ثقافة
أخر الأخبار

يرى‭ ‬أن‭ ‬غزو‭ ‬الكويت‭.. ‬فيه‭ ‬مكسب‭ ‬وخسارة‭!‬ عبد‭ ‬العزيز‭ ‬التميمي‭: ‬ محنة‭ ‬الغزو‭ ‬‮«‬المصفاة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬صفّت‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭!‬

هو‭ ‬رجل‭ ‬يعكس‭ ‬وجه‭ ‬الكويت‭ ‬بأجمل‭ ‬ملامح‭.. ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬فنان‭ ‬تشكيلي‭.. ‬وأبعد‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬كاتب‭.. ‬هو‭ ‬تاريخ‭ ‬متحرك‭ ‬من‭ ‬الفن‭ ‬والثقافة‭ ‬والإعلام‭ ‬والوطنية‭ ‬يحكي‭ ‬لنا‭ ‬وللأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬الكويت‭ ‬لديها‭ ‬أهلها‭ ‬الطيبون‭ ‬المتمسكون‭ ‬بكل‭ ‬إصرار‭ ‬بالعروبة‭ ‬والفن‭ ‬والجمال‭ ‬والإبداع‭.. ‬حديثه‭ ‬يطمئننا‭ ‬على‭ ‬العروبة‭ ‬فمازالت‭ ‬باقية‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬التغييرات‭ ‬الحادة‭.. ‬عاشق‭ ‬لمصر‭.. ‬ومنتم‭ ‬لوطنه‭ ‬وديرته‭ ‬كل‭ ‬الانتماء‭.. ‬هو‭ ‬الكاتب‭ ‬والفنان‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬التميمي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬لنا‭ ‬معه‭ ‬هذا‭ ‬اللقاء‭:‬

عندما‭ ‬قابلت‭ ‬عبدالحليم‭ ‬حافظ‭ ‬غنّيت‭ ‬له‭!‬

مدرستك‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬الفن‭ ‬التشكيلي‭ ‬‮«‬التأثيرية‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الانطباعية‮»‬‭ ((‬Impressionism‭.. ‬حدّثنا‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬اختيارك‭ ‬لها‭.‬
نعم‭.. ‬اخترت‭ ‬هذه‭ ‬المدرسة‭ ‬الفنية‭ ‬الكبيرة‭.. ‬لأنها‭ ‬تعكس‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬الفنان‭ ‬من‭ “‬تأثر‭” ‬بالمنظر‭ ‬أو‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬أمامه‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬اختبره‭.. ‬وأدين‭ ‬لأساتذتنا‭ ‬الذين‭ ‬علمونا‭ ‬هذه‭ ‬المدرسة‭ ‬الفنية،‭ ‬بل‭ ‬الفن‭ ‬كله،‭ ‬وأسسوا‭ ‬للحركة‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬ومنهم‭ ‬حسني‭ ‬البناني‭ ‬ومحمود‭ ‬هاني‭ ‬الشربيني‭ ‬الذي‭ ‬درّسني‭ ‬تربية‭ ‬فنية‭ ‬في‭ ‬مدرستي‭ “‬الجهراء‭ ‬المشتركة‭” ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬آخر‭ ‬شخص‭ ‬قابلته‭ ‬بمصر‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬البلد،‭ ‬وقد‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬بعد‭ ‬عناء‭ ‬سنوات‭ ‬بحثاً‭ ‬عنه‭! ‬وعندما‭ ‬شاهدته‭ ‬قبّلت‭ ‬يده‭ ‬وآخرون‭ ‬مثل‭ ‬د‭.‬حامد‭ ‬صقر‭ ‬ود‭.‬عبدالعزيز‭ ‬درويش‭ ‬ود‭.‬الفنان‭ ‬سامح‭ ‬البناني‭ ‬ود‭.‬عبدالهادي‭ ‬الجزار‭ ‬والاستاذ‭ ‬مدحت‭ ‬ديب‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬عليهم‭ ‬جميعًا‭.. ‬ولكننا‭ ‬لا‭ ‬نحيد‭ ‬أو‭ ‬هكذا‭ ‬ينبغي‭ ‬عن‭ ‬القوانين‭ ‬الفنية‭ ‬مثل‭ ‬الشعر‭ ‬الأصيل‭ ‬والموسيقى‭ ‬الأصيلة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الخروج‭ ‬عن‭ ‬أصولها‭ ‬وقوانينها‭.‬
كذلك‭ – ‬ككاتب‭ – ‬تتلمذت‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬عمالقة‭ ‬الصحافة‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬وخدمت‭ ‬الكويت‭ ‬صحافيا‭ ‬مثل‭ ‬الأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬مرعي‭ ‬منذ‭ ‬الستينيات،‭ ‬فهؤلاء‭ ‬أدين‭ ‬لهم‭ ‬بالكثير‭ ‬لأنهم‭ ‬علّموني‭ ‬الجرأة‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬المخاطبة‭ ‬والتواصل‭ ‬الشخصي،‭ ‬فامتلكت‭ ‬القدرة‭ ‬والجرأة‭ ‬على‭ ‬المقابلات‭ ‬حتى‭ ‬لأعظم‭ ‬الشخصيات‭ ‬مثل‭ ‬عبدالحليم‭ ‬حافظ‭ ‬وفريد‭ ‬الأطرش‭ ‬وأنيس‭ ‬منصور‭ ‬وإحسان‭ ‬عبد‭ ‬القدوس‭ ‬وغيرهم‭.. ‬والآن‭ ‬على‭ ‬علاقة‭ ‬مع‭ ‬كثيرين‭ ‬من‭ ‬الأحياء‭ ‬منهم‭ ‬ومنهم‭ ‬الكاتب‭ ‬الكبير‭ ‬محمد‭ ‬سلماوي‭!‬
وماذا‭ ‬حدث‭ ‬بينك‭ ‬وبين‭ ‬عبد‭ ‬الحليم‭ ‬حافظ‭ ‬عندما‭ ‬قابلته؟
‏‭- ‬ذهبت‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬الفيلا‭ ‬التي‭ ‬يسكنها‭ ‬بالمهندسين‭ ‬وعندما‭ ‬شاهدني‭ ‬غنيت‭ ‬له‭!‬

وماذا‭ ‬عن‭ ‬زيارتك‭ ‬لفريد‭ ‬الأطرش؟
‏‭- ‬ذهبنا‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأصدقاء‭ ‬إلى‭ ‬بيته،‭ ‬فقط‭ ‬كي‭ ‬نحصل‭ ‬على‭ ‬توقيع‭ “‬أوتوغراف‭” ‬منه‭.. ‬وعند‭ ‬الباب‭ ‬فوجئنا‭ ‬به‭ ‬شخصياً‭ ‬يدعونا‭ ‬للدخول‭ ‬وجلس‭ ‬معنا‭ ‬وأعطانا‭ ‬من‭ ‬وقته،‭ ‬بل‭ ‬دعانا‭ ‬إلى‭ ‬الغداء‭ ‬معه‭!‬

كنت‭ ‬الخليجي‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬‮«‬آرت‭ ‬أند‭ ‬ديكو‮»‬‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬اختيار‭ ‬لوحة‭ ‬لك‭ ‬وبحضور‭ ‬ومشاركة‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الفنانين‭ ‬التشكيليين‭ ‬العرب‭ ‬والعالميين‭.. ‬فماذا‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬التجربة‭ ‬المتميزة‭ ‬لك؟
‏‭- ‬في‭ ‬مصر‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬حالة‭ ‬التقارب‭ ‬الجميل‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬الشعب‭ ‬المصري،‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬خصال‭ ‬الشعب‭ ‬المصري‭ ‬رد‭ ‬الجميل‭ ‬والمعروف،‭ ‬وعندما‭ ‬وجد‭ ‬عندي‭ ‬موقفا‭ ‬إيجابيا‭ ‬تجاهه،‭ ‬كان‭ ‬يتم‭ ‬ترشيحي‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬الفعاليات‭ ‬الفنية‭ ‬التشكيلية‭ ‬ولكن‭ ‬طبعا‭ ‬بمقاييس‭ ‬فنية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭. ‬وقد‭ ‬دعيت‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المعرض،‭ ‬وكانت‭ ‬اللوحة‭ ‬المشاركة‭ ‬بعنوان‭ “‬ربيع‭ ‬الكويت‭”‬،‭ ‬وهو‭ ‬فترة‭ ‬قصير‭ ‬في‭ ‬المناخ‭ ‬السنوي‭ ‬للكويت‭. ‬وكانت‭ ‬اللوحة‭ ‬تعكس‭ ‬الجمال‭ ‬في‭ ‬الطبيعة‭ ‬بعناصرها‭ ‬الخلابة‭ ‬من‭ ‬المرتفعات‭ ‬والسهول‭. ‬وبعد‭ ‬عرضها‭ ‬بالمعرض،‭ ‬هاتفتني‭ ‬الأستاذة‭ ‬فريدة‭ ‬درويش‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬قاعة‭ ‬العرض‭ ‬لتخبرني‭ ‬أن‭ ‬اللوحة‭ ‬قد‭ ‬بيعت‭. ‬وما‭ ‬كان‭ ‬مني‭ ‬سوى‭ ‬التبرع‭ ‬بثمنها‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الخيرية‭ ‬بمصر‭.‬
ولا‭ ‬أنسى‭ ‬أبداً‭ ‬دعم‭ ‬وفضل‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الدكتورة‭ ‬كاميليا‭ ‬صبحي‭ ‬رئيس‭ ‬الإعلام‭ ‬الخارجي‭ ‬بوزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬التي‭ ‬ذللت‭ ‬أمامي‭ ‬كل‭ ‬المصاعب،‭ ‬وكذلك‭ ‬السيد‭ ‬سالم‭ ‬الزمانان‭ ‬فضله‭ ‬عليّ‭ ‬لا‭ ‬ينسى‭.. ‬ولا‭ ‬أنسى‭ ‬الدكتور‭ ‬بدر‭ ‬فيصل‭ ‬الدويش‭ ‬الذي‭ ‬تحمل‭ ‬أعباء‭ ‬الإقامة‭ ‬المجانية‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬جيبه‭ ‬الخاص‭. ‬وقبل‭ ‬كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الدكتورة‭ ‬الشيخة‭ ‬سعاد‭ ‬الصباح‭ ‬لأنها‭ ‬احتضنتني‭ ‬فنيا‭ ‬وقدمت‭ ‬لي‭ ‬الدعم‭ ‬الكامل‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬معارضي‭ ‬أو‭ ‬ورشي‭ ‬الفنية‭ ‬بمصر‭ ‬ودعم‭ ‬فنانين‭ ‬شباب،‭ ‬فيدها‭ ‬بيضاء‭ ‬وهي‭ ‬الجندي‭ ‬المجهول‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭.‬
وقد‭ ‬كان‭ ‬أسلوبي‭ ‬في‭ ‬رد‭ ‬الجميل‭ ‬لمصر،‭ ‬إقامة‭ ‬معارض‭ ‬فنية‭ ‬لصالح‭ ‬صندوق‭ ‬تحيا‭ ‬مصر‭ ‬ومستشفى‭ ‬سرطان‭ ‬الأطفال‭ (‬57357‭) ‬ومستشفى‭ ‬الأورام‭ ‬بالمنصورة‭ ‬بمشاركة‭ ‬دعم‭ ‬فناني‭ ‬مصر،‭ ‬وكذلك‭ ‬ورش‭ ‬فنية‭ ‬كثيرة‭ ‬آخرها‭ ‬كان‭ ‬منذ‭ ‬ثلاثة‭ ‬أعوام‭ ‬في‭ ‬نادي‭ ‬القاهرة‭ ‬بعنوان‭: ‬صرخة‭ ‬لأجل‭ ‬النيل،‭ ‬والهدف‭ ‬هو‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬تعنت‭ ‬إثيوبيا‭ ‬في‭ ‬مشكلة‭ “‬سد‭ ‬النهضة‭”‬،‭ ‬وقد‭ ‬كتب‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الورشة‭ ‬الفنية‭ ‬الكاتب‭ ‬خالد‭ ‬منتصر‭ ‬موجها‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬وزيرة‭ ‬الثقافة‭ ‬الحالية‭ ‬السيدة‭ ‬ايناس‭ ‬عبد‭ ‬الدايم‭.‬
لقد‭ ‬وجدت‭ ‬100‭ ‬مليون‭ ‬مصري‭ ‬كلهم‭ ‬معي‭ ‬في‭ ‬تنقلي‭ ‬وأنشطتي‭ ‬وظروفي‭ ‬المتغيرة‭ ‬وأحياناً‭ ‬الصعبة‭! ‬فلا‭ ‬أنسى‭ – ‬مثلا‭ – ‬المخرج‭ ‬والفنان‭ ‬المبدع‭ ‬أيمن‭ ‬عبّيس‭ ‬ترك‭ ‬لي‭ ‬بيته‭ ‬وأقام‭ ‬عند‭ ‬والدته‭ ‬لأقيم‭ ‬عنده‭ ‬وليترك‭ ‬لي‭ ‬الحرية‭ ‬الكاملة‭! ‬بل‭ ‬تلفوني‭ ‬المصري‭ ‬باسم‭ ‬أيمن‭ ‬عبيس‭.. ‬فرقم‭ ‬تلفوني‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ “‬مصري‭”!‬

فزت‭ ‬بجائزة‭ ‬الإبداع‭ ‬الصحافي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصورة‭ ‬الفوتوغرافية‭ ‬الصحفية‭ ‬عام‭ ‬1993‭ ‬عن‭ ‬صورة‭ ‬‮«‬البعض‭ ‬يرى‭ ‬الكويت‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الناقة‭ ‬الحزينة‮»‬‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬الكويتية‭ (‬كونا‭).. ‬فما‭ ‬حكاية‭ ‬هذه‭ ‬الصورة‭ ‬والجائزة؟
‏‭- ‬كل‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ “‬ناقة‭”.. ‬نتعرض‭ ‬للاستغلال‭ ‬والانتهازية‭ ‬والمصالح‭ ‬التي‭ ‬تستنزفنا‭! ‬وقد‭ ‬اتضح‭ ‬وقت‭ ‬الغزو‭ ‬العراقي‭ ‬للكويت‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬الأصدقاء‭ ‬الحقيقيون‭ ‬للكويت‭ ‬ومن‭ ‬هم‭ ‬المستغلون‭ ‬الانتهازيون‭!‬

‮«‬يد‭ ‬تمتد‭ ‬نحوي‭.. ‬
كيدٍ‭ ‬مُدّت‭ ‬لغريق‮»‬‭.. ‬وجدتها‭ ‬بمصر‭!‬

يبدو‭ ‬أن‭ ‬حضرتك‭ ‬مفتون‭ ‬بالمكان‭.. ‬كفنان‭ ‬وكاتب‭.. ‬فكتبت‭ ‬عن‭ ‬ميدان‭ ‬طلعت‭ ‬حرب‭ ‬وجروبي‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬والجهراء‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأماكن‭.. ‬فماذا‭ ‬يعني‭ ‬لك‭ ‬المكان؟
‏‭- ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬المكان،‭ ‬فمصر‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬مكاناً‭ .. ‬هي‭ ‬بلد‭ ‬لها‭ ‬50%‭ ‬من‭ ‬الحب‭ ‬والناس‭ ‬لهم‭ ‬50%‭ ‬من‭ ‬الحب‭! ‬واذا‭ ‬مزجنا‭ ‬هذا‭ ‬الحب‭ ‬بأربعين‭ ‬عاماً‭ ‬أو‭ ‬التجربة‭ ‬الحياتية‭ ‬مع‭ ‬مصر‭ ‬نستخلص‭ ‬تاريخ‭ ‬تكوين‭ “‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬التميمي‭”! “‬لي‭ ‬ذكريات‭ ‬في‭ ‬إمبابة‭ ‬وترعة‭ ‬السواحل‭ ‬بالكيت‭ ‬كات‭ ‬والزمالك‭ ‬وأبو‭ ‬الفدا‭ ‬وأماكن‭ ‬كثيرة‭ ‬بمصر‭.. ‬هناك،‭ ‬إن‭ ‬مالت‭ ‬بك‭ ‬المياه‭ ‬ألف‭ ‬يد‭ ‬تمتد‭ ‬إليك‭ ‬لتنقذك‭!” “‬ويد‭ ‬تمتد‭ ‬نحوي‭.. ‬كيد‭ ‬مُدّت‭ ‬لغريق‭” ‬وجدتها‭ ‬بمصر‭! ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬وقت‭ ‬حرب‭ ‬73‭ ‬لم‭ ‬يتركني‭ ‬الجيران‭ ‬أن‭ ‬أفطر‭ ‬وحدي‭!‬

وقت‭ ‬غزو‭ ‬الكويت‭ ‬لجأت‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬أولأ‭.. ‬
وهناك‭ ‬دمعت‭ ‬عيناي‭!‬

وعلى‭ ‬ذكر‭ ‬المكان،‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬مسقط‭ ‬رأسك‭ ‬ووطنك‭ ‬الأول‭ ‬وحبك‭ ‬الأول‭ ‬والأخير‭ ‬‮«‬الكويت‮»‬‭.. ‬وهي‭ ‬مازالت‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬‮«‬جرح‭ ‬الغزو‮»‬‭ ‬العراقي‭.. ‬فماذا‭ ‬تبقى‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬التميمي‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الجرح؟
‏‭- ‬الغزو‭ ‬عندي‭ ‬فيه‭ ‬مكسب‭ ‬وخسارة‭! ‬ففي‭ ‬وقت‭ ‬الغزو‭ ‬لجأت‭ ‬إلى‭ ‬الراحل‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬كان‭ ‬وزيرا‭ ‬للشباب‭ ‬بمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬الحبيبة،‭ ‬وقد‭ ‬وجدنا‭ ‬الرحابة‭ ‬والكرم‭ ‬من‭ ‬الجميع‭ ‬ابتداءً‭ ‬من‭ ‬الراحل‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬أمير‭ ‬البحرين‭ ‬آنذاك‭.. ‬وعلاقتي‭ ‬تبدأ‭ ‬هناك‭ ‬بسموه‭ ‬وتنتهي‭ ‬بآخر‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬البحرين،‭ ‬هناك‭ ‬عندما‭ ‬دخلت‭ ‬البحرين‭ ‬دمعت‭ ‬عيناي‭! ‬صحيح‭ ‬أنا‭ ‬بين‭ ‬أهلي‭ ‬وناسي‭ ‬وإخواني،‭ ‬ولكن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬ضاع‭ ‬مني‭! ‬فقال‭ ‬لي‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬راشد‭: “‬لا‭ ‬يضيق‭ ‬خلقك‭ ‬يا‭ ‬عزيز‭! ‬رب‭ ‬ضارة‭ ‬نافعة‭!”‬
هذه‭ ‬الجملة‭ ‬لم‭ ‬افهمها‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬التحرير‭! ‬فالغزو‭ ‬كشف‭ ‬المعادن‭.. ‬معادن‭ ‬الناس‭ ‬والشعوب‭! ‬فلما‭ ‬اخواننا‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬ذ‭ ‬مثلا‭ ‬ذ‭ ‬حفظوا‭ “‬العيش‭ ‬والملح‭” ‬معنا‭ ‬وقت‭ ‬المحنة؟‭! ‬فلا‭ ‬يجوز‭ ‬علينا‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬ننكر‭ ‬فضل‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬وقفت‭ ‬معنا‭ ‬في‭ ‬المحنة‭ ‬ونؤيد‭ ‬من‭ ‬وقف‭ ‬ضدنا‭ ‬آنذاك‭! ‬فمصر‭ ‬ودول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭ ‬يجيب‭ ‬أن‭ ‬نضعها‭ “‬فوق‭ ‬الرأس‭”! ‬وما‭ ‬يحدث‭ ‬حاليا‭ ‬من‭ ‬البعض‭ ‬لا‭ ‬يعبّر‭ ‬ابدا‭ ‬عن‭ ‬الوطنية،‭ ‬فلقد‭ ‬تربينا‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭:‬
‏‭”‬بِلادُ‭ ‬العُرْبِ‭ ‬أَوْطَانِي
جَمِيعُ‭ ‬النَّاسِ‭ ‬فِي‭ ‬الإسلام‭ ‬إخْوَاني
وَلا‭ ‬أحدٌ‭ ‬يُفرِّقُنَا‭ ‬ولا‭ ‬نسَبٌ‭ ‬يُباعِدُنا‭”‬
لقد‭ ‬كانت‭ ‬محنة‭ ‬الغزو‭ ‬هي‭ “‬المصفاة‭” ‬التي‭ ‬صفّت‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭!‬

اشتركت‭ ‬في‭ ‬المقاومة‭ ‬الكويتية‭ ‬بقيادة‭ ‬العقيد‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬معيوف‭ ‬الذي‭ ‬قاد‭ ‬وأسّس‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬كيفان

وبالطبع‭.. ‬كان‭ ‬‮«‬جرح‭ ‬الغزو‮»‬‭ ‬سبباً‭ ‬لإلهام‭ ‬الفنان‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬التميمي‭.‬
يوم‭ ‬الغزو‭ ‬لم‭ ‬أستطع‭ ‬أن‭ ‬أرسم‭ ‬أو‭ ‬اكتب‭.. ‬وعند‭ ‬رحيلي‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬درست‭ ‬التربية‭ ‬الفنية‭ ‬بمدرسة‭ “‬إعدادية‭ ‬حمد‭” ‬لخدمة‭ ‬بلدي،‭ ‬وقد‭ ‬جاءني‭ ‬زملاء‭ ‬إعلاميون‭ ‬منهم‭ ‬محمد‭ ‬اسماعيل‭ ‬وناصر‭ ‬محمد‭ ‬احتضنوني‭ ‬وأخذوني‭ ‬إلى‭ ‬جريدة‭ “‬الأيام‭” ‬البحرينية،‭ ‬ولكني‭ ‬وجدت‭ ‬يدي‭ ‬مشلولة‭ ‬والكلمات‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬طريقها‭ ‬إليّ‭! ‬لأني‭ ‬من‭ ‬القوميين‭ ‬العرب،‭ ‬فكيف‭ ‬يغدر‭ ‬العربي‭ ‬بالعربيّ؟‭! ‬وكيف‭ ‬أكتب‭ ‬عن‭ ‬بلد‭ ‬شقيق‭ ‬غدر‭ ‬بي‭!‬
الإخوان‭ ‬في‭ ‬الجريدة‭ ‬عرفوا‭ ‬ذلك‭ ‬عني،‭ ‬فأجروا‭ ‬معي‭ ‬حديثاً‭ ‬صحافياً‭ ‬وتكلمت‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬المقاومة‭ ‬الكويتية‭ ‬التي‭ ‬اشتركت‭ ‬فيها‭ ‬بقيادة‭ ‬العقيد‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬معيوف‭ ‬الذي‭ ‬قاد‭ ‬وأسس‭ ‬المقاومة‭ ‬الكويتية‭ ‬في‭ ‬كيفان،‭ ‬وكان‭ ‬مركزنا‭ ‬مخفر‭ ‬كيفان،‭ ‬وفي‭ ‬البداية‭ ‬التقيت‭ ‬بالمقدم‭ ‬فيصل‭ ‬الصولة‭ ‬ضابط‭ ‬بالجيش‭ ‬الكويتي،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬كيفان‭ ‬أول‭ ‬مدينة‭ ‬تستقبل‭ ‬المقاومة‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الجيش‭ ‬الكويتي،‭ ‬وقد‭ ‬استقبلناهم‭ ‬بعلم‭ ‬جاسم‭ ‬الأسير‭ ‬والشهيد‭ ‬ابن‭ ‬الأستاذة‭ ‬مريم‭ ‬عبد‭ ‬الملك‭ ‬وهي‭ ‬أول‭ ‬مدرسة‭ ‬كويتية‭.. ‬أعطيناهم‭ “‬دشاديشنا‭” ‬وبدلوا‭ ‬ملابسهم‭ ‬العسكرية‭ ‬ودعمناهم‭..‬
في‭ ‬عمق‭ ‬المحنة‭ ‬لم‭ ‬أستطع‭ ‬الإبداع‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬ولكن‭ ‬استطعت‭ ‬إخراج‭ ‬بعص‭ ‬الصور‭ ‬الفوتوغرافية‭ ‬عن‭ ‬الغزو‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬الأردن‭ ‬إلى‭ ‬مصر،‭ ‬حيث‭ ‬هناك‭ ‬طبعنا‭ ‬هذه‭ ‬الصور‭ ‬واستخدمنا‭ ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬قمنا‭ ‬بتهريبها‭ ‬من‭ ‬الكويت‭. ‬وهنا،‭ ‬انطلق‭ ‬الفكر‭ ‬وعادت‭ ‬الروح‭ ‬إلى‭ ‬إبداعي‭ ‬فعملت‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬الاعلامي‭ ‬الكويتي‭ ‬كمصور‭ ‬وكاتب‭ ‬وفنان‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬رئيس‭ ‬المركز‭ ‬الراحل‭ ‬حمد‭ ‬الرومي‭ ‬مع‭ ‬خليل‭ ‬ابراهيم‭ ‬وخالد‭ ‬المضف‭ ‬ونجيب‭ ‬الوقيان‭ ‬والراحل‭ ‬العبد‭ ‬الهادي‭ ‬وعبد‭ ‬العزيز‭ ‬سريع‭ ‬وشادي‭ ‬الخليج‭.. ‬جميعهم‭ ‬كانوا‭ ‬موجودين‭ ‬بالمركز‭ ‬الاعلامي‭ ‬بمصر‭. ‬وهناك‭ ‬قادتني‭ ‬الشيخة‭ ‬مريم‭ ‬سعد‭ ‬العبد‭ ‬الله‭ ‬إلى‭ ‬مرسم‭ ‬بشارع‭ ‬عماد‭ ‬الدين‭ ‬وهناك‭ ‬رسمت‭ ‬أربع‭ ‬لوحات‭ ‬عن‭ ‬الغزو،‭ ‬وكلها‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ “‬أم‭ ‬الشهيد‭”‬،‭ ‬وقد‭ ‬أخذتها‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬الشيخة‭ ‬مريم‭.. ‬في‭ ‬تلك‭ ‬اللوحات‭ ‬عبرت‭ ‬عن‭ ‬لوعة‭ ‬وألم‭ ‬أم‭ ‬الشهيد‭ ‬التي‭ ‬شاهدت‭ ‬بعينيها‭ ‬مقتل‭ ‬ابنها‭ ‬أمامها‭ ‬الطفل‭ ‬علي‭ ‬إبراهيم‭ ‬الريحان‭ (‬أقل‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬عاماً‭) ‬عندما‭ ‬قتلته‭ ‬القوات‭ ‬العراقية‭ ‬لأنه‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬إنزال‭ ‬العلم‭ ‬الكويتي‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬سطح‭ ‬المنزل،‭ ‬وقد‭ ‬استخدمت‭ ‬فيها‭ ‬المدرسة‭ ‬التأثيرية‭ ‬حيث‭ ‬المخزون‭ ‬البصري‭ ‬الذي‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬اللوحة‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬الحدث‭! ‬فقد‭ ‬وجدت‭ ‬الدهشة‭ ‬في‭ ‬عيني‭ ‬الأم‭ ‬كيف‭ ‬يقتل‭ ‬ابنها؟‭ ‬وبعد‭ ‬شهرين‭ ‬عبرت‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الدهشة‭!‬

أتمنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لديّ
‏10‭ ‬مليارات‭ ‬دينار‭ ‬كي‭ ‬أتبرع‭ ‬بها‭ ‬لمصر‭!‬

ماذا‭ ‬تتمنى؟
‏‭- ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لدي‭ ‬10‭ ‬مليارات‭ ‬دينار‭ ‬كي‭ ‬أتبرع‭ ‬بها‭ ‬لمصر‭.‬

كلمة‭ ‬أخيرة‭ ‬لك‭. ‬
‏‭- ‬أوجهها‭ ‬إلى‭ ‬أهلي‭ ‬وناسي‭ ‬في‭ ‬مصر‭.. ‬سامحوني‭ ‬إن‭ ‬كنت‭ ‬قد‭ ‬قصرت،‭ ‬فقد‭ ‬وجدت‭ ‬كل‭ ‬الخير‭.. ‬من‭ ‬أيام‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬حتى‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسي‭.‬

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق