تحقيقات
أخر الأخبار

أول‭ ‬طبيبة‭ ‬أسنان‭ ‬من‭ ‬فاقدي‭ ‬السمع‭..‬ د‭. ‬إسراء‭ ‬البابلي‭: ‬فخورة‭ ‬كوني‭ ‬سببًا‭ ‬في‭ ‬التحاق‭ ‬من‭ ‬مثلي‭ ‬بكليات‭ ‬القمة

اختارت‭ ‬الطبيبة‭ ‬إسراء‭ ‬البابلي‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬طريقًا‭ ‬لم‭ ‬يسبقها‭ ‬إليه‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬لتفتح‭ ‬الباب‭ ‬لغيرها‭ ‬بالسير‭ ‬على‭ ‬خطاها‭. ‬المصرية‭ ‬إسراء‭ ‬البابلي‭ ‬هي‭ ‬أول‭ ‬طبيبة‭ ‬أسنان‭ ‬من‭ ‬فاقدي‭ ‬السمع،‭ ‬تخطت‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬الصعاب‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬حلمها‭. ‬
حصلت‭ ‬الطبيبة‭ ‬إسراء‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬التكريمات‭ ‬تقديرًا‭ ‬لدورها،‭ ‬كان‭ ‬أبرزها‭ ‬تكريم‭ ‬الرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسي‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬شباب‭ ‬الإسماعيلية‭. ‬وفي‭ ‬الحوار‭ ‬التالي‭ ‬تتحدث‭ ‬لنا‭ ‬د‭. ‬إسراء‭ ‬عن‭ ‬رحلتها‭ ‬منذ‭ ‬الدراسة‭ ‬وحتى‭ ‬افتتاح‭ ‬عيادتها،‭ ‬ورسالتها‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬لديه‭ ‬ظروف‭ ‬خاصة‭:‬

د‭.‬إسراء‭ ‬البابلي‭ ‬كيف‭ ‬تحبين‭ ‬أن‭ ‬تعرفي‭ ‬عن‭ ‬نفسكِ؟
‏‭- ‬أنا‭ ‬أول‭ ‬طبيبة‭ ‬أسنان‭ ‬مولودة‭ ‬بصمم‭ ‬عميق‭ ‬بكلتا‭ ‬الأذنين‭ ‬تصبح‭ ‬طبيبة‭ ‬أسنان‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وحاصلة‭ ‬على‭ ‬نوط‭ ‬الامتياز‭ ‬من‭ ‬الدرجة‭ ‬الثانية‭ ‬على‭ ‬الجامعات‭ ‬الخاصة‭ ‬المصرية،‭ ‬ومؤلفة‭ ‬كتاب‭ ‬امن‭ ‬الخيالب‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬نشره‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬الكتاب‭ ‬وعضو‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬نقابة‭ ‬أطباء‭ ‬الأسنان‭.‬

كان‭ ‬قراري‭ ‬أن‭ ‬أبرهن‭ ‬علي‭ ‬اني‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التفوق‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬وأصبحت‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين
كيف‭ ‬أثرت‭ ‬عليكِ‭ ‬الإصابة‭ ‬بفقدان‭ ‬السمع‭ ‬خلال‭ ‬حياتك‭ ‬المبكرة،‭ ‬وما‭ ‬الصعاب‭ ‬التي‭ ‬واجهتكِ‭ ‬أثناء‭ ‬الدراسة؟
‏‭- ‬في‭ ‬الطفولة‭ ‬لم‭ ‬أشعر‭ ‬بمشكلة،‭ ‬خاصة‭ ‬أني‭ ‬كنت‭ ‬محاطة‭ ‬بأسرة‭ ‬متفهمة‭ ‬وزميلات‭ ‬دراسة‭ ‬اعتدن‭ ‬على‭ ‬أسلوب‭ ‬التواصل‭ ‬معي،‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الجامعية،‭ ‬فكانت‭ ‬فعلا‭ ‬صعبة،‭ ‬وكنت‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬إقصاء‭ ‬من‭ ‬زملاء‭ ‬الدفعة،‭ ‬وهذا‭ ‬أثر‭ ‬في‭ ‬نفسيًا،‭ ‬ولكن‭ ‬دائمًا‭ ‬اعتبر‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬التجارب‭ ‬القاسية‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الإنسان‭ ‬أكثر‭ ‬قوة‭ ‬وقدرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الحياة،‭ ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬لحاسة‭ ‬السمع‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالدراسة‭ ‬فهي‭ ‬فعلًا‭ ‬تؤثر،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬أسلوب‭ ‬التعلم‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬الاستماع،‭ ‬وهنا‭ ‬أشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وجودي‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬العادية‭ ‬كان‭ ‬منذ‭ ‬20‭ ‬عامًا،‭ ‬أي‭ ‬إن‭ ‬المدارس‭ ‬والمجتمع‭ ‬لم‭ ‬يعتادوا‭ ‬على‭ ‬مفهوم‭ ‬الدمج‭ ‬أو‭ ‬توافر‭ ‬سبل‭ ‬له،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬تطلب‭ ‬مني‭ ‬جهداً‭ ‬مضاعفاً‭ ‬في‭ ‬اكتساب‭ ‬المعلومة‭ ‬والتعلم‭.‬
وفي‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬قراري‭ ‬أن‭ ‬أبرهن‭ ‬للجميع‭ ‬على‭ ‬أني‭ ‬لست‭ ‬قادرة‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬التعلم‭ ‬ضمن‭ ‬المدارس‭ ‬العادية،‭ ‬وأتلقى‭ ‬نفس‭ ‬المنهج‭ ‬الدراسي،‭ ‬بل‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التفوق‭ ‬على‭ ‬الجميع،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬خلال‭ ‬سنوات‭ ‬الدراسة،‭ ‬وتمكنت‭ ‬في‭ ‬الثانوية‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬معدل‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬95%‭ ‬في‭ ‬المسار‭ ‬العلمي،‭ ‬وهو‭ ‬أول‭ ‬معدل‭ ‬يحصل‭ ‬عليه‭ ‬فاقد‭ ‬لحاسة‭ ‬السمع‭ ‬منذ‭ ‬الولادة‭ ‬بفضل‭ ‬الله،‭ ‬وتم‭ ‬تكريمي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الراحل‭ ‬الشيخ‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬أوائل‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.‬

لم‭ ‬أتخيل‭ ‬نفسي‭ ‬يومًا‭ ‬سوى‭ ‬طبيبة‭ ‬أسنان‭ ‬ولم‭ ‬يستوعب‭ ‬عقلي‭ ‬حرماني‭ ‬من‭ ‬دراسة‭ ‬ما‭ ‬أحب‭ ‬بسبب‭ ‬حالتي

ما‭ ‬القصة‭ ‬وراء‭ ‬اختياركِ‭ ‬دراسة‭ ‬طب‭ ‬الأسنان‭ ‬أكان‭ ‬طموحًا‭ ‬أم‭ ‬أمرًا‭ ‬آخر؟
‏‭- ‬أولًا‭ ‬أنا‭ ‬أشعر‭ ‬أن‭ ‬دراسة‭ ‬طب‭ ‬الفم‭ ‬والأسنان‭ ‬بها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفن،‭ ‬خاصة‭ ‬مجال‭ ‬التركيبات،‭ ‬وأنا‭ ‬أحب‭ ‬الرسم‭ ‬جدًا‭ ‬ولم‭ ‬أتخيل‭ ‬نفسي‭ ‬يومًا‭ ‬سوى‭ ‬طبيبة‭ ‬أسنان‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬عقلي‭ ‬يستوعب‭ ‬فكرة‭ ‬أني‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬أٌحرم‭ ‬من‭ ‬هدفي‭ ‬أو‭ ‬حلمي‭ ‬لمجرد‭ ‬أن‭ ‬الخالق‭ ‬اختارني‭ ‬أعيش‭ ‬حياة‭ ‬فاقدة‭ ‬لحاسة‭ ‬السمع،‭ ‬وكنت‭ ‬أرى‭ ‬أني‭ ‬اجتهدت‭ ‬وحققت‭ ‬المعدل‭ ‬الذي‭ ‬يؤهلني‭ ‬للالتحاق‭ ‬بهذه‭ ‬الكلية‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬معيار‭ ‬تقيمي‭ ‬ولمَ‭ ‬لا‭. ‬ومن‭ ‬حقي‭ ‬الالتحاق‭ ‬بالكلية،‭ ‬وأن‭ ‬توفر‭ ‬لي‭ ‬سبل‭ ‬الإتاحة‭ ‬لاستكمل‭ ‬مشواري،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬ماذا‭ ‬اختار‭ ‬فهذا‭ ‬حقي‭.‬

كيف‭ ‬كان‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬أسرتكِ‭ ‬حين‭ ‬طرحتِ‭ ‬عليهم‭ ‬رغبتك‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬طب‭ ‬الأسنان؟
‏‭- ‬في‭ ‬البداية‭ ‬اعتبرت‭ ‬أسرتي‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬لمجرد‭ ‬وقت‭ ‬وسأتراجع‭ ‬عنه،‭ ‬لكن‭ ‬عندما‭ ‬بدأت‭ ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬الموضوع‭ ‬باعتباره‭ ‬واقعا‭ ‬وخطوة‭ ‬واجبة‭ ‬التنفيذ‭ ‬بدأ‭ ‬النقاش‭ ‬عن‭ ‬الصعوبات‭ ‬والتحديات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أتعرض‭ ‬لها‭ ‬وصعوبة‭ ‬القبول‭ ‬وصعوبة‭ ‬المواد‭ ‬الدراسية‭. ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬صعوبة‭ ‬المواد‭ ‬تشغلني‭ ‬فأنا‭ ‬أدرك‭ ‬مدى‭ ‬قدراتي‭ ‬لكن‭ ‬القلق‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬قبولي‭ ‬بكلية‭ ‬طب‭ ‬الفم‭ ‬والأسنان‭ ‬باعتبار‭ ‬أنها‭ ‬إحدى‭ ‬كليات‭ ‬القمة‭ ‬لمن‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬حالتي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬سهلًا‭.‬

كيف‭ ‬تلمسين‭ ‬تعامل‭ ‬المرضى‭ ‬معكِ؟
‏‭- ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬التدريب‭ ‬العملي‭ ‬بالجامعة،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬أفتتح‭ ‬عيادتي‭ ‬الخاصة‭ ‬شعرت‭ ‬بالطمأنينة‭ ‬وبأني‭ ‬لن‭ ‬أواجه‭ ‬مشكلة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬مريض‭ ‬الأسنان‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ينشده‭ ‬طبيب‭ ‬بارع‭ ‬يخلصه‭ ‬من‭ ‬الألم‭. ‬وبفضل‭ ‬الله‭ ‬وحده‭ ‬كان‭ ‬المرضى‭ ‬يشعرون‭ ‬بالراحة‭ ‬معي،‭ ‬ويدركون‭ ‬أني‭ ‬حقًا‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬عملي‭ ‬بكل‭ ‬كفاءة،‭ ‬ونفس‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬عيادتي‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬العيادات‭ ‬في‭ ‬محيطها‭ ‬الجغرافي‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة‭.‬

وهل‭ ‬تعرضتِ‭ ‬لتجربة‭ ‬التنمر‭ ‬خلال‭ ‬حياتك؟
‏‭- ‬جميعنا‭ ‬نتعرض‭ ‬للتنمر‭ ‬فليس‭ ‬المهم‭ ‬ما‭ ‬نتعرض‭ ‬له،‭ ‬ولكن‭ ‬الأهم‭ ‬ألا‭ ‬نجعله‭ ‬يكسرنا‭ ‬أو‭ ‬يأخذ‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬تفكيرنا‭ ‬ونركز‭ ‬عليه‭. ‬شعرت‭ ‬بقسوة‭ ‬التنمر‭ ‬أثناء‭ ‬الدراسة‭ ‬الجامعية‭ ‬وحتى‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الأستاذة‭ ‬لكن‭ ‬كنت‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أتأثر‭ ‬بهذا،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬أنكر‭ ‬أني‭ ‬كنت‭ ‬أحياناً‭ ‬عندما‭ ‬أنفرد‭ ‬مع‭ ‬نفسي‭ ‬أبكي‭ ‬وأتساءل‭ ‬كيف‭ ‬لا‭ ‬يدرك‭ ‬البشر‭ ‬أننا‭ ‬من‭ ‬خلق‭ ‬الله،‭ ‬وإن‭ ‬وجود‭ ‬كل‭ ‬منا‭ ‬بشكل‭ ‬وهيئة‭ ‬ومواصفات‭ ‬معينة‭ ‬لحكمة‭ ‬التنوع‭ ‬البشري‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬أساس‭ ‬الكون‭.‬

ذكرتِ‭ ‬أنكِ‭ ‬مصرية‭ ‬–‭ ‬بحرينية،‭ ‬فما‭ ‬أثر‭ ‬قدومكِ‭ ‬من‭ ‬ثقافيتين‭ ‬بينهما‭ ‬بعض‭ ‬الاختلاف؟
‏‭- ‬لقد‭ ‬عشت‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وأتشرف‭ ‬بحمل‭ ‬جنسيتها‭ ‬أجمل‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬عمري،‭ ‬فقد‭ ‬التحقت‭ ‬بمختلف‭ ‬مراحلها‭ ‬الدراسية‭ ‬ولم‭ ‬أشعر‭ ‬يومًا‭ ‬إلا‭ ‬بأني‭ ‬وسط‭ ‬إخوتي،‭ ‬والمعلمات‭ ‬كن‭ ‬أروع‭ ‬من‭ ‬أتلقى‭ ‬منهن‭ ‬وكانت‭ ‬طفولتي‭ ‬معهم‭ ‬وبهم‭ ‬جميلة‭.‬
كونكِ‭ ‬أول‭ ‬طبيبة‭ ‬من‭ ‬ضعاف‭ ‬السمع‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬جعلكِ‭ ‬من‭ ‬السيدات‭ ‬الرائدات‭ ‬فهل‭ ‬كنتِ‭ ‬منذ‭ ‬الطفولة‭ ‬تحبين‭ ‬الإقدام‭ ‬على‭ ‬الأمور‭ ‬الجديدة؟
‏‭- ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬محاولتي‭ ‬الدائمة‭ ‬لفتح‭ ‬الأبواب‭ ‬الموصدة‭ ‬هي‭ ‬قدر‭ ‬اختاره‭ ‬الله‭ ‬لي،‭ ‬فلم‭ ‬أكن‭ ‬أسعى‭ ‬لذلك،‭ ‬لكنه‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬وجدت‭ ‬وكانت‭ ‬رحلتي‭ ‬تؤهلني‭ ‬إلى‭ ‬الوصول‭ ‬لهذا‭. ‬فقد‭ ‬تعلمت‭ ‬أن‭ ‬أحاول‭ ‬وأفشل‭ ‬وأكرر‭ ‬المحاولة‭ ‬مرة‭ ‬واثنتين‭ ‬وثلاثا‭ ‬حتى‭ ‬أحقق‭ ‬النجاح‭. ‬وكانت‭ ‬والدتي‭ ‬دائمًا‭ ‬تقول‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬باب‭ ‬لا‭ ‬يفتح‭ ‬فقط‭ ‬نحتاج‭ ‬أن‭ ‬نبحث‭ ‬عن‭ ‬المفتاح‭ ‬الصحيح‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬نجد‭ ‬المفتاح‭ ‬فلنحطم‭ ‬الباب‭.‬

من‭ ‬اللحظات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬أنساها‭ ‬نظرة‭ ‬والدي‭ ‬عندما‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬أسنانه‭ ‬بقيادتي

منذ‭ ‬بداية‭ ‬دراستكِ‭ ‬وحتى‭ ‬التحدث‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بيوم‭ ‬المرأة‭ ‬ما‭ ‬اللحظات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنساها‭ ‬إسراء؟
‏‭- ‬لا‭ ‬أنسى‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬وقفت‭ ‬بها‭ ‬وأنا‭ ‬بالصف‭ ‬الأول‭ ‬الابتدائي‭ ‬اقرأ‭ ‬سورة‭ ‬الفاتحة‭ ‬أمام‭ ‬زميلاتي،‭ ‬وكانت‭ ‬كل‭ ‬واحدة‭ ‬منهن‭ ‬ومديرة‭ ‬المدرسة‭ ‬والمعلمات‭ ‬يبذلن‭ ‬الجهد‭ ‬لكي‭ ‬أشعر‭ ‬بأنني‭ ‬حققت‭ ‬إنجازاً‭.. ‬ولا‭ ‬أنسى‭ ‬كذلك‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬أعمل‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬بحثي‭ ‬بالجامعة‭ ‬بمفردي‭ ‬دون‭ ‬فريق؛‭ ‬لأن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬زملائي‭ ‬اختار‭ ‬أن‭ ‬يشاركني،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬أنجزت‭ ‬المشروع‭ ‬وحدي‭ ‬بإتقان‭ ‬وقبل‭ ‬الجميع،‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬لا‭ ‬أنسى‭ ‬نظرة‭ ‬والدي‭ ‬عندما‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬أسنانه‭ ‬بقيادتي‭ ‬نظرة‭ ‬سنوات‭ ‬عمره‭ ‬وحياته‭ ‬التي‭ ‬ضحى‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬أجلي،‭ ‬ولا‭ ‬أنسى‭ ‬تصفيق‭ ‬الشباب‭ ‬وهم‭ ‬سعداء‭ ‬بي‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬الإسماعيلية‭ ‬لحظة‭ ‬تكريم‭ ‬الرئيس‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬السيسي‭ ‬لي‭.‬

ماذا‭ ‬تقولين‭ ‬لمن‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬إعاقة‭ ‬سمعية‭ ‬أو‭ ‬غيرها،‭ ‬ويرغب‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬بأحد‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يعمل‭ ‬بها‭ ‬أحد‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭ ‬من‭ ‬قبل؟
‏‭- ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬أن‭ ‬يختار‭ ‬مصيره‭ ‬ومستقبله،‭ ‬ولا‭ ‬يلتفت‭ ‬إلى‭ ‬الصورة‭ ‬النمطية‭ ‬التي‭ ‬يفرضها‭ ‬المجتمع،‭ ‬ويخوض‭ ‬التجربة‭ ‬ويبذل‭ ‬الجهد‭ ‬وهو‭ ‬مقتنع‭ ‬أنه‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬النجاح‭.‬

فاقدو‭ ‬وضعاف‭ ‬السمع‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬
المظلومة‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬منظومة‭ ‬متكاملة

ما‭ ‬المشكلة‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬ضعاف‭ ‬السمع‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬حاليًا؟
‏‭- ‬يواجه‭ ‬ضعاف‭ ‬السمع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشاكل،‭ ‬فمن‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬السمع‭ ‬أو‭ ‬فقدانه‭ ‬غير‭ ‬مرئي‭ ‬فهو‭ ‬أمام‭ ‬الناس‭ ‬شخص‭ ‬عادي،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬حاسة‭ ‬السمع‭ ‬هي‭ ‬حاسة‭ (‬تواصل‭ ‬وتعلم‭ ‬ومعرفة‭) ‬لذا‭ ‬فهو‭ ‬إنسان‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجوانب،‭ ‬كذلك‭ ‬المجتمع‭ ‬لديه‭ ‬صورة‭ ‬نمطية‭ ‬يدعمها‭ ‬الإعلام‭ ‬للأسف‭ ‬عن‭ ‬فاقدي‭ ‬وضعاف‭ ‬السمع‭ ‬وهي‭ ‬صورة‭ ‬غير‭ ‬صحيحة‭ ‬إطلاقا،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬سبل‭ ‬الإتاحة‭ ‬غير‭ ‬متوافرة،‭ ‬وإذا‭ ‬وجدت‭ ‬فمن‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تجعل‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الجوانب‭ ‬أسهل‭. ‬شيء‭ ‬آخر،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬الأجهزة‭ ‬الداعمة‭ ‬سواء‭ ‬معين‭ ‬سمعي‭ ‬أو‭ ‬القوقعة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬مكلفة‭ ‬جدًا‭ ‬وتوافرها‭ ‬واستمرار‭ ‬وجودها‭ ‬أساسي‭ ‬للشخص،‭ ‬ولكن‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬يعجز‭ ‬الأفراد‭ ‬عنه‭ ‬نظرا‭ ‬للوضع‭ ‬المادي‭.. ‬اعتقد‭ ‬أن‭ ‬فاقدي‭ ‬وضعاف‭ ‬السمع‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬المظلومة،‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬منظومة‭ ‬متكاملة‭.‬

أخيرًا‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬حققته‭ ‬د‭. ‬إسراء‭ ‬وفخورة‭ ‬به‭ ‬الآن،‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬تخططين‭ ‬له‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة؟
‏‭- ‬فخورة‭ ‬أني‭ ‬كنت‭ ‬سببًا‭ ‬في‭ ‬التحاق‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬ظروفي‭ ‬بكليات‭ ‬القمة‭ ‬وتغيير‭ ‬الصورة‭ ‬النمطية‭ ‬لدى‭ ‬المجتمع‭ ‬لقبول‭ ‬الآخر‭ ‬وتقبل‭ ‬الاختلاف‭ ‬وحصول‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬على‭ ‬فرص‭ ‬متساوية‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬مؤهلاته‭ ‬التعليمية‭ ‬وقدراته،‭ ‬وليس‭ ‬مواصفاته‭ ‬الجسدية،‭ ‬وفخورة‭ ‬كذلك‭ ‬أني‭ ‬كنت‭ ‬نموذجًا‭ ‬لتشجيع‭ ‬كل‭ ‬أسرة‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬واحتمال‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬التأهيل‭ ‬مع‭ ‬أولادها‭ ‬ليتمكنوا‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬بهم‭ ‬إلى‭ ‬مكانة‭ ‬مميزة،‭ ‬ويكتبوا‭ ‬قصة‭ ‬نجاح‭ ‬جديدة‭.‬

‮«‬أسرتي‮»‬‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان
داليا‭ ‬شافعي

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق