تُغرد خارج السرب في القدس من أجل البيئة نجلاء عبداللطيف: نفاياتي الشخصية قلّت بقدر %90 ومبادرتي «صفر نفايات فلسطين»
وسط هذا الكم الكبير من الاستهلاك الذي غزا البيوت والعقول، تقرر الشابة المقدسية نجلاء عبد اللطيف أن تُغرد خارج السرب، فتنتهج منذ عامين نمط حياة بأقل ضرر ممكن على البيئة، ويشاركها ذلك كل أفراد عائلتها، فلا نفايات منزلية إلا ما تعذّر تدويره، ولا استهلاك إلا عند الضرورة.
وكان لـ «أسرتي» هذا الحوار معها:
توقفت عن شراء ملابس جديدة وأبدلتها بالمستعملة
من أين جاءت لك فكرة «مبادرة صفر نفايات فلسطين»؟
- من الصعب على شخص يعيش في فلسطين أن يغض النظر عن النفايات المنتشرة في حياتنا اليومية، خاصة انتشارها في الطرق والطبيعة والحدائق العامة. حالة العجز التي شعرت بها من رؤية كمية النفايات التي كنت أراها قادتني لحالة من القلق الداخلي الذي جعلتي أصل لمرحلة شعرت بأنه علي أن أفعل شيئا ما، ولهذا السبب قررت أن أقلل نفاياتي الشخصية بقدر الإمكان لأنني شعرت بشكل شخصي بأنني لا أريد أن أساهم في كم النفايات الهائل من حولي.
والذي دفعني أكثر لأن أتجه إلى هذا النهج أتى كنتيجة من زيادة وعيي الشخصي عن تأثير النفايات على البيئة وكارثة المناخ بشكل سلبي.
اليوم أعيش أسلوب حياة يتماشى مع مبدأ صفر نفايات واستطعت أن أقلل من نفاياتي الشخصية بقدر 90%.
أفعالي كفرد في محاولة تقليل النفايات هي طريقة رائعة، ولكن حقيقة كارثة النفايات والكارثة البيئية تدعو إلى جهود مضاعفة من أكبر عدد ممكن في المجتمع.. لهذا السبب قررت أن أعمم تجربتي ونشر الثقافة في المجتمع من حولي لكي يكون هناك من عملي تأثير إيجابي أكبر.
أعمم تجربتي عبر تأليف محتوى مدونتي وصفحتي صفر نفايات فلسطين.. من خلال المدونة أسلط الضوء على الأخطار البيئية الناتجة من النفايات وأكتب عن طرق من الممكن نقلل فيها النفايات بمحتوى ملائم للوطن العربي وفلسطين، لنشر ثقافة في سلوكيات صديقة للبيئة والابتعاد عن الاستهلاك المفرط. تحتوي المدونة على وصفات بسيطة لإنتاج مواد صحية وطبيعية ونصائح تدوير وإعادة استخدام في الحياة اليومية، الابتعاد عن الاستهلاك والبلاستيك. أسعى من خلال المحتوى أن أبين أننا لدينا كأفراد القدرة على تقليل تأثيرنا السلبي على البيئة من خلال تغيير أنماط وأساليب استهلاكنا اليومية.
أحاول أن أكون منتجة ولست مستهلكة عبر صناعة طعامي بنفسي
كيف استطعت تقليل نفاياتك الشخصية بقدر ٪90؟
- أطمح إلى الوصول إلى مرحلة صفر نفايات. الهدف من هذا النمط هو تقليل التأثير السلبي على البيئة من خلال صناعة مواد تنظيفية وتجميلية بنفسي.
إنتاج أكلي بنفسي، بحيث لا أعتمد نهائياً على الطعام المصنّع أو الوجبات السريعة المغلفة والمعلبة.
آخد أكياسي وأواني خاصة عند تبضع الحاجات الغذائية.
رفض استعمال حاجات مدة حياتها قصيرة كي أتجنب رميها بعد استعمال قصير.
إعادة استعمال الحاجات الموجودة عندي بالبيت إلى أقصى حد ممكن.
عدم شراء ملابس جديدة وإعادة استخدام الموجود / الاستعارة من الأقارب / شراء ملابس يد ثانية (مستعملة).
أحياناً يلهمني المتابعون بأفكار ونصائح
حدثينا عن تفاعل الناس مع مدونتك على الانستغرام «صفر نفايات فلسطين».
- بدأت مدونة صفر نفايات فلسطين قبل 5 سنوات، ومن الجديد في بداية هذا العام ربطت المدونة بوسائل التواصل الاجتماعي وصفحة على الإنستغرام.
ساعدتني الصفحة في التقرب من الجمهور والشريحة التي استهدفها – أن انخرط معها، “أفهم شو بتحب تشوف”. وبناء على ذلك أخلق محتوى مخصصا.
أحياناً يلهمني المتابعون بأفكار ونصائح وسعيدة جداً بأن وسائل التواصل الاجتماعي تسمح بهذا النوع من التبادل والإلهام.
بدأت مبادرتك بنفسك، فمن الذي دعمك وشجعك؟
- وجدت الدعم أكثر شيء من عائلتي المقربة: أبي أمي وإخواني وبعض الأصدقاء والدائرة المقربة.
من قلب القدس بدأت، فما الصعوبات والانتقادات التي واجهتها؟
- هناك إقبال كبير على الصفحة من أشخاص يسعون لعيش حياة نظيفة أكثر وتقبل لأفكار غريبة أو مختلفة.
تأتيني أيضا ردود فعل سلبية في بعض الأحيان، خاصة في مواضيع تتعلق بتغيير سلوكيات حياة مريحة وسريعة مثل تجنب الأطباق والكؤوس البلاستيكية، أو تجنب شراء الملابس الجديدة وأيضا بمواضيع مثيرة للجدل تتعلق بالصحة مثل بدائل الفوط الصحية.
أجد أيضا ردات فعل تحاول إحباطي، مثلاً من خلال القول إن طريقة تفكيري هي طريقة أجنبية وإنني التقطها من الغرب، وان هذه الأفكار لا تنفع في بلادنا.. ولكن بالفعل فإن مجتمعنا كان قليل النفايات في زمان أجدادنا، حيث كانوا يحافظون على الموارد دون هدرها ويعيشون بتناغم مع الطبيعة أكثر.
وصول حياة خالية من النفايات يعني وصول المثالية، والمثالية صعبة جداً ومعظم الأحيان لا يمكن وصولها، خاصة عند العيش في المجتمع الحديث. أعيش حياة قليلة النفايات، حيث قللت نفاياتي الشخصية أكثر ما يمكن من كل النواحي الحياتية حيث قللتها بنسبة 90% مقارنة بقبل تبني هذا الأسلوب.
كانت هناك ردات فعل مختلفة، حيث كان العديد يرحب بالفكرة ويشجعني عليها، بالرغم من إيجادها معقدة ومرتكزة حول التقشف.
كان البعض يتفاعل بدهشة واستغراب كونه مبدأ غريبا في البلاد وطريقة تفكير مختلفة كلياً مما تعودنا عليه.
واجهت الكثير من سلوك أو طريقة تفكير استسلامية، حيث يرى الكثير أن المشاكل البيئية كثيرة ولا يمكنني كفرد تغيير وإصلاح كارثة النفايات التي تواجهها الأرض.
ما الأفكار التي يمكننا بها استغلال فائض الطعام والملابس؟
- تقليل استهلاك الملابس، وتجنب استهلاك الجديد من خلال اللجوء إلى إعادة استعمال الملابس أو شراء الملابس المستعملة. وهذه بعض الطرق لتقليل هدر الطعام:
- تخطيط قائمة الشراء لتجنب الشراء المتهور.
- التخزين الصحيح.
- الحفاظ على فائض الطعام في علب لثاني يوم.
- فرز الأكل للحفاظ عليه لفترة أطول.
- الاستعانة بحواس الشم والذوق لتحديد صلاحية الأكل، وليس فقط الاستعانة بتاريخ انتهاء الصلاحية لأنه بكثير من الأحوال يكون الأكل صالحا للأكل بعد فترة من تاريخ الصلاحية المحدود.
- الطبخ والاستفادة من كل أجزاء الطعام.
هل صحيح أنك تغلبت على فكرة شراء أدوات التجميل أيضا؟
- ممكن أقول إن كل شيء أضعه على جسمي طبيعي.. في الحالة المثالية سيكون كل شيء طبيعيا، ولكن بما أننا نعيش في مجتمع عصري سريع فأضطر في بعض الأوقات لأن ألجأ إلى ما هو غير طبيعي (وفي هذه الحالات أحرص على ألا يكون على جسمي).
لا أستعمل مستحضرات تجميل غير طبيعية من ناحية الكريمات، ولكن أستعمل الاكيج أحياناً بشكل خفيف، وأحرص على أن تكون المستحضرات طبيعية بدون كيماويات ضارة.
أحلم بأن يكون كل بيت فلسطيني لديه وعي بمشكلة النفايات وتأثيرها في البيئة
ما رسالتك لأهل القدس والعالم؟
- أتمنى أن يصبح هناك تغيير جذري في سلوكنا من داخل المجتمع. أن نوصل لحالة يكون لكل فرد في الوطن العربي وعي ذاتي عن خطورة النفايات والاستهلاك على البيئة، والرغبة الشخصية لتبني نهج حياة صديق للبيئة. أتمنى أن نصبح كمجتمع عربي وفلسطيني قدوة في الوعي البيئي وأن نحب الأرض والبيئة بقدر ما نحب الوطن. لأنه بالنهاية، ما مغزى أن نحمي أرضنا ووطننا، إذا لم نحافظ على البيئة التي نعيش فيها؟