أهم صانع للنظارات الشمسية والطبية في العالم Leonardo Del Vecchio من دار الأيتام.. إلى ثاني أغنى رجل في إيطاليا!

ربما لا يعرف الكثيرون منا أن وراء كل نظارة شمسية كانت أو طبية نرتديها أو نشاهدها، أو حتى نسمع عنها من أي علامة تجارية عالمية يقف رجل واحد يدعى «ليوناردو ديل فيكيو» كونه صاحب شركة «لوكسوتيكا» الإيطالية التي تمتلك الحصة الأكبر عالمياً من سوق تصنيع تلك السلعة المهمة جداً في حياة البشرية، بل ويمكن القول إنها التي تتحكم في تلك الصناعة بدءاً من تصميمها وتصنيعها، وتوزيعها سواء كان لصالح الماركات الخاصة بها، أو تلك الخاصة بالماركات العالمية التي تسوقها لاحقا تحت اسمها.
إمبراطورية «لوكسوتيكا»
يمتلك اليوناردو ديل فيكتورب إمبراطورية ااسيلور لوكسوتيكاب الواقعة بمدينة ميلانو الإيطالية، والتي تمتلك بدورها مجموعة من الشركات الرائدة في صناعة النظارات بكل أنواعها ومنها (اCostaب, اRay-Banب, اPersolب, اOliver Peoplesب, اOakleyب).
كما يمكننا القول أيضا إنها الشركة الوحيدة في العالم التي تحتكر كل الصناعات الجزئية المتفرعة من تلك الصناعة الكبيرة بدءا من الهياكل الخارجية إلى العدسات وإصلاح العلامات التجارية العالمية من خلال شركاتها المتنوعة والمتخصصة في هذا المجال منها (اLensCraftersب واSunglass Hutب واApex by Sunglass Hutب واPearle Visionب واTarget Opticalب واGlasses.comب) كما أنها تمتلك شركة Eye Med المتخصصة في التأمين على صحة العيون، وهي الشركة الوحيدة التي سمحت لها قوتها التسويقية غير المسبوقة بفرض رسوم على الأسعار بواقع 1000% وهو ما يفسر سر ارتفاع أسعار النظارات بهذا الشكل الكبير غير المبرر من قبل العلامات التجارية التي تتعامل معها ومنها “شانيل”،”برادا”، “جورجيو أرماني”، “بربري”، “فيرساتشي”،”دولتشي آند غابانا”، “ميو ميو “، “توري بورش” وغيرها من العلامات التجارية التي تستخدم تصاميم الشركة بموجب ترخيص خاص منها.
وإلى جانب امتلاك الشركة لأكبر مراكز توزيع للنظارات في العالم سواء بالجملة أو بالتجزئة، والتي تجاوز عددها 7200 مركز موزعة حول العالم، تقدم الشركة أيضا أزياء فاخرة وألعابا رياضية.
لم يكتف “فيكيو” بكل تلك النجاحات، بل أعلن في عام 2017 عن اندماج شركته مع شركة “اسيلور” الفرنسية الرائدة في صناعة العدسات بغية الوصول إلى ربع مبيعات النظارات ذات القيمة العالمية، وبعدها بعام واحد فقط وافقت المفوضية الأوروبية على دمج الشركتين “اسيلور” و”لوكسوتيكا ” في كيان واحد، حيث ولدت الشركة القابضة الجديدة “اسيلور لوكسوتيكا” التي قدرت قيمتها السوقية مجتمعة بنحو 61 مليار دولار. وكان من المفترض أن تتمتع المجموعتان بالتساوي في قيادة الشركة المدمجة بموجب اتفاق انتهى في عام 2021.
من دار الأيتام لثاني أغنى رجل في إيطاليا
ولد ديل فيكيو عام 1935 في ميلانو لوالدين لأسرة فقيرة، وبعد وفاة والده تم إيداع الصبي الصغير في دار للأيتام التي عاش فيها حتى بلغ 15 عاما حيث بدأ العمل في مصنع للأعمال اليدوية، وهناك لاحظ مالك المكان موهبة فيكيو، وشجعه على أخذ دروس ليلية في أكاديمية بريرا للفنون الجميلة، وعلى وجه الخصوص في مجال التصميم.
في عام 1958 قرر فيكيو أن يستقل بنفسه، وأن يعمل بمفرده حتى إنه افتتح ورشته الخاصة بصياغة المعادن وصناعة الأجزاء الصغيرة في مدينة البندقية موطن صناعة النظارات الإيطالية آنذاك، وبعد ثلاث سنوات من العمل المتواصل أسس الشاب بالتعاون مع أحد أصدقائه مصنع Luxottica المتخصص في صناعة النظارات في مدينة “أغوردو” شمال “بيلونو” إيطاليا، والتي كانت تعد الموطن الأساسي لصناعة النظارات الإيطالية، وفي 1967 بدأت الشركة في بيع إطارات النظارات كاملة تحت اسم علامته التجارية التي حجزت لها موقعا ثابتا في عالم صناعة النظارات.
