تتجوّل في بيروت بحافلة «فولكس واجن» المزينة «فيـرونيـكـا» خضرية.. تبيعك فواكه وخضاراً وتعطيك حيـاة بالمجـان
تتجول الشابة اللبنانية فيرونيكا نمر بحافلة «فولكس واجن» المزينة بألوان ورسومات لتبيع الخضار والفاكهة في المناطق اللبنانية في تجربة فريدة من نوعها. ما إن تصل إلى نقطة تمركزها حتى تبعث الحياة في الشارع بروحها المليئة بالحياة وصوت أغنيات السيدة فيروز الذي يجذب المارة وسيدات المنازل، وصوت زمور الحافلة الذي بات معروفا بين الجميع.
أطلقت عليها تسمية «حزّك مّزك» والعبارة باللبناني تعني كثرة التنقل بين منطقة وأخرى
قررت ابنة الـ 22 عاما الحاصلة على شهادة جامعية في مجال إدارة الأعمال العودة من رومانيا إلى لبنان لتأسس عملها الخاص في وطنها، فاستوحت فكرتها من بائع الخضار في بلدتها، لكنها قررت استبدال العربة المدولبة بحافلة مزينة بأسلوبها الفني الذي يعكس شخصيتها، وأطلقت عليها تسمية “حزّك مّزك” والعبارة باللبناني تعني كثرة التنقل بين منطقة وأخرى.
أختلط أكثر مع الناس وأتبادل الحديث معهم ونتشارك شرب القهوة
تتحدث الشابة فيرونيكا عن يومها، وتقول:
”أستيقظ منذ الساعة الخامسة صباحا، وأتوجّه بحافلتي إلى حسبة الخضار لأختار بضاعتي، ولا أختار إلا أجودها، ومن بعدها أنطلق إلى المكان المنشود”.
وتتابع: “عشقت مهنتي الجديدة؛ لأنني أتجول بين مناطق بيروت، كل يوم في مكان جديد مع أناس جدد، أختلط أكثر مع الناس، وأتبادل الحديث معهم، ونتشارك شرب القهوة”.
وثّقت فيرونيكا مراحل تأسيسها لحافلتها ورحلات عملها اليومي، وحديثها مع الناس على حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي، فلاقت إعجاباً وتشجيعاً افتراضياً بين الشعب اللبناني، وبات جمهورها يلاحق أخبارها ليعرف المنطقة المقصودة لزيارتها والتعرّف عليها بشكل مباشر، والبعض عرض خدماته ليكون متطوعاً معها ليشاركها تجربتها الجميلة وتعلّم كيفية التعاطي مع الناس والتعرّف على أناس جدد ومناطق جديدة.
صرت ما اشتري إلا منها.. ولا أساومها على السعر لجمال أسلوبها وحُسن تعاطيها
تقول إحدى السيدات:
مجرد أن رأيت شابة تبيع الخضار تلقائيا نزلت من سيارتي، وقررت أن أشتري منها أولاً لتشجيعها على الاستمرار، وثانياً لفضولي للتعرّف على صاحبة هذه الفكرة الجريئة وبالتأكيد كانت كما توقعت، شابة جميلة مليئة بالحياة والنشاط وروحها الجميلة تبعث بالشارع حركة وحياة وتفاؤلاً بالمستقبل. وتضيف أخرى “لفتتني بضاعتها المنتقاة بعناية، وحين تستقبلني فيرونيكا بالترحيب وضحكتها الجميلة لا أساومها على السعر لجمال أسلوبها وحسن تعاطيها”.
ويضيف أحد زبائنها:
”دفعتني حشريتي لأن أنزل من شقتي لأعرف مصدر صوت أغنيات فيروز الجميلة والهادئة، وما إن وصلت حتى وجدت حافلة لافتة للنظر وشابة عشرينية تبيع الناس الخضار، وتضحك معهم وتحدثهم كأنها تعرفهم منذ زمن، فقررت أن أصبح زبونها، “وصرت ما اشتري إلا منها وأنطرها لتجي، شفت فيها بنتي المغتربة بعفويتها وروحها الحلوة”.
وفي سوق الخضار بات لها محبون كثر بين التجار، حيث باتوا يجهزون لها أجود بضاعتهم، ويراعونها في السعر كي تراعي بدورها الزبائن.
وقالت فيرونيكا لمجلة أسرتي قريبا سيكون ضمن بضاعتها منتج جديد خاص بها ليرافقها في جولاتها.
تضطر فيرونيكا أحياناً لأن تقوم بإيصال الفاكهة والخضار عن طريق السلة؛ بسبب انقطاع التيار الكهربائي، ويساعدها الأصدقاء والمتطوعون بإيصال البضاعة للزبائن المسنين صعودا على سلالم الأبنية للطوابق العالية.
استطاعت الشابة العشرينية أن تؤمن استقلاليتها المادية من خلال فكرة بسيطة، ولكنها نفذتها بأسلوب إبداعي، لم تسمح لشيء أن يقف أمام طموحها، ولم تخف من نظرات المجتمع، بل عملت وجذبت تشجيعه، وبات سنداً لها، فأصبحت بارقة أمل أمام جيل كامل ورسالة لجميع الشباب ألا يسمحوا لأي شيء أن يقف أمام طموحهم والنجاح سيكون نصيبهم إذا كانوا متسلحين بفكرة خلاقة وروح مقاتلة ومثابرة ومفعمة بالحياة.
«أسرتي» في كل مكان
علي غندور