امرأة إماراتية قهرت المستحيل
هـالة كاظم: طريقك لتحقيق السـعـــــــــــادة «حـب ذاتـك»
هي «لويز هاي العرب».. رسالتها في الحياة (حب ذاتك، اعتن بها جيدًا، وعش سعيدًا).. إنها الإماراتية هالة كاظم التي نفضت عن نفسها غبار سنوات طوال من اليأس والاكتئاب لتكرم من قبل «جوجل» و«منظمة الأمم المتحدة» كأكثر شخصية نسائية عربية تأثيرًا على قريناتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي
في حدث (My Voice Matters).
عندما سألناها في بداية حوارنا معها: من أنت؟
قالت هالة بعد تفكير:
«أحب أن أعرف نفسي أولًا كإنسانة. امرأةخاضت رحلة ألم، وتود مساعدة الآخرين ليجتازوا آلامهم».
انتصرت على اليأس فوصلت إلى العالمية
خضت رحلة ألم.. ورسالتي مساعدة الآخرين
عانت هالة في طفولتها من تعثر التعلم (ديسلكسيا) فلم تستطع أن تقرأ وتكتب بشكل جيد كأقرانها، وهو الأمر الذي لم يكن مفهومًا في مجتمعها آنذاك مما جعلها محصورة في زاوية الأقل، والكسول، والمهمل طوال سنوات دراستها إلى أن اكتشفت اختلافها في العقد الثالث من عمرها.
لم يكن عثر تعلم هالة هو اختلافها الوحيد:
«كانت والدتي محبة للحياة وشخصية قوية إلا أن شعورها الدائم بأننا انعكاسالها، وامتداد يشبهها جعل علاقتي معها في شد وجذب دائم على مراحل عمرية مختلفة. كما يفرض علينا المجتمع بدوره الكثير من القيود التي قد تشكلنا بصورة مغايرة لما نريد أن نكون عليه. البعض ينجح في التعامل مع تلك القيود، ولكنني بالتأكيد فشلت، ولم أكن أستطيع إلا أن أكون أنا، وانتهى بي الأمر إلى الاكتئاب الذي أفقدني الرغبة في الحياة ودفعني إلى الاستسلام، والانزواء، واتخاذ العديد من القرارات الخاطئة حتى جاء لقائي بالمستشارة النفسية «إلين كيني «في العام 1995 ليشكل نقطة فارقة في حياتي».
وتضيف هالة:
«تعلمت خلال رحلة العلاج النفسي أن أحب نفسي وأعتني بها لأني أستحق أن أحيا سعيدة، كنت طالبة مجتهدة خلال رحلة العلاج ، أفعل كل ما يطلب مني، أنجح تارة وأفشل أخرى فأعيد المحاولة ولا أيأس إلى أن اجتزت تلك المرحلة الصعبة في حياتي».
ولأنها ترى أن النساء يتقاسمن الكثير من معاناتهن داخل مجتمعاتهن، أخذت هالة على عاتقها مسؤولية توعية العديد من النساء وتحفيزهن على إعادة اكتشاف ذواتهن.
بدأت ذلك من خلال رحلات استكشافية خاصة بالنساء نظمتها خارج الدولة وقدمت من خلالها العديد من النشاطات والاستشارات الاجتماعية. تتذكر رحلتها الأولى قائلة: «كانت زيارة النمسا مدخلا حقيقيًا لرحلات التغيير، فوجدتني أصادق الطبيعة بأرضها وسمائها وأشجارها، ومرنت نفسي على تقبل الوحدة كصديق خفيف الظل.
حدثت نفسي مرارًا، وتعلمت الصمت العميق الذي يأخذك إلى منتصف الروح ويغيرك بحق، ثم تولدت لدي رغبة قوية في مشاركة هذا الشعور مع سيدات أخريات، وبدأت تنظيم رحلات التغيير التي لا تشبه أى رحلات أخرى».
الرجال تشككوا في فهم رسالتي.. وأخيراً اقتنعوا!
لم أكن يوماً مصدر خطر على الرجل الواثق من نفسه
لم يكن طريق «هالة» مزروعًا بالورود فقد عانت كثيرًا من سوء فهم ورفض لأفكارها ولما تقدمه داخل مجتمعها الإماراتي المحافظ.
عن ذلك تقول:
«الرجال خاصة أساءوا فهم رسالتي في بادئ الأمر، وتشككوا في الدور الذي ألعبه في حياة النساء، فهاجموني ظنًا منهم أنني أدعو إلى تحرر نسائهم من قيم اجتماعية راسخة، ولكن مع الوقت أدركوا أنني فقط أساعد المرأة في التعرف على ذاتها لتكون سعيدة وقادرة على إسعاد من حولها.
لم أكن يومًا مصدر خطر على الرجل الواثق من نفسه ومرتاح معها أما الرجل الذي يعتبرني مصدر خطر فهو حتمًا لديه مشكلة ويشعر بالتهديد من كل من حوله».
وتضيف: في السنتين الأخيرتين أصبح المجتمع الإماراتي أكثر فهمًا لمتطلبات المرأة النفسية والاجتماعية، وأكثر تقبلًا للتغيرات التي طرأت عليها، حتى ان الكثير من الرجال هم الذين يشجعون نساءهم ويدفعون بهن للمشاركة في رحلات التغيير التي أنظمها، وهذا لم أتوقعه. واليوم لدي أيضًا الكثير من عملائي من الرجال.
حصدت هالة جائزة محمد بن راشد لأفضل سيدة أعمال عن رحلة التغيير من خلال (جائزة محمد بن راشد لتنمية المشاريع في دولة الإمارات العربية المتحدة لعام 2013)، و(جائزة الإمارات للمرأة) عام 2014 كما أطلقت مؤخرًا كتابها (هالة والتغيير) الذي وثقت فيه جزءًا من سيرتها الذاتية عبر رحلة التغيير.
واختارها موقع جوجل بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة كأكثر شخصية عربية مؤثرة في النساء عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال حدث ( My Voice Matters).
عن ذلك تقول:
أراد القائمون على موقع جوجل اختيار شخصية نسائية عربية هي الأكثر تأثيرًا على النساء في منطقتها، وبعد دراسة ملفي المهني وما قدمته من خلال برنامج رحلة التغيير وتواصلي مع آلاف النساء عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة تم اختياري.
وتضيف هالة:
كل ما أقوم به هو مجهود شخصي نابع من رغبتي الحقيقية في رفع المعاناة والألم عن الآخرين من خلال تقديم الاستشارات، وإلقاء المحاضرات كمتحدثة تحفيزية، وإقامة ورش عمل تتمحور حول تطوير الذات، والاهتمام بصحتنا النفسية، والنظر إلى الحياة بصورة إيجابية.
أقدم استشاراتي لعملائي بصورة غير نمطية
سوء اختيار المرأة للرجل المناسب سبب خلل في علاقتها بوالدها
شخصية هالة غير الاعتيادية قادتها إلى تقديم استشارات اجتماعية لعملائها بصورة غير نمطية. وترجع هالة نجاحها في كسب ثقة عملائها إلى أنها لا تصدر أحكامًا وتتقبل اختلافاتهم.
عن ذلك تقول:
«لا أحب أن أقدم استشارة اجتماعية بالمعنى التقليدي، ولكني أقابل عملائي في أماكن عامة كالمقاهي حيث نتجاذب أطراف الحديث كأصدقاء،فأستمع إلى ما يؤرقهم وأسدي لهم النصح من خلال تجربتي في الحياة. ولكنني دومًا أؤكد على ضرورة اللجوء إلى الاستشارة النفسية من شخص مختص إذا دعت الضرورة، فبعض من طرقوا بابي كانوا يعانون من مشاكل حقيقية كالإدمان مثلًا وكان دوري أن أوجههم للشخص المختص».
وتنوه هالة إلى أن مشاكل النساء تختلف في طبيعتها عن مشاكل الرجال، فمشكلات عميلاتها تتمحور حول علاقة المرأة بالرجل، وتشير هالة إلى أهمية علاقة البنت بوالدها في جميع مراحل عمرها، مؤكدة أن تلك العلاقة شديدة الخصوصية لأنها قائمة على حب غير مشروط.
وترجع هالة فشل المرأة في اختيار الرجل المناسب لها إلى وجود خلل في علاقتها بالأب منذ الصغر.
أما عملاؤها من الرجال فهم يعانون من ضغوط نفسية منشؤها كثرة التوقعات التي يفرضها عليهم المجتمع منذ الصغر كونهم ذكورًا.
وترى هالة أننا نخطئ بتربية أبنائنا على أنهم مسؤولون عن كل من حولهم خاصة من الناحية المادية مما يضعهم تحت عبء نفسي كبير.
تعمل هالة حاليًا على تنظيم رحلات سير للفتيات اليافعات لمساعدتهن على تحديد مسارهن في الحياة بدقة أكبر وتطمح إلى الوصول إلى شرائح مختلفة من النساء العربيات.
«أسرتي» في كل مكان
دبي – غادة الصاوي