تحقيقات
أخر الأخبار

شخصيات‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬2022 دموع‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬الحياة‭.. ‬ مجد‭ ‬في‭ ‬المستطيل‭ ‬الأخضر

انتهت‭ ‬بطولة‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬2022‭.. ‬لكن‭ ‬الحكايات‭ ‬الكثيرة‭ ‬للبشر‭ ‬فيها‭ ‬لن‭ ‬تنتهي‭.. ‬فهي‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬الدموع‭ ‬والمعاناة‭ ‬في‭ ‬دوائر‭ ‬الحياة‭ ‬الخاصة‭ ‬والعامة،‭ ‬وتنتهي‭ ‬بالمجد‭ ‬في‭ ‬المستطيل‭ ‬الأخضر‭. ‬بل‭ ‬والمجد‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬باقية‭ ‬لهؤلاء‭. ‬هذه‭ ‬الحكايات‭ ‬تقول‭ ‬الكثير‭ ‬عن‭ ‬البشر‭.. ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬يقررون‭ ‬أن‭ ‬يصيروا‭ ‬أشخاصا‭ ‬لهم‭ ‬تأثيرهم‭ ‬بنجاحاتهم‭.. ‬فهم‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬الأمثلة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬تعطي‭ ‬من‭ ‬يعطيها‭ ‬الحب‭ ‬والجهد‭ ‬والإصرار،‭ ‬وقد‭ ‬اخترنا‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الحكايات‭:‬

بعد‭ ‬تولى‭ ‬منصب‭ ‬المدير‭ ‬الفني‭ ‬للمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬وتوقيعه‭ ‬مع‭ ‬اتحاد‭ ‬متعثر‭ ‬عمل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬10‭ ‬مدربين‭ ‬في‭ ‬العقد‭ ‬الماضي،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬شعور‭ ‬بأنه‭ ‬خاطر‭ ‬بدفن‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬صحراء‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭. ‬لكنه‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ “‬رينارد‭ ‬الملهم‭”.. ‬حيث‭ ‬صار‭ ‬انتصار‭ ‬السعوديين‭ ‬على‭ ‬الأرجنتين‭ ‬مذهلاً‭ ‬فدخل‭ ‬رينارد‭ ‬مجموعة‭ ‬المدربين‭ ‬الذين‭ ‬أشرفوا‭ ‬على‭ ‬القصص‭ ‬الخيالية‭ ‬لكأس‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العصور‭. ‬يقول‭ ‬عنه‭ ‬لاعب‭ ‬الوسط‭ ‬بالمنتخب‭ ‬السعودي‭ ‬عبد‭ ‬الإله‭ ‬المالكي‭: ‬لقد‭ ‬حفزنا‭ ‬بين‭ ‬الشوطين‭ ‬في‭ ‬مباراة‭ ‬الأرجنتين،‭ ‬وأخبرنا‭ ‬بأشياء‭ ‬تجعلنا‭ ‬نرغب‭ ‬في‭ ‬أكل‭ ‬العشب‭!‬

تحت‭ ‬المظهر‭ ‬الخارجي‭ ‬الهادئ‭ ‬لرينارد،‭ ‬تكمن‭ ‬شخصية‭ ‬قوية‭ ‬وجذابة‭ ‬تتمتع‭ ‬بقدرتها‭ ‬على‭ ‬حمل‭ ‬الآخرين‭ ‬معه‭ ‬إلى‭ ‬المجد‭.. ‬لكن‭ ‬المدرب‭ ‬نفسه‭ ‬هذا‭ ‬اجتاز‭ ‬عقبات‭ ‬كثيرة‭ ‬ومشوار‭ ‬حياة‭ ‬صعبا‭ ‬مفعما‭ ‬بالتحديات‭.. ‬فهذا‭ ‬المدرب‭ ‬الذي‭ ‬صنع‭ ‬مجدا‭ ‬لنفسه‭ ‬مر‭ ‬برحلة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬المعاناة‭ ‬والحلم‭ ‬بالنجاح‭.. ‬وهو‭ ‬يستحق‭ ‬التقدير‭ ‬لأنه‭ ‬رجل‭ ‬امتهن‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬مهنة‭ ‬متواضعة‭ ‬وغير‭ ‬مربحة‭ ‬ماليًا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬منظف‭ ‬أو‭ ‬رجل‭ ‬نظافة‭! ‬في‭ ‬بداية‭ ‬حياته‭ ‬العملية‭ ‬وهو‭ ‬شاب‭ ‬كان‭ ‬يحمل‭ ‬صناديق‭ ‬النظافة‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مبنى‭ ‬سكني‭ ‬بالترتيب‭. ‬كان‭ ‬يستيقظ‭ ‬في‭ ‬الساعة‭ ‬الثانية‭ ‬صباحًا،‭ ‬وينتهي‭ ‬من‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬النهار‭.. ‬ثم‭ ‬يذهب‭ ‬لتدريب‭ ‬فريق‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬SC Draguignan‭ ‬المتواضع‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬من‭ ‬المساء‭. ‬يقول‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬ذ‭ ‬حسب‭ ‬الجارديان‭- ‬كانت‭ ‬حياة‭ ‬أصعب‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬متدربًا‭ ‬أو‭ ‬لاعب‭ ‬كرة‭ ‬قدم‭ ‬محترفا‭.. ‬لكنها‭ ‬كانت‭ ‬أفضل‭ ‬تعليم‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أحصل‭ ‬عليه‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

ولعل‭ ‬ذلك‭ ‬يفسر‭ ‬اشتعال‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬عينيه‭. ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬النظافة،‭ ‬أنشأ‭ ‬شركته‭ ‬الخاصة‭ ‬للتنظيف‭ ‬الصناعي،‭ ‬ونحّى‭ ‬جانبا‭ ‬شاراته‭ ‬التدريبية‭.. ‬لكن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬قد‭ ‬تغير‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬رينارد‭ ‬عندما‭ ‬تلقى‭ ‬صديقه‭ ‬بيير‭ ‬روميرو‭ ‬المدير‭ ‬السابق‭ ‬الذي‭ ‬عمل‭ ‬رينارد‭ ‬في‭ ‬شركته‭ ‬سابقًا،‭ ‬مكالمة‭ ‬من‭ ‬كلود‭ ‬لو‭ ‬روا‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬2001‭. ‬احتاج‭ ‬لو‭ ‬روا‭ ‬إلى‭ ‬مساعد‭ ‬لدوره‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬فريق‭ ‬شنغهاي‭ ‬كوسكو‭.. ‬فتم‭ ‬توجيه‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬رينارد‭ ‬وبدأ‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬رحلات‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬الحديثة‭ ‬إثارة‭!‬

أدى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الشكوك‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2008‭ ‬عندما‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬استراحة‭ ‬كبيرة‭ ‬مع‭ ‬زامبيا،‭ ‬التي‭ ‬قضى‭ ‬معها‭ ‬فترتين‭. ‬قال‭: “‬في‭ ‬أول‭ ‬مقابلة‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬زامبيا،‭ ‬سُئلت‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬قيام‭ ‬مدرب‭ ‬بدني‭ ‬بإدارة‭ ‬فريق‭ ‬وطني‭”: ” ‬كنت‭ ‬مستاء‭ ‬بعض‭ ‬الشيء‭ ‬لكني‭ ‬قلت‭ ‬لنفسي‭ ‬إن‭ ‬الاستفزاز‭ ‬كان‭ ‬جيدًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭. ‬وقلت‭ ‬في‭ ‬نفسي‭: ‬سأريكم‭ ‬ما‭ ‬يمكنني‭ ‬فعله‭!‬
لم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬رينارد،‭ ‬فقد‭ ‬أثبت‭ ‬أنه‭ ‬سيد‭ ‬المشهد‭ ‬الدولي،‭ ‬وأجاب‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬يتساءل‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬مهاراته‭ ‬قابلة‭ ‬للنجاح‭ ‬خارج‭ ‬إفريقيا‭. ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬القصد‭ ‬من‭ ‬توليه‭ ‬منصبه‭ ‬الحالي‭ ‬والمراهنة‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬يعطل‭ ‬خيبات‭ ‬الأمل‭ ‬لدى‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬السعودية‭ ‬والأمل‭ ‬ضئيل‭ ‬في‭ ‬الاستقرار‭.. ‬وبالفعل‭ ‬استطاع‭ ‬تعطيل‭ ‬خيبة‭ ‬الأمل،‭ ‬بل‭ ‬بدلها‭ ‬بالأمل‭ ‬الكبير‭.. ‬وقد‭ ‬صرح‭ ‬رينارد‭ ‬قبل‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬بأن‭ ‬انتقاله‭ ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬التغيير‭ ‬الذي‭ ‬أراده‭.. ‬وقد‭ ‬قرر‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يجرؤ‭ ‬أحد‭ ‬على‭ ‬وضعه‭ ‬في‭ ‬صندوق‭ ‬يضيق‭ ‬بمكانته‭ ‬أو‭ ‬قدراته‭ ‬التي‭ ‬شكك‭ ‬فيها‭ ‬البعض،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬أراد‭.‬
الجوهرة‭ ‬المغربية‭ ‬أو‭ ‬الساحر،‭ ‬كما‭ ‬يلقب‭ ‬اللاعب‭ ‬المغربي‭ ‬حكيم‭ ‬زياش،‭ ‬لاعب‭ ‬منتخب‭ ‬المغرب‭ ‬المتألق‭ ‬في‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬قطر‭ ‬2022،‭ ‬عشق‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬منذ‭ ‬طفولته،‭ ‬ورغم‭ ‬مولده‭ ‬في‭ ‬هولندا،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬أنصت‭ ‬لدمه‭ ‬الأحمر،‭ ‬وفضل‭ ‬تمثيل‭ ‬منتخب‭ ‬أسود‭ ‬الأطلس‭ ‬االمغربب‭.‬

يحمل‭ ‬ازياشب‭ ‬الجنسيتين‭ ‬الهولندية‭ ‬والمغربية،‭ ‬كما‭ ‬يتحدث‭ ‬اللغات‭ ‬العربية‭ ‬والفرنسية‭ ‬والهولندية‭ ‬والإنجليزية‭. ‬ويُعرف‭ ‬بالقليل‭ ‬من‭ ‬الاهتمامات‭ ‬والهوايات‭ ‬إحداها‭ ‬لعب‭ ‬االبلياردوب‭.‬

في‭ ‬إحدى‭ ‬المدن‭ ‬الصغيرة‭ ‬في‭ ‬هولندا،‭ ‬واسمها‭ ‬درونتن،‭ ‬بدأت‭ ‬حكاية‭ ‬حكيم‭ ‬زياش،‭ ‬عندما‭ ‬رأى‭ ‬النور‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1993،‭ ‬وسط‭ ‬عائلة‭ ‬من‭ ‬8‭ ‬شقيقات‭ ‬وأشقاء‭. ‬وفي‭ ‬العام‭ ‬2008،‭ ‬تمكن‭ ‬حكيم‭ ‬زياش‭ ‬من‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬صفوف‭ ‬نادي‭ ‬هيرينفين‭ ‬الهولندي،‭ ‬رغم‭ ‬مواجهته‭ ‬لصعوبات‭ ‬اجتماعية‭ ‬وإنسانية،‭ ‬ولكنه‭ ‬واصل‭ ‬طريقه‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬والدته‭.‬
عانى‭ ‬زياش‭ ‬عندما‭ ‬توفي‭ ‬والده‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬العاشرة‭ ‬من‭ ‬عمره،‭ ‬حيث‭ ‬ترك‭ ‬دراسته،‭ ‬وأهمل‭ ‬لعب‭ ‬كرة‭ ‬القدم،‭ ‬وانخرط‭ ‬في‭ ‬دوامة‭ ‬إدمان‭ ‬المخدرات‭ ‬التي‭ ‬أنقذه‭ ‬منها‭ ‬مدربه‭ ‬السابق‭ ‬دوفيقار‭.‬
وفي‭ ‬أحد‭ ‬اللقاءات‭ ‬قال‭ ‬زياش‭ ‬إن‭ ‬والده‭ ‬اكان‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬مرض‭ ‬مزمن‭ ‬عضال‭ ‬جعله‭ ‬يعجز‭ ‬عن‭ ‬المشي،‭ ‬ويفقد‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الطعام‭ ‬والكلام،‭ ‬حتى‭ ‬مات‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬إحدى‭ ‬الليالي‭ ‬وأنا‭ ‬نائم‭ ‬معه‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬سريرهب‭.‬
وأضاف‭ ‬اوفي‭ ‬الثالثة‭ ‬صباحا‭ ‬سمعت‭ ‬العائلة‭ ‬تبكي‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬والدي،‭ ‬لأتوقف‭ ‬عن‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة،‭ ‬وأترك‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬ورائي،‭ ‬حتى‭ ‬كرة‭ ‬القدمب‭.‬

كانت‭ ‬والدته‭ ‬تقاوم‭ ‬لإعالة‭ ‬الأسرة‭ ‬بالإعانات‭ ‬العائلية‭ ‬ومنحة‭ ‬البطالة،‭ ‬وتواصلت‭ ‬معاناتهم‭ ‬عندما‭ ‬سجن‭ ‬اثنان‭ ‬من‭ ‬أشقائه‭ ‬بتهمة‭ ‬السرقة‭ ‬والاعتداء‭. ‬وبينما‭ ‬كان‭ ‬حكيم‭ ‬هو‭ ‬أمل‭ ‬العائلة،‭ ‬انعكس‭ ‬تأثره‭ ‬بالوفاة‭ ‬المبكرة‭ ‬لوالده‭ ‬على‭ ‬سلوكه‭ ‬سلبا،‭ ‬حيث‭ ‬تعثر‭ ‬في‭ ‬دراسته،‭ ‬وتوقف‭ ‬عن‭ ‬ممارسة‭ ‬رياضة‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬الـ‭ ‬12،‭ ‬كما‭ ‬أصبح‭ ‬عدوانيا‭ ‬ومدمنا‭ ‬على‭ ‬المخدرات‭ ‬والخمر‭ ‬بشكل‭ ‬كاد‭ ‬يدمر‭ ‬حياته،‭ ‬وينهي‭ ‬مسيرته‭ ‬الكروية‭ ‬مبكرا‭.‬

وعندما‭ ‬فاز‭ ‬بجائزة‭ ‬االحذاء‭ ‬الذهبيب‭ ‬التي‭ ‬تمنحها‭ ‬جريدة‭ ‬ادي‭ ‬تليغرافب‭ ‬الهولندية‭ ‬لأفضل‭ ‬لاعب‭ ‬في‭ ‬الدوري‭ ‬الهولندي‭ ‬لكرة‭ ‬القدم،‭ ‬اختار‭ ‬حكيم‭ ‬زياش‭ ‬أن‭ ‬ترافقه‭ ‬والدته‭ ‬إلى‭ ‬الحفل‭. ‬وعلى‭ ‬منصة‭ ‬التتويج‭ ‬أعلن‭:‬ب‭ ‬هذه‭ ‬أمي،‭ ‬هي‭ ‬البطل‭ ‬الحقيقي،‭ ‬ولست‭ ‬أنا،‭ ‬هي‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي،‭ ‬ولولاها‭ ‬لما‭ ‬وقفت‭ ‬اليوم‭ ‬أمامكم،‭ ‬إذن‭ ‬حيوها‭ ‬أرجوكم،‭ ‬لأنها‭ ‬من‭ ‬قادتني‭ ‬إلى‭ ‬هنا‭ ‬لأقف‭ ‬أمامكمب‭.‬
فالجهود‭ ‬الجبارة‭ ‬لوالدته،‭ ‬والمساعدة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬من‭ ‬اللاعب‭ ‬المغربي‭ ‬والمساعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬عزيز‭ ‬دوفيقار،‭ ‬أول‭ ‬لاعب‭ ‬مغربي‭ ‬محترف‭ ‬في‭ ‬الدوري‭ ‬الهولندي،‭ ‬مكنتا‭ ‬حكيم‭ ‬زياش‭ ‬من‭ ‬مغادرة‭ ‬عالم‭ ‬الانحراف‭ ‬إلى‭ ‬اتساع‭ ‬المستطيل‭ ‬الأخضر‭ ‬للعبة‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭.‬

مر‭ ‬حكيم‭ ‬زياش‭ ‬بفترات‭ ‬عصيبة‭ ‬مع‭ ‬منتخب‭ ‬المغرب،‭ ‬حيث‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬قائمة‭ ‬المنتخب‭ ‬في‭ ‬نهائيات‭ ‬كأس‭ ‬أفريقيا‭ ‬2017‭ ‬في‭ ‬الغابون،‭ ‬بسبب‭ ‬خلافات‭ ‬مع‭ ‬مدرب‭ ‬أسود‭ ‬الأطلس‭ ‬السابق‭ ‬الفرنسي‭ ‬هيرفي‭ ‬رينارد‭.‬

وفي‭ ‬فبراير‭ ‬2022،‭ ‬أعلن‭ ‬الدولي‭ ‬المغربي‭ ‬اعتزاله‭ ‬اللعب‭ ‬مع‭ ‬المنتخب‭ ‬الوطني‭. ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬االأمور‭ ‬باتت‭ ‬محسومة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي،‭ ‬أحترم‭ ‬قرار‭ ‬المدرب‭ ‬بإبعادي،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬لن‭ ‬أعود‭ ‬للمنتخب‭.‬
وهتفت‭ ‬الجماهير‭ ‬المغربية‭ ‬باسم‭ ‬ازياشب،‭ ‬وفتح‭ ‬مدرب‭ ‬الأسود‭ ‬وليد‭ ‬الركراكي‭ ‬صفحة‭ ‬جديدة‭ ‬مع‭ ‬زياش،‭ ‬وتم‭ ‬إدماجه‭ ‬مجددا‭ ‬في‭ ‬التشكيلة‭ ‬التي‭ ‬رحل‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬الدوحة‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬منافسات‭ ‬نهائيات‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬قطر‭ ‬2022‭.‬

أشرف‭ ‬حكيمي‭ ‬لاعب‭ ‬كرة‭ ‬قدم‭ ‬مغربي،‭ ‬ولد‭ ‬في‭ ‬إسبانيا‭ ‬عام‭ ‬1998،‭ ‬واختار‭ ‬اللعب‭ ‬لأسود‭ ‬الأطلس‭. ‬عاش‭ ‬ظروفا‭ ‬مادية‭ ‬قاسية‭ ‬في‭ ‬عائلة‭ ‬متواضعة،‭ ‬وبيت‭ ‬بسيط‭ ‬علمه‭ ‬حب‭ ‬المغرب،‭ ‬حيث‭ ‬ولد‭ ‬لأسرة‭ ‬ربها‭ ‬بائع‭ ‬متجول‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬مدريد‭.‬
تربى‭ ‬ابن‭ ‬حي‭ ‬المهاجرين‭ ‬في‭ “‬خيتافي‭” ‬كرويًا‭ ‬في‭ ‬أحضان‭ ‬نادي‭ ‬ريال‭ ‬مدريد‭ ‬الإسباني‭ ‬بكل‭ ‬فئاته‭. ‬وبطلب‭ ‬من‭ ‬المدرب‭ ‬زين‭ ‬الدين‭ ‬زيدان‭ ‬آنذاك،‭ ‬التحق‭ ‬بالفريق‭ ‬الأول‭ ‬للنادي‭ ‬الملكي،‭ ‬ومنه‭ ‬بزغ‭ ‬نجمه‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬العالمية‭.‬
كانت‭ ‬مواجهة‭ ‬الريال‭ ‬لإسبانيول‭ ‬أول‭ ‬مباراة‭ ‬رسمية‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬فريق‭ ‬مدريد،‭ ‬الذي‭ ‬توج‭ ‬معه‭ ‬بلقب‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬للأندية‭ ‬وبطولة‭ ‬دوري‭ ‬أبطال‭ ‬أوروبا‭.‬

ولعب‭ ‬حكيمي‭ ‬مع‭ ‬المنتخب‭ ‬المغربي‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬مع‭ ‬المراحل‭ ‬العمرية‭ ‬المختلفة،‭ ‬حتى‭ ‬انضم‭ ‬للمنتخب‭ ‬الأول،‭ ‬وخطف‭ ‬الأنظار‭ ‬وأصبح‭ ‬نجم‭ ‬أسود‭ ‬الأطلس‭ ‬الأبرز‭.‬
أشرف‭ ‬حكيمي‭ -‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬24‭ ‬عاما‭- ‬أصبح‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬محط‭ ‬تنويه‭ ‬نظير‭ ‬العروض‭ ‬المتميزة‭ ‬التي‭ ‬بصم‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬الميادين‭ ‬الأوروبية‭ ‬مع‭ ‬فرق‭ ‬بوروسيا‭ ‬دورتموند‭ ‬الألماني،‭ ‬ثم‭ ‬إنتر‭ ‬ميلان‭ ‬الإيطالي،‭ ‬انتهاء‭ ‬بنادي‭ ‬باريس‭ ‬سان‭ ‬جيرمان‭ ‬الفرنسي،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬اللاعبين‭ ‬المغاربة‭ ‬الأكثر‭ ‬إثارة‭ ‬وتصدرا‭ ‬لعناوين‭ ‬الصحف‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭.‬
يحمل‭ ‬النجم‭ ‬حكيمي‭ ‬الجنسيتين‭ ‬الإسبانية‭ ‬والمغربية،‭ ‬وكان‭ ‬انتماؤه‭ ‬لبلده‭ ‬الأصلي‭ ‬واضحا‭ ‬منذ‭ ‬شبابه‭. ‬وشارك‭ “‬الغزال‭” -‬كما‭ ‬لقب‭ ‬في‭ ‬كاستيا‭- ‬مع‭ ‬المنتخب‭ ‬الوطني‭ ‬المغربي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬فئاته‭.‬
وشارك‭ ‬حكيمي‭ -‬الذي‭ ‬اشتهر‭ ‬برقصة‭ “‬التبختر‭” ‬أو‭ “‬البطريق‭” – ‬في‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬للمرة‭ ‬الثانية،‭ ‬فقبل‭ ‬مونديال‭ ‬قطر‭ ‬2022‭ ‬الذي‭ ‬أبدع‭ ‬فيه‭ ‬مع‭ ‬كتيبة‭ ‬المدرب‭ ‬وليد‭ ‬الركراكي،‭ ‬شارك‭ ‬مع‭ ‬المنتخب‭ ‬المغربي‭ ‬في‭ ‬مونديال‭ ‬روسيا‭ ‬2018‭.‬

بدأت‭ ‬مسيرة‭ ‬حكيمي‭ ‬الكروية‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬السابعة‭ ‬بفريق‭ ‬الحي‭ ‬كولونيا‭ ‬أوفيجيفي،‭ ‬ثم‭ ‬انضم‭ ‬عام‭ ‬2006‭ ‬وعمره‭ ‬8‭ ‬أعوام‭ ‬إلى‭ ‬أكاديمية‭ ‬لافابريكا‭ ‬التابعة‭ ‬لفريق‭ ‬ريال‭ ‬مدريد،‭ ‬وتدرج‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬فئاته‭ ‬لمدة‭ ‬9‭ ‬سنوات‭.‬
صرح‭ ‬النجم‭ ‬المغربي‭ ‬أشرف‭ ‬حكيمي‭ ‬بعد‭ ‬الفوز‭ ‬على‭ ‬المنتخب‭ ‬البلجيكي،‭ ‬بأن‭ ‬والدته‭ ‬هي‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬بالحياة‭ ‬بالنسبة‭ ‬له،‭ ‬والدة‭ ‬أشرف‭ ‬حكيمي‭ ‬هي‭ ‬السيدة‭ ‬سعيدة‭ ‬نوح‭ ‬سيدة‭ ‬تنحدر‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬القصر‭ ‬الكبير‭ ‬شمال‭ ‬المغرب،‭ ‬سيدة‭ ‬تحدت‭ ‬كل‭ ‬الصعاب‭ ‬رغم‭ ‬الفقر،‭ ‬حيث‭ ‬عملت‭ ‬خادمة‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬حتى‭ ‬تصل‭ ‬بابنها‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬الآن،‭ ‬وتساعده‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬حلمه‭ ‬ليكون‭ ‬أفضل‭ ‬لاعب‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬
قال‭ ‬أشرف‭ ‬حكيمي‭ ‬لوسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬إن‭ ‬والدته‭ ‬كانت‭ ‬تخدم‭ ‬في‭ ‬المنازل‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة‭ ‬لتمويله‭ ‬بالأموال‭ ‬اللازمة‭ ‬للتدرب‭ ‬وممارسة‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬باحترافية،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬مساعدة‭ ‬والدته‭ ‬ووالده‭ ‬كانت‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬فيما‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬نجومية‭ ‬وشهرة‭ ‬الآن‭. ‬وقال‭: “‬لا‭ ‬أخجل‭ ‬أبدًا‭ ‬من‭ ‬التحدث‭ ‬عن‭ ‬الماضي‭ ‬الخاص‭ ‬بي‭ ‬وبأسرتي‭”.‬

وأوضح‭ ‬حكيمي‭ “‬والدي‭ ‬كان‭ ‬بائعاً‭ ‬متجولاً،‭ ‬ووالدتي‭ ‬كانت‭ ‬تعمل‭ ‬خادمة،‭ ‬لقد‭ ‬تعذبا‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬أجلي،‭ ‬وكانا‭ ‬يضحيان‭ ‬لكي‭ ‬أتدرب‭ ‬وأمارس‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭”. ‬وعرف‭ ‬حكيمي‭ ‬في‭ ‬المونديال‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يطبع‭ ‬قبلة‭ ‬الفخر‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬والدته،‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬المباريات‭ ‬التي‭ ‬تألق‭ ‬فيها،‭ ‬كما‭ ‬حرص‭ ‬على‭ ‬إهداء‭ ‬قميصه‭ ‬لها‭.‬
ويدين‭ ‬اللاعب‭ ‬الشاب‭ ‬بنجاحاته‭ ‬في‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬لجهود‭ ‬والديه،‭ ‬وقال‭ ‬عام‭ ‬2018‭ “‬أنا‭ ‬أقاتل‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬أجلهما،‭ ‬لقد‭ ‬ضحيا‭ ‬بنفسيهما‭ ‬من‭ ‬أجلي،‭ ‬وحرما‭ ‬إخوتي‭ ‬من‭ ‬أشياء‭ ‬كثيرة،‭ ‬لكي‭ ‬أنجح‭”‬،‭ ‬بينما‭ ‬تحدثت‭ ‬الصحافة‭ ‬الإسبانية‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬أمه‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬نجاحه‭ ‬كرويا‭.‬

كشف‭ ‬حفل‭ ‬افتتاح‭ ‬بطولة‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬عن‭ ‬أسطورة‭ ‬التحدي،‭ ‬الشاب‭ ‬القطري‭ ‬المعجزة،‭ ‬غانم‭ ‬المفتاح‭ ‬الذي‭ ‬أسر‭ ‬القلوب‭ ‬بقصة‭ ‬كفاحه‭ ‬الملهمة‭.. ‬وظهر‭ ‬المفتاح‭ ‬خلال‭ ‬حفل‭ ‬الافتتاح،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الفنان‭ ‬الأميركي‭ ‬الشهير‭ ‬مورغان‭ ‬فريمان‭ ‬وهو‭ ‬يتلو‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: (‬يأَيهَا‭ ‬الناسُ‭ ‬إِنا‭ ‬خَلَقْنَاكُم‭ ‬من‭ ‬ذَكَرٍ‭ ‬وَأُنثَى‭ ‬وَجَعَلْنَاكُمْ‭ ‬شُعُوبًا‭ ‬وَقَبَائِلَ‭ ‬لِتَعَارَفُوا‭ ‬إِنَّ‭ ‬أَكْرَمَكُمْ‭ ‬عِندَ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬أَتْقَاكُم‭ ‬إِنَّ‭ ‬الله‭ ‬عَلِيم‭ ‬خَبِيرٌ‭).‬
ولأن‭ ‬روعة‭ ‬العرض‭ ‬فاقت‭ ‬الوصف،‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬حدث‭ ‬كروي‭ ‬يشهده‭ ‬العالم،‭ ‬فقد‭ ‬تصدر‭ ‬اسم‭ ‬الشاب‭ ‬الملقب‭ ‬بـ‭ “‬قاهر‭ ‬الإعاقة‭” ‬محركات‭ ‬البحث،‭ ‬واستطاع‭ ‬المفتاح‭ ‬أن‭ ‬يلج‭ ‬قلوب‭ ‬الكثيرين‭ ‬بجمال‭ ‬عباراته‭ ‬ورضاه‭ ‬بالقضاء‭ ‬والقدر‭ ‬واستمتاعه‭ ‬بالحياة‭ ‬دون‭ ‬تذمّر،‭ ‬ودفاعه‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬بالكلمة‭ ‬الطيبة‭.‬

ولد‭ ‬غانم‭ ‬في‭ ‬5‭ ‬مايو‭ ‬2002‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬القطرية‭ ‬الدوحة،‭ ‬ومنذ‭ ‬ولادته‭ ‬أصيب‭ ‬بمرض‭ ‬يسمى‭ ‬متلازمة‭ “‬التراجع‭ ‬الذيلي‭” ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬إعاقة‭ ‬شديدة،‭ ‬ممّا‭ ‬يتطلّب‭ ‬رعاية‭ ‬صحّية‭ ‬مكثّفة‭ ‬وإحاطة‭ ‬عائلية‭ ‬واجتماعية‭ ‬لامتصاص‭ ‬آثار‭ ‬المرض‭ ‬الحسّية‭ ‬والمعنوية‭ ‬ولتمكينه‭ ‬من‭ ‬اكتساب‭ ‬بعض‭ ‬الاستقلالية‭ ‬الذّاتية،‭ ‬ومن‭ ‬الاندماج‭ ‬في‭ ‬مجتمعه‭.‬
وتُعد‭ ‬متلازمة‭ ‬التراجع‭ ‬الذيلي‭ ‬مرضًا‭ ‬نادرًا‭ ‬يحدث‭ ‬بسبب‭ ‬عيب‭ ‬خلقي‭ ‬في‭ ‬الفقرات‭ ‬القطنية‭ ‬يرافقها‭ ‬غياب‭ ‬العصعص‭ ‬ونمو‭ ‬غير‭ ‬طبيعي‭ ‬لبعض‭ ‬الأجزاء‭ ‬من‭ ‬جسم‭ ‬الجنين‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الأسفل‭ ‬من‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬وعدم‭ ‬اكتمال‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬للحوض‭.‬
وتعرف‭ ‬هذه‭ ‬المتلازمة‭ ‬أيضا‭ ‬بـ‭ “‬الانحدار‭ ‬الذيلي‭” ‬أو‭ “‬التخلق‭ ‬العجزي‭”‬،‭ ‬وهو‭ ‬اضطراب‭ ‬خلقي‭ ‬نادر‭ ‬يحدث‭ ‬نتيجة‭ ‬عدم‭ ‬تكوّن‭ ‬الجزء‭ ‬السفلي‭ ‬من‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬بشكل‭ ‬تام‭ ‬قبل‭ ‬الولادة‭.‬

ويصيب‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬شخصاً‭ ‬واحداً‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬25‭ ‬ألف‭ ‬حالة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وعليه‭ ‬فإن‭ ‬القطري‭ ‬غانم‭ ‬المفتاح‭ ‬عاش‭ ‬حياته‭ ‬بنصف‭ ‬جسد‭ ‬بعدما‭ ‬فقد‭ ‬جزءا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬عظامه،‭ ‬بسبب‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭.‬
واللافت‭ ‬في‭ ‬القصة‭ ‬أن‭ ‬والدة‭ ‬الشاب‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬صنعت‭ ‬منه‭ ‬بطلا‭ ‬حسب‭ ‬سرده،‭ ‬بإصرارها‭ ‬على‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬به‭ ‬جنينا،‭ ‬رغم‭ ‬نصح‭ ‬الأطباء‭ ‬لها‭ ‬بإجهاضه،‭ ‬ثم‭ ‬دعمه‭ ‬نفسياً‭ ‬ومساعدته‭ ‬على‭ ‬تخطي‭ ‬جميع‭ ‬العقبات‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬ينعزل‭.‬

قصة‭ ‬التحدي‭ ‬والنجاح
وبدون‭ ‬أطراف‭ ‬سفلية،‭ ‬واصل‭ ‬غانم‭ ‬حياته‭ ‬متنقلا‭ ‬باستخدام‭ ‬يديه،‭ ‬وعلى‭ ‬كرسي‭ ‬متحرك،‭ ‬درس‭ ‬واجتهد‭ ‬وتعلم،‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬أحد‭ ‬الأشخاص‭ ‬الفاعلين‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬القطري،‭ ‬ثم‭ ‬العالم،‭ ‬وهو‭ ‬الآن‭ ‬سفير‭ ‬النوايا‭ ‬الحسنة‭ ‬لبلده‭ ‬قطر‭.‬
ولغانم‭ ‬كتب‭ ‬ومنشورات‭ ‬تحفز‭ ‬على‭ ‬النجاح،‭ ‬وتحدي‭ ‬الإعاقة‭ ‬والصعوبات،‭ ‬وهي‭ ‬ملهمة‭ ‬للجميع،‭ ‬فقد‭ ‬كتب‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬كتابه‭ “‬غانم‭ ‬الرابح‭ ‬دائما‭” ‬الذي‭ ‬طبع‭ ‬بواسطة‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬لشؤون‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬قطرقائلا‭ ‬فيه‭: “‬اسمي‭ ‬غانم،‭ ‬طفل‭ ‬قطري،‭ ‬ولدت‭ ‬في‭ ‬دوحة‭ ‬الخير،‭ ‬عاصمة‭ ‬قطر،‭ ‬وتنسّمت‭ ‬ربيع‭ ‬بلادي،‭ ‬في‭ ‬لغتي‭: ‬يعني‭ ‬اسمي‭ ‬الرابح‭ ‬دوما،‭ ‬ولنقرأ‭ ‬ولنسمع‭ ‬حكايتي‭ ‬الجميلة‭”.‬

جمعية‭ ‬غانم‭ ‬الرابح‭ ‬للكراسي‭ ‬المتحركة
أنشأ‭ ‬غانم‭ “‬جمعية‭ ‬غانم‭ ‬الرابح‭ ‬للكراسي‭ ‬المتحركة‭” ‬وهي‭ ‬جمعية‭ ‬أهلية‭ ‬يوزع‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬الكراسي‭ ‬المتحركة‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يحتاجها‭.. ‬وصار‭ ‬غانم‭ ‬مؤثرا،‭ ‬وتجاوز‭ ‬مرحلة‭ ‬إثارة‭ ‬الشفقة‭ ‬والعطف‭ ‬لدى‭ ‬الآخرين‭ ‬إلى‭ ‬استثارة‭ ‬النشاط‭ ‬والتحدي‭ ‬لديهم،‭ ‬وصار‭ ‬علامة‭ ‬مميزة‭ ‬للنجاح‭ ‬وتخطي‭ ‬الصعاب‭. ‬سمي‭ ‬سفيراً‭ ‬للنوايا‭ ‬الحسنة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مؤسسة‭ “‬أيادي‭ ‬الخير‭ ‬نحو‭ ‬آسيا‭”‬،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬اختياره‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مركز‭ ‬قطر‭ ‬للمال‭ ‬ليكون‭ ‬سفيرا‭ ‬دعائيا‭ ‬لها‭.‬

غانم‭ ‬في‭ ‬المناهج‭ ‬التعليمية‭ ‬القطرية‭ ‬والكويتية
تم‭ ‬إدراج‭ ‬قصة‭ ‬الفتى‭ ‬غانم‭ ‬ضمن‭ ‬المناهج‭ ‬التعليمية‭ ‬القطرية،‭ ‬ومنها‭ ‬منهاج‭ ‬الصف‭ ‬الأول‭ ‬ثانوي‭ ‬بمادة‭ ‬المهارات‭ ‬الحياتية‭ ‬المهنيّة،‭ ‬وقامت‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬الكويتي‭ ‬بالأمر‭ ‬نفسه،‭ ‬وجعلت‭ ‬قصة‭ ‬غانم‭ ‬ضمن‭ ‬منهاج‭ ‬الصف‭ ‬الثامن‭ ‬إنجليزي‭.‬

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق