حياتنا أحلي
أخر الأخبار

المعلم‭ ‬أبو‭ ‬حسن‭.. ‬والشيخ‭ ‬أحمد‭..‬ فقدان‭ ‬البصر‭ ‬نعمة‭.. ‬ عتمة‭ ‬في‭ ‬العين‭ ‬ونور‭ ‬في‭ ‬القلب

المعلم‭ ‬أبو‭ ‬حسن‭ ‬ملك‭ ‬الإكسبرس
لطالما‭ ‬سمعت‭ ‬عن‭ “‬أبو‭ ‬حسن‭” ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬النبطية‭ ‬جنوب‭ ‬لبنان،‭ ‬لكنني‭ ‬لم‭ ‬أتعرّف‭ ‬عليه‭ ‬يوما،‭ ‬وحين‭ ‬قررت‭ ‬التواصل‭ ‬معه‭ ‬لإجراء‭ ‬مقابلة‭ ‬عبر‭ ‬الهاتف‭ ‬اكتفيت‭ ‬بكتابة‭ ‬اسمه‭ ‬على‭ ‬محرك‭ ‬البحث‭ ‬غوغل‭ ‬ووجدت‭ ‬الرقم،‭ ‬حييته‭ ‬عبر‭ ‬الواتساب‭ ‬فرد‭ ‬فوراً‭ ‬أهلاً‭ ‬علي،‭ ‬لا‭ ‬يعرفني‭ ‬لكنه‭ ‬استطاع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطبيق‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬اسمي‭ ‬خلال‭ ‬ثوانٍ،‭ ‬فوجئت‭ ‬بما‭ ‬حصل‭ ‬وعرفت‭ ‬فورا‭ ‬أنني‭ ‬سأحادث‭ ‬شخصية‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬
المعلّم‭ ‬أبو‭ ‬حسن‭ ‬ضرير‭ ‬منذ‭ ‬الولادة،‭ ‬لم‭ ‬يشعر‭ ‬يوماً‭ ‬بأنّه‭ ‬أقل‭ ‬شأنا‭ ‬من‭ ‬غيره،‭ ‬يتجوّل‭ ‬بين‭ ‬أحياء‭ ‬مدينته‭ ‬النبطية‭ ‬بأريحية‭ ‬تامة،‭ ‬يحفظ‭ ‬الأماكن‭ ‬والأصوات،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬اللمس‭ ‬يعرف‭ ‬ماهية‭ ‬الأشياء،‭ ‬ضرير‭ ‬العينين‭ ‬مفتّح‭ ‬القلب‭ ‬بقدرة‭ ‬الله‭.‬
يجلس‭ ‬أبو‭ ‬حسن‭ ‬صباحاً‭ ‬خلف‭ ‬نافذة‭ ‬متجر‭ ‬بيع‭ ‬القهوة‭ ‬الشهير‭ ‬خاصته‭ ‬ليستقبل‭ ‬طلبات‭ ‬ذوّيقة‭ ‬القهوة،‭ ‬يلبي‭ ‬طلباتهم‭ ‬ويحاسبهم‭ ‬بحرفية‭ ‬عالية،‭ ‬كثر‭ ‬لم‭ ‬يصدّقوا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬نظراً‭ ‬لكفاءته‭ ‬العالية‭ ‬ودقته‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬والحسابات‭. ‬

عليك‭ ‬أن‭ ‬تفرض‭ ‬وجودك‭ ‬بخبرتك‭ ‬ومهارتك‭ ‬وليس‭ ‬بالعطف‭!‬

لم‭ ‬يكتفِ‭ ‬ببيع‭ ‬القهوة‭ ‬وتوابعها،‭ ‬بل‭ ‬سافر‭ ‬إلى‭ ‬إيطاليا‭ ‬وركّب‭ ‬قهوة‭ ‬يمتلك‭ ‬حصريتها‭ ‬ويوزّعها‭ ‬على‭ ‬الطلب،‭ ‬يقول‭ ‬أبو‭ ‬حسن‭ “‬لأنني‭ ‬أقدم‭ ‬فنجان‭ ‬قهوة‭ ‬مصنوعاً‭ ‬من‭ ‬أجود‭ ‬المكونات‭ ‬وسعر‭ ‬فنجاني‭ ‬مضاعف‭ ‬عن‭ ‬سعر‭ ‬السوق،‭ ‬يقصدونني‭ ‬لتذوّق‭ ‬قهوتي‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬المناطق‭”.‬

النجاح‭ ‬ليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬عينين‭ ‬تبصران‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬قلب‭ ‬نفخ‭ ‬الله‭ ‬النور‭ ‬فيه‭ ‬وهداه

الحديث‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬لا‭ ‬ينتهي،‭ ‬هو‭ ‬طاقة‭ ‬متجددة‭ ‬ونور‭ ‬لمن‭ ‬يود‭ ‬أن‭ ‬يهتدي،‭ ‬يقول‭ “‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تفرض‭ ‬وجودك‭ ‬وألا‭ ‬تنتظر‭ ‬الناس‭ ‬ليتقبلوك،‭ ‬تفرض‭ ‬وجودك‭ ‬بخبرتك‭ ‬ومهارتك‭ ‬وليس‭ ‬بالعطف‭”.‬
يقول‭ ‬أبو‭ ‬حسن‭ “‬النجاح‭ ‬ليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬عينين‭ ‬مفتوحتين‭ ‬وتبصران،‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬قلب‭ ‬نفخ‭ ‬الله‭ ‬النور‭ ‬فيه‭ ‬وهداه‭”.‬

الدعم‭ ‬من‭ ‬الدولة
لست‭ ‬بحاجة‭ ‬لدعم‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭ ‬ولم‭ ‬أطلبه‭ ‬يوما،‭ ‬أنا‭ ‬منذ‭ ‬صغري‭ ‬أعمل‭ ‬كأي‭ ‬إنسان‭ ‬واستطعت‭ ‬أن‭ ‬أؤمن‭ ‬6‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬للشباب‭ ‬في‭ ‬متجري‭ ‬الذي‭ ‬يفتح‭ ‬ليلا‭ ‬ونهارا،‭ ‬وأدفع‭ ‬ضرائبي‭ ‬للدولة‭ ‬قبل‭ ‬الآخرين‭.‬
يقول‭ ‬أبو‭ ‬حسن‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬الحديث‭: ‬كنت‭ ‬بين‭ ‬الـ‭ ‬6‭ ‬الأوائل‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬عام1983‭. ‬ومثّل‭ ‬لبنان‭ ‬بالمغرب‭ ‬في‭ ‬الملتقى‭ ‬العربي‭ – ‬الأفريقي،‭ ‬وعندما‭ ‬عَلِم‭ ‬أن‭ “‬العميان‭” ‬يتوظفون‭ ‬حصراً‭ ‬على‭ ‬السنترال‭ ‬قرر‭ ‬التوقّف‭ ‬عن‭ ‬الدراسة‭ ‬بعد‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬الثانوية‭ ‬العامة‭ ‬وتوجّه‭ ‬للعمل‭ ‬الحر‭ ‬الذي‭ ‬نجح‭ ‬فيه‭ ‬وأبدع‭.‬

الفضل‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬أمي
يقول‭ ‬أبو‭ ‬حسن‭ ‬إن‭ ‬الفضل‭ ‬بالنعيم‭ ‬الذي‭ ‬يعيشه‭ ‬بعد‭ ‬الله‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬أمه،‭ ‬لأنها‭ ‬لم‭ ‬تخجل‭ ‬به‭ ‬وبأخيه‭ ‬الضرير‭ ‬أيضاً،‭ ‬بل‭ ‬شجعتهما‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬على‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬المنزل‭ ‬والتفاعل‭ ‬واللعب‭ ‬مع‭ ‬أطفال‭ ‬الحي،‭ ‬وهذا‭ ‬يقودنا‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬الخوف‭ ‬الزائد‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأهل‭ ‬على‭ ‬أطفالهم‭ ‬يعود‭ ‬سلباً‭ ‬على‭ ‬نشأتهم‭ ‬وتفتحهم‭.‬

فاقد‭ ‬البصر‭ ‬عالي‭ ‬البصيرة
من‭ ‬يستمع‭ ‬إلى‭ ‬حديثه‭ ‬ينصدم‭ ‬بين‭ ‬الحديث‭ ‬والآخر،‭ ‬يجول‭ ‬بك‭ ‬أبو‭ ‬حسن‭ ‬بين‭ ‬البلدان‭ ‬الأوروبية‭ ‬والعربية‭ ‬التي‭ ‬يزورها‭ ‬كل‭ ‬سنة،‭ ‬يقوم‭ ‬برحلات‭ ‬عمل‭ ‬عدة‭ ‬سنوياً‭ ‬بين‭ ‬تركيا‭ ‬وإيطاليا‭ ‬ومصر،‭ ‬يحدثك‭ ‬عن‭ ‬توقف‭ ‬تجارته‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬بسبب‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬وغلاء‭ ‬الاستيراد،‭ ‬يحدثك‭ ‬عن‭ ‬أولاده‭ ‬الأربعة‭ ‬وكيف‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يؤمن‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬لهم‭ ‬دون‭ ‬جميل‭ ‬من‭ ‬أحد،‭ ‬ينصحك‭ ‬وينهاك‭ ‬عن‭ ‬تجارة،‭ ‬وبين‭ ‬طيات‭ ‬شرحه‭ ‬علمٌ‭ ‬وخبرة‭ ‬ودراية‭ ‬بأحوال‭ ‬الأسواق،‭ ‬وإن‭ ‬دللته‭ ‬على‭ ‬مكان‭ ‬يسمي‭ ‬لك‭ ‬ماذا‭ ‬يوجد‭ ‬بقربه‭ ‬كدليل‭ ‬على‭ ‬معرفته‭ ‬بالأماكن‭. ‬المطالعة‭ ‬جعلته‭ ‬إنسانا‭ ‬مثقّفاً‭ ‬والله‭ ‬نزع‭ ‬نور‭ ‬عينيه‭ ‬وأضاء‭ ‬نور‭ ‬بصيرته‭ ‬مكافأة‭ ‬له‭.‬

الشيخ‭ ‬أحمد
هو‭ ‬ذلك‭ ‬الشاب‭ ‬المشاكس‭ ‬المليء‭ ‬بالنشاط‭ ‬والحيوية،‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات،‭ ‬سريع‭ ‬البديهة‭ ‬والتعلّم،‭ ‬يمتلك‭ ‬شخصية‭ ‬قوية‭ ‬وروحا‭ ‬شبابية‭ ‬جذابة‭. ‬لم‭ ‬يولد‭ ‬الشاب‭ ‬أحمد‭ ‬الساحلي‭ ‬ضريراً،‭ ‬بل‭ ‬فقده‭ ‬بسبب‭ ‬انفجار‭ ‬قنبلة‭ ‬عنقودية‭ ‬به‭ ‬أدت‭ ‬لخسارته‭ ‬بصره‭ ‬وإحدى‭ ‬ساقيه‭.‬
قبل‭ ‬14‭ ‬عاماً‭ ‬أنهى‭ ‬الشاب‭ ‬أحمد‭ ‬أوراقه‭ ‬وحضّر‭ ‬نفسه‭ ‬للسفر‭ ‬إلى‭ ‬أفريقيا،‭ ‬وقبل‭ ‬موعد‭ ‬السفر‭ ‬بيومين‭ ‬ذهب‭ ‬برفقة‭ ‬صديقه‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬الحقول‭ ‬لجمع‭ ‬الخردة‭ ‬بغية‭ ‬توفير‭ ‬بعض‭ ‬المال‭ ‬الإضافي‭ ‬لسفرته،‭ ‬وفي‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬صوت‭ ‬انفجار‭ ‬أوقف‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬لم‭ ‬يعِ‭ ‬ما‭ ‬حصل،‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتذكره‭ ‬أن‭ ‬حياته‭ ‬توقفت‭ ‬عند‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬لتبدأ‭ ‬مسيرة‭ ‬من‭ ‬الكفاح‭ ‬والألم‭.‬
لحظة‭ ‬استيقاظ‭ ‬أحمد‭ ‬لم‭ ‬يستوعب‭ ‬أنه‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة،‭ ‬فالعتمة‭ ‬تحيط‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬جانب،‭ ‬وإحدى‭ ‬ساقيه‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬بها،‭ ‬هنا‭ ‬أدرك‭ ‬ما‭ ‬أصابه،‭ ‬ولم‭ ‬يتقبّل‭ ‬ما‭ ‬حلّ‭ ‬به‭ ‬واتخذ‭ ‬قرار‭ ‬إنهاء‭ ‬حياته،‭ ‬وبعد‭ ‬عدة‭ ‬محاولات‭ ‬باءت‭ ‬بالفشل‭ ‬اقتنع‭ ‬بأن‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬ينقذه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة،‭ ‬فرصيد‭ ‬عمره‭ ‬لم‭ ‬ينتهِ،‭ ‬وهناك‭ ‬دور‭ ‬ينتظره‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يؤديه‭.‬

بداية‭ ‬مسيرة‭ ‬الألم
تخطى‭ ‬أزمته‭ ‬النفسية‭ ‬وقرر‭ ‬البدء‭ ‬بالحلول،‭ ‬وتمكّن‭ ‬من‭ ‬تركيب‭ ‬طرف‭ ‬اصطناعي‭ ‬لساقه‭ ‬المبتورة‭ ‬بعد‭ ‬محاولات‭ ‬عدة،‭ ‬وتعلّم‭ ‬على‭ ‬المشي‭ ‬بمساعدة‭ ‬العكّاز‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬لعينيه‭ ‬وضع‭ ‬عدستين‭ ‬تجميليتين،‭ ‬يقول‭ ‬االكلمات‭ ‬لا‭ ‬تختصر‭ ‬المعاناة‭ ‬لكنني‭ ‬أقول‭ ‬الآن‭ ‬الحمدلله‭ ‬كان‭ ‬الله‭ ‬معي‭ ‬وحارسي‭ ‬ومسدد‭ ‬خطواتيب‭.‬

دراسته‭ ‬ومواكبته‭ ‬للتطوّر
بعد‭ ‬تخطيه‭ ‬الأزمة،‭ ‬قرر‭ ‬أحمد‭ ‬أن‭ ‬يدرس‭ ‬العلوم‭ ‬الدينية،‭ ‬وسخّر‭ ‬نفسه‭ ‬لسنوات‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف،‭ ‬وأصبح‭ ‬حافظاً‭ ‬للقرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬واللافت‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬صيته‭ ‬قد‭ ‬ذاع،‭ ‬وبات‭ ‬يسافر‭ ‬إلى‭ ‬أفريقيا‭ ‬لقراءة‭ ‬القرآن،‭ ‬له‭ ‬أصدقاء‭ ‬وأحبة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬ولم‭ ‬يمد‭ ‬يد‭ ‬الحاجة‭ ‬يوماً‭ ‬إلى‭ ‬أحد،‭ ‬بل‭ ‬أوجد‭ ‬مصدر‭ ‬رزق‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬الصفر،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬بيع‭ ‬الأحجار‭ ‬الكريمة،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬وفحصها،‭ ‬كيف‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬أعلم،‭ ‬لكنه‭ ‬يفعلها‭ ‬ويعتبر‭ ‬مصدرا‭ ‬موثوقا‭ ‬للاستشارة‭.‬

الشيخ‭ ‬أحمد‭ ‬والتكنولوجيا
واكب‭ ‬الشيخ‭ ‬أحمد‭ ‬التطوّر،‭ ‬يعلم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬السياسة،‭ ‬للاقتصاد‭ ‬والرياضة‭. ‬يمسك‭ ‬بهاتفه‭ ‬المحمول‭ ‬بيده‭ ‬ويحرك‭ ‬إصبعه‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬السوداء،‭ ‬من‭ ‬يجلس‭ ‬بقربه‭ ‬يظن‭ ‬أن‭ ‬الشيخ‭ ‬أحمد‭ ‬لا‭ ‬يجيد‭ ‬استعمال‭ ‬الهاتف،‭ ‬فيفاجئه‭ ‬بخبرٍ‭ ‬عاجل‭ ‬وصَله‭ ‬ويخبره‭ ‬عنه،‭ ‬ويحدّثه‭ ‬عن‭ ‬نتائج‭ ‬الدوريات‭ ‬الأوروبية‭ ‬وكيف‭ ‬فاز‭ ‬هذا‭ ‬الفريق‭ ‬على‭ ‬غريمه‭. ‬واستفاد‭ ‬من‭ ‬هاتفه‭ ‬الذكي‭ ‬بحفظ‭ ‬القرآن‭ ‬ومتابعة‭ ‬شؤون‭ ‬حياته،‭ ‬وسهّل‭ ‬تواصله‭ ‬مع‭ ‬الناس‭ ‬وبات‭ ‬أقل‭ ‬جهدا‭ ‬وكلفة‭.‬

الذاكرة‭ ‬الحديدية
يعتمد‭ ‬أحمد‭ ‬على‭ ‬الصور‭ ‬المحفورة‭ ‬في‭ ‬ذاكرته‭ ‬لتخيّل‭ ‬الأشخاص‭ ‬والأماكن،‭ ‬يمتلك‭ ‬قدرة‭ ‬عالية‭ ‬على‭ ‬تمييز‭ ‬الأشخاص‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أصواتهم،‭ ‬وما‭ ‬يثير‭ ‬دهشة‭ ‬من‭ ‬يقصد‭ ‬دكانه‭ ‬أنه‭ ‬يتوجه‭ ‬مباشرة‭ ‬ليضع‭ ‬الأصناف‭ ‬المطلوبة‭ ‬في‭ ‬الكيس‭ ‬البلاستيكي،‭ ‬وتتم‭ ‬المعاملة‭ ‬الحسابية‭ ‬بنجاح‭.‬
يقول‭ ‬أحمد‭ ‬االترتيب‭ ‬يوفّر‭ ‬الوقت‭ ‬وعناء‭ ‬البحث،‭ ‬أرتّب‭ ‬أشيائي‭ ‬وأحفظ‭ ‬أماكن‭ ‬وجودها،‭ ‬ديكور‭ ‬المنزل،‭ ‬أغراض‭ ‬الدكان،‭ ‬وزوجتي‭ ‬بدورها‭ ‬تساعدني‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأمرب‭.‬

في‭ ‬فقداني‭ ‬للبصر‭ ‬حكمة
يختم‭ ‬الشيخ‭ ‬أحمد‭ ‬حديثه‭ ‬بشكره‭ ‬لله‭ ‬على‭ ‬فقدانه‭ ‬بصره‭. ‬ويؤكد‭ ‬افقدان‭ ‬بصري‭ ‬نعمة،‭ ‬عتمة‭ ‬في‭ ‬العين‭ ‬ونور‭ ‬في‭ ‬القلبب،‭ ‬ولعلّ‭ ‬معاناته‭ ‬تكون‭ ‬تكفيرا‭ ‬لذنوبهب،‭ ‬مضيفا‭: ‬وهذا‭ ‬قدر‭ ‬الله‭ ‬لنا‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نتقبله،‭ ‬لأن‭ ‬الخير‭ ‬هو‭ ‬فيما‭ ‬اختاره‭ ‬الله‭ ‬لنا‭.‬

‮«‬أسرتي‮»‬‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان
علي‭ ‬غندور

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق