أتحاور مع الحيوانات وأفهم مشاعرها باستخدم «التخاطر»
درست إدارة الأعمال، وكذا الإخراج التلفزيوني، لكنها فضلت أن تتخصص في «مخاطبة الحيوانات» كأول امرأة عربية تسلك هذا الاتجاه الذي تحول من هواية إلى مهنة من خلال حصولها على عديد من الكورسات المتخصصة في هذا العلم على يدي خبراء في العاصمة البريطانية لندن، لتعود بعدها الى القاهرة وتبدأ مرحلة جديدة في حياتها.
إنها المصرية ميرال درع التي تحدثت لـ «أسرتي» عن أسباب تفضيلها مخاطبة الكلاب والخيول والقطط عن الأعمال الأخرى.. وكشفت كيف تفهم لغة الحيوانات.. ماذا تقول؟ وماذا تريد؟ وبماذا تشعر؟ هذا ما نتعرف إليه عبر هذا الحوار:
في مرحلة الطفولة تمنيت أن أتحدث مع الحيوانات والتعرف على ما يدور في ذهنها
«مخاطبة الحيوانات».. متى وكيف بدأت قصتك مع هذه الهواية والمهنة الغريبة؟
– في الحقيقة القصة بدأت منذ مرحلة مبكرة في حياتي، كانت فكرة راودتني في مرحلة الطفولة، وقتها تمنيت أن أتحدث مع الحيوانات والتعرف على ما يدور في ذهنها وأن يكون هناك نوع من أنواع التواصل مع الكلاب والقطط التي كنا نربيها في بيتنا.
ونظرًا لصعوبة الفكرة وعدم جديتها في الواقع، ومع مرور الأيام نسيت هذا الحلم تمامًا وانشغلت بدراستي وعملي، لكن المصادفة لعبت دورًا كبيرًا لإيقاظ هذا الحلم مرة أخرى بداخلي، وذلك خلال بحثي على شبكة الإنترنت ذات يوم،
إذ ظهر أمامي إعلان عن إحدى الشخصيات التي تعمل «مخاطبة للحيوانات»، وهنا تذكرت حلمي القديم، وبدأت بحثًا موسعًا عن الأماكن التي توفر دورات تدريبية لتعليم فن التخاطب مع مختلف الحيوانات، وقررت الحصول على محاضرات تدريبية للتمكن من تحقيق حلمي،
وبالفعل درسنا في المحاضرات علم نفس الحيوان وكيفية فهم البيئة المحيطة به وتأثيرها على مشاعره.
قنوات تواصل
كان أمامك العديد من المجالات المهنية بحكم دراستك لكنك قررت التخصص في ذلك المجال غير المتعارف عليه في الوطن العربي.. فلماذا؟
– حين قررت السفر إلى لندن للحصول على المحاضرات لم يكن في ذهني هدف سوى تحقيق حلم راودني في طفولتي، كنت أعرف أن هذا المجال غير متعارف عليه في بلداننا العربية، ولم يكن لدي أي توقعات عن نتائج المحاضرات التي سأتلقاها، وهل ستفيدني في حياتي العملية أم لا؟
لكن بعد بدء الدورات تأكدت أن التواصل مع الكلاب والقطط ومختلف الحيوانات ممكن وأن هناك وظيفة اسمها Animal Communicator موجودة في الغرب وعليها طلب كبير من مربي الحيوانات الراغبين في فهمها.
يتم التواصل مع الحيوانات عن طريق «التخاطر»
وكيف يتم التواصل مع الحيوانات وفهم لغتها؟
– الحيوانات كما هو معروف لا تتكلم وليست لها لغة محددة يمكن من خلالها فهم ما تفكر فيه، لكن يتم التواصل مع الحيوانات عن طريق «التخاطر»، حيث يمكننى أن أسأل الحيوان أي سؤال والحصول على إجابة منه دون أن ينطق كلامًا،
ويحتاج ذلك إلى جلسة مطولة مع الحيوان والحديث مع صاحبه للتعرف على بعض المعلومات عن سلوكه وعن طريقة تعامله مع حيوانه.
والبشر على سبيل المثال يمكنهم التواصل مع بعضهم بعضا من خلال الموجات الصوتية التي تصدر عندما نتحدث، كما أن أفكارنا أحيانًا ما تنتقل إلى الآخرين من خلال التخاطر، فعلى سبيل المثال كم مرة تعرضت لموقف التفكير في أحد الأشخاص لتجده يهاتفك في اللحظة نفسها التي تفكر فيه،
يحدث هذا غالبًا من خلال إرسال المخ إشارة أو رسالة للطرف الآخر الذي نفكر فيه، ونتيجة استقباله له يتواصل معنا.. أتعامل مع الحيوانات بنفس الطريقة، حيث أقوم بإرسال رسالة إليهم وأتلقى منهم الرد.. وهذا ليس أمرًا مستغربًا، فكثير من الفلاحين يتعاملون بهذه الطريقة مع حيواناتهم وتجد بينهم قنوات تواصل غير مباشرة.
من حلم إلى مهنة.. متى قررت احتراف هذه المهنة؟
عقب حصولي على الكورسات في لندن وعودتي إلى مصر، لم أكن أعلم أن الأمر سيتحول من مجرد حلم إلى مهنة، لكن بالمصادفة كان قريب إحدى صديقاتي يتحدث معها عن «كلبه» الذي قفز من الدور الأول وخوفه عليه، وأمنيته التي تمثلت في أن يكون قادرًا على فهم ما يفكر فيه الكلب،
فأخبرته صديقتي عني، وبالفعل ذهبت إليه وأخبرته بما يفكر فيه الكلب، وعندما شعر بأن الأمر حقيقي أخبر أصدقاءه عني، وهكذا تحول الحلم إلى وظيفة، فكل شخص يتعامل معي يخبر غيره عن الأمر، والآن أتلقى مئات الطلبات من مقربين وأصدقاء للتخاطب مع حيواناتهم وفهم مشاعرهم وتخليصهم من أي اكتئاب قد يتعرضون له.
وهل دراستك تتيح لك التواصل مع حيوانات بعينها أم جميعها؟
– المحاضرات التي حصلت عليها، والمناهج التي تعلمتها تتيح لي التواصل مع الحيوانات والطيور بأشكالها المختلفة سواء كلاب أو خيول أو قطط أو حتى طيور مختلفة (عصافير – صقور)، وحتى الحيوانات المفترسة، دون الاقتراب منها في جلسة التواصل، يكفي أن يكون أمامك أو من خلف سور إذ كان الحيوان مفترسًا.
تخصصك الدراسي إدارة أعمال ثم حصلتِ على دورات في الإخراج.. فهل تمارسين تلك الأعمال إلى جانب «مخاطبة الحيوانات»؟
– بالفعل أنا حاصلة على بكالوريوس في إدارة الأعمال، وحصلت على دورات في الإخراج في أحد المعاهد المتخصصة في بريطانيا، وقمت بإخراج بعض الأعمال ومنها أفلام قصيرة وغيرها، إلى جانب عملى رئيسًا لقسم الإبداع في إحدى الوكالات الإعلانية،
لكن تركيزي الأكبر منصب على مهنتي الجديدة.
وهل من السهل إقناع مربي الحيوانات بطريقتك الجديدة؟
– أغلب من يتعاملون معي هم من محبي ومربي الحيوانات المختلفة «خيول، كلاب، قطط، طيور.. إلخ»، لذلك لم أجد صعوبة في تقبلهم لمهنتي واعترافهم بأهميتها لأن أقوم بدور الوسيط بين الحيوان والمُربي وأعمل على حل أي مشلكة تطرأ في العلاقة بين الطرفين.
لا تداخل بين «الطب البيطري» وعملي.. الأول يعالج الأمراض العضوية وأعالج السلوكية
وكم من الوقت تستغرق الجلسة مع الحيوان لفهم ما يدور بداخله؟
– في الغالب جلسة التخاطب مع الحيوان تستغرق ما يقرب من الساعة ونصف الساعة مع اختلاف الحالات، وعادة يبدأ الموضوع بشكوى من مربى الحيوان تفيد بتغير سلوك حيوانه، فقد يتحول الكلب أو القط الذي يربيه إلى العدوانية دون سبب واضح،
بعدها أجلس مع المربي وأعرف منه مشكلته مع الحيوان، بعدها تبدأ جلسة «التخاطر» حتى أحدد نوع المشكلة وطرق حلها.
هل يمكنك من خلال جلسات التخاطب هذه تشخيص أمراض الحيوان العضوية؟
– هناك فارق كبير جدًا بين ما أقوم به وما يقوم به الطبيب البيطري، ولا توجد مقارنة بين عملنا سوى أن كلا منا يساعد الحيوانات وأصحابها حسب تخصصه؛ فالطب البيطري له أهمية قصوى في العلاج الطبي للحيوانات ولا يمكن استبداله أو الاستغناء عنه،
أمّا التخاطب مع الحيوانات فأهميته تكمن في الاهتمام بالجانب النفسي للحيوان.
وما أغرب موقف قابلك خلال جلسات التخاطر مع الحيوانات؟
– في إحدى المرات طلبني عميل بسبب مشكلة يعاني منها مع كلبه تتمثل في أن الكلب يتعامل مع مديرة المنزل بطريقة عنيفة على الرغم من أنه كلب هادئ طوال الوقت، وعندما أخبرته بأن الكلب يرى أنها تأخذ بعض الأشياء البسيطة من المطبخ ويريد إيصال رسالة إليها يقول فيها إنه يعلم ما تفعله،
أكد صاحب المنزل هذا الأمر بأنه اكتشف ذلك منذ فترة عن طريق كاميرات المراقبة، وحذرها من تكرار هذا الأمر وإلا فسيقوم بطردها، ولم يكن يتخيل أن الكلب يتابع ذلك ويتأثر به.
وهناك واقعة أخرى حدثت عندما اتصلت بي فتاة تشكو من أن قطتها تأكل «أكياسا بلاستيكية» وفي كل مرة تفعل ذلك تفزع الفتاة وتهرول إلى الطبيب البيطري ويضطرون لعمل غسيل معدة وكل ما يلزم من الإسعافات الطبية اللازمة، وتكرر هذا الأمر كثيرًا،
فبدأت عمل جلسة تواصل معها عرفت من خلالها أن هذه العادة بدأت مع القطة منذ أن تركتها الفتاة وهي صغيرة وسافرت، فاتصلت بها والدتها تلفونيًا، وأخبرتها أن القطة تصدر صوتًا بلا انقطاع لساعات منذ تركتها، وأنها لم تتوقف إلا بعد أن جاءت للأم فكرة تغطيتها بإحدى قطع ملابس الفتاة والتي بها رائحتها،
فقط حينها هدأت القطة.. وأدليت ببعض التوصيات لكيفية التعامل مع نفسيتها.
بعد قرابة شهر تلقيت رسالة من الفتاة تشكرني فيها بشدة وتخبرني بأن القطة لم تعد تأكل الأكياس، وذلك لأول مرة منذ ثلاثة أعوام.
الحيوانات مثل الإنسان تتأثر بما حولها.. تفرح وتحزن وتغضب
هل هناك عوامل تساهم في تغير مزاج الحيوان؟
– يجب التأكيد على أن الحيوانات مثلها مثل الإنسان تتأثر كثيرًا بالجو العام للمنزل، فعلى سبيل المثال إذا كان الشخص عصبيا أو عنيفا ستجد حيوانه الأليف يمارس نفس السلوك دون وعي، هذا الأمر الذي عندما أوضحه لأصحاب الحيوانات يبدأ كل منهم بالتفكير في التغيير من سلوكه ليس فقط من أجل الحيوان، لكن من أجل نفسه أيضًا.
هل هناك صفات جديدة في الحيوانات اكتشفتها من خلال عملك؟
– بالفعل هناك صفات كثيرة عكس السائد عن بعض الحيوانات، فالكلب مثلا معروف عنه «الوفاء» لكني اكتشفت صفات أخرى غير معروفة ومنها أنه يمكن أن يضحي بحياته من أجل صاحبه، بالإضافة إلى أن الكلب من أكثر الحيوانات التي تشعر بالحالة المزاجية للبشر،
والحيوانات الأليفة على سبيل المثال تعكس شخصية أصحابها، فالشخص الكسول تجد حيوانه الأليف كسولا أيضًا، ولو الشخص عصبي تجد الحيوان متقلب المزاج.
أخيرًا.. ما أهم الأحلام التي تتمنين تحقيقها مستقبلا في مجال تخاطب الحيوانات؟
– أحلم بأن أساهم في زيادة الوعي بمشاعر الحيوانات ودورها في حياتنا، وتنظيم ورش خاصة بتعليم التواصل والتخاطب مع الحيوانات في مصر والوطن العربي، وأن يكون الأمر مألوفًا للشباب والفتيات حديثي السن،
بالإضافة إلى تدريس طريقة التخاطب مع الحيوانات لأشخاص آخرين عن طريق تقديم كورسات في مصر كتلك التي حصلت عليها في إنجلترا لتعم الفائدة.