تهديد بإلغاء العقل البشري.. الذكاء الاصطناعي.. حلّ سحري أم تحويل الشباب إلى «روبوتات»؟!

بالنسبة للجيل الجديد أصبح الذكاء الاصطناعي بتطبيقاته المختلفة حلا سحريا لكل ما يحتاجون إليه في دراستهم أو حياتهم أو حتى التعرف على معلومات عن مختلف المجالات، بل وحتى إجراء المحادثات، لكن انتشار مثل هذه التطبيقات قد يشكل خطرا على المهارات الفكرية والعقلية إذا لم ننتبه لآثاره.
أشار تقرير لشركة أميركية للإعلام إلى أن سبعة من كل عشرة مراهقين يستخدمون نوعا واحدا على الأقل من أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وأفاد اثنان من كل خمسة مراهقين (40%) باستخدامهم للذكاء الاصطناعي التوليدي للمساعدة على أداء الواجبات المدرسية، وأفاد 46% منهم بأنهم فعلوا ذلك دون إذن المعلم! مما يطرح تساؤلات عن خطورة استخدام الجيل الجديد للذكاء الاصطناعي بمثل هذا الشكل، فيما يربط البعض بين الاعتماد على هذه التطبيقات وإمكانية تعطيل المواهب وإلغاء مهارات التفكير النقدي لدى الأشخاص.
بداية تشير رهام منذر، المعالجة النفسية واختصاصية التربية، أن طريقة استخدام الذكاء الاصطناعي هي ما يحدد ما إذا كان جيدا أم سيئا “يجب ألا نحرم أطفالنا أو مراهقينا من التعرف على مزيد من المعلومات عن طريق هذه التطبيقات والمواقع، ولكن علينا أيضا أن نحذر من جعلهم اتكاليين على هذه التطبيقات وحدها”.
وتؤكد أن اتكاء الجيل الجديد على الذكاء الاصطناعي وحده هو ما يمثل الخطر “في هذه الحالة سيفكرون مثل هذه التطبيقات، وهنا يأتي دور الأهل بضرورة توعية الأبناء بأن هذه التطبيقات تؤخذ منها معلومات فقط، وتعليم الأطفال والمراهقين تحليل المعلومات التي يحصلون عليها، وإذا كانت مناسبة لفكرهم ومعتقداتهم وظروفهم وغيرها”.
وعن تأثير استخدام برامج مثل chat GBT في المحادثات استبدالا من محادثات حقيقية مع الأشخاص، تقول: “اتجهت لـ Chat GBT نفسه لأعرف إجابته عن السؤال، وللمفاجأة التطبيق نفسه يعلم أضرار هذا الأمر! بالطبع الاعتماد على هذا النوع من المحادثات يقلص من المهارات الاجتماعية ومهارات التعامل مع الصراعات للأشخاص، كما يسبب حميمية زائفة للشخص، تظهر هذه التأثيرات بشكل أكثر حدة لدى صغار السن، فقد يصاب بالاكتئاب أو القلق أو الانعزال الذهني والفكري عن محيطه، وتصبح نمط علاقته مقتصرة مع الروبوتات والآلات فقط!”.
وتوضح أن مواجهة خطورة تعطيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي لمواهب الجيل الجيد تأتي من خلال الأهل أن يشركوا أبناءهم في نشاطات مختلفة بالحياة الواقعية “من الضروري أن يحذر الأهل من اعتماد الأبناء الكامل على تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وحدوث خمول ذهني لديهم، فليسجلوا أبناءهم في نشاطات وهوايات ثقافية ورياضية مختلفة”.
وتنصح الأهل بضرورة توعية الأبناء بإيجابيات وسلبيات الذكاء الاصطناعي، والاستخدام الرشيد له حتى لا يكونوا اتكاليين عليه، وتعليمهم أهمية تحليل وتفكير المعلومات المستقاة من تطبيقات ومواقع الذكاء الاصطناعي، “من المهم تحذير الأبناء بأن الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي سيجعله خامل الفكر وغير قادر على حل المشكلات، وإرشادهم إلى أن الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة ولكن عليهم التفكير بأنفسهم ووضع أسلوبهم الخاص على ما يقدمونه”.
فيما تؤكد د.رندا بهمن، المحاضرة والباحثة في مجال العلوم الإدارية، أن الجيل الجديد هو أول من صنفت أغلبيته بأنها “متمكنة رقميا”. فهم لا يستخدمون الذكاء الاصطناعي فحسب، بل إنهم اعتادوا عموما على أتمتة كل شيء “الميزة الرئيسية لهذا الاستخدام هي أنهم جميعا أصبحوا مفكرين تقدميين، وهو ما يتطلبه الأمر للتكييف مع التحولات إلى عصر جديد من الذكاء الاصطناعي، لكن الافتراض أن استخدامهم لهذه البرامج المتقدمة، يجعلهم يعرفون كيفية استخدام جميع الأدوات التي تأتي معها ليس صحيحا دائما، فقد يستخدمون هذه التقنيات دون فهمها حقا”.
وتشير إلى أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي مكنت من الوصول إلى قدر أكبر من المعلومات بسرعة أكبر، ولكن يصعب على الجيل الجديد الحفاظ على التركيز؛ بسبب كمية المعلومات الجديدة التي يتلقاها على منصات مختلفة كل يوم “الكثير منهم يتصفحون المعلومات عوضا عن قراءتها كما اعتدنا، ويتعرضون للعناوين الرئيسية باستمرار مع القليل من التكهنات حول ما إذا كانت صحيحة أم لا، الطريقة التي يتلقى بها هذا الجيل المعلومات تشبه الروبوتات نفسها!”.
وتنذر بأن هذه التطبيقات قادرة على تعطيل مواهب الجيل الجديد من خلال جعلهم كسالى “مع الأسف تساعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي الحديثة على إنجاز كل شيء دون بذل الكثير من الجهد! ومع ذلك، يتعين علينا أن نفكر في الغرض الرئيسي من اختراع هذه التطبيقات في المقام الأول، وهو تسهيل حياتنا، لذا، تقع علينا أيضا مسؤولية، كبالغين، وكمجتمع، وكمعلمين، فيجب أن نطور تفكيرنا وعاداتنا حتى نتمكن من استخدام هذه التقنيات لخلق حياة أفضل وفرص أفضل، وبهذه الطريقة، نتمكن من تحدي أجيالنا الجديدة لاستخدام هذه الأدوات بشكل فاعل دون تعطيل لمواهبهم”.
وتختتم بالتأكيد على ضرورة أن يكون الأهل على دراية تامة باستخدام هذه التقنيات، وما يتعرض له أطفالنا والجيل الجديد “يتعين علينا توعية الجيل الجديد بالاعتبارات الأخلاقيات والحدود الاجتماعية والدينية التي قد تهددها هذه التكنولوجيات عندما يتعلق الأمر بقضايا أكبر تتعلق بتطور المجتمع ككل”.
«أسرتي» في كل مكان
داليا شافعي