تعالي معي
أخر الأخبار

فرساي لقبه.. ودوره السياسي مهم مقهى بوناشي.. أول وأقدم مقهى في الكويت

في حياة الأمم والشعوب ثمة مقاه شعبية يرتبط بها اسم وتاريخ، بل يصبح جزءا من ذاكرتها، ومفصلا من مفاصل تراثها وحكايات أبنائها، فالمقهى ليس مجرد مكان يلتقي فيه عموم الناس لقضاء أوقات الفراغ وقراءة الصحف وتناول المشروبات الباردة والساخنة فحسب، وإنما هي أيضا مجالس تستقبل نماذج عديدة من البشر لتبادل الأفكار والرؤى والهموم وإجراء الحوارات والمناقشات، أو للتأمل المفضي إلى فكرة أو عمل إبداعي، لذا فإن الكثيرين من أعلام الفكر والأدب والفن تبلور وعيهم الثقافي أو انطلقت إبداعاتهم من قلب مقاه معروفة.
مقهى (بوناشي) شاهد على تحولات سياسية مهمة في التاريخ الكويتي

علاقة الكويتيين بالمقاهي قديمة ومتجذرة وراسخة، ولعل أشهرها وأقدمها، أول مقاهي الكويت وأقدمها إطلاقا هو (مقهى بوناشي) الذي يرجع تاريخه إلى سنة 1780 م، والذي كان يقع عند مدخل قيصرية التجار والمناخ إلى الشمال من جامع السوق الكبير.. ذلك المقهى الذي يعود تاريخ إنشائه إلى الحقبة الأولى لحكم أسرة آل الصباح، وتحديدا في زمن صباح الأول، حين قدم رجل من السعودية وقام ببنائه، وفقاُ لما تذكر بعض الروايات.
وكان مقهى (بوناشي) شاهدا على تحولات سياسية مهمة في التاريخ الكويتي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وكان ملتقى للوجهاء والأعيان والقادة، فيه تطرح قضايا جوهرية للنقاش وتوضع لها الحلول، وتحت سقفه المصنوع من (القش) وجريد النخل تبرم الاتفاقيات وتوقع المعاهدات.

في مقهى بوناشي وفي سنة 1920 بدأت المفاوضات بين الشيخ سالم المبارك الصباح وبين وفد الدويش (الإخوان) بحضور الميجور (مور) المعتمد البريطاني في الكويت آنذاك، بعد معركة الجهراء التي وقعت في ذات العام بين الإخوان والكويت.

أطلق البعض عليه (مقهى فرساي) في إشارة إلى قصر فرساي الفرنسي

واحتضن أقدم مقاهي الكويت وأشهرها المفاوضات نظراً لتردد الكثير من الشخصيات الكويتية البارزة عليه ومنهم حاكم الكويت الشيخ مبارك الصباح رحمه الله، حيث يقع عند مدخل سوق التجار.
وبسبب المفاوضات والاجتماعات المذكورة التي شهدها مقهى بوناشي، أطلق البعض عليه (مقهى فرساي) في إشارة إلى قصر فرساي الفرنسي الذي جرت فيه مفاوضات عام 1919 التي أسدلت الستار بصورة رسمية على وقائع الحرب العالمية الأولى.

(بوناشي) كان هو اسم مؤسس المقهى فإن كل من أتى بعده، سواء مالك أو عامل في المقهى، تسمى بالاسم نفسه، فتولى إدارة المقهى عامل كان يشتغل عنده يدعى (خليفة بن شريدة)، فصار (خليفة بوناشي)، غير أن هناك رواية أخرى لعبدالله يوسف حسن بوناشي، حيث قال إن عائلة بوناشي قدمت إلى الكويت من البحرين قبل قرن ونصف القرن وسكنت منطقتي الشرق والمرقاب، واشتغل أفرادها في الغوص وصيد اللؤلؤ والاتجار مع أسواق بومباي وكراتشي وعدن والمكلا وبر المهرة، مضيفًا (أن جده حسن بوناشي كان يذهب إلى سيلان (سريلانكا) بالبواخر للغوص على اللؤلؤ، وأن جده لأمه ناصر علي بوناشي هو أول من فتح مقهى في الكويت منذ أكثر من قرن).
وقد تحدث عن الأخير فأخبرنا أن ناصر علي بوناشي رزق ببنت وحيدة (موضي بنت ناصر علي بوناشي) من دون أولاد، وأن الأخيرة تزوجت وأنجبت ولدًا هو عبدالله طه الذي عمل نوخذة على السفن الشراعية، ثم أخبرنا أن جدته قالت له إن ناصر بوناشي كان يصلي في مسجد السوق، وأن النواخذة كانوا يجلسون في مقهاه. وحينما تقدم به العمر نصحه النواخذة بتوظيف عامل يساعده، حيث كان إخوانه الثلاثة غير متفرغين لمساعدته بسبب عملهم في البحر لأشهر طويلة. وهكذا عين ناصر بوناشي عاملا لمساعدته، وهذا الأخير تزوج وأنجب أولادا، سمى أحدهم ناصر تيمنا باسم رب عمله. وحينما توفي ناصر بوناشي تم عرض المقهى على إخوانه لإدارته، لكن الإخوان رفضوا أن يتسلموا المقهى فتم إغلاقه لمدة ثلاثة أشهر قبل أن يـفتتح من جديد على يد العامل ومن بعده ولده الذي عـرف عند أهل الكويت باسم (ناصر بوناشي) على الرغم من عدم وجود صلة قرابة بينه وبين بوناشي المؤسس.

أما النائب الكويتي الأسبق د. أحمد الخطيب، رحمه الله فقد وصف المقهى في تغريدة له قائلا:
(قهوة بو ناشي) في سوق التجار كانت أول برلمان كويتي ومجلس وزراء في الوقت نفسه، أي أن الحكومة والشعب في مكان واحد، تبحث فيه الأمور وتناقش ويتفق عليها.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق