توجُّه بالتأييد واسع النطاق.. ومعارضة رسمية وشعبية قوية حقوق المثليين.. دعم غير مسبوق.. ورفض رسمي وشعبي!
فجأة وبدون مقدمات دخل «مارك» الذي تجاوز عمره الـ 64 عاماً على زوجته العربية الأصل والتي تصغره بعامين وهو يرتدي ملابس نسائية وبشعر مستعار طويل وأظافر مطلية باللون الأحمر الناري بلون حمرة الشفاه التي كانت تغطي فمه كجزء من مكياج كامل لا تضعه إلا المراهقات، وقال لها بصوت عال إن اسمه لم يعد مارك بل أصبح جانيت!
زوجة مثلي الجنس:
لمن يدافعون عن حقوق المثليين الجنسيين.. أين حقوقنا نحن؟
ويكمل مارك: “الآن فقط أصبحت قادرا على إعلان انتمائي وجنسي دون خجل وعليك أن تختاري إما البقاء معي بهذا الوضع أو العودة إلى أهلك وبلادك”، هذا ما قاله مارك سابقا وجانيت حالياً لزوجته التي لا تريد ذكر اسمها أو حتى اسم زوجها الحقيقي خشية أن يتعرف عليهما أحد.
وتضيف: “أكثر من 30 عاماً ونحن متزوجان ولم تصدر منه أي إشارة تدل على أنه مثلي الجنس، بالعكس تماما، فأنا زوجته الثانية وله مني ابن في المرحلة الجامعية وابنة من زوجته الأولى” ، وتضيف “هو لم يفاجئني، هو ذبحني بسكين بارد”. وتساءلت “كيف لي أن أعيش معه أو معها؟ وأين أذهب ولمن الجأ، إذا تركت المنزل فأنا لم أعد أعمل ولا دخل لي يمكنني أن أعتمد عليه”.
وتستطرد” أن الفاجعة الكبرى في ابنها الذي لا يرى عيباً فيما حدث، بل ويتعامل مع الموقف بمنتهى الأريحية”.
السيدة رفضت تماماً الإشارة أو التلميح لبلد زوجها أو محل إقامتهما حالياً مكتفية بأنهما عاشا أجمل الأيام في إحدى الدول الخليجية قبل أن ينتقلا إلى حيث يعيشان حاليا. وأشارت إلى أنها أصبحت تعيش في كابوس حقيقي، ووجهت سؤالاً لمن يدافعون عن حقوق المثليين الجنسيين وتقول “وأين حقوقنا نحن؟ وكم سيدة أو أما نامت واستيقظت على نفس الكابوس؟ مؤكدة أنهن كثر ولكن لا أحد يعرف شيئا عما يعانين”.
وأكدت أن عدد من هن في مثل حالتها كبير ويزداد مع زيادة الحملات الداعمة لمجتمع “الميم”، وهو الاسم المختصر الذي يُطلق على “مجتمع المثليين والمثليات ومزدوجي التوجه الجنسي والمتحولين جنسياً”.
هل كان مسلسل Grace and Frankie هو شرارة البداية.. أم حمى الحملات الدولية وشركات كبرى للاعتراف بحقوق المثليين؟!
وتتشابه حالة تلك السيدة إلى حد بعيد مع حالة بطلتي مسلسلGrace and Frankie الذي يُعرض على شاشة نتفليكس منذ سبع سنوات، وتدور أحداثه أيضاً حول سيدتين اكتشفتا أن زوجيهما على علاقة مع بعضهما البعض منذ 25 عاماً وانهما قررا الانفصال عنهما ليقيما معاً. الأمر أصاب الزوجتين في البداية بحالة من الصدمة والرغبة في الانعزال عن العالم، ولكن في النهاية تقبلتا الأمر واستمرت حياة كل الأبطال بشكل عادى جداً وكأن شيئا لم يكن!
هل كان المسلسل هو شرارة البداية لمارك كي يعلن عن هويته الحالية، أم حمى الحملات الدولية التي تقودها حكومات ومؤسسات دولية وشركات كبرى للاعتراف بحقوق المثليين هي الدافع والمحرك الرئيسي ليس له وحده، بل لآخرين من الجنسين وجدوا الأرض ممهدة لهم للإعلان عن هوياتهم الجديدة دون خوف.
ولم تكن شبكة نتفليكس هي الوحيدة الداعمة والحاضنة للأعمال الفنية التي لا تخلو من مشاهد المثليين أو الترويج لهم، بل أصبحت الأفلام والمسلسلات الأميركية تتعامل مع هذا الأمر وكأنه جزء طبيعي من الحياة، خصوصاً خلال السنوات العشر الماضية، وتحديداً بعد تولي الرئيس باراك أوباما سدة الحكم ودعمه المطلق لحقوقهم في المجتمع الأميركي، بل ومباركته لقرار المحكمة العليا الأميركية الصادر في 26 يونيو من عام 2015 والذي يمنح المثليين حق الزواج دستورياً، واعتبر أوباما ذلك نصراً تاريخاً لحقوقهم التي كانوا يطالبون بها منذ عام 1969.
وبالعودة بالتاريخ إلى الوراء كانت دائماً ما تعد المثلية الجنسية من الجرائم الخطيرة والأفعال غير المقبولة اجتماعياً في العالم كله، لكن الأمر تغير قليلا ما بعد الحرب العالمية الثانية، وتحديدا في أواخر الأربعينيات بالنسبة إلى (هولندا والدنمارك) والخمسينيات والستينيات (السويد والنرويج والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وهولندا والدول الإسكندنافية وأميركا)، حيث ظهرت العديد من المجموعات والجماعات الحقوقية التي طالبت بحقوق المثلية في الغرب.
دخلت عروض الأزياء العالمية على الخط بحيث أصبح من الطبيعي جداً أن تجد عارضي أزياء من الذكور يرتدون ملابس نسائية والعكس صحيح!
لكن مخططاتها لـ ادمج المثليين في المجتمعات وفرضهم عليهاب لم تنجح سوى في منتصف العام 2015 كما أسلفنا، ومع اعتراف 18 بلداً معظمها يقع في الأميركتين وأوروبا الغربية، بزواج المثليين. وهنا عاد حلم تعميم الحالة في مختلف دول العالم من جديد عبر الترويج له بكل الوسائل والطرق، فإلى جانب الأفلام والمسلسلات، دخلت عروض الأزياء العالمية على الخط بحيث أصبح من الطبيعي جداً أن تجد عارضي أزياء من الذكور يرتدون ملابس نسائية والعكس بالعكس صحيح، بل والأمرّ من ذلك أنك أصبحت بحاجة إلى الكثير من الوقت لتحديد هوية العارض أو العارضة، كما أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي إحدى أهم الوسائل لتشجيع المثلية، حيث أصبحت تتيح خيارات أخرى غير خانتي الذكر والأنثى، وهي خيارات تدعم قضيتهم.
والأخطر من هذا وذاك هو بث تلك الأفكار في عقول الأطفال من خلال مسلسلات الكرتون التي أعلنت شركة ديزني العالمية في منتصف العام الحالي أنها ستخصص 50% من شخصياتها الكرتونية لفئة المثليين، وهو ما أثار غضب المجتمعات المحافظة والتي عبرت عن هذا الرفض من خلال منع عرض بعض الأفلام التي أنتجتها الشركة وكانت تتضمن لقطات غير مقبولة تروج علنا للمثلية الجنسية.
ورغم تعنت الشركة وإصرارها على عدم حذف أي لقطات لا تتناسب مع قناعات المجتمعات المحافظة، إلا أنها رضخت في النهاية وأعلنت في منتصف الشهر الماضي أنها ستحذفها من النسخ التي ستعرض في الدول العربية ودول أخرى لها نفس الموقف الرافض.
وكما يلاقي هذا التوجه تأييدا واسع النطاق على مختلف عواصم العالم، إلا أنه يلاقي أيضا معارضة رسمية وشعبية في دول أخرى، فبحسب “المؤسسة الدولية للمثليين والمثليات والمزدوجين والمتحولين جنسيا والإنترسكس” والتي تتخذ من جنيف بسويسرا مقراً لها، فإن 69 دولة تفرض قيوداً على المثليين من أصل 193 دولة تعترف بها الأمم المتحدة.
حاكم فلوريدا «رون ديسانتيس» صادق بنفسه على قرار أقره البرلمان أٌطلق عليه عنوان
«لا تقل مثلي الجنس»!
وما العجب في ذلك إذا كان حاكم ولاية فلوريدا الجمهوري رون ديسانتيس قد صادق بنفسه على قرار كان قد أقره البرلمان هناك في مارس الماضي أطلق عليه عنوان “لا تقل مثلي الجنس” يقضي بحظر تدريس أي مواد تتعلق بالمثلية الجنسية بدءاً من الحضانة حتى نهاية الصف الثالث الابتدائي، وسيكون الآباء قادرين على مقاضاة المقاطعات حال وقوع أي انتهاكات، وقد وصف الرئيس الأميركي جو بايدن ذلك القرار بأنه “بغيض”.
ومع تنامي هذا الدعم غير المسبوق لحقوق المثليين، بدأت تحركات رسمية وشعبية في العديد من الدول المناهضة لهذا التوجه، ولا سيما في العالم العربي في التعبير رسمياً عن رفضها لتلك التوجهات لأسباب دينية واجتماعية، فخلال الأشهر القليلة الماضية أعلنت السعودية رفضها محاولات بعض الدول اتباع نهج غير ديموقراطي عبر فرض القيم والمفاهيم المختلف عليها دوليا، مثل المثلية الجنسية، على غيرها.
وجاء ذلك في كلمة للمندوب الدائم لدى الأمم المتحدة السفير السعودي عبدالله بن يحيى المعلمي أمام الجمعية العامة في اجتماعها المنعقد حول مشروع قرار بعنوان “تعزيز دور الأمم المتحدة في تشجيع إرساء الديموقراطية وإجراء انتخابات دورية ونزيهة”.
وأكد أن “هذا الأمر يتنافى مع أبسط معايير القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”.
الكويت عبّرت عن
رفضها لتوجهات قبول المثلية الجنسية عبر عدة خطوات اتخذتها!
الكويت: شارك في الرقابة
وفي الكويت عبرت الدولة في نهاية شهر يونيو الماضي عن رفضها لتلك التوجهات عبر عدة خطوات اتخذتها مؤخراً من بينها استدعاء القائم بأعمال السفارة الأميركية بالكويت احتجاجاً على تغريدة نشرتها السفارة تدعم حقوق مجتمع الميم وطالبوهم بعدم تكرار ذلك.
وكانت السفارة الأميركية في الكويت قد نشرت في يونيو الماضي تغريدة باللغتين العربية والإنجليزية تتضمن مقتطفاً من تصريح أدلى به الرئيس الأميركي جو بايدن قال فيها إن كل البشر “يجب أن يكون بوسعهم العيش دون خوف بغض النظر عمن هم أو من يحبون” وأرفقت التغريدة بصورة لعلم قوس قزح.
وعلى نفس الصعيد، نشرت وزارة التجارة والصناعة في الكويت منشوراً بعنوان “شارك في الرقابة” يحض على الإبلاغ عن أي علم أو شعارات اعتبرتها تخالف “الآداب العامة”، وهي الخاصة بألوان علم المثليين، ولفتت إلى ان العلم المخالف يضم 6 ألوان فقط، فيما فرقت الوزارة بينه وبين ألوان الطيف العادية التي تضم 7 ألوان.
حملات شعبية تتعرض للهجوم أيضاً
وعلى الصعيد الشعبي، أطلق مجموعة من الشباب المصري حملة غير ربحية لمواجهة حملات دعم حقوق المثليين أسمتها “فطرة” تدعو فيها إلى الالتزام بالفطرة التي خلقنا عليها كذكر وأنثى واتخذت الحملة اللونين الأزرق والوردي لونين رئيسيين لعلمهم الذي يقف وجهاً لوجه لعلم المثليين.
ويقول أحد منظمي الحملة إنهم يتعرضون للمضايقات بسبب نجاح فكرتهم التي جابت كل الدول العربية وانتشرت بشكل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى إغلاق صفحتهم على موقع الفيسبوك على اعتبار انهم يحضون على العنف.
برلمانات عالمية تتصدى لفرض المثلية على مجتمعاتهم
أما على الصعيد العالمي، فقد تصدت خمسة برلمانات عالمية لمجموعة من القوانين التي تدعم المثلية الجنسية في دولها بأشكال مختلفة، ومازال البعض يحارب الفئة الداعمة لشرعنة مثل تلك العلاقات التي تحرمها الأديان كافة، وفي مقدمة تلك الدول المجر والتشيك وإيطاليا وروسيا.
وكان الرئيس التشيكي ميلوش زيمان آخر المعارضين لتشريع المثلية وزواج الأشخاص من نفس الجنس في بلاده، حيث أعلن صراحة عن موقفه المعارض لتسجيل زواج المثليين في الجمهورية، مشيرا إلى أنه “لن يوقع القانون في حال إقراره من قبل البرلمان في بلاده”.
وقال إن “الأسرة هي اتحاد بين رجل وامرأة، وإنه لن يوقع على مشروع قانون زواج المثليين المقدم إلى البرلمان من قبل 4 من الأحزاب السياسية الخمسة، في الائتلاف الحكومي الحالي في بلاده”.
وفي روسيا، كان موقف رئيسها فلاديمير بوتين مماثلا، حيث أعلن رفضه بشكل واضح للعلاقات المثلية، وقال في تصريحات أطلقها العام الماضي ووصفت بالنارية إن تعليم الأطفال أن الصبي يمكن أن يصبح فتاة والعكس صحيح (فكرة بشعة) وتقترب من كونها (جريمة ضد الإنسانية).
وفي يونيو 2021 شنت بعض الدول الأوروبية حملة انتقادات ضد المجر بعد إقرارها قانوناً يقيد حصول الشباب والأطفال على معلومات متعلقة بقضايا المثليين والمتحولين جنسيا، بعد أن قام رئيس البلاد بالتوقيع عليه.
واعتبرت بعض دول الاتحاد الأوروبي القانون ينطوي على تمييز بحق مثليي الجنس، وينص القانون الذي وافق عليه البرلمان المجري، على عدم إتاحة الكتب أو الأفلام والمصادر الأخرى التي تجسد أي عادات جنسية تنحرف عن المغايرة الجنسية، للشباب أو الأطفال.
كما يحظر أي نوع من الإعلانات التي يظهر بها أشخاص من المثليين جنسياً أو المتحولين جنسيا، كجزء طبيعي من المجتمع، ويرى منتقدو القانون الجديد أنه محاولة لإدخال رقابة معادية للمثليين في المجر العضو في الاتحاد الأوروبي، على غرار ما يحدث في روسيا وما تحاول إيطاليا عمله حين أحبط البرلمان الإيطالي في أكتوبر الماضي قانونا كان من شأنه أن يجرم العنف وخطاب الكراهية الذي يستهدف الميول الجنسية أو الهوية الجنسية للشخص. وذكرت وكالة “بلومبيرغ” للأنباء أن مجلس الشيوخ الإيطالي وافق على اقتراح بوقف النقاش حول مشروع القانون.
وتبقى معركة الوعي مشتعلة بين مؤيدي حقوق المثليين الجنسية ومن يرفضونها قائمة إلى أجل غير مسمى، ولحين الوصول إلى نقطة التقاء بينهما لا نعرف الثمن الذي سيدفعه كل من طرفي المعركة.