معتـز الفاتـح يرسم لوحاته من حبوب القهوة وأوراق الشاي وقشور الفاكهة
يسعى كل فنان تشكيلي إلى استخدام ألوان معينة يرتاح في التعامل معها، وتعبر عن فكره ومضمون لوحاته، وتكون بالنسبة له طيعة ويكون قادرا على استخدامها بمهارة، سواء ألوان زيتية أو مائية أو جواش وأكريلك، إلى آخر أنواع الألوان المتعارف عليها، لكن الفنان السوداني معتز الفاتح خرج عن المألوف وابتعد عن الألوان المعتادة، وقرر أن يرسم لوحاته وجدارياته بألوان من حبوب القهوة وأوراق الشاي وقشور الفاكهة في لوحات تنبض بالحياة، وتضفي الفرح والبهجة على وجوه زوار معرضه في الخرطوم، وتتناول لوحاته رسوما تجريدية ومشاهد الحياة اليومية، فلماذا اتجه الفاتح إلى هذه النوعية من الألوان وكيف يستخدمها؟
في البداية، يقول الفنان معتز الفاتح البالغ من العمر 40 عاماً:
جذبتني الطبيعة الساحرة بألوانها الخلابة، فليس هناك أجمل من الألوان الطبيعية، والتي قد يتصور البعض أن استخلاصها من الطبيعة عملية صعبة، بل على العكس هي سهلة وفي متناول الجميع بسبب أسعارها الرخيصة وتوافرها في الأسواق، ويمكن لأي فنان استخدامها إذا رغب في ذلك، وتمرس عليها وتعلم كيفية مزجها واستخراج الألوان مثل الأزرق والبنفسجي من أوراق الكركديه وظلال اللون البني والبيج والذهبي من القهوة المطحونة، أما الألوان الداكنة مثل الأسود والرمادي فمن نواة التمور، وتبرز في العديد من لوحاتي ألوان مشتقة من قشر فاكهة الدوم وشجرة الباوباب.
ويقول الفاتح: عندي رؤية خاصة في الفنون،
خصوصاً بالمواد الطبيعية كشيء بيئي أو كمواد بيئية مستقبلية، وهذه المواد قد تعني للآخرين مجرد منتجات، لكن في الحقيقة هي ألوان إذا استخدمناها بطريقة علمية تمنحنا طاقة إيجابية، وفي الوقت نفسه تعطينا ألواناً احترافية جداً نستفيد منها.
ويوضح طريقة استخراجه لهذه الألوان، مشيرا إلى أنه يمزج مستخلصات الألوان مع الصمغ العربي ومواد عضