تحقيقات
أخر الأخبار
لا يرون اختلاف الثقافات عائقًا في المسيرة الزوجية.. أزواج من جنسيات مختلفة.. خلطـة النجـاح.. التفاهم والمرونة والاحترام

«الزواج الناجح يعتمد على الاهتمام والحنان والتغافل» تصدق هذه العبارة على الزواج بين أي طرفين، حتى وإن كانا من ثقافتين مختلفتين، لكن البعض قد يندهش كيف تنجح علاقات الأزواج من الثقافات واللغات المغايرة؟ والحقيقة أن للزواج حسابات أخرى لا تخضع للجنسية واللغات، وفي الموضوع التالي تحدثت «أسرتي» إلى بعص السيدات ممن تزوجن أزواجًا من ثقافات وجنسيات مختلفة عنهن، وفي تجاربهن نعرف كيف نجحت علاقتهم رغم ذاك الاختلاف!
ميار سامي:
أنا وزوجي نسير على نصيحة «حكّما الدين بينكما إذا اختلفتما»
البداية، مع ميار سامي سيدة مصرية جمعها القدر بزوجها الهندي أحمد، لمحبتها واهتمامها بالثقافة الهندية “كنت أحضر فعاليات عن الهند، وبحكم عمله في دولة عربية كان مهتمًا باللغة العربية، فتقابلنا من خلال أصدقاء مشتركين، وتزوجنا في 2022”.
لم يتعرض ميار وأحمد للمعارضة من الأهل، حين اتخذا قرار الزواج، ولكن للخوف من المجهول، وأقلق أهلهما فكرة الزواج بجنسية مختلفة بلغة وثقافة مختلفتين، ثم بعد لقاءات عديدة اطمأنت العائلتان لبعضهما بعضا.
وعن اختلاف الثقافة والأفكار بينها وبين زوجها تقول: “قبل الزواج قيلت لي نصيحة ونحن ملتزمان بها وهي (حكّما الدين بينكما إذا اختلفتما)، فبحكم العادة كل منا يرى عاداته وتقاليده أحسن وأفضل، لكن الدين مشترك، وثابت فنرجع إليه لو اختلفنا”.
كان الطعام هو أغرب ما لمسته ميار في ثقافة زوجها، إلى جانب المناسبات، إذ تقول: “طبيعة الأفراح والمناسبات مختلفة، شم النسيم والأكلات المرتبطة به بالنسبة له أثارت استغراب زوجي، وبالنسبة لي أن أفطر “كوارع” بالتوابل كان أغرب، لكننا نتبع تقاليد أي من البلدين حين نكون بهما، وفي بيتنا نفعل ما نراه مريحًا لكلينا”.
ولا تشعر ميار بفارق كبير في الأفكار بينها وبين زوجها لاختلاف الثقافة بينهما “كلانا تعرض لجنسيات مختلفة قبل الزواج سواء عن طريق السفر أو العمل فاكتسبنا المرونة، كما أن عمرنا متقارب؛ مما يجعل أفكارنا متوافقة”.
وتؤكد أن المودة والرحمة والاحترام مفتاح النجاح للزواج بثقافات وجنسيات مختلفة قائلة “نحن نتزوج شخصا لا جنسية!”.
تتواصل ميار وزوجها باللغة الإنجليزية باستمرار، مع استخدام العربية والهندية في بعض الأحيان، وعن التواصل مع ابنهما تقول:
”أنا أتحدث مع ابننا وحدنا بالعربية، وزوجي يحدثه بالهندية، وإذ كان ثلاثتنا مع بعضنا نستخدم الإنجليزية، الطريقة صعبة نوعًا ما، لكنها تساعد الأطفال في تعلم لغات أكثر في سن صغيرة”.
وترى أن ابنها محظوظ كونه ينتمي إلى بلدين لهما تاريخ عريق، وهي حريصة على تعليمه كل شيء عن مصر والهند منذ صغره، وعن تاريخ البلدين.
لكن تتعرض ميار للعديد من التعليقات السلبية؛ بسبب زواجها من هندي، وكانت تتسبب في بكائها في بعض الأحيان، لكنها مع الوقت أصبحت تتجاهل هذه التعليقات وتحظر مستخدميها
مريم المراغي: لمست تقاربًا كبيرًا في العادات بين الأسر الكورية والمصرية
مريم المراغي تشارك بعضا من يومياتها على حسابها بانستغرام، حيث تعيش في كوريا الجنوبية مع زوجها محمد وأسرته، تعرفت مريم على زوجها الكوري محمد، عن طريق صديقة مشتركة ووقتها كانت تدرس مريم اللغة الكورية، وحين رأى محمد صورتها أعجب بملامحها العربية وعينيها الواسعتين، وكانت تلك بداية قصة زواجهما منذ عام، تقول مريم:
” لم يُعارض أهله زواجه مني مُطلقًا، بل كانوا مرحبين، ولكن والدي اندهش في البداية فيما تعرفت والدتي على محمد ولم تعارض، ثم طلب والدي أن يتعرف على محمد ويلتقيه شخصيًا، وبعدها وافق على زواجنا”.
ولا تجد مريم اختلافًا ثقافيًا كبيرًا بينها وبين زوجها، بل لمست تقاربًا كبيرًا في العادات بين الأسر الكورية والمصرية “على سبيل المثال نحن نجتمع كأسرة في أوقات الطعام حتى ولو لمرة واحدة، كذلك احترام الكبير ومنح العيديات في الأعياد وحتى احتفاءً بزواجي كانوا يمنحنونني مبلغًا ماليًا مشابهاً لعاداتنا”.
ولا تشعر مريم بأنها غريبة وسط عائلتها الكورية كما تصف، إذ لمست منهم كل الدفء والمحبة، والانبهار أيضًا بالجمال العربي والمصري “الاختلاف الكبير الذي لمسته في الثقافة كان في الطعام، حيث الطعام الكوري في معظمه حلو ومالح ومختلف بشكل كبير عن المطبخ المصري والعربي، وكذلك استخدام التقنيات الحديثة نفسها، غير ذلك لم أجد اختلافًا كبيرًا أو غريبًا في الثقافة بين البلدين”.
ويتواصلان في الحديث بالعربية والكورية وأحيانًا الإنجليزية، إذ يفهم زوجها اللغة العربية، ولكن مع أهل زوجها تستخدم اللغة الكورية “والد زوجي يفضل الحديث بالكورية، ويحاول تعلم بعض الكلمات العربية، ويحدثني كثيرًا عن التاريخ الكوري؛ لأنه محب له”.
تذكر مريم أنها تعرضت لبعض المواقف العنصرية من كبار السن في كوريا الجنوبية الذين يبدون استياءً بوجودها، لكن ما تلقاه من حب ودعم من “حمايو” و”حماتو”، كما تذكرهما بالكورية، يجعلها تدرك أن هذه السلوكيات فردية” في أحد المواقف دفعني رجل مسن أثناء ركوبي للمترو، وأيضا سيدة مسنة كانت تلاحقني بنظرات غير مريحة أثناء ركوبي لإحدى وسائل المواصلات، لكن عرفت من والدي زوجي أن هذه التصرفات شائعة من كبار السن في كوريا، ولا تستهدفني وحدي”.
وترى أن التفاهم والحب والمودة والثقة والترابط والصدق بينها وبين زوجها هو ما جعل علاقتهما ناجحة:
”في الخلافات دائمًا زوجي من يصالحني؛ لأنه يراعي غربتي عن أهلي، ولا يرغب في أن يشعرني بالوحدة، كما نعتمد النقاش في الخلافات ولا نجرح بعضنا بعضًا في الكلام، فالاحترام أهم ركن بالعلاقة الزوجية”.
مايا عادل:
شعرت بالانجذاب نحو زوجي في البداية ولم أظهره خوفًا من اختلاف الديانات
لوحة فنية لمايا عادل كانت مفتاح اللقاء بينها وبين زوجها الكوري حجي، إذ جذبت لوحتها انتباه زوجها، فتبادلا الحديث ووجدا الكثير من المشتركات بينهما “بدأت أشعر بانجذاب نحوه، ولكن لم أظهر ذلك لأسباب مختلفة من ضمنها اختلاف الديانات، ثم علمت بعد أسبوعين من تعارفنا أنه اعتنق الإسلام منذ عامين! ولم يمر أسبوع آخر حتى اعترف لي بإعجابه ورغبته في زيارة مصر ولقاء عائلتي”.
انقسمت الآراء في البداية بعائلة مايا عن زواجها “والدي لم يمانع ووالدتي وإخوتي كانوا قلقين، لكن بدعم من والدي وأختي الكبيرة، وبعد اللقاء الأول أُعجب الجميع بزوجي”.
توضح مايا أن المرونة في شخصيتها وشخصية زوجها جعلتهما يتقبلان أي اختلاف كبير في الثقافة والعادات بينهما “أنا وزوجي أفكارنا متشابهة إلى حد كبير، ومشاعرنا تساعد على تقبل الاختلافات بيننا، فهذا الأمر لا يشكل عائقًا عندما يكون الأمر بيني وبينه، ولكن الاختلاف الحقيقي للثقافة يظهر فقط عندما يتطلب الأمر إرضاء أحد الوالدين من جهتي، أو من جهته، وأحيانًا يرهقنا الاحترام بيننا وبين الكبار، سواء في الفكر أو الثقافة، ولكن نضطر في النهاية إلى احترام رغبتهم وتسوية الأمور لأجل بعضنا بعضا”.
وتؤكد أن هناك بعض العادات التي لمست مايا وزوجها اختلافا فيها بين ثقافتهما، فتقول: “في البداية أثناء خطبتنا كان زوجي يُدهش أنه غير مسموح لنا بالخروج وحدنا، ثم اقترح أهلي عقد القرآن بعد أسبوع من الخطبة، ولم يعجب زوجي هذا النوع من التدخل أبدًا، ولكن كان مضطرًا لأن يحترم أهلي، وتقبل ذلك في النهاية، أما بالنسبة لي فأكثر ما أزعجني في ثقافة زوجي التعامل مع الكبار باحترام يكاد يصل إلى التقديس، وهي عادة جذورها من الكونفوشيوسية الكورية، إذ يجب عدم الاعتراض على أوامر الشخص الأكبر حتى وإن كان لدي وجهة نظر مختلفة، لكن هذا الجانب أيضا جعل أهلي محبين ومنبهرين بأخلاق زوجي، ورغم اندهاشي من هذه العادات في البداية، اعتدت عليها بمرور الوقت”.
وتتحدث مايا مع زوجها في البداية باللغتين الكورية والإنجليزية، وحين يتعرضان لخلاف بسبب اختلاف الأفكار والعادات يلجآن إلى محاولة التفاهم بينهما:
”في البداية نشعر بالضيق ونعترض، ولأننا لا نرغب في الشجار نحاول إيجاد وسيلة للتفاهم والتراضي، عندما كنا في مصر حرصت على حل المشاكل؛ لأنه ببلدي وتحكمه ثقافتي، أما الآن في كوريا فيتولى زوجي حل الأمور التي لا أستطيع تقبلها بعد”.
وتؤكد أن مفتاح نجاح الزواج بين زوجين من ثقافات مختلفة هو التفاهم وتوافق الشخصية ودرجة الحب والاحترام بينهما:
”من المهم أن يكون لدينا تقبل مسبق لثقافة وأطعمة بلد الشريك؛ لأن الاختلاف في هاتين النقطتين لن يساعد على بناء علاقة مريحة تحت سقف واحد، الزواج من جنسيات مختلفة يشبه إلى حد ما الزواج من نفس الجنسية، ولكن من طبقات اجتماعية مختلفة”.
الفلسطينية أميرة تعرفت على زوجها التركي عن طريق تطبيق لتعليم اللغات، فكانت أميرة تتعلم التركية، بينما زوجها يتعلم العربية “التقيت زوجي للمرة الأولى شخصيًا مع والدته أثناء حضوره لمؤتمر عن القدس، وتوطدت علاقتي به وبوالدته، ومن هنا كانت البداية”.
تستذكر أميرة أن عائلة زوجها لم تعترض مطلقًا على الزواج، وكانت مرحبة للغاية “جاءت المعارضة من عائلتي في البداية، وظللنا نقنعهم لمدة عامين حتى حصلنا على موافقتهم”.
وتؤكد أنها وزوجها يحاولان باستمرار تطبيق الثقافتين الفلسطينية والتركية في أي مجال يسمح لهما بذلك، فعلى سبيل المثال في العرس نظما عُرسًا فلسطينيًا وآخر تركيًا.
وعن العادات الغريبة في ثقافة زوجها تقول “من أكثر العادات التي أدهشتني في ثقافة زوجي التركية أن البنات في ليلة الحناء يجتمعن حول العروس، ويغنين لها أغاني حزينة حتى تبكي!”.
وتقول أميرة “تعلمت ابنتنا (قدس) اللغتين العربية والتركية، أما أنا وزوجي، فنتواصل باستمرار باللغة التركية”.
وتؤكد أنها حين تختلف وزوجها في بعض الأفكار؛ بسبب اختلاف الثقافات يسعيان دائمًا إلى التقارب، والسر في نجاح الزواج بثقافات مختلفة الاحترام، أن يحترم الطرفان اختلاف العادات واللغات والثقافات وحتى الطعام وأسلوب الطبخ، فلا يمكن أن تعيش مع شخص، أو تنتقده باستمرار”.
مع الوقت أصبحت أميرة وزوجها أكثر تقبلًا لثقافات بعضهما، وتعلما أن العادات والثقافات جميعها جيدة، ”مع الوقت أصبحت ثقافة زوجي جزءا من ثقافتي، وأدركت أن الدمج بينهما يجعلني أحصل على مزيج فريد يشبهنا نحن الاثنين”.
التعليقات الإيجابية على يومياتها بإنستغرام بأنها مثال جيد للسيدة المحترمة في كوريا يمنح علياء عرفة دافعًا إيجابيًا، ويهون عليها غربتها في عيشها مع زوجها الكوري محمد بكوريا الجنوبية، وتتذكر علياء أن زواجها في البداية لاقى معارضة كبيرة من العائلتين؛ بسبب اختلاف الثقافتين: “عند مقابلة العائلتين تلاشى القلق وحلّت محله الموافقة، ووجدوا أننا مناسبان لبعضنا بعضا”.
لكن علياء وجدت بعض الاختلافات الثقافية مع انتقالها إلى العيش مع زوجها، فالثقافة الكورية مغايرة لما اعتادت عليه في الثقافة العربية والمصرية في عدة جوانب: “في كوريا لديهم احترام لكبار السن لدرجة قد تصل إلى التقديس، وأيضا على عكسنا في الثقافة العربية هم لا يميلون للتواصل الجسدي بين بعضهم بعضا مثل الأحضان أو القبلات وأيضا لا يمكن تكوين صداقات بين أشخاص من عمر مختلف”.
تغلبت علياء على هذه الاختلافات الثقافية بالتواصل والحديث مع زوجها “أصبح هو يفهم ثقافتي وأنا أفهم ثقافته، فإذا كان هناك اختلاف كبير يمكننا أن نتغافل عنه، ولا نخلق جدلًا بسببه”.
تتواصل علياء وزوجها في الغالب باستخدام اللغة الإنجليزية، وما زالت تتعلم اللغة الكورية. وتشعر بوجود اختلاف ثقافي كبير بينها وبين زوجها ومجتمعه خاصة في المناسبات “الأعياد والمناسبات مختلفة تمامًا، وفي بعض الأحيان قد لا نفهم عادات وثقافات بعضنا بعضا، ولكننا في النهاية نتعامل دون تعقيد، أحيانًا يُدهش زوجي من بعض عاداتي وأنا أيضًا، ولكن دائمًا ما يتنازل في كل مرة أحدنا للآخر حتى نستكمل الحياة، ولا نقف كثيرًا عند المشاكل الثقافية وساعدني في الأمر أن زوجي سافر كثيرًا إلى أوروبا، مما يجعله منفتحًا على العادات المختلفة وهو من يتنازل، خاصة أنه يراعي كوني أعيش في بلد غريب دون أهلي”.
تؤكد علياء أن مفتاح النجاح في زواجها هو الفهم، وألا يفرض أي من الطرفين ثقافته على الآخر، بل يجب أن يراعي كل طرف ما تربى عليه وعاداته، وترفض القول بأن الزواج بجنسية مختلفة يؤدي بالضرورة للفشل “ليس من حق أي شخص أن يحكم على ثقافة الآخرين أو حياتهم، وأنا في رأيي أنه في بعض الأحيان عندما تصادفين الشخص المناسب لا يهم الجنسية أو الثقافة”.
«أسرتي» في كل مكان
داليا شافعي.