حياتنا أحلي

المصورة الكرواتية سارة بيروفيتش بالصور.. سوّت خلافاتها مع أبيها وصارت رسالة حب له

أسست المصورة الكرواتية سارة بيروفيتش مشروعها الفني الإنساني الشخصي، بل والنفسي أيضا My Father’s Legs.. حيث تلتقط صورًا عائلية لوالدها وهو يلعب التنس وتعيد تكوينها مع شريكها، وتضع الصور القديمة جنبًا إلى جنب مع الجديد. والهدف من هذا المشروع لتسوية خلافاتها مع والدها أصبح تدريجيًا رسالة حب له.

 

بداية القصة.. نصيحة من المعلمة

تبدأ قصة سارة مع هذا المشروع الشخصي الجميل لتغيير ما بداخلها وعلاقتها مع الأب، قبل بضع سنوات عندما قالت معلمتها إنه طريقة إبداعية على كل فنان، في مرحلة ما، استكشاف علاقته بوالديه. مما جعل سارة تدرك أن لديها أيضًا بعض المشكلات مع والدها التي كان عليها حلها.. فبدأت الرحلة والمشروع الفني النفسي الجميل.

 

المئات من لقطات لوالدها

بدأت سارة في فرز ألبومات الصور العائلية القديمة، فوجدت المئات من اللقطات لوالدها، الذي كان يعمل مدربًا للتنس، وهو يرتدي (شورت) قصيراً من السبعينيات. فذكّرتها ساقاه بكل الأوقات التي تحدثت فيها والدتها إلى ما لا نهاية عن مدى جمالهما. كانت تقول: “لقد وقعت في حب والدك بسبب رجليه”! وحتى الآن، وما زال الوالدان معًا بعد 50 عامًا، بقيت أمها تتذكرهما باعتزاز.

وبدأت سارة في تجميع الصور الخاصة بوالدها.. وصنفتها في مجموعات، منها الزي الرياضي أو رجلاه المتناسقتان أو استخدامه لمعدات التنس.. أو جريه في الملعب مدربا للتنس. كانت سارة تعرف دائمًا مدى عمق هوسها بالتنس، ولكن رغم حبها الشديد لهذه اللعبة، إلا أنها اكتشفت عندما كانت تنظر إلى الوراء أن هذه اللعبة أو التنس السبب في عدم وجوده دائمًا في حياتها أو غيابه عنها الذي أثر فيها كثيرا وجعلها تشعر بالوحدة. فتقول عنه: كان يعمل دائمًا.. وفي كل مرة أقولها له واشتكي، كان يخبرني أن هذا ليس صحيحًا، ولكنه حتى عندما كان يأخذ إجازة من العمل، كان في الغالب مشغولاً بشيء متعلق بالتنس!

 

صور عائلية.. للعلاج!

كان مشروع الصور بمثابة نوع من العلاج لسارة! لمساعدتها على قبول جوانب معينة من تربيتها وعلاقتها بأبيها. إنها مصرة على أن طفولتها لم تكن مؤلمة بأي حال من الأحوال، لكنها، مثل معظم الناس، لا تزال لديها شكاوى طويلة الأمد بشأن بعض القرارات التي اتخذها والداها. لذلك هي تقول: أنا أحب والدي حقًا، وقد حظيت بطفولة سعيدة.. لقد كان وحيدًا للغاية.. أردت أن أذهب وأدرس الفن، وأراد هو مني أن أدرس شيئًا لم أكن مهتمة به.. لم يُسمح لي حتى بالملصقات على جدران غرفة نومي! كما كانت سارة تتعرض لسوء الفهم التمرد على مشاعر الطفولة الصعبة.. بالصور!

 

آمل أن صوري بمشروعي تشجع الآخرين على التساؤل عن علاقاتهم الخاصة بآبائهم!

 

الشفاء.. والقوة من جديد

تقول سارة إنها شعرت في كثير من الأحيان بأنه يساء فهمها عندما كانت طفلة، لكنها لم تتمرد أو تتعارض مع رغبات والديها.. ففكرت في مشروع التصوير هذا، كي تغير من مشاعرها الأسيرة منذ الطفولة.. فتقول: في بعض النواحي كان هذا المشروع تمردا على كل هذه الضغوط التي شعرت بها عندما كنت طفلة. فقامت بتجميع الصور بنفسها، ثم تعديل بعض اللقطات بتصويرها هي من جديد أي من خلال تحكمها في اللقطات الخاصة لأبيها، وشعرت بأنها كانت في موقع القوة في علاقتهما لأول مرة.

وتدريجيًا، أدركت سارة أنها لم تكن مختلفة تمامًا عن والدها نفسه، حتى عندما يتعلق الأمر بالأحقاد الصغيرة التي كانت تحملها ضده! فتقول: لقد بدأت في رؤيته بطريقتي الخاصة. أنا فقط أعكسه، وإيماءاته وكلماته وطريقة تصرفه.. ومع استمرار مشروع الصور العائلية خاصة صور أبيها مدرب التنس، بدأت تتعافى من غصبها وضيقها منه، بل تحولت إلى مشاعر الحب تجاهه.. وهي تقول بعد هذه التجربة الإنسانية الجميلة: هناك أشياء نأخذها عن والدينا، ولا يمكن تجنب ذلك. كل واحد منا يحمل هذه الأمتعة في حياتنا.

 

إنه أمر مُقّدر علينا منذ البداية. ولكني في هذا المشروع اكتشفت أوجه التشابه والاختلاف بيني وبين والدي، وتعافيت من مشاعر صعبة كانت محبوسة داخلي! وهي ترى أن التصوير الفوتوغرافي الخاص بها لن يغير العالم على الإطلاق ولكنها تريد فقط أن تجعل الناس يفكرون. فمع صور أبي أثناء طفولتي صارت حياتي الخاصة هي نقطة البداية.. وهي تقول: آمل أن صوري بمشروعي تشجع الآخرين على التساؤل عن علاقاتهم الخاصة بآبائهم!

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق