عزيزتي غنيمة بقلـم: غنيمـة فهـد المـرزوق (رحمها الله)
ما ذنبي أنا؟
الى حضرة الاخت الفاضلة غنيمة فهد المرزوق المحترمة.. تحية من اخت الى اختها.. تحية اخوية أبعثها اليك عسى ان اجد عندك الراحة النفسية.. انني يا اختي الفاضلة لا اريد منك حلا.. ولكن اريد منك ان تعطي ذوي العقول المتحجرة عبرة، فإنني عبرة للأهل المتحجرين.. انني عبرة للفتيات اللواتي يقعن في نفس الخطأ.. انني ضحية المجتمع غير الواعي.. ان مشكلتي قد انتهت الى لا شيء، وها انا أروي لك مشكلتي بعد ان عشت في عذاب مرير وصراع قاس مع نفسيتي المحطمة، انني فتاة ابلغ من العمر الثامنة عشرة.. على ابواب الجامعة.. سمراء، جمالي هادئ، مثقفة ومتعلمة في الثانوية العامة.. شريفة.. لقد تلقيت التربية الصحيحة من اب حنون ومن والدة حنونة فربتني اجمل واحسن تربية، فنشأت على السمعة الطيبة وعلى المحافظة على نفسي ودروسي، والحمد لله ما رسبت في حياتي الدراسية.. تعرفت على شاب هادئ.. رزين، رجل بمعنى الكلمة، تعرفت عليه.. كمعرفة الجارة لجارها.. عرفت فيه الشهامة والنبل وجميع الصفات المحببة للفتاة في الرجل، وما زال للآن عالقا في قلبي، ظل حبنا الطفولي 7 سنوات حبا شريفا، لا نتبادل فيه غير النظرات والكلام الخفيف الطارئ، وكل منا ينظر نظرة ملؤها التفاؤل.. وهو الآن يعمل في مجال التدريس، وقد تخرج منذ سنوات قليلة وهو يكبرني بسنوات قليلة ايضاً.. ونحن مناسبان لبعض، وكان طيلة حبي له رزينا ثابتا، والله أعلم..
وبعد تخرجه، وعندما اصبحت على وشك الحصول على الثانوية العامة طلبت منه بكل وقار ان يتقدم لوالدي طالبا يدي، وان نقر علاقتنا امام المجتمع وامام الله حتى اكمل دراستي، وقصدي من هذا ان لدي اقارب، وانت يا اختي تعرفين ان ظروف البنت حرجة وخوفي من ان يخطبني غيره.. وتقبل حبيبي رأيي بكل سرور، وانني اعلم انه ينتظر مني هذه الكلمة وطار فرحا الى اهله وصدمت عندما وقفوا ضدي كلهم، الاب، والام، والاخوان، والاقارب، وقعت في حيرة ما بعدها حيرة، وعندما سمعت ورأيت هذا الاصرار، لا نريدها.. لا نريدها.. وعندما يسألهم يقولون البنت شريفة وزينة، ولكن اتضح لي ان لدي قريبة كانت تمشي في طريق الخطأ سابقا، اما الآن فهي زوجة وام يضمها بيت سعيد.. اسألك يا اختي بالله، هل هناك احد لم يخطئ في حياته.. هل من اخطأ ثم تاب لا يغفر له الناس.. ثم الأهم من ذلك ما ذنبي انا لماذا اكون انا الضحية؟.. لماذا اداس تحت اقدام قاسية؟ لماذا اقع بين انياب وايدٍ لا ترحم.. لماذا اهانوني؟.. لماذا حطموني؟.. لماذا حرموني من اعز انسان لدي؟ حاول حبيبي معهم.. خرج من البيت جاءهم باللين، جاءهم بالقسوة.. ثم عجز..ثم جاءني، ليقول لي: ماذا اعمل ان اهلي مصممون على ان يخطبوا لي واحدة اخرى، اما انا فتأثرت من هذا الرد.. سيدتي.. اين الرجولة.. اين الحب الطاهر.. اين السنون التي مضت؟ اين البيت السعيد الذي كنت انا وهو نحلم به.. اين.. اين..؟ كلها تساؤلات وحيرة وقلق! دفعته من صحتي وحالتي النفسية حتى اصبت بانهيار عصبي شديد ادى بي الى دخولي مستشفى الاعصاب لأقضي به اياما، والحمد لله شفيت، ولكن تغيرت فلم اعد الفتاة المرحة.. بل اصبحت اشبه بالآلة، أسير بدون امل ولا اعرف الى اين اتجه ولمن اسير؟ لا اعرف للآن.. اريد منك ان توضحي موقفه.. موقف الرجل الذي تخلى عن اعز مخلوقة.. انه يحبني واحلف لك بالمصحف انه يحبني.. أما انا فأصبحت محطمة.. اريد ان انسى، ولكن كيف؟ مع العلم انني اعيش في صراع دائم مع نفسي، هل انا قبيحة؟ هل سمعتي غير حسنة؟ هل انا فتاة شوارع؟ انهم يقولون له اختر اي فتاة إلا هذه الفتاة..
لقد أصبحت احلم بالانتقام، وخصوصا من والدته فإنني أكرهها بشدة وعنف، اريد ان أنتقم منهم جميعاً فهم الذين جنوا على حياتي، واكاد انهار مرة اخرى عند تذكري للموقف المؤلم.. (هؤلاء الابرياء الذين يذهبون ضحية عناد الجهلاء).
عزيزتي الفاضلة غنيمة
أرجو ان أجد لديك رأيا سليماً، لأطفئ ناري المشتعلة..
ولك مني ألف شكر
المخلصة
لطيفة – كيفان
الكويت
لو كان أهلك هم الذين عارضوا وارغموك، لالتمسوا لك العذر فأنت فتاة، والفتاة غالبا ما تكون مغلوبة على امرها.. ولكنت نصحتك بالمقاومة، والعناد، والصمود حتى تقيمي اعمدة بيتك على ما تشعرين به من صدمة العاطفة، وايمان بالاختيار المتعقل.
ولكن فتاك (والمفروض انه رجل) هو الذي تراجع، والرجل الذي يتراجع اما ان يكون ناقص الشجاعة، او ناقص الحب، وفي كلتا الحالتين لا يستحق من تبكي عليه ولو دمعة واحدة، فأي رجل هذا الذي يكون مترددا ضعيف الارادة او متبلد العاطفة.. الرجولة عاطفة عارمة لا تعرف التردد ولا تبخل بتضحية.
الاهل يغضبون ثم يرضون، يرفضون ثم يسلمون بالامر الواقع، ولكن هذا متوقف على ارادة المحب واستعداده لأن يواجه معارضة الكون كله لو استدعى الامر ذلك. وانت يا فتاتي لماذا تكونين ضعيفة الى هذا الحد؟!
لماذا المرض، والانهيار، والحقد، اذا هرب منك المتخاذل فهذا من حظك، والحياة لا تتوقف اذا فشلنا في تجربة خائبة، المهم ان تحافظي على اتزانك وشجاعتك وستشفين من هذه الصدمة وستجدين حتما الرجل، الرجل الذي يملأ دنياك حبا، مقداما
لا يعرف التردد.
عام 1968