ما لا نعرفه عن الملكة الأم مارغريت الثانية!! ملكة متعددة المواهب.. فنانة تشكيلية ومصممة أزياء ورياضية
دخلت الدنمارك في مرحلة جديدة من تاريخها المعاصر مع حلول العام الجديد، وذلك بعد أن تنازلت الملكة ذات الشعبية الجارفة مارغريت الثانية (83 سنة) طواعية عن العرش في الرابع عشر من الشهر الماضي لصالح ابنها الأكبر فريدريك العاشر (55 سنة)، وهو التاريخ ذاته الذي اعتلت فيه الملكة العرش قبل 52 عامًا، حيث وقعت مرسومًا تاريخيًا بالتنازل عن العرش، وتولى الملك الجديد السلطة فورا، لتكون بذلك أول ملكة دنماركية تتخلى عن العرش منذ نحو 900 عام، فقد سبقها في ذلك الملك إريك الثالث لام عام 1146 كي يدخل الدير.
أول ملكة دنماركية تتخلى عن العرش منذ نحو 900 عام
هل تخلت الملكة عن العرش لحماية زواج ابنها فريدريك من الانهيار؟
هذا السؤال كان مثار حديث وسائل الإعلام الغربية التي فاجئها خبر التنحي، خصوصًا أنها نفت بشكل متكرر إمكانية تنازلها عن العرش إلا عند مماتها. هذا النفي المتكرر الذي أعقبه قرار التنحي فتح باب التكهنات واسعًا أمام الصحافة الغربية التي أرجعته إلى مخاوف الملكة من انفصال وشيك قد يقع بين ولي العهد آنذاك فريدريك العاشر، وزوجته الأسترالية الأصل الأميرة ماري؛ بسبب شائعات الخيانة التي لاحقت الأمير منذ أشهر، وبالأخص بعدما التقطت صور له مع الممثلة المكسيكية جينوفيفا كازانوفا.
وعلى الرغم من نفي كازانوفا لتلك الشائعات ورفض القصر الملكي التعليق عليها، فإن المخاوف من قرب نهاية زواجها الذي تزامن مع عودة زوجته وأبنائها الأربعة إلى أستراليا ازدادت كثيرًا مؤخرا، وهو ما يرجح سبب تخلي الملكة المفاجئ عن العرش بغية إنقاذ زواج ابنها.
وبهذا التنحي يكون الحكم الملكي في القارة العجوز قد عاد من جديد إلى الملوك الذكور فقط، حيث كانت الملكة مارغيت الثانية هي آخر ملكات أوروبا بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية قبل عامين.
أهم المحطات في حياة الملكة الأم
لنبدأ أولًا بعلاقتها بشعبها الذي يحبها بجنون، فهي الملكة الوحيدة في أوروبا التي تتجول بدراجتها الهوائية بين شوارع العاصمة كوبنهاجن، وتشتري ما يلزمها من الأسواق المختلفة دون حراسة، وتتحدث مع العامة من الشعب بمنتهى البساطة دون عوائق تفرضها عليها النظم الملكية.
هي أيضًا سيدة محبة للحياة، ويظهر لك جليًا من خلال اختيارها لألوان ملابسها الزاهية، حيث تتمتع بحس فني عال، وتصمم بعض
أزيائها بنفسها، كما أنها تمتلك من المهارات الرياضية ما يتجاوز عمرها الحقيقي.
والدها عَدَّل الدستور من أجلها
ولدت مارغريت في عام 1940، وهي الابنة الكبرى لولي عهد الدنمارك آنذاك الأمير فريدريك التاسع من زوجته الحبيبة الأميرة السويدية أنغريد، فعند ولادتها لم يكن بمقدورها أن تعتلي العرش الذي كان مقصورًا على الرجال فقط طبقًا لقوانين الخلافة هناك، وهو ما دفع والدها إلى تعديل الدستور من أجل أن تعتلي ابنته البكر العرش من بعده.
في عام 1947 بُدِئ في عملية تعديل الدستور المعقدة، ولكن شعبية الملك فريدريك التاسع وابنته ملكة المستقبل إلى جانب تنامي الحركة النسوية في الدنمارك آنذاك كانت من أهم أسباب تذليل العقبات قبل أن يعرض على اثنين من البرلمانات المتعاقبة، ومن ثم حصل على أصوات الأغلبية في استفتاء شعبي عقد في 27 مارس عام 1953، لتصبح مارغريت الثانية بموجب القانون الجديد ولية عهد الدنمارك.
ولية العهد الزوجة
في 10 يونيو 1967 احتفل الملايين في جميع أنحاء الدنمارك بزواج ولية العهد الأميرة مارغريت من الديبلوماسي الفرنسي الأصل هنري دو لابورد دو مونبيزا “Count Henri de Laborde de Monpezat ” الذي كان يشاركها حبها للفن، ولكن علاقتهما تعرضت للكثير من المشاكل بسبب رفضها منحه لقب “الملك” ووضعه في الصف الثاني من الناحية البروتوكولية مع الاكتفاء بتلقيبه بـ “صاحب السمو الملكي الأمير هنريك من الدنمارك”، وهذا الخلاف العلني دفع به إلى أن يرفض أن يدفن في مقبرة الملكة، حيث أعلن القصر الملكي الدنماركي في 2016 أن الأمير هنريك (83 سنة) الذي توفي في العام 2018 رفض أن يدفن إلى جانب الملكة في المقبرة نفسها، وقال إنه ليس مساويًا لزوجته الملكة في الدنيا، ولا يريد أن يكون كذلك عند الوفاة.
وكان التقى زوجته العام 1965 عندما كان يعمل في سفارة فرنسا في لندن.
الأميرة مارغريت الأم
في السادس والعشرين من مايو 1968 أصبحت الأمير مارغريت وولية العهد أمًا للمرة الأولى عندما أنجبت ابنها الأكبر الأمير فريدريك، ثم أمًا للمرة الثانية في 7 يونيو 1969، مع ولادة الأمير يواكيم.
مارغريت الثانية أول ملكة في تاريخ الدنمارك الحديث
بعد وفاة والدها في 14 يناير 1972، اعتلت مارغريت الثانية العرش لتصبح أول امرأة تحكم الدنمارك منذ عهد مارغريت الأولى التي حكمت الدول الاسكندنافية حتى عام 1412.
الملكة التي لا تتوقف عن العمل رغم تقدم العمر
ومن المعروف عن الملكة مارغريت أنها سيدة ذات هوايات متعددة مازالت متمسكة ببعضها رغم تقدم عمرها، فهي ليست فنانة تشكيلية فقط، بل هي رياضية نشطة، فهي تجيد التزلج وعضو في وحدة القوات الجوية الدنماركية النسائية، وانضمت إلى دورات التدريب على رياضة الجودو، كما خاضت اختبارات التحمل في الثلج.
وفي عام 2011 زارت الملكة، وكانت في الـ 70 من عمرها القوات الدنماركية في أفغانستان مرتدية زيًا عسكريًا من قطعة واحدة أذهلت بها العالم بسبب تماسكها وهي في هذا العمر المتقدم.
عملية جراحية كبرى في ظهرها
وفي فبراير من العام الماضي خضعت الملكة مارغريت الثانية لعملية جراحية كبرى في الظهر؛ بسبب معاناتها من آلام مبرحة فيه تطلبت منها فترة طويلة من النقاهة وإعادة التأهيل كي تستعيد قدرتها على الحركة من جديد، تلك العملية كانت أيضا مثارا للحديث عن مستقبل الدولة ومسألة ما إذا كان الوقت قد حان لنقل المسؤوليات إلى الجيل التالي، وبالتحديد إلى ابنها فريدريك العاشر الذي يتمتع هو وزوجته الأميرة ماري بشعبية كبيرة في الدنمارك، التي يبلغ عدد سكانها 5.9 ملايين نسمة.
الملكة الجدة تجرد أربعة من أحفادها من ألقابهم الملكية
وعلى الرغم من كون الملكة مارغريت جدة محبة لأحفادها الثمانية منهم أربعة من ابنها الأكبر وأربعة آخرون من الابن الأصغر، فإن علاقتها بأحفادها الأربعة من ابنها يواكيم تدهورت كثيرًا بعد إعلانها تجريدهم من ألقابهم الملكية في سبتمبر 2022.
وعزت الملكة ذلك إلى إعادة تشكيل النظام الملكي، وقالت في بيان لها إنه “مع مرور 50 عامًا على العرش من واجبي كملكة أن أضمن أن النظام الملكي يشكل نفسه دائمًا بما يتماشى مع العصر”.
وأوضحت أنها أجرت ذلك التعديل “للسماح لأفراد العائلة المالكة الصغار بأن يعيشوا حياة طبيعية أكثر”، هذا القرار أزعج كثيرًا ابنها الأمير يواكيم الذي قال إنه لم يُبلّغ به إلا قبل خمسة أيام من صدوره. وأعرب عن انزعاج أبنائه الذين يعيشون في باريس منه كونهم لم يستعدوا له وأن بعضهم تعرضوا للتنمر بسببه”.
وقال الأمير إن العلاقة مع أسرته حاليًا “معقدة” حيث لن يحمل أي من أبنائه ألقاب أمير أو صاحب السمو الملكي، بل سيعرفون بـ “أصحاب السعادة”.
وعلى الرغم من موقف الأمير يواكيم الغاضب، فإن والدته الملكة تمسكت برأيها، واكتفت بالاعتذار عما لحق بأحفادها من ضرر.
وقالت: “لا ينبغي أن يشك أحد في أن أبنائي وزوجاتهم وأحفادي هم أعظم سعادتي واعتزازي.. آمل الآن أن نتمكن كعائلة من إيجاد السلام لنجد طريقنا من خلال هذا الوضع”.
فريديك العاشر ومملكة الدنمارك الجديدة
الآن وبعد تنحي الملكة تبدأ المملكة في عصر جديد أكثر حيوية وشبابا بعد اعتلاء ابنها فريدريك العاشر الحكم، خصوصًا أنه يتمتع هو وزوجته، الأميرة ماري بخبرة كبيرة في مجال أمور الحكم.