بعد كل المعاناة.. عثرت على صوتها مرة ثانية ولم تحاول التكيف أو القبول بوضعها الصعب!
ماذا تفعل المرأة في مواجهة جحيم اسمه “زوج مريض نفسيا” يريد تحطيمها بكل السبل؟ خاصة إن كانت تتمتع بمواهب لامعة؟! بل كيف تحصل على التكريمات بعد الصدمات؟!
هذا هو مشوار حياة النجمة الأميركية الكبيرة تينا تيرنر.. وهو ليس مشوارا فنيا بل مشوار شخصي إنساني عام نسائي خاص.. من التحطيم بكل السبل والتفشيل إلى النجاح بل والتحول إلى شخصية مؤثرة في الملايين.
أكبر عدد من التكريمات.. والصدمات!
في تقرير خاص لـ”اندبندنت” عن مشوار حياة تينا تيرنر مع الصدمات التي عانت منها في حياتها يتضح أنها واحدة من الفنانين الحاصلين على أكبر عدد من التكريمات في التاريخ، حيث تمتلك “نجمة” تحمل اسمها في ممر المشاهير في هوليوود، ولها موقع في ممر مشاهير موسيقى الروك آند رول، وحاصلة على مرتبة الشرف من مركز كينيدي.. وحققت مبيعات تجاوزت 100 مليون أسطوانة وربحت 12 جائزة غرامي، وثلاث جوائز (غرامي هول أوف فايم) وجائزة غرامي عن الإنجازات مدى الحياة، حتى ان هناك مسرحية غنائية على خشبات برودواي مخصصة لها. لكن صمود مسيرة تيرنر المهنية مرتبط بحقيقة أنها “عثرت على صوتها مرة ثانية ولم تحاول التكيف” أو القبول لوضعها الصعب كما يقول التقرير..فقد تغلبت على إساءة زوجها لها وتمكنت من الانطلاق مرة ثانية في مسيرتها المهنية على الرغم من كل الصعاب والتحطيم المستمر لها من قبل زوجها!
درس في الإبداع والفرح.. رغم تجريح الزمن
في مقابلة مع مجلة People ولأول مرة، تحدثت تينا تيرنر علناً عن الإساءة المستمرة التي كانت تعاني منها لفترة طويلة خلال علاقتها مع زوجها السابق وشريكها الفني آيك تيرنر.. وقد صار هذا الحديث الصحافي بمثابة قنبلة لجرأته وصراحته بل للطاقة الإيجابية العالية النابعة منه.. وقد تحول هذا الحديث المطول إلى فيلم وثائقي عنها وعن مسيرتها ليست الفنية بقدر الشخصية الإنسانية من التحطيمات إلى التكريمات!
قصة عميقة لامرأة.. منتصرة
في هذا الفيلم تقول تيرنر: كان ذلك محطماً للأعصاب… اتصلت بطبيبتي النفسية وقلت لها ما الذي يمكن أن يحدث؟ كنت قلقةً حقاً من البوح بالقصة لأنها معبرة، بالفعل معبرة… لكن طبيبتي قالت “لا يا تينا… سيكون مفعولها معاكساً… إنها ستفضح كل المستور”.
هذا الفيلم الوثائقي بمثابة تصوير عميق لامرأة تمكنت، رغم كل الصعاب، من الانطلاق وإعادة الانطلاق بمسيرة مهنية ضخمة غير مرتبطة بجنسها أو عمرها.. تلك المسيرة تبدأ من شراكتها مع آيك ثم زواجهما حتى انفصالهما في نهاية المطاف، إلى ولادتها الفنية من جديد في مجال موسيقى البوب والروك في الثمانينيات.
لذلك.. فإن قصة تينا تيرنر قصة ملهمة عن الصمود والاعتماد على الذات والتحرر النفسي وتعلم كيفية الحب الصحيح الناضج وليس المنتهك لآدمية المرأة، فقصة تيرنر المثيرة أكثر من غيرها تبدأ عندما التقت تيرنر بآيك عندما ذهبت لمشاهدة عروض فرقته (كينغز أوف ريذم) في إيست سانت لويس. ثم نجحت في ان تجعله يستمع إلى غنائها، واقتنع بموهبتها وشكّلا معاً ثنائياً ناجحاً جداً في المجال الموسيقي واشتهر باسم (آيك أند تينا تيرنر ريفيو)، حيث أنتجا أغنيات صارت عنواناً لتلك الحقبة الزمنية الموسيقية، بل إن آيك أطلق على تيرنر اسمها الفني.
كان الأمر بالنسبة لتيرنر مع زوجها برنامج تعذيب لها على كل المستويات.. صادماً ومعقداً وغير مفهوم!
الحصار من رجل عنيف غريب الأطوار!
لكن قصة حب وتعاون آيك وتيرنر لم تدم سعيدة بل انقلبت إلى جحيم بالنسبة إلى تيرنر، فقد صارت تيرنر محاصرة لسنوات ضمن دائرة مرعبة من الإساءة الجسدية والعاطفية منه! كان يضربها بعنف ويسيء معاملتها، وكان ينقلب فجأة وبدون مقدمات! كان الأمر لتيرنر صادماً ومعقداً وغير مفهوم، فقد كان الأمر برنامج تعذيب لها على كل المستويات.. كان يضربها بالحذاء، فقد كان يخشى أن تستقل عنه فنياً وتتابع مسيرتها الفنية بمفردها بعد أن صنع منها نجمة!
لقد عاشت تينا تيرنر مع زوجها ومدير أعمالها وصانع نجوميتها مزيجاً فوضوياً من الصدمة والحب والإساءة.
ما ضاعف المشكلة أيضاً لدى تيرنر أنها لم تكن تريد إخفاء حقيقة حبها لآيك.. بالفعل لقد تعلمت تيـنا كثيراً منه. لقد أرادت تيـنا حقاً حياة صحية لآيك، لكنه اتخذ بعض القرارات السيئة اللعينة!
رحلة التحرر من الصدمات
بدأت تطلب الانفصال الزواجي عنه لكنه كان يماطل ويساوم كثيراً.. إلى أن حصلت أخيراً على الطلاق عام 1978.. لكن أصبحت في حالة شلل على الصعيد المهني، فبعد الطلاق صارت تكافح للفت انتباه قطاع الموسيقى إليها مطربة بمعزل عن مدير أعمالها وشريكها الفني وطليقها آيك، بل إنها اضطرت إلى تقديم عروض لا ترقى أبداً إلى موهبتها الفنية الكبيرة لدرجة أنها شاركت في فقرات عادية جداً ضمن برامج تلفزيونية! فقط كي تبدأ من جديد بمفردها.. لكنها واصلت بمفردها كثيرا، وقامت بجهد غير عادي والخوض في الصعوبات التي واجهتها.. إلى أن نجحت في النهاية بأغنيات نجحت نجاحاً كبيراً.
ربطت لونها الفني الجديد بالحزن أو الأسى مخلوطاً بالتحدي والقوة!
أهداف جديدة.. لتيرنر الجديدة
بعد تحررها من آيك زواجيا وعاطفيا وفنياً، وضعت تيرنر أهدافاً لنفسها وهي ألا تكون كما كانت من قبل معتمدة على أي شخص آخر إلا نفسها.. ووضعت أهدافاً فنية أيضاً.. فاستطاعت أن تكون ملهمة جديدة لنوع جديد من الفن الغنائي لكن الأمر لم يكن سهلاً أبداً بالنسبة لـتيرنر التي كانت حينها على مشارف الأربعين من عمرها.. لكنها استطاعت مع الإصرار الوصول إلى اللون الفني الذي تريده لنفسها وقد عكس ما في نفسها من تحد وحزن حيث ربطت (موسيقى الريذم آند بلوز) بالحزن أو الأسى مخلوطاً بالتحدي والقوة!
بل إنها صارت تصرح وتقول: أريد القيام بالأمور التي يفعلها الرجال.. أدرك ذلك النوع من التقدير والتحرر الذي يتمتع به الرجال.. أريد الحصول على ذلك أيضاً
نعم.. فالأمر يتعلق الأمر بالحب، وحب الذات، وحب الآخر وكل تلك الأشياء التي تتضح بقوة في قصة تحدي وصدمات وتكريمات تينا تيرنر.