تحقيقات
أخر الأخبار

قصص‭ ‬متعافين‭ ‬من‭ ‬الإدمان جـابـر‭ ‬يساعد‭ ‬مدمني‭ ‬المخدرات‭ ‬على‭ ‬التعافي‭ ‬بعد‭ ‬خروجه‭ ‬من‭ ‬فخ‭ ‬الإدمان

لا‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬المخدرات‭ ‬تجربة،‭ ‬فالتجربة‭ ‬طريق‭ ‬التهلكة،‭ ‬والدخول‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬المظلم‭ ‬للمخدرات‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬صاحبه‭ ‬الخروج‭ ‬منه‭.. ‬وفي‭ ‬جمعية‭ ‬بشائر‭ ‬الخير‭ ‬التي‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬مقولة‭ “‬بالإيمان‭ ‬نقضي‭ ‬على‭ ‬الإدمان‭” ‬شعارًا‭ ‬لها،‭ ‬وتمد‭ ‬يدها‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬الإدمان‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الجنسية‭ ‬أو‭ ‬العمر‭ ‬أو‭ ‬النوع‭ ‬لتنقية‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬آفة‭ ‬المخدرات،‭ ‬كان‭ ‬لنا‭ ‬لقاءات‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المدمنين‭ ‬المتعافين‭ ‬التائبين،‭ ‬ممن‭ ‬تجرعوا‭ ‬سم‭ ‬المخدرات‭ ‬ونجحوا‭ ‬في‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬دائرتها‭ ‬المظلمة‭. ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحلقة‭ ‬يروي‭ ‬لنا‭ ‬مرشدًا‭ ‬نفسيًا‭ ‬مرّ‭ ‬بتجربة‭ ‬الإدمان‭ ‬المريرة‭ ‬قصته‭ ‬مع‭ ‬عالم‭ ‬المخدرات،‭ ‬وكيف‭ ‬يمد‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬للمدمنين‭ ‬لتغيير‭ ‬حياتهم‭.‬

جابر‭:‬‮ ‬قلة‭ ‬الوازع‭ ‬الديني‭ ‬ورفقاء‭ ‬السوء‭ ‬وحب‭ ‬التجربة‭ ‬أسباب‭ ‬اتجاهي‭ ‬للمخدرات

يعمل‭ ‬جابر‭ (‬اسم‭ ‬مستعار‭) ‬الذي‭ ‬يبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬ثمانية‭ ‬وثلاثين‭ ‬عامًا،‭ ‬الآن‭ ‬اختصاصيًا‭ ‬ومعالجًا‭ ‬نفسيًا‭ ‬يساعد‭ ‬المدمنين‭ ‬على‭ ‬التعافي،‭ ‬مسترشدًا‭ ‬بتجربته‭ ‬التي‭ ‬تعود‭ ‬لسنوات‭ ‬المراهقة‭ ‬في‭ ‬الثانوية‭. ‬ورغم‭ ‬مرور‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬عامًا‭ ‬على‭ ‬دخول‭ ‬جابر‭ ‬لعالم‭ ‬المخدرات‭ ‬المظلم‭ ‬فإنه‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يذكر‭ ‬بداية‭ ‬هذا‭ ‬الدرب‭ ‬الخطر‭: “‬كانت‭ ‬المدرسة‭ ‬هي‭ ‬محطة‭ ‬البداية،‭ ‬اتجهت‭ ‬للمخدرات‭ ‬نتيجة‭ ‬لقلة‭ ‬الوازع‭ ‬الديني‭ ‬ورفقاء‭ ‬السوء‭ ‬وحب‭ ‬التجربة‭ ‬فهي‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬قذفت‭ ‬بي‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭.. ‬أحد‭ ‬الرفقاء‭ ‬كان‭ ‬يضع‭ ‬لنا‭ ‬المخدر‭ ‬في‭ ‬السجائر،‭ ‬وجرّت‭ ‬التجربة‭ ‬الأولى‭ ‬وراءها‭ ‬مرات‭ ‬كثيرة‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬المخدر‭ ‬هو‭ ‬متعتي‭ ‬أنا‭ ‬ورفاقي‭ ‬وسرّنا‭ ‬الذي‭ ‬يسبب‭ ‬لنا‭ ‬إثارة‭ ‬خاصة‭”.‬
يشير‭ ‬جابر‭ ‬لكونه‭ ‬ضحية‭ ‬للعنف‭ ‬الأسري‭ ‬وهي‭ ‬أحد‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬جعلته‭ ‬يتجه‭ ‬نحو‭ ‬المخدرات‭ “‬تعرضت‭ ‬للضرب‭ ‬والتعنيف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬والدي‭ ‬أثناء‭ ‬سني‭ ‬الصغيرة،‭ ‬ونتيجة‭ ‬للتعنيف‭ ‬المستمر‭ ‬تمسح‭ ‬الشخصية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬مررت‭ ‬به،‭ ‬ما‭ ‬جعلني‭ ‬آنجرف‭ ‬مع‭ ‬أصدقاء‭ ‬السوء‭ ‬الذين‭ ‬يشعرونني‭ ‬بالتقدير‭. ‬وكان‭ ‬إدماني‭ ‬عقاباً‭ ‬لنفسي‭ ‬ولأهلي‭ ‬نتيجة‭ ‬للمعاملة‭ ‬التي‭ ‬لاقيتها‭ ‬منهم،‭ ‬لذا‭ ‬أعتقد‭ ‬يقينًا‭ ‬أن‭ ‬المسؤول‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬إدمان‭ ‬المخدرات‭ ‬الأسرة‭! ‬ثم‭ ‬تأتي‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬العوامل‭”.‬
تطور‭ ‬إدمان‭ ‬المخدرات‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬البسيطة‭ ‬إلى‭ ‬الأكثر‭ ‬ضررًا،‭ ‬ويقول‭ ‬جابر‭: ‬
‏‭”‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬أكبر‭ ‬منا‭ ‬وصرنا‭ ‬نتعاطى‭ ‬أنواعًا‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬المخدر‭ ‬بسبب‭ ‬المرَوّج‭ ‬الذي‭ ‬يسيطر‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقدمه‭ ‬لنا،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬أخذتها‭ ‬كانت‭ ‬مواد‭ ‬مخدرة‭ ‬شديدة‭ ‬الأعراض‭ ‬والأضرار‭”.‬
ويسترجع‭ ‬اللحظة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تعاطى‭ ‬فيها‭ ‬المخدر‭ ‬وعنها‭ ‬قائلًا‭: “‬أدخلني‭ ‬المخدر‭ ‬في‭ ‬شعور‭ ‬غريب‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬النشوة‭ ‬وأحاسيس‭ ‬مختلطة،‭ ‬واللحظة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يتعاطى‭ ‬فيها‭ ‬المدمن‭ ‬المخدر‭ ‬لا‭ ‬تتكرر‭ ‬أبدًا‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.. ‬الكل‭ ‬يستمر‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬لتكرار‭ ‬شعور‭ ‬اللحظة‭ ‬الأولى‭ ‬وهو‭ ‬الوهم‭ ‬الذي‭ ‬يطارده‭ ‬كل‭ ‬مدمن‭ ‬ولن‭ ‬يصل‭ ‬إليه‭ ‬أبدًا‭. ‬فالجسم‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬عند‭ ‬دخول‭ ‬المخدر‭ ‬كان‭ ‬نقيًا‭ ‬نظيفًا،‭ ‬ولا‭ ‬يعود‭ ‬كذلك‭ ‬أبدًا‭ ‬بعد‭ ‬التجربة‭ ‬الأولى‭ ‬للمخدر‭. ‬في‭ ‬رأيي‭ ‬المخدرات‭ ‬من‭ ‬أقوى‭ ‬الفتن‭ ‬في‭ ‬الأرض،‭ ‬ومدمن‭ ‬المخدرات‭ ‬مسكين‭ ‬ففتنته‭ ‬قوية‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬المساعدة‭ ‬ممن‭ ‬حوله،‭ ‬وينصح‭ ‬بعدم‭ ‬التجربة‭ ‬نهائيًا‭ ‬للمخدرات،‭ ‬ففي‭ ‬قانون‭ ‬المخدرات‭ ‬جرعة‭ ‬واحدة‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭”.‬

كان‭ ‬الإنكار‭ ‬ملازمًا‭ ‬لجابر‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬ير‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬مدمنًا،‭ ‬ورفض‭ ‬باستمرار‭ ‬دعوات‭ ‬أهله‭ ‬إلى‭ ‬تلقي‭ ‬العلاج‭ ‬والتعافي،‭ ‬هذه‭ ‬المعاناة‭ ‬التي‭ ‬تأخذ‭ ‬3‭ ‬أو‭ ‬4‭ ‬سنوات‭ ‬لمن‭ ‬يستفيق‭ ‬سريعًا‭ ‬وفقًا‭ ‬لخبرته‭ ‬الشخصية‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬المدمنين‭.‬
تجربة‭ ‬الدخول‭ ‬إلى‭ ‬المصحة‭ ‬جعلت‭ ‬جابر‭ ‬يتعرف‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬إدمانه،‭ ‬ويقول‭: “‬مع‭ ‬دخولي‭ ‬إلى‭ ‬المصحة‭ ‬لتلقي‭ ‬العلاج‭ ‬من‭ ‬الإدمان‭ ‬ظننت‭ ‬نفسي‭ ‬سأقابل‭ ‬أشخاصًا‭ ‬بملامح‭ ‬الوحوش،‭ ‬ولكنني‭ ‬فوجئت‭ ‬بأن‭ ‬المرضى‭ ‬معي‭ ‬كانوا‭ ‬مثلي‭ ‬شبابا‭ ‬صغيرا‭ ‬ويشبهونني‭ ‬كثيرًا‭! ‬وهنا‭ ‬تقبلت‭ ‬فكرة‭ ‬كوني‭ ‬مدمنًا‭ ‬واكتشفت‭ ‬حقيقة‭ ‬وضعي‭”.‬

زملائي‭ ‬في‭ ‬جناح‭ ‬المصحة‭ ‬التي‭ ‬كنت‭ ‬أتعالج‭ ‬بها‭ ‬ماتوا‭ ‬جميعًا

ويصف‭ ‬المتعاطي‭ ‬بـ‭ “‬الأعمى‭”‬،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬المدمن‭ ‬غير‭ ‬المخدر‭ ‬وينكر‭ ‬باستمرار‭ ‬حالته،‭ ‬ويبدأ‭ ‬التعافي‭ ‬والتوبة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقبل‭ ‬الشخص‭ ‬لحقيقة‭ ‬وضعه‭ “‬حين‭ ‬دخلت‭ ‬إلى‭ ‬المصحة‭ ‬لم‭ ‬أتخيل‭ ‬أبدًا‭ ‬أن‭ ‬بإمكاني‭ ‬التعافي‭ ‬من‭ ‬المخدرات،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬كنت‭ ‬أدعو‭ ‬الله‭ ‬باستمرار‭ ‬أن‭ ‬يساعدني‭ ‬على‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬فخ‭ ‬الإدمان،‭ ‬واستجاب‭ ‬الله‭ ‬لي‭ ‬لنيتي‭ ‬الصادقة‭! ‬وأرسل‭ ‬لي‭ ‬المسببات‭ ‬التي‭ ‬ساعدتني‭ ‬على‭ ‬التعافي‭. ‬لهذا‭ ‬أكرر‭ ‬دائمًا‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬أتعامل‭ ‬معهم‭ ‬قول‭ ‬لا‭ ‬تشعروا‭ ‬باليأس‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬التعافي‭ ‬والتوبة‭. ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تجربة‭ ‬التعافي‭ ‬سهلة‭ ‬مطلقًا،‭ ‬فزملائي‭ ‬في‭ ‬جناح‭ ‬المصحة‭ ‬التي‭ ‬كنت‭ ‬أتعالج‭ ‬بها‭ ‬ماتوا‭ ‬جميعًا،‭ ‬وكنت‭ ‬الناجي‭ ‬الوحيد‭ ‬منهم‭ ‬ربما‭ ‬أراد‭ ‬الله‭ ‬مني‭ ‬توصيل‭ ‬رسالة‭ ‬لغيري‭”.‬

