أسست تطبيقًا إلكترونيًا للاستفادة من هدر الطعام منـة شـاهيـن: «تكيّة» شراء الطعام بنصف الثمن.. أو التبرع به للجمعيات الخيرية
حين فكرت الصيدلانية منة شاهين في تطبيق «تكيّة» للطعام كان يؤرقها مستقبل الأجيال المقبلة، وما يسببه هدر الطعام من تلوث بيئي رغم انتشار المجاعات حول العالم. وفي عام 2019 أسست منة وزوجها «تكيّة» للاستفادة من فائض الطعام بتوفيره للمستهلكين بنصف الثمن أو التبرع به للجمعيات الخيرية. تحدثنا إلى منة شاهين عن فكرة التطبيق ودوره في تحقيق الاستدامة ودوره في تغيير سلوكيات الأفراد والمشروعات في الموضوع التالي:
يعبر عن شغفي
بمحاربة التلوث البيئي وتحقيق الاستدامة
بداية، قد لا يبدو هناك علاقة بين الصيدلة وريادة الأعمال فكيف جمعت منة شاهين بينهما؟
- لا علاقة بين الصيدلة وريادة الأعمال، فأنا التحقت بكلية الصيدلة نتيجة حصولي على مجموع عالٍ في الثانوية العامة، ثم عملت في شركة للأدوية، وجاءت ريادة الأعمال من شغفي بكل ما له علاقة بهدر الأطعمة والبيئة، ووجدت أن عمل مشروع ناجح يُحتم على الدخول إلى ريادة الأعمال. قبل تأسيس “تكية” كانت لدي سابقة بتأسيس مبادرة She Travels لتمكين السيدات من خلال السفر، وكنا نساعد السيدات على السفر وندربهم. وجاء تطبيق “تكيّة” نابعًا من شغفي بالاستفادة من هدر الطعام.
«تكيّة» تعني المكان الذي يستطيع الناس أن يحصلوا فيه على الطعام والمأوى مجانًا
ما الذي جعلكِ تختارين «تكيّة» اسمًا للمشروع؟
- “تكيّة” اسم موجود في تراثنا، وهي كلمة تحتمل عددا من المعاني، فالكلمة قادمة من الاتكاء، وتعني المكان الذي يستطيع الناس أن يأكلوا فيه مجانًا، ويحصلون على مأوى كما في التراث لدينا. واخترت الاسم لاعتقادي أن المعنى مناسب وكلمة مألوفة لدينا أيضًا، وكذلك اسم خفيف إذا انتشرنا في أي بلد سيذكره الناس.
فكرت في «تكية» عام 2018 حين لاحظت أنا وزوجي هدر المطاعم لكميات كبيرة من الطعام!
متى بدأتِ التفكير في تطبيق تكية؟ وكيف جاءتكِ الفكرة؟
- بدأت التفكير في تطبيق تكية منذ عام 2018، ولكن التجريب الحقيقي في السوق كان في عام 2019، وكان ذلك عندما ذهبنا إلى محل مع خطيبي وقتها، وزوجي الحالي، لتناول السوشي فوجدنا أن المطعم يتخلص من كمية كبيرة من السوشي الصالح للأكل! وحين طلبت من المحل أن أحصل عليه لم يوافقوا وتأثرت بهذا الهدر الكبير من الطعام. فيما بعد وعندنا بحثت وجدت أن الطعام المهدر من أكبر مسببات التلوث البيئي، حيث نتخلص من نحو ثلث كمية الأكل المنتجة، وهو أمر غريب، خاصة مع انتشار الأكل والمجاعات في كافة أرجاء العالم. وبدأت أفكر فيما يمكنني تقديمه لحل المشكلة، وشعرت بأن فكرة تكيّة ستكون مناسبة. والتلوث البيئي من الأشياء التي أرقتني منذ زمن؛ لأنني أحاول أن أجعل هناك مستقبلا أفضل لأولادنا بعيدًا عن الكوارث التي تحدث.
لو تشرحين لنا أكثر عن فكرة تكية، وكيف يسهم في وقف هدر الطعام؟
- تكيّة تسمح لأي مورد طعام من الشركات مثل السوبر ماركت والمطاعم وغيرهما، ممن لديها فائض طعام لم يُبع، وفي حالة جيدة صالحة للأكل، ويستخدم للتبرع به للجمعية الخيرية أو بيعه بنصف الثمن للمستهلكين، ونسمح أيضا للمشتري بأن يشتريه بنفسه أو التبرع به لإحدى الجمعيات الخيرية.
كثير من الناس يخلطون بين هدر الطعام وبين مخلفاته، فكيف توضحين لهم الأمر؟
- الفارق بين هدر الطعام ومخلفاته أن مخلفات الطعام بقايا الأكل مثل القشور وغيرها، ولكن هدر الطعام أو فائض الطعام يكون صالحا للأكل والاستخدام، ولكن يتم التخلص منه لأن المستهلكين لم يشتروه، ونحن نعمل على تقليله في “تكية” بالتبرع به للجمعيات الخيرية أو شرائه بنصف الثمن. ونحقق في تكية الاستدامة من خلال زيادة مكاسب موردي الطعام إلى جانب التوفير للمستهلك بشراء الطعام بسعر أرخص، إذ تحصل الجمعيات الخيرية على طعام دائم، وبذلك يساهم كل أفراد المجتمع في تقليل هدر الطعام والتلوث البيئي.
هل يمكن تصنيف تكية باعتباره أحد المشروعات «الخضراء»؟ وما الذي تغير في التطبيق منذ إطلاقه حتى اللحظة؟
- نعم تكية من المشروعات الخضراء كونها تسهم في تقليل الهدر والتلوث. أطلقنا التطبيق في 2019 كتجربة مبدئية، ثم مع ظهور وباء كورونا بدأنا بالعمل على التبرعات فقط، إذ كانت المطاعم مغلقة وقتها، واتفقنا معهم على إرسال الأطعمة المتبقية لديهم كتبرع للعاملين في مستشفيات الحميات والمتضررين من كورونا، وعملنا بهذه الطريقة حتى أغسطس 2020. بعدها أطلقنا نموذجنا الحالي للتطبيق الذي يقدم خيارات البيع للمستهلك أو التبرع للجمعيات الخيرية، وحاليًا نحن نتوسع أكثر، إذ نضم إلى شبكتنا المخازن والمحال الكبرى كما نعمل على زيادة أنواع موردي الطعام والمناطق التي نغطيها، وحاليًا لدينا 100 ألف تحميل للتطبيق و60 ألف مستخدم و200 مورد طعام، ونتوسع كل يوم عن الآخر.
هل لمستِ أثرًا للتطبيق على الأشخاص حولكِ أو سلوكياتهم الخاصة بهدر الطعام؟
- أرى تكيّة حققت تأثيرًا كبيرًا في المجتمع، حيث يُطلب منا المشاركة كمتحدثين بعدد من المؤتمرات العالمية لزيادة وعي الناس بشأن هدر الطعام، وهو ما نحاول العمل عليه. في الوقت ذاته، لمسنا تأثير تكية من خلال زيادة فهم الموردين والمطاعم لفكرتنا إلى جانب المستهلكين كذلك.
ما الذي يحتاج إليه الجمهور لكي تصل إليهم فكرة وقف هدر الطعام وتأثيره على البيئة؟
- يحتاج الجمهور إلى التوعية بالمخاطر الخاصة بهدر الطعام والتلوث إلى جانب القوانين الرادعة والحملات المبسطة.
هل تذكرين لحظة شعرتِ فيها بصعوبة استكمال المشروع؟
- في بعض اللحظات شعرت وكأنني أدفع صخرة كبرى، ولكن مع الاستمرارية والصبر والأمل اكملت المشوار.
زوجكِ شريككِ في تكيّة فكيف ترين دور الزوج كداعم لزوجته خاصة في مجال ريادة الأعمال؟
- اعتبر زوجي أهم شخص في حياتي وعاملا مهما في نجاحي ومن دونه كان الأمر سيصبح مختلفًا تمامًا فاختياري لزوجي من أفضل ما حدث لي في حياتي.
حصلنا على جائزة أفضل مشروع ناشئ في أفريقيا بكيب تاون.. والجوائز تجذب المستثمرين إلينا
حصدتِ جائزة أفضل مشروع ناشئ في أفريقيا، فكيف ترين توابع هذه الجائزة عليكِ وعلى المشروع؟
- حصلنا على جائزة أفضل مشروع ناشئ في أفريقيا من Global StartUp Awards بكيب تاون، كما حاز التطبيق جائزة Africa Grows Green في مؤتمر المناخ COP27، وحصدنا جائزة في دبي وأخرى من مصر، وكانت كلمات الملك تشارلز، حين كان أميرًا، وزار مصر في عام 2021 داعمة ومشجعة، حيث أثنى على مشروعي ودعاني للاستمرار فيه. هذه الجوائز تؤثر على المستثمرين، إذ تجعلنا أكثر جاذبية لهم كما تسهم في زيادة معرفة الناس بنا.
ما التعليق أو الكلمة التي لا تنسينها عن «تكيّة»» وجعلتك تشعرين بأنكِ أوصلتِ رسالة مشروعكِ؟
- هي ليست كلمة بعينها، ولكن أصبحت تكية رمزًا لمحاربة هدر الطعام، لأن الجمعيات الخيرية كذلك أصبحت تفهم فكرتنا ويشعرون بالسعادة لكونهم جزءا من محاربة هدر الطعام وما يسببه من تلوث للبيئة.. أنا فخورة بكوننا أصبحنا رمزًا للتصدي لهدر الطعام.
هل تجدين إقبالا على ريادة الأعمال في مصر والعالم العربي من السيدات؟
- نعم هناك إقبال أتمنى أن يصبح أقوى وأسرع، ولكنني لاحظت مؤخرًا أن عددا من سيدات الأعمال بدأن في الانتشار والنجاح، ولكن مع الأسف أغلب الاستثمارات تذهب إلى مشروعات ريادية يؤسسها الرجال، لكن نجاح رائدات الأعمال في مشاريعهن سيشجع المستثمرين على الاستثمار معهن والسيدات والفتيات على دخول مجال ريادة الأعمال.
هل ستقدمون جديدًا بمناسبة رمضان؟
لدينا حملة مع شركتين حيث سنعرض بعضًا من منتجاتهما بخصم كبير للغاية حتى يتمكن الأشخاص من شرائها ثم التبرع بها ونحن بدورنا نوصلها إلى الجمعيات الخيرية. كما ستضاعف تكيّة المنتجات التي يشتريها المستخدمون للتبرع بها خلال شهر رمضان.
نستعد للتوسع حاليًا
في الشرق الأوسط بدبي والسعودية
ختامًا، هل لديكِ خطة للتوسع خارج مصر في «تكيّة»؟
- نحن نتوسع حاليًا في الشرق الأوسط بدبي والسعودية، ولكن نستعد كذلك للتوسع في أحد البلدان المتقدمة، وهم من طلبوا منا الشراكة معهم، ولكن الموضوع ما زال غير قابل للإعلان عن تفاصيله حتى الآن.
أسرتي في كل مكان
مصر- داليا شافعي