يقسم البعض مراحل العمر إلى مرحلة الصبا والطفولة ثم المراهقة والحب المتوهج ثم مرحلة العمل والأخطاء تليها مرحلة الاحتراف، فمرحلة إدارة العمل الخاص والاستعانة بالشباب، وأخيراً تأتي مرحلة السعادة والراحة.
ورغم أن البعض يعتبر تلك المرحلة نهاية المطاف، إلا أنها تقوم بالأساس على المشاعر والحب، وهو ما أثبتته صور التقطها المصور المحترف (بادي سامرفيلد) لوالديه المسنين خلال عشر سنوات كاملة من حياتهما مع بعضهما، كان قد عاش هذه السنوات العشر الأخيرة معهما بشكل دائم، ومع قرب نهاية زواجهما الذي دام 60 سنة، تطور لدى والدته مرض الزهايمر، فتقلد والده على الفور دور الشخص الذي سيعتني بها.
«أمي وأبي».. رؤية داخل حبهما
جمع المصور كل تلك الصور في موضوع فني عاطفي دعاه «أمي وأبي»، وتظهر هذه الصور الكاسرة للعواطف تفاني والديه وإخلاصهما لبعضهما بعضا، وتمنح الناظر رؤية داخل حبهما الصامد، وفقدانهما لبعضهما بعضا في نهاية المطاف.
تمنحنا سلسلة الصور هذه، التي التقطها المصور لآخر عقد قضاه مع والديه، لمحة حميمية على تفاني زوجين مخلصين لبعضهما في إظهار الحب خلال سنوات حياتهما الأخيرة.
الحديقة الشاهد على المودة والرحمة
«سامرفيلد» عاش برفقة والديه في شمال أوكسفورد في إنجلترا، خلال معظم الصور التي التقطها.
كانت الحديقة في الباحة الخلفية للمنزل، حيث قضى والدا المصور الكثير من وقتهما، حيث التقطت معظم الصور من نقطة بعيدة من نافذة في الطابق الثاني تطل على الحديقة، وكانت أعمال البستنة خاصته واحدة من أكثر النشاطات شيوعا التي تظهرها سلسلة الصور هذه.
يقول «سامرفيلد»: كان والدي يقرأ ويكتب في الحديقة، وكان هو ووالدتي يتناولان طعامهما في الخارج، كان والدي يزرع الأزهار التي تقطفها والدتي لاحقاً.
ويستطرد قائلا: لم تكن هناك من حاجة للسفر إلى أماكن غريبة، كنت لأطل من النافذة والتقط الصور في أي لحظة تقريباً.
تحولت الصور إلى موضوع فني
«سامرفيلد» كان يلتقط الصور لوالديه خلال حياته كلها تقريباً، كان في البداية يرغب في طباعتها على شكل مجموعة ويضعها في ألبوم لمنحها إياهما على شكل هدية لهما، ثم شجعه صديق مقرب على تحويل تلك الصور إلى موضوع فني، وتضمنت هذه السلسلة 83 صورة فوتوغرافية ظهرت كرواية مصورة، حيث حرص على اختيار الصور الملتقطة من بعيد.
من أهم ما قاله «سامرفيلد» إنه عندما يكون والداك متقدمين في السن، فإن اللحظات التي تحظى بها معهما تكون ثمينة جدا، وقال لقد ساعدني على البقاء مشغولاً، لألتقط الصور بشغف
حبيبان منذ الطفولة وزواج 60 عاماً
بقي والدا «سامرفيلد» متزوجين لمدة 60 سنة، لقد كانا حبيبين منذ الطفولة تقريباً.
كانت والدة «سامرفيلد» تشاهد والده في الغالب وهو يقوم بأعمال البستنة وتنظر إليه بنظرات حبّ من داخل المنزل، حيث كانت تشاهده من خلال نافذة المطبخ.
التقطت «سامرفيلد» معظم سلسلة الصور هذه في منزلهما في أوكسفورد، غير أنها تتضمن كذلك مشاهد من عطل العائلة التي تقضيها في بيت ريفي في شمال ويلز.
حيث ظلا يصطفان في نفس البيت الريفي على مر خمسين سنة، كانا يقضيان وقتهما يستمتعان بالنظر إلى البحر أو يتمشيان على الشاطئ بجانب بعضهما.
مرض والدة «سامرفيلد»
في مرحلة ما خلال مشروع «سامرفيلد»، تطور لدى والدته مرض الزهايمر، لقد تأزم وضعها بفعل فقدانها لذاكرتها، وأصبحت معتمدة بشكل كامل على زوجها.
قال «سامرفيلد» ان والده كان المعيل الوحيد لوالدته، وانه اعتنى بها والدي حتى آخر لحظة حيث وصف حزن والده الذي يعتريه، لكنه لم يكن يتحدث عن الأمر.
نهاية المطاف
في سنة 2000، توفيت والدة «سامرفيلد» حيث كانت تبلغ من العمر 86 سنة، استمر «سامرفيلد» في العيش مع والده بعد وفاة والدته، قال انه كان يعتني به في سنوات حياته الأخيرة، حيث توفي والده في سنة 2008، أي بعد ثماني سنوات من وفاة زوجته.
«سامرفيلد» أوضح انه سعيد لأنه خصص وقتاً لتوثيق حياة والديه بالصور، يقول ان الأمر بدا له كهدية تمكّن من خلالها من رد الجميل لهما، ثم تحول صوري حبهما وعنايتهما ببعضهما بعضا إلى شيء يتحدى الزمن.