تحقيقات

التواجد النسائي في تزايد.. فالمخترِعات كثيرات اليوم!

المهندسة مريم الحسين مخترعة كويتية شغوفة بالعلوم والاختراعات كتبت اسمها في كثير من المسابقات الدولية بالذهب؛ فهي أول امرأة كويتية تمثل الكويت في مسابقة جينيف في عام 2006، وكانت لا تزال طالبة بالجامعة في وقتها.

حلمها رفع راية بلدها الكويت خفاقاً في كل محفل دولي، وتتمنى أن ترى المنتج الكويتي في الأسواق من فكر أبناء الكويت.

التقينا المهندسة مريم الحسين، وتحدثنا معها حول اختراعها وأوضاع المخترعين في الكويت و آمالها المستقبلية.

في البداية.. عرفينا بنفسكِ.

المهندسة مريم جابر الحسين أول مخترعة كويتية تمثل الكويت في معرض جينيف للاختراعات عام 2006 ونائب رئيس الجمعية الكويتية لدعم المخترعين ونائب رئيس شرفي للجمعية الأوربية الفرنسية للمخترعين، تخرجت في كلية الدراسات التكنولوجية/ هندسة الحاسب الآلي عام 2008.

يحتاج تسجيل براءة اختراعي إلى «تسجيل تفصيلي رباعي الأبعاد»

حدثينا عن بدايات اختراعكِ؟ وما الصعوبات التي واجهتكِ؟

كانت بداية اختراعي في مادة «تكنولوجيا الورش»؛ حيث جاءت لي فكرة صنع ريشة للمثقب (الدريل)، وفي البداية كانت الفكرة لريشة واحدة ثم طورتها لتصبح بتصميم جديد وعرضتها على أستاذي في الجامعة وقتئذٍ الأستاذ علي الخميس،

الذي أشار علي بعدم عرض الفكرة على أحد، وعندما سألته عن السبب، قال إن هذه الفكرة من الممكن أن تصبح اختراعاً، وكان هو أول من نبهني لفكرة اختراعي، وله فضل كبير عليَّ بعد الله.

ثم تعاونت مع النادي العلمي لكتابة فكرة الاختراع لإرسالها إلي أمريكا للحصول على براءة اختراع.. في البداية لم يفهموا فكرته؛ حيث يحتاج تسجيل براءة الاختراع إلى تسجيل مفصل لبياناته «تسجيل تفصيلي رباعي الأبعاد».

وفي محاولتي لجعلهم يفهمون الفكرة قمت بتصنيع نموذج مبسط للاختراع في أحد الورش الصناعية بالشويخ ثم أرسله النادي العلمي إلي أمريكا، كما قمت بعمل الرسم الهندسي للاختراع بنفسي.. كانت هذه البداية في عام 2003.

وأضافت:

تأخر الحصول على براءة الاختراع، وبعد مرور 7 سنوات تم رفضه، وكان السبب أن نسب المواد الموضوعة في الاختراع لتحسين الريشة هي نفس النسب التي وضعها أحد المخترعين في اليابان، لكنهم وافقوا على الاختراع عندما أوضحت لهم أن هذه المواد ليست اختراعاً،

لكنني وضعتها لتحسين جودة المنتج، فحصلت على براءة الاختراع في عام 2009.

أمي رحمها الله شجعتني على المشاركة بمعرض جينيف

وهل توقفتِ عن العمل في الاختراع خلال تلك الفترة ؟

لا.. هذا التأخير نتج عنه نتائج إيجابية،  ففي هذه الفترة قمت بتحسين الريشة من خلال إضافة بعض المواد المصنعة بنسب محددة لها حتى تكون أكثر جودة ولاستخدامها عدد من المرات، كما أضفت ستة أشكال بنوعين من الريش إحداها قابلة للتغيير وأخرى ثابتة، فأصبح لدي ست ريش وليس ريشة واحدة.

وتستطرد:

في هذه الفترة أيضاً شاركت في مسابقات مع النادي العلمي، فقد رشحني د.عمر البناي لتمثيل الكويت كأول مخترعة كويتية تشارك في معرض اختراعات دولية في جينيف.. في البداية رفضت نظراً لرهبتي وخوفي من المشاركة، كما كنت وقتئذٍ أدرس،

لكن أمي رحمها الله شجعتني للمشاركة بالمعرض، وبالفعل شاركت فيه وفزت بالميدالية الذهبية.

الاختراع يساهم في توفير الكثير من الوقت والجهد

ما الفرق بين الاختراع الخاص بكِ والريشة العادية الموجودة حالياً ؟

تقوم فكرة الاختراع على استغلال حركة دوران الريشة بإضافة جزء لها يحفر ويبرد في نفس الوقت؛ فالريشة الموجودة في الأسواق هي الحلزونية التي تقوم بالحفر، ولكن الريشة المخترعة موصولة وملصق بها (مُبْرَد ) يقوم بالحفر و(التمليس) بشكل هندسي معين،

والريشة المستخدمة لها أعماق مختلفة والأشكال المتوافرة هي الهرمي والأسطواني والدائري، ويعطي كل منها شكلا نهائيا مختلفا.

وأضافت:

هناك نوعان من هذه الريش: أحدهما ثابت أي المبرد، ويكون والريشة ثابتين معاً، والآخر قابل للتغيير؛ حيث يتيح إمكانية تغيير الريشة مع ثبات المبرد في حالة تلف الريشة على سبيل المثال أو الحاجة لاستبدالها.

الاختراع يساهم في توفير الكثير من الوقت والجهد للعديد من الأعمال المرتبطة بالتصليح والتصنيع، فعلى سبيل المثال: عند تمديد وحدات التكييف وعمل فتحة في الحائط، فبدلاً من القيام بهذا الأمر على خطوتين يمكن من خلال الاختراع استخدام الريشة والمبرد الأسطواني لعمل تلك الفتحة بسهولة في خطوة واحدة.

وهل اختراعك متوافر حالياً بالأسواق؟

عرضت علي شركة في لوكسمبورج عام 2006 أثناء مشاركتي بمعرض جينيف تصنيع الاختراع، ولكن تغيير الوكيل جعلني غير راغبة في الاستمرار، ولذا فالاختراع  غير متاح بالأسواق؛ حيث لم يتبنَ أحدٌ تلك الفكرة هنا تسويقياً،

كما أن الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة يضع بعض الشروط التي تنطوي على مخاطرة بالنسبة للعاملين في القطاع الخاص وهو القطاع الذي أعمل به، لكن آمل في القريب أن تتغير الأوضاع، ويمكنني طرحه بالأسواق كي يستفيد منه الناس.

أغلبية الاختراعات فكرة وليدة اللحظة وتسعى لحل مشكلة

في رأيك: هل الاختراع نزعة داخلية في الإنسان أم يُربى عليها؟

الاختراع في رأيي شيء فطري لا يتم تربية الإنسان عليه، وأغلبية الاختراعات فكرة وليدة اللحظة، تسعى لحل مشكلة.

كيف كانت بدايات المهندسة مريم الحسين مع الاختراعات؟

كانت هناك بوادر لميولي العلمية والخاصة بالابتكار، فكنت أرى أبي – رحمه الله – يستخدم أدوات الحدادة مثل المسامير والمثقب، ويقوم بتصليح الأجهزة الكهربائية، فتعرفت على هذه الأدوات مبكراً، وفي أحد المرات عندما كنت طالبة في المدرسة كنا في حاجة لربط أحد الكابلات بشريط لاصق ووقتها لم يكن متوافراً،

فتغلبت على هذه المشكلة باستخدام أوراق المحارم وكيس بلاستيكي لربط الكابل، ولا أنسى هذا الموقف حتى الآن، كما كانت أمي – رحمة الله عليها – تراني في سنوات الجامعة أقوم بعمل تجارب في البيت وتقول لي «أخشى أن تنفجر الغرفة».

مجال الاختراع الخاص بكِ لا يتجه إليه كثير من النساء.. فما رأيك في هذا الأمر؟

بالفعل.. في الخارج كانوا متعجبين من كوني امرأة مسلمة خليجية تشارك وتشرح اختراعها بهذه الطريقة وفي مجال لم يكن التواجد النسائي به كبير متعلق بأعمال الورش، وكثيراً ما ألمس ردود أفعال من داخل الكويت وخارجها متعجبة من توجهي لهذا النوع من الاختراعات المرتبط بالورش والتصنيع؛

لأن معظم العاملين فيه من الرجال لكنني أرد دائماً  بأن مساحيق التجميل تستعملها النساء ومعظم مخترعيها من الرجال، فأنا أرى أن الاختراعات لا تتقيد بالشهادات أو العمر أو الجنس سواء كان ذكرا أو أنثى، فالمجال مفتوح لكل الفئات في جميع المجالات.

لدينا في الكويت دعم قوي في تسجيل براءات الاختراع والمشاركة في المعارض الدولية

ما الفرق بين المخترعين في الغرب و هنا؟

لدينا في الكويت دعم قوي في تسجيل براءات الاختراع والمشاركة في المعارض الدولية، وقد لمست ذلك خلال مشواري في هذا المجال،

فوجدت الدعم المادي والمعنوي من النادي العلمي ومركز صباح الأحمد للموهبة والإبداع، ولكن الغرب يتفوقون في التسويق، فنحتاج هنا  إلى دعم من الشركات والقطاع الخاص في تسويق الاختراعات الكويتية..

في الخارج تتلقف الشركات الاختراعات لتصنيعها وتسويقها، وهذا ما نأمل في حدوثه مستقبلاً في الكويت حيث تتواجد المصانع التي تخرج الاختراعات الكويتية للنور.

تم تكريمي من قبل الجمعية الأوروبية الفرنسية للمخترعين بحضور الحفيد الأصغر لمؤسس برج إيفيل

ما  الجوائز التي حصلتِ عليها؟

حصلت على الميدالية الذهبية من معرض جينيف الدولي للاختراعات عام 2006، كذلك فزت بالميدالية الذهبية في المعرض الأول للاختراعات بالشرق الأوسط في عام 2007، وقد اختارتني  المؤسسة الأمريكية لحفظ حقوق المخترعين كأفضل مخترع بالشرق الأوسط في نفس العام، ثم حصلت على لقب «مخترعة الكويت والخليج الأولى».

وفي عام 2016 تم  تكريمي من قبل الجمعية الأوروبية الفرنسية للمخترعين وكان استقبالهم حافلا جداً بحضور الحفيد الأصغر لمؤسس برج إيفيل، وكنت أول سيدة عربية تختار نائب الرئيس الشرفي للجمعية، وكان التكريم مفاجئًا؛ حيث لم يخبروني بأمره عندما قاموا بإرسال دعوة لي لحضور معرضهم.

وأتمنى أن يكون القادم أفضل من أجل بلدي الكويت، فهي أمنا التي نرفع اسمها خفاقاً دائماً.. ومهما نعمل نحن، فإننا لا نخرج من جذع بلدنا الكويت.

وهل  لديكِ مثلا أعلى يدفعكِ أو يشجعكِ لمواصلة مجال الاختراع؟

دفعني التعليم منذ بداياتي الدراسية إلى حب العلوم والاختراع، حيث كان يعتمد بشكل كبير على التطبيق العملي تحت إشراف معلمينا، كذلك أحب كثيراً التعلم من العلماء السابقين، وبخاصة العرب.

كيف ترين التواجد النسائي في ساحة الاختراعات اليوم بالكويت؟

التواجد النسائي في تزايد؛ فلدينا كثيرات من النساء المخترعات اليوم وفي مجالات مختلفة، وأسعى دائماً لمساعدة النساء اللاتي يذهبن إلي معارض اختراعات دولية.

تركز الجمعية الكويتية لدعم المخترعين بشكل رئيسي على المخترعين لإبراز دور المخترع الكويتي

ذكرتِ أنكِ نائب رئيس الجمعية الكويتية لدعم المخترعين.. فما الدور الذي تقومين به؟

هي جمعية نفع عام تم إنشاؤها في شهر ديسمبر من عام 2016 وتركز بشكل رئيسي على المخترعين لإبراز دور المخترع الكويتي، كما نخطط لتسويق اختراعات المخترعين الكويتيين؛ فهو الهدف الأهم بالنسبة لنا، وقد قمنا بعدد من الأنشطة منذ إنشائها،

منها على سبيل المثال: تكريم وزير الصحة السابق د. جمال الحربي للمخترعين في المجال الطبي.

هل لديكِ مشروعات مستقبلية في مجال الاختراع ؟

في الوقت الحالي، أنا متوقفة؛ فقد طورت اختراعي بشكل جيد، والآن انتظر طرحه بالسوق، حيث يقاس نجاح الاختراع بعد تسويقه، وهو ما أحاول تحقيقه حالياً.

على المخترع أن يكون لديه هدف يسعى لتحقيقه حتى لا يتعرض لليأس

ما الرسالة التي توجهينها إلي المخترعين لتشجيعهم؟

على المخترع أن يكون لديه هدف يسعى لتحقيقه حتى لا يتعرض لليأس، كما أنه ليس هناك مسيرة نجاح بدون عقبات وعثرات، لكن الناجح هو الذي يصم أذنيه عن الانتقادات المستمرة، ويكمل مسيرته، وفي النهاية ما كتبه الله له هو ما سيكون.

وتختتم قائلة:

أحب دائماً أن أتميز بالعلم.. العلم الذي ينتفع به الناس ويسهل عليهم أمور حياتهم، وهو خير ذكرى للإنسان بعد رحيله.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق