جُبل أهل الكويت على فعل الخير، فباتت سمة الخير وأفعال الخير والتبرع والتطوع مرتبطة بالشعب الكويتي، واكتسبت الكويت سمعة عالمية طيبة بكونها من أكثر الدول نشاطا في مجال العمل الخيري في مختلف أنحاء العالم.
وحرص أهل الخير على وضع ستار يخفي أعمالهم الخيرية وتبرعاتهم وما يقومون به، من المباركية قلب مدينة الكويت النابض ومع “رحلة” لفاطمة المطوع نكشف هذا الستار مع المهندس إياد الإبراهيم موظف سابق بالأمانة العامة بالأوقاف، في جولة بين أروقة المباركية للتعرف على الأوقاف الخيرية بها:
في البداية، تحدث الاستاذ إياد الإبراهيم عن أقدم وقف في الكويت أنشئ عام 1821 أي ان عمره الآن يقارب 200 عام وهو باسم المرحوم محمد صالح العدساني الذي أوقف بيته، أكبر وقف هو وقف عبدالله العوضي، وقد أوقف ثلثه وتبلغ قيمته ما يقارب 40 مليون دينار، ودار العوضي الموجودة حالياً ضمن هذا الوقف.
وذكر الإبراهيم من الأوقاف النادرة في تاريخنا وقف الآنية أو (وقف الزُّبَادي) جمع زبدية وهي الآنية من الخزف، ومهمة الوقف تعويض الخدم الذين تكسر زبدياتهم وهم في طريقهم إلى بيوت مخدوميهم، فيأتون بالقطع المكسورة للوقف ويعطون آنية جديدة وبديلة كي لا يعاقبهم أهلهم عليها.
سبيل دعيج.. أول وأقدم سبيل ماء في الكويت
وأضاف م. اياد أن المباركية تزينها العديد من الأوقاف من أراض ومبان ومساجد، وهو ما يرسخ صورة العمل الخيري في الكويت، ففي دروازة العبدالرزاق، كان هناك سوق ضيق طويل فيه العديد من المحال التي تختلف في بضائعها بين بيع الفواكه، والأقمشة، والحلويات والمطاعم الصغيرة، وفي نهاية تلك السوق ساحة فيها أيضا عدد من المحال، يتوسطها سبيل ماء، وهو عبارة عن حبين مخروطين مصنوعين من الفخار ومملوءين بالماء لشرب من هم بالسوق.
وذكر أن ذاك السبيل قد أوجده المرحوم عبدالعزيز محمد الدعيج عام 1876، وقد أزيلت معالم تلك السوق، وحلت مكانها السوق الحالية التي يقع فيها مسجد النبهان، وسوق الصرافين.
ويعتبر سبيل بن دعيج أول موقع لمياه الشرب للعامة من الناس، وهناك الآن سبيل آخر باسم سبيل بن دعيج بالقرب من أبراج الكويت.
أوصى الدعيج بوقف عقار للصرف على السبيل بإيراد ما يقارب 200 ألف دينار
لم يتوقف الأمر عند بناء الأسبلة وتوفير الماء وصيانتها، ولكن لكي يستمر المشروع الخيري كان لا بد من مصدر إنفاق دائم، لذلك أوصى عبدالعزيز الدعيج بوقف عقار على شارع مبارك الكبير للصرف على السبيل، علما بأن إيراد هذا الوقف يبلغ ما يقارب 200 ألف دينار، ورصدت عدساتنا ذلك البنيان المميز الذي أشرفت عليه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت عام 1966م ومن بعدها الأمانة العامة للأوقاف التي جعلته مزارا سياحيا يظهر لضيوف الكويت إحدى علامات التكافل بين المسلمين.
وقف هلال المطيري في «المباركية»
ويسرد م. اياد الابراهيم قصة وقف هلال فجحان المطيري، حيث كان ديوان هلال المطيري يقع بجانب نقعة هلال، وموقعها الحالي مكان سوق شرق، ويحتوي وقف هلال المطيري الخيري على مسجد هلال و16 دكانا في سوق الجت، تُصرف إيجاراتها رواتب للعاملين بالمسجد والإمام والمؤذن وكذلك لصيانة المبنى، وقد وهب أمير الكويت وقتها الراحل الشيخ سالم المبارك الصباح قطعة الأرض التي تمت إقامة الدكاكين عليها.
ويقع مسجد هلال بالقرب من سوق الأقمشة والبطانيات من جهة الشمال، ومجمع البنوك من جهة الغرب، وعندما ضاق المسجد بالمصلين طلبوا من هلال المطيري توسعته فعمل على ذلك.
وبيّن م. اياد أن العمارة الواقعة في سوق العطور وقف محمد بن علي بن حمد وهو “وقف ذُري ومساجد”، حيث كان والده الشيخ علي بن حمد، يرحمه الله، وهو رجل من رجالات الكويت، وعُرف بحب العلم والدين، مؤسسا لمسجد مجاور لمنزله القديم الذي لم يعد له أثر منذ سنوات طوال مضت، ويندرج المسجد تحت مظلة المساجد التراثية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وكان مسجد علي بن حِمْد موقوفا على الإمام أو المؤذن، إمّا لتوفير المسكن، أو لدفع الرواتب، حيث كان البيت الموقوف على هذا المسجد يُؤجّر ويُصرف من ريعه على الإمام أو المؤذن.
كما تابع م. إياد الإبراهيم حديثه عن عقار مقابل للمدرسة المباركية تم وقفه وهو عقار علي عبدالوهاب المطوع الذي يصرف ريعه على مسجد القناعات بالقرب من مجمع الوزارات.
ووقف مسجد القطامي، ومسجد الصقر عبارة عن مجموعة من الدكاكين تقع في السوق القديمة (سوق السلاح) يُصرف ريعه على المسجدين.
وهناك وقف شيخة الحسان وهو عبارة عن قيصرية تحتوي على 12 دكانا، وتم إعادة بنائها من قبل الأمانة العامة للأوقاف لتصبح القيصرية تحتوي على ما يُقارب 40 محلا.
وقف مسجد السوق، وهو عبارة عن دكاكين في السوق الداخلي يرجع لمجموعة من الواقفين.
وقف الطخيم عبارة عن قيصرية بها مجموعة من الدكاكين يُصرف ريعه على عموم الخير.