أما الانطلاقة الكبيرة، فكانت في بداية السبعينيات من القرن الماضي حينما استحوذ على شركة Scarrone للتوزيع إيمانا منه بالتوسع الرأسي بحيث يكون العمل متكاملاً من خلال مجموعة من الشركات التي تخدم على بعضها البعض، وفي 1981 أنشأت الشركة أول شركة دولية تابعة لها في ألمانيا، وهناك كانت الفرصة الحقيقية لصعود الشركة بسرعة الصاروخ في عالم صناعة النظارات، حيث تم إبرام أول صفقات ترخيص عديدة مع مصمم الأزياء العالمي جورجيو أرماني الذي صمم للشركة إطارات النظارات.
وفي عام 1990 طرحت الشركة أسهمها للاكتتاب العام في بورصة نيويورك، وفي بورصة ميلانو في ديسمبر من عام 2000، وانضمت إلى مؤشر “فوتسي” الأميركي في سبتمبر من عام 2003.
وجنت الشركة من هذه الاكتتابات أموالاً طائلة، وتمكنت من خلالها من الاستحواذ على علامات تجارية أخرى مثل “فوج” في عام 1990، و”بيرسول” في عام 1995، و”راي بان” في عام 1999، و”صن جلاس هات” في عام 2001. وعززت “لوكسوتيكا” من حضورها في قطاع البيع بالتجزئة من خلال الاستحواذ على شركة OPSM في عام 2003، وشركتي “بيرل فيجين” و”كول ناشونال” في عام 2004. وفي نوفمبر من عام 2007، استحوذت الشركة أيضا على “أوكلي”، في مقابل 2.1 مليار دولار.
وتوالت النجاحات، وتضاعفت أعداد الشركات التابعة للشركة الأم، ومنها شركة “ايروكا” التي تم شراؤها في أغسطس 2011 بقيمة 20 مليون يورو، وفي مارس 2014 تم الإعلان عن أن “لوكسوتيكا” ستشارك مع جوجل في تطوير نظارات جوجل ودمجها في نظاراتها.
التفكير خارج الصندوق.. مواعيد العمل تخضع لظروف الموظفين
لم يكن فيكيو هو ذلك الشخص النمطي التفكير الذي يدير شركته بنفس النمط السائد آنذاك، بل كان دائماً ما يفكر خارج الصندوق ليجمع بين راحة العاملين ممن كانت تجمعه بهم علاقة قوية، وإعطائهم أكبر فرصة للإبداع، خصوصا أنه يعلم تماما كل تفاصيل المهنة بدءا من الإنتاج إلى التصنيع ومن ثم التوزيع،
وفي هذا الإطار لم يتمسك فيكيو بإلزام الموظفين بمواعيد عمل محددة، بل ترك لكل منهم تحديد مواعيد عمله وفقاً لالتزاماته الشخصية، حتى يتمكنوا من الإبداع بعيدا عن القيود المعرقلة لها.
وإيمانا منه بدور العاملين في شركاته البالغ عددهم 8000 موظف في تطوير العمل والوصول به إلى ما هو عليه، قرر مؤسس الشركة فيكيو في عيد ميلاده الثمانين إعطاءهم 140 ألف سهم بالشركة بقيمة إجمالية بلغت نحو 9 ملايين يورو، وأوضح فيكيو أن خطوته هذه “تأتي تقديرا لجهود موظفي المجموعة في إيطاليا الذين هم في قلب نجاح لوكسوتيكا”. وقال إنه أراد من هذه المبادرة الصغيرة أن يُظهر أهمية الموظفين بالنسبة إليه، مشيرا إلى أن لديه فعلا الشعور بأننا عائلة واحدة”.
ولم تكن تلك المبادرة هي الأولى من نوعها، فهذا الرجل المعروف بمبادراته السخية سبق أن قدم مبادرة مماثلة في عام 2011 حيث أهدى موظفى مجموعته بإيطاليا نحو 314 ألف سهم من ثروته الخاصة احتفالاً معهم بالذكرى الخمسين لتأسيس الشركة.
وكانت قد قدرت ثروة الرجل الصافية في يوم وفاته في الـ 27 من يونيو 2022 عن عمر ناهز الـ 87 عاماً بنحو 24.1 مليار دولار؛ حيث اعتبر ثاني أغنى شخص في إيطاليا والـ 54 على الصعيد العالمي.