حياتنا أحلي

الحياة بلا عواطف.. كالهاتف بلا رصيد

 

الحياة بلا عواطف.. كالهاتف بلا رصيد

كم رصيدك في بنك العواطف؟!

 

في هذا الزمن العصري المفعم بالماديات ماتت المشاعر الإنسانية، وأصبحت لغة التفاهم بين الناس هي لغة المصلحة والمنفعة المتبادلة والدرهم والدولار، ولم يعد للمشاعر والعطف والإيثار والحب والرقة والرحمة ثمة وجود إلا نادراً.

 

رصيدك في بنك العواطف ضمان لسعادتك

يقول ستيفان كوفي في كتابه «العادات الست للعائلات الفاعلة جدا»:

إن رصيدك في بنك العواطف هو الضمانة الأكيدة لسعادتك وراحتك والمفتاح السحري لضمان سعادة الأسرة، ونطلق عليها اسم «بنك العواطف»، وبالضبط مثلما يتكون حسابك المالي في البنك من بند «الودائع» وبند «السحوبات»، فكذلك يجب أن يتضمن بنك عواطفك مع أفراد الأسرة بند الودائع، حيث تودع فيه مشاعر المحبة والحنان والعطف واللطف والرقة والتسامح والطيبة والرأفة والمعاملة الحسنة والرعاية والكرم والاهتمام.

وبند السحوبات الذي يضم المشاعر (السيئة – السلبية) تجاه أسرتك مثل: القسوة والإهمال والإنانية واللامبالاة والبخل والخشونة والغلظة والضرب والسباب التي تؤلب مشاعرهم ضدك وتخصم من رصيدك العاطفي ليتحول إلى صفر، وتتغير مشاعرهم من المحبة الى الكراهية.

 

القلب الميت

عاش «بهجت» في حياته بمبدأ «أنا ومن بعدي الطرفان» لا يشعر بأحوال زملائه في العمل أو متاعب الجيران في منزله، فلا يواسي زميلا في مصابه ولا يهنئ صديقا في أفراحه، ولا يساعد محتاجا في الطريق، لا يعبأ بمشاعر الآخرين، فعاش محروما من نعمة «الشعور الاجتماعي» أو المشاركة الوجدانية، وعندما أصابه المرض الوبيل، تم حجزه بغرفة العناية المركزة ومات وحيدا في عزلة، لم يزره قريب أو بعيد.

 

تقول الحكمة:

«الفم الذي يأكل دون أن يعطيك شيئا، لن تسمع ضجة ألمه»!

وتقول الحكمة التركية:

«من يأكل خبزه وحده، يرفع حمله بأسنانه».

ويقول يوليوس سيروس القرن الأول الميلادي:

«من يود الذهاب للجنة وحده لن يذهب مطلقا»!

 

وما يجعل الإنسان إنسانيا وليس كائنا ماديا العواطف البشرية مثل المحبة للغير ومساعدة الناس، ومشاعر الحب والعطف والرقة واللطف وعمل الخير والحنو على الضعيف والحنان على المحتاج والعطف على الفقير، والإيثار على نفسه ومد يد المساندة والمساعدة لمن حوله دون أن يطلبوا، والمعاملة الحسنة مع الناس، والمواساة للمحزونين والتهنئة للفائزين، والمشاركة الوجدانية لزملائه والمشاطرة العاطفية مع جيرانه، والأهم أن يغمر عائلته وزوجته وأبناءه بنبع حبه وحنوه وحنانه وعطفه ولطفه ورقته وشفقته ورحمته.

 

الحياة بلا عواطف.. كالصحراء المهجورة

لولا الحب لكان القلب شاطئًا مهجورا، والدرب ما قيمة الدرب بلا عطور والمحبة هي أعظم نعمة وهبها الله تعالى في هذا الكون، إنها تلك القوة التي تذيب أحجار الحقد في القلوب وتحطم صخور الأنانية في النفوس فتنبت زهور الحنان في رياض الحياة كلها، فالحياة الحب، والحب الحياة، وبلا حب ورحمة وشفقة، على الدنيا السلام.

 

الحياة بلا عاطفة.. كالأرض بلا شمس

وكم من حياة زوجية باردة، بلا دفء القلب وسرعان ما تنهار أركانها، لأنها قائمة على اختيار الثراء والمظاهر الزائفة والجمال الجسدي والرشاقة، وليست قائمة على المحبة والمودة والعطف واللطف والشفقة والألفة، والطيبة والرقة ولهذا ترتفع معدلات الطلاق، وعشرات القضايا بالمحاكم لا لشيء إلا لأن الزواج تم بلا حب أو محبة صادقة لكن لتحقيق مصلحة زائلة أو شهوة فانية.

 

الحب والعطاء بلا مقابل أفضل دليل على الرقي الإنساني

إن الحب يكون أقوى عندما يعطي أكثر مما يأخذ أو يفكر في العطاء دون أخذ بالمقابل.. فلقد وُجد الحب ليطهر القلوب من الحقد، إنه صابونة مطهرة من صدأ الأنانية و«مضاد حيوي» يشفي النفوس من جراثيم الحقد والحسد واللامبالاة، إنه كالمنطاد يسمو بالإنسان الى مرتبة الكمال الإنساني، ويتحول الإنسان بالعواطف الرقيقة والمشاعر النبيلة من شيطان رجيم الى ملاك رحيم.. والإنسان بلا عواطف يصبح كجبل الثلج، أو كتلة من الحديد بلا أحاسيس، ويكون الحيوان أرقى منه، لأن الكلب يحنو على صغاره والقطة تحب قططها وتحنو عليها.

 

كتب: الدكتور حسني الفار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق