على فقدانها لعملها بمجال المحاسبة. وتحكي لنا إيمان العدوي عن قصة مشروعها، وكيف تعامل الناس مع فكرتها.
بدأت مشروع توصيل الفتيات عندما لم أجد عملاً في مجال دراستي للمحاسبة
بداية تعرف إيمان العدوي عن نفسها قائلة: “تخرجت في كلية التجارة جامعة حلوان 2009، وعملت في عدد من الأشغال، حتى استقررت في تدريس المحاسبة والمواد التجارية للطلبة بأحد المكتبات. وفيما بعد حضرت دراسات عليا في المحاسبة، إلى جانب عملي، ولكن للأسف لم أكمل العمل مع المكتبة التي كنت أدرس بها. مع هذه الظروف بدأت العمل الحر وحيدة، وأكملت الدراسات العليا وحصدت المرتبة الثالثة على الجامعة في وقتها بعام 2018، وفي العام نفسه افتتحت صالة للألعاب الرياضية، ودرست رياضة الكونغ فو، ولكن للأسف مع مجيء جائحة كورونا أغلقت الصالة الرياضية”.
ولم تستسلم إيمان لظروف كورونا التي أوقفت مشاريع عدة كان من بينها مشروعها، حيث تذكر: “مجددا عملت في مجال المحاسبة بإحدى الشركات لسنتين وبضعة أشهر. وفي يناير الماضي بدأت مشروع توصيل السيدات والفتيات، حيث كتبت منشورا على موقع فيسبوك وانتشر بشكل واسع، ويرجع انتشاره في وقتها إلى تفاعل الناس مع مسيرتي مع ذكري لمؤهلاتي ومجالات العمل التي عملت بها مسبقا، وهو ما دفع الناس لمشاركة المنشور والعمل على نشره لمساعدتي”.
السيدات يشعرن بحرية أكبر مع استخدام السكوتر في التنزه والتوصيل
وعما تقدمه في مشروعها تقول: “أعرض على بعض الفتيات والسيدات إذا كن يردن الخروج والتنزه أن أوصلهن، خاصة أن السكوتر وسيلة مواصلات صغيرة، ولن تأخذ حيزا إذا أرادت الفتاة التسوق أو غير ذلك مقابل سعر رمزي، وأسعى بذلك إلى ألا تتعرض الفتيات للمضايقة في المواصلات ويشعرن بحرية أكبر في الهواء الطلق الذي ننطلق به باستخدام السكوتر، فالنساء يحتجن بعضهن ويجب أن يقفن مع بعضهن بعضا بدلاً من تحكمات بعض سيارات الأجرة”.
أطلقت اسم «مرزوق» على السكوتر أملاً بأن يكون فتحة خير عليّ
وتستذكر إيمان قصة شرائها للسكوتر الذي أطلقت عليه مرزوق قائلة: “السكوتر في الأساس كان وسيلتي للانتقال من العمل، وإليه حين كنت أعمل في شركة المحاسبة، وذلك لتوفير الوقت والمجهود، كما أني أحب تجربة الأشياء الجديدة، وسميته “مرزوق” لكي يكون فتحة خير علي. كثير من أصدقائي كانوا سعداء حين يركبون معي والظرف الذي تعرضت له من التوقف عن العمل هو ما جعلني أبدأ مشروع توصيل الفتيات والسيدات”.
وتؤكد إيمان العدوي أنها تلقت دعما وافرا من الناس حولها عن مشروعها، وهو ما سبب لها تشجيعا ودفعها للاستمرار “كثير من الأشخاص طلبوا تصوير الورقة التي وضعتها للإعلان عن مشروعي بتوصيل الفتيات، كما شجعني العديد من الأشخاص بكلمات تقديرية وداعمة للغاية على الطريق. وأشعر بالسعادة حين تطلب مني إحدى السيدات أو الفتيات توصيلة أو مشوارا لأنهم يثقون بي. كما أن اللقاءات من وسائل الإعلام تمنحني مزيدا من الدعم والتشجيع، وأتطلع لكي يعمل معي عدد من الفتيات في التوصيل أيضا حتى أتوسع في مناطق التوصيل لأنني حتى الآن محددة بنطاق ضيق في القاهرة فقط”.
وتضيف: “دعوات الرزق من حيث لا أدري، ولا أحتسب من أكثر الدعوات والتعليقات المقربة لقلبي، إلى جانب الشباب الذين يتسمون بصفة “الجدعنة” ممن يساعدونني إذا احتجت لمعرفة الطريق”.
غالبية الفتيات يخفن في البداية من ركوب السكوتر ولكن فيما بعد يحببنه ويتعودن عليه
وعن العقبات التي واجهتها في مشروعها تقول: “العقبة الأولى في السكوتر تعلمه، حيث يكون صعبا للغاية وثقيلا في البداية، ولكن فيما بعد يصبح الأمر أكثر سهولة. وجدير بالذكر أيضا أنني استخدمت الدراجة في أثناء الدراسات العليا، وكانت وسيلتي في الذهاب للجامعة والعودة، لذا فالناس في المنطقة عندي لم يشعروا بالاندهاش أو الاستغراب من إقدامي على الخطوة، فهم يعرفون عني تدريبي الرياضي وكوني كابتن كونغ فو ودائما ما أكون مبادرة في أفعالي”.
وتبين أنها لا تهتم بالتعليقات السلبية، وتتعامل معها حسب حالتها النفسية في وقتها: “أحياناً يكون ردي عنيفا بعض الشيء، ولكن في غالبية الوقت أحصل على الدعم من الشباب والرجال والسيدات”.
وتوضح أن غالبية الفتيات يخفن في البداية من ركوب السكوتر ولكن فيما بعد يحببنه، ويتعودن عليه “في إحدى المرات كانت فتاة خائفة للغاية من توصيلها بالسكوتر معي في البداية، ولكن بعد تجربته طلبت مني توصيلها لعملها ذهابا وعودة”.
وتبدأ إيمان يومها بالاستيقاظ مع صلاة الفجر ثم تستهل المشوار الأول بتوصيل فتاة بأجر رمزي، وتقول: “أتلقى الاتصالات من الفتيات والسيدات على مدار اليوم، وخلال اليوم أحياناً يكون لدي توصيلة واحدة أو أكثر فهذا رزق من الله”.
وتشير إيمان إلى أن امتلاكها عددا من المهارات كان يفتح أمامها أبوابا أوسع في العمل قائلة: “التنقل بين عدد من المجالات يمنحني خبرة، فأنا لا أحب أن أكون محددة في مجال واحد أعيش من أجله، بل إن لدي موهبة الغناء والإنشاد كذلك، ودرسته مع الأستاذ محمود التهامي في الدفعة الثالثة عشرة. وأكسبني التنوع إمكانية تعدد المجالات التي أعمل بها في بحثي عن الرزق، ولكن حتى الآن لم أحصل على عائد من الإنشاد بشكل كبير حيث أشارك في الاحتفالات والمناسبات لكي يعرفني الناس”.
وتشدد على دعم والدها المستمر لها، إذ تقول: “والدي أكثر من يدعمني في مشروعي بالسكوتر ويعطيني النصائح والدعم باستمرار، أما أمي فهي شديدة الخوف من استخدامي وقيادتي للسكوتر”.
تلفت إيمان إلى أنها بدأت مبادرة Eman Scooter For Ladies لتدريب الفتيات على قيادة السكوتر إلى جانب التوصيل وانضمام مزيد من الفتيات للعمل في مجال التوصيل، وتختتم حديثها قائلة: “أتمنى أن أعمل في شركة محاسبة للاستفادة من الدراسات العليا التي حضرتها، كما أطمح لأن يحج والدي ووالدتي أو نذهب جميعا إلى عمرة”.
«أسرتي» في كل مكان
داليا شافعي