أولوياته الاستهلاكية.. البيئة والأخلاق جيل «زد» Gen Z.. يزلزل عروش الماركات العالمية ويضع قواعد اللعبة

هل تمكنت تلك الفئة الشبابية من أن تهز عروش العلامات التجارية الفاخرة، وأن تدفعهم إلى تغيير فلسفة إنتاجهم وتعديل مفاهيم الموضة والجمال لديهم؟ أسئلة باتت موضع بحث وحديث كل المؤسسات المعنية بدراسة التغيرات الاقتصادية التي تطرأ على المجتمعات، خصوصًا بعد إعلان بعض الشركات العالمية الكبرى المالكة لأهم دور الأزياء العالمية عن الخسائر الكبيرة التي تكبدتها العام الماضي بسبب تراجع أسهمها في الأسواق العالمية.
وكانت شركة «LVMH» الفرنسية المالكة لأهم دور الأزياء العالمية الفاخرة قد أعلنت عن تراجع مبيعاتها من الأزياء والحقائب بالربع الأخير من العام الماضي، ما أدى إلى هبوط أسهم شركات السلع الفاخرة مع عودة القلق حول أداء القطاع، حيث انخفضت مبيعات الدور الأساسية بالشركة من بينها دارا Christian Dior , Louis Vuitton بنسبة 1% خلال تلك الفترة، فيما نمت إيرادات الشركة ككل بالنسبة ذاتها.
وكان الدخل التشغيلي للشركة قد انخفض العام الماضي، وذلك للمرة الأولى منذ 2020 حيث سجل تراجعا يُقدر بـ 14%، أي ما يعادل 19.6 مليار يورو.
وعلى الرغم من تعدد أسباب تلك الخسائر التي تتزامن مع أزمات اقتصادية عالمية متتالية، فإن عددا من التقارير الاقتصادية نوهت إلى أن أحد الأسباب الرئيسية لهذا التراجع الكبير هو تصدر جيل «زد» للمشهد الاقتصادي في عالم يتغير بوتيرة متسارعة وغير مسبوقة تزامنت مع سلسلة من الأحداث الاقتصادية التي انعكست على مفاهيمهم الاستهلاكية.
يعرف جيل «زد» بأنهم الشباب المولودون بين 1997 و2012 أي تقدّر أعمارهم بين 13 و27 عامًا
من هم جيل «زد»؟
يعرف جيل «زد» بأنهم الشباب المولودون بين (1997 و2012) أي تقدر أعمارهم بين 13و27 عاما، وهو جيل نشأ في بيئة رقمية بالكامل، مع اطلاع واسع على القضايا العالمية مثل التغير المناخي، العدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان وغيرها من القضايا الإنسانية، ولكن ليس هذا ما يميزهم فقط، فالأهم من هذا وذاك هو قوتهم الاقتصادية المتصاعدة التي دفعتهم لفرض قواعد عالمية للعبة الاستهلاكية، فبحسب تقرير «بنك أوف أميركا» فهم «قوة شرائية لا يستهان بها»، حيث يُقدّر إجمالي دخلهم العالمي بنحو 360 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل إلى 74 تريليون دولار بحلول عام 2040؛ مما يجعله من أكثر الأجيال تأثيرًا اقتصاديًا في التاريخ الحديث.
هذا الجيل يُفضل الشراء من علامات تجارية مستدامة وصديقة للبيئة وبطريقة أخلاقية على أن يشتري منتجات البراندات البراقة
أما مجلة فوربس، فأكدت في دراسة نشرتها مؤخرًا أن 62% من هذا الجيل يفضل الشراء من علامات تجارية مستدامة وصديقة للبيئة، وعلى استعداد لدفع المزيد مقابل السلع المنتجة بطريقة أخلاقية على أن يشتري منتجات البراندات ذات الأسماء البراقة، وعلى الصعيد ذاته أكدت مؤسسة McKinsey & Company أن 70% من هذا الجيل «يأخذون القيم الأخلاقية للشركات بعين الاعتبار قبل الشراء»، في إشارة إلى أن هذا التحول في المفاهيم والقيم والتفضيلات أجبر العديد من الماركات العالمية على إعادة النظر في استراتيجياتها التسويقية، حيث لم يعد الاسم اللامع كافيًا لجذب هذا الجيل الواعي الذي يبحث في كل التفاصيل، ويحصل على الإجابات التي يريد خلال دقائق معدودة عبر أدواته الإلكترونية.
كيف أربك جيل «زد» حسابات عمالقة الموضة؟
لم يعد الانبهار بالأسماء الرنانة أو الإعلانات التي تكلفهم الملايين كافية كي تفتح شهية هذا الجيل على شراء منتجاتهم الفاخرة الباهظة الثمن، فهم الجيل الذي عاصر الكثير من الأزمات الاقتصادية الحادة التي بدأت في 2008 حيث الركود الاقتصادي الكبير، ومن ثم 2020 التي سببتها جائحة كوفيد- 19، لتليها سنوات من الركود الاقتصادي المستمر بدأت منذ عام 2022 وحتى الآن؛ بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية وتداعياتها، وهو ما أثر سلبًا على إحساس هذا الجيل بالأمان والاستقرار وخلق مفاهيم استهلاكية جديدة تتناسب مع احتياجاتهم اليومية التي تميل للبساطة وعدم البذخ، وهو ما أربك حسابات عمالقة الموضة، ووضعهم في موقف حرج تطلب منهم السرعة في اتخاذ قرارات التغيير التي تجري على قدم وساق.
المواطنون الرقميون لا تغريهم الإعلانات
ومن أبرز سمات هذا الجيل الرقمي أنهم لا ينجرفون وراء الدعايات المدفوعة كما هو الحال مع الأجيال السابقة، بل هو الجيل الذي يعتمد على تجاربه الشخصية ونتائج تجارب من هم في أعمارهم التي ينشرونها علنًا على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما «التيك توك» و«الانستغرام» و«السناب شات» و«إكس» دون أن يتوانوا في فضح أي منتج غير مطابق للمواصفات التي سبق أن أعلنوا عنها أيًا كان اسم الماركة أو حجمها في السوق.
الموضة في زمن الوعي
وتعزو بعض التقارير الإعلامية تراجع مبيعات بعض متاجر البيع بالتجزئة، ومنها متاجر «زارا» و»إتش أند إم»، وفي المقابل صعود علامات تجارية ناشئة مثل Patagonia
وAllbirds إلى الانتقادات التي واجهتها تلك المتاجر الشهيرة؛ بسبب استهلاكها المفرط للموارد البيئة من ناحية، وانتهاك قوانين العمل الدولية فيما يخص حقوق العمال من ناحية أخرى، فيما تلتزم الماركات الناشئة بالشفافية والاستدامة واتباع كل الوسائل الصديقة للبيئة في تصنيع منتجاتها.
كي تتكيف الماركات العريقة مع متطلبات هذا الجيل.. عليها بـ 4 شروط!
كيف يجب أن تتكيف الماركات مع هذا الجيل؟
ويبقى هنا السؤال: كيف يمكن أن تتكيف الماركات العريقة مع متطلبات هذا الجيل؟
والإجابة ببساطة شديدة لخصها أبناء الجيل ذاته عبر منشوراتهم وتعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي في عدة نقاط هي:
• الشفافية: حول سلاسل التوريد ومدى التزامها بقوانين حقوق العمال وظروف الإنتاج، والأثر البيئي.
• التنوع: في التسويق، النماذج، والقيم.
• المشاركة المجتمعية: دعم قضايا حقيقية تؤمن بها هذه الشريحة.
• المحتوى الأصلي: التعاون مع صناع المحتوى والمؤثرين الذين يتمتعون بمصداقية حقيقية.