أخي‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬حين‭ ‬أودعني‭ ‬في‭ ‬المصحة‭.. ‬لا‭ ‬ترجع‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬فلتذهب‭ ‬لتمت‭ ‬أو‭ ‬لتسجن‭ ‬نفسك

يستذكر‭ ‬جابر‭ ‬موقفًا‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬كرهه‭ ‬لنفسه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ “‬كان‭ ‬لدي‭ ‬أخ‭ ‬كبير‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أخذ‭ ‬بي‭ ‬إلى‭ ‬المصحة‭ ‬للعلاج،‭ ‬وقال‭ ‬لي‭ ‬وقتها‭ ‬وهو‭ ‬يصرخ‭ ‬في‭ ‬وجهي‭ (‬لا‭ ‬ترجع‭ ‬البيت‭ ‬لا‭ ‬نريدك‭ ‬أو‭ ‬نتمنى‭ ‬رؤيتك،‭ ‬فلتذهب‭ ‬لتمت‭ ‬أو‭ ‬لتسجن‭ ‬مع‭ ‬نفسك‭) ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬أثر‭ ‬فيّ‭ ‬وقتها‭”.‬
هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬جعلت‭ ‬جابر‭ ‬يشعر‭ ‬بالألم‭ ‬ونبذ‭ ‬المجتمع‭ ‬له،‭ ‬لكن‭ ‬احدى‭ ‬المحاضرات‭ ‬أعادت‭ ‬الأمل‭ ‬بداخله‭ ‬في‭ ‬إمكانية‭ ‬التعافي‭: “‬أثناء‭ ‬وجودي‭ ‬في‭ ‬المصحة،‭ ‬أخبرنا‭ ‬المسؤولون‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬محاضرة‭ ‬وبعض‭ ‬المشايخ‭ ‬الذين‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬رؤيتنا،‭ ‬تعجبت‭ ‬من‭ ‬الذي‭ ‬يريد‭ ‬رؤيتنا‭ ‬والتحدث‭ ‬إلينا؟‭ ‬فبالنسبة‭ ‬لي‭ ‬وبعد‭ ‬كلمات‭ ‬أخي‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬شعرت‭ ‬بأن‭ ‬المجتمع‭ ‬ينفر‭ ‬منا‭.. ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬بداية‭ ‬التعارف‭ ‬على‭ ‬جمعية‭ ‬بشائر‭ ‬الخير،‭ ‬وحين‭ ‬دخل‭ ‬الشيخ‭ ‬عبد‭ ‬الحميد‭ ‬البلالي‭ ‬احتضنني‭ ‬وقال‭ ‬لي‭ ‬إنه‭ ‬يحبني،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعلني‭ ‬أنهار‭ ‬عاطفيًا،‭ ‬وما‭ ‬أثر‭ ‬فيّ‭ ‬قصة‭ ‬أحد‭ ‬التائبين‭ ‬ممن‭ ‬تعاطوا‭ ‬الهيروين،‭ ‬مثلي،‭ ‬وتمكن‭ ‬من‭ ‬التوبة‭ ‬والتعافي‭ ‬فمنحني‭ ‬أملا‭ ‬بإمكانية‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬المظلم‭ ‬للمخدرات‭ ‬وظهرت‭ ‬طاقة‭ ‬نور‭ ‬تهلل‭ ‬أمامي،‭ ‬فعقدت‭ ‬النية‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬طريق‭ ‬النجاة‭ ‬والتحقت‭ ‬بجمعية‭ ‬بشائر‭ ‬الخير‭ ‬فيما‭ ‬بعد،‭ ‬ومعهم‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬الحج‭ ‬والعمرة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الرحلات‭”.‬

تأثيري‭ ‬على‭ ‬المدمنين‭ ‬
قوي‭ ‬لأنني‭ ‬أحادثهم‭ ‬باستمرار‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬المجرب

بعد‭ ‬التعافي‭ ‬درس‭ ‬جابر‭ ‬الإرشاد‭ ‬النفسي‭ ‬وتخصص‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬النفس،‭ ‬طامحًا‭ ‬إلى‭ ‬مساعدة‭ ‬من‭ ‬يمرون‭ ‬بمحنة‭ ‬الإدمان‭ “‬عملي‭ ‬أصبح‭ ‬مساعدة‭ ‬المدمنين‭ ‬على‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬فخ‭ ‬المخدرات‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان،‭ ‬فأنا‭ ‬أستمد‭ ‬القوة‭ ‬منهم،‭ ‬وتأثيري‭ ‬على‭ ‬المدمنين‭ ‬قوي‭ ‬لأنني‭ ‬أحادثهم‭ ‬باستمرار‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬المجرب‭ ‬مما‭ ‬يعطيهم‭ ‬أملًا‭. ‬وقمة‭ ‬السعادة‭ ‬تكون‭ ‬عند‭ ‬مساعدتي‭ ‬أحد‭ ‬المدمنين‭ ‬على‭ ‬التعافي‭ ‬ليستكمل‭ ‬حياته‭ ‬بسلام،‭ ‬ويبني‭ ‬مستقبلًا‭ ‬له‭”.‬

يؤكد‭ ‬جابر‭ ‬أن‭ ‬الصحبة‭ ‬الصالحة‭ ‬ضرورية‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬التعافي‭ ‬من‭ ‬الإدمان‭ “‬الصحبة‭ ‬الصالحة‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬ثبتتني‭ ‬على‭ ‬ذلك‭. ‬وهناك‭ ‬ثلاثة‭ ‬عوامل‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬مثلث‭ ‬برمودا‭ ‬تهلك‭ ‬الإنسان‭ ‬المدمن‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬للتعافي‭ ‬أضلاع‭ ‬المثلث‭ ‬هي‭ ‬الأماكن‭ ‬السابقة‭ ‬للتعاطي،‭ ‬والأشخاص‭ ‬ممن‭ ‬كان‭ ‬يُتعاطى‭ ‬معهم،‭ ‬والأدوات‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬المدمن‭ ‬يتعاطى‭ ‬بها‭.. ‬ويجب‭ ‬تجنب‭ ‬الأركان‭ ‬الثلاثة‭ ‬لإكمال‭ ‬مرحلة‭ ‬التعافي‭”.‬

بنبرة‭ ‬حاسمة‭ ‬يبين‭ ‬أن‭ ‬المدمن‭ ‬يكون‭ ‬غافلًا‭ ‬أثناء‭ ‬فترة‭ ‬إدمانه‭ ‬عمّا‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬طيبات‭ ‬يمكن‭ ‬الاستمتاع‭ ‬بها‭ “‬الحياة‭ ‬جميلة‭ ‬والمدمن‭ ‬يكون‭ ‬غافلًا‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬ركضه‭ ‬وراء‭ ‬المخدر،‭ ‬حين‭ ‬تعافيت‭ ‬أصبحت‭ ‬أكثر‭ ‬اهتمامًا‭ ‬بتعلم‭ ‬المهارات‭ ‬والرياضات،‭ ‬وصرت‭ ‬أكثر‭ ‬قربًا‭ ‬من‭ ‬أهلي،‭ ‬لدي‭ ‬أخ‭ ‬معاق‭ ‬أصحبه‭ ‬باستمرار‭ ‬في‭ ‬جولات‭ ‬المشي‭ ‬وأعده‭ ‬صديقي‭ ‬الأقرب‭.‬
وللمدمن‭ ‬دائمًا‭ ‬أقول‭ ‬فلتر‭ ‬الحياة‭ ‬الحقيقية‭ ‬أولًا‭ ‬ثم‭ ‬احكم،‭ ‬كما‭ ‬كنت‭ ‬أكبر‭ ‬كاذب‭ ‬قبل‭ ‬التعافي‭ ‬من‭ ‬المخدرات،‭ ‬وهي‭ ‬الصفة‭ ‬التي‭ ‬تغيرت‭ ‬بشدة‭ ‬بعد‭ ‬التوبة‭ ‬والتعافي‭”.‬
لكنه‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬ينظرون‭ ‬للمدمن‭ ‬المتعافي‭ ‬نظرة‭ ‬سلبية،‭ ‬قائلًا‭: “‬شخصيًا‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬فإن‭ ‬أخي‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬قريبة‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬أحادثه‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬المشكلات‭ ‬رد‭ ‬علي‭ ‬قائلًا‭ ‬أنت‭ ‬صاحب‭ ‬سوابق‭ ‬المخدرات‭ ‬ستعلمني‭! ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬يتكرر‭ ‬مع‭ ‬غيري‭ ‬من‭ ‬المتعافين،‭ ‬ولهذا‭ ‬أطلب‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬مساندة‭ ‬المتعافين‭”.‬

ينصح‭ ‬جابر‭ ‬المدمن‭ ‬بألا‭ ‬يفقد‭ ‬الأمل‭ ‬ويضع‭ ‬ثقته‭ ‬في‭ ‬الله،‭ ‬ويقول‭: “‬أهم‭ ‬نصيحة‭ ‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تعترف‭ ‬بكونك‭ ‬مدمنًا،‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬بداية‭ ‬طريق‭ ‬التعافي‭. ‬ومنها‭ ‬طلب‭ ‬المساعدة،‭ ‬خاصة‭ ‬بمرحلة‭ ‬الأعراض‭ ‬الانسحابية،‭ ‬والآن‭ ‬تطورت‭ ‬الاستجابة‭ ‬لهذه‭ ‬الأعراض‭.. ‬وعليك‭ ‬أن‭ ‬تبادر‭ ‬مبكرًا‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭. ‬ووقف‭ ‬الخسائر‭ ‬بوقف‭ ‬التعاطي‭. ‬وحب‭ ‬نفسك‭ ‬ولا‭ ‬تكرهها،‭ ‬ففي‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬يؤذي‭ ‬المدمن‭ ‬نفسه‭ ‬لأنه‭ ‬يكرهها‭”.‬
ويوجه‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬لديهم‭ ‬صبر،‭ ‬ويثقفوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬عن‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬أبنائهم‭ “‬لا‭ ‬تفقدوا‭ ‬الأمل‭ ‬وتقبلوا‭ ‬إمكانية‭ ‬حدوث‭ ‬انتكاسة‭ ‬في‭ ‬الوضع‭.. ‬وأرجو‭ ‬أن‭ ‬تتجنبوا‭ ‬سلوكًا‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬يجرح‭ ‬المدمن‭ ‬الذي‭ ‬يحاول‭ ‬التعافي‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬يفكر‭ ‬الأهل‭ ‬في‭ ‬الابن‭ ‬المصاب،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬الإخوة‭ ‬أو‭ ‬السمعة‭ ‬أو‭ ‬الفضيحة‭ ‬وغيرها،‭ ‬فهذه‭ ‬توصل‭ ‬رسائل‭ ‬عكسية‭ ‬سيئة‭ ‬للمدمن،‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬مساعدته‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭”.‬

هناك‭ ‬مبدأ‭ ‬مهم‭ ‬للغاية‭ ‬في‭ ‬التعافي‭ ‬وهو‭ ‬‮«‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬بل‭ ‬نحن‭ ‬نستطيع‮»‬

وختامًا‭ ‬يقول‭: ‬
‏‭”‬هناك‭ ‬مبدأ‭ ‬مهم‭ ‬للغاية‭ ‬في‭ ‬التعافي‭ ‬وهو‭ (‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أستطيع،‭ ‬بل‭ ‬نحن‭ ‬نستطيع‭) ‬فيجب‭ ‬أن‭ ‬تتوافر‭ ‬الصحبة‭ ‬الصالحة‭ ‬المساندة‭ ‬للتعافي‭”.‬

‮«‬أسرتي‮»‬‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان
داليا‭ ‬شافعي

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق