تحقيقات

أهالينا أطول زواجًا منا..كيف؟ ولماذا؟

 

أمام معدلات الطلاق والانفصال الزوجي في بلادنا العربية كافة نطرح سؤالنا التالي: لماذا كانت زيجات أهالينا والأجيال القديمة أكثر استقرارا وأطول عمرا؟ ولماذا زيجات هذا العصر أقصر عمرا؟

الدراسات العلمية الاجتماعية والنفسية تذكر عن أسباب استقرار أو عدم الاستقرار الزوجي أن الأسباب التي لها علاقة بالاستقرار الزوجي أو عدم الاستقرار الأسرى تتغير في كل عصر، فالأسباب الخاصة ببقاء علاقة الزواج مستقرة أو اسباب عدم دوام هذه العلاقة تغيرت مثلا في فترة الثمانينيات عن فترة التسعينيات عن فترة الالفية الجديدة التي نعيش العقد الثاني منها حاليا.. فما عناصر الاستقرار للزواج في الماضي؟ وما أسباب عدم الاستقرار وقصر عمر الزواجات في أيامنا هذه؟ بل ما الحل للحفاظ على الزواجات الحالية مستقرة هانئة؟

 

عائشة اليحيى:

كانت الزوجات يتحملن أزواجهن، والعكس صحيح

 

عناصر الاستقرار الزوجي

قالت الاعلامية عائشة اليحيى:

منذ سنين طويلة كان مجتمعنا العربي يعتمد على نظام الأسرة الكبيرة الممتدة، أي ان الجد والجدة وأبناءهما وأحفادهما يعيشون في بيت واحد عيشة جماعية… ولم يكن هناك المشاكل والخلافات بين الازواج كما نرى في وقتنا الحالي، كان البيت الواحد يضم العائلة، لا نقول إنه لم تكن هناك مشاكل وخلافات بل بالعكس كانت خلافات تحدث ولكن سرعان ما تزول هذه المشاكل وتختفي.

وأضافت: حيث كانت الزوجات يتحملن أزواجهن، وبالعكس صحيح، كانت الزوجة لا تشتكي لأهلها وتقول زوجي يفعل ويفعل، بل كانت سترًا له، تتحدث معه وتقول «يا أبو فلان والله هذا زعلني منك وأنا أحبك وما أبي شي في قلبي منك» وهكذا فيشعر الزوج ان زوجته «بنت ناس» تتحمل ولا تشتكي لأحد فيعدل من سلوكه ولا يرضى لأحد ان يضايقها، كانت الزوجة تتغاضى عن الكثير من الامور وتنشغل بأبنائها وبيتها وزوجها.

الزوج كان يضم زوجته ويقولها «يا ام فلان تعبانك اليوم معنا..انت عمود البيت»، كان الزوج يعرف قيمة زوجته التي تحفظه وبيته وأبناءه، مهما طال غيابه عن البيت حيث كان الزوج يسافر أحيانا بالشهور في البحر أو التجارة وكان يعود ويجد بيته في أفضل حال، كان الزوج يقدر زوجته ويعطيها مكانتها في وسطهم الاجتماعي.

كانت «الام العودة» وكناتها يعيشون في بيت واحد وكانت تحدث مشاكل أحيانا بينهن ولكن لا يصل الامر الى ان يتطلق الازواج بسبب هذه المشاكل، لأن الجميع كان يحفظ على منظومة الزواج واطار العائلة الواحد.

كانت الام تختار فتاة لتكون زوجة لابنها، ليس تدخلا منها في حياة ابنها ولكن بحكم اختلاطها بنساء وفتيات الفريج وتعرف من منهن تناسب ولدها، اليوم لم يعد ينفع ذلك مع شباب هذا الجيل، هو من يختار زوجته والاهل يسألون عن أهلها ويقيمون مدى التقارب والتكافؤ بين العائلتين، لكن احيانا تنفرد الام برأيها وتصر على زواج ابنها من فتة بعينها وهو ما يسبب المشاكل فيما بعد وأحيانا الابناء يصرون على الزواج من فتيات ربما لا يتناسبن معهم.

 

وصفة الاستقرار الزوجي من الدكتورة دلال الزبن:

الحب والتفاهم والاستقرار

 

من جهتها، قالت أستاذة علم الاجتماع في جامعة الكويت د.دلال الزبن:

ان الهدف من تكوين الأسرة في المقام الأول الاستمرارية، وحدوث ذلك بالطبع يتوقف على عدة عناصر أهمها الحب والتفاهم والاستقرار فاذا افتقدت الأسرة احد تلك العناصر يعني عدم القدرة على الاستمرارية وبالتالي حدوث الطلاق الذي ازداد بنسبة كبيرة في المجتمعات الخليجية وخاصة الكويت في الآونة الأخيرة، فاختلاف المستوى الثقافي والعقلي والفكري بين الزوجين له تأثير كبير في زيادة نسبة الطلاق، كما أن هناك مشكلة كبيرة نغفل عنها وهي الزواج المبكر الذى يؤدي الى عدم القدرة على تكوين الأسرة فالزواج يعني المسؤولية، فيجب على كل والد ووالدة ان يسألا أنفسهما قبل أن يقبلا على فكرة الزواج المبكر لأبنائهما.. هل الولد والبنت قادران على القيام بهذا الدور في الوقت الحالى؟

 

أسباب عدم الاستقرار الزوجي

الإعلامية عائشة اليحيى تعود فترى من اسباب عدم الاستمرارية للزواج في هذا العصر أننا لم نكن في الماضي نرى زوجات يخرجن من الصباح الى المساء من مجمع الى مجمع ومكان الى آخر، والأولاد مع الخادمة تربيهم والسائق يخرج بهم، كما هو الحال الآن كل من الاب والأم في مكان، والزوج يأتي ولا يجد الزوجة بالمنزل والأبناء مشغولون بأمورهم.

واستاذة علم الاجتماع الدكتورة دلال الزبن تؤكد أن الطلاق قد زاد في المجتمع الكويتي، خاصة بعد دخول البلاد في عصر الرفاهية، حيث أصبحت المرأة في هذا العصر يمكن أن تستغني براتبها عن الحياة الزوجية، خلافًا للسابق، حيث كانت الزوجة لا تقبل بحل الطلاق الا في أضيق الحدود، عندما كان معيلها فقط هو الزوج، لافتة الى أن ارتفاع معدلات الطلاق في المجتمع الكويتي ينعكس بالدرجة الأولى على الأبناء الذين يدفعون فاتورة انفصال الأب والأم، مما أسهم في زيادة حالات التفكك الأسري في البلاد، مطالبة بضرورة تفكير الزوج والزوجة جيدًا قبل الاقدام على فكرة الطلاق حتى لا يضيع مستقبل الأبناء.

 

كيف نتمتع بزواج مستقر.. كأهالينا؟

شددت د.الزبن على ضرورة الانسجام والتعاون بين الزوجين تفاديًا لوقوع الطلاق بينهما، مشيرة الى أن التفاهم يجب أن يكون هو ديدن العلاقة بين الزوجين، لأنهما شريكان في حياة واحدة، وتحديد الأدوار والمسؤوليات والتعاون المشترك بين الزوجين للحفاظ على رابطة الزواج. كذلك ضرورة عدم التلويح بالطلاق كحل للمشكلات الأسرية عندما تتعقد، واللجوء لأهل الخير طلباً للاصلاح والمصالحة، والتقارب في كل ما يتعلق بأمور الحياة الزوجية والاحترام المتبادل بين الزوجين، والقضاء على الملل والروتين في الحياة الزوجية وجعلها حياة تبعث الرضا والارتياح، وألا يسمح كل من الزوجين بتدخل أحد في حياتهما سواء من الأهل أو الأصدقاء أو الأقارب، ولتفادي الخلافات الزوجية حول الأمور المالية يجب على الزوجين الاتفاق على الأمور المالية والميزانية المتعلقة بالأسرة ووسائل الانفاق وعلى كيفية الادخار وحماية الأسرة من الوقوع في الديون والأقساط.

 

الاستقرار الاسري لدى المرأة بين العمل والبيت

في دراسة ميدانية مقارنة بين الزوجات العاملات وربات البيوت من حيث عدم الاستقرار الأسري بعنوان «دراسة ميدانية مقارنة بين الزوجات المتفرغات (ربات البيوت) والعاملات في المجتمع الكويتي» نشرتها مجلة حوليات كليات الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة الكويت، دلت النتائج على أن هناك اختلافاً جوهرياً بين مجموعتي العاملات وربات البيوت، حيث إن مجموعة ربات البيوت أميل الى عدم الاستقرار الأسري من العاملات، على الرغم من أن المجموعتين هدفهما الاستقرار. كذلك أشارت الدراسة الى أن المتغيرات المؤثرة في عدم الاستقرار الأسري في مجموعة العاملات هي المستوى التعليمي للزوجة، والمستوى التعليمي للزوج، ووجود زوجة أخرى، وقدرة الزوجين على الانجاب، هذا من جانب، ومن جانب آخر تعد العوامل الآتية مما يؤثر في عدم الاستقرار الأسري في مجموعة ربات البيوت: وجود زوجة أخرى، زواج الزوجة من شخص قريب أو من الأهل، وجود طلاق سابق للزوجة، قدرة الزوجين على الانجاب، مكان الاقامة، وجود طلاق في الأسرة الأصلية للزوجة، والمستوى التعليمي للزوجة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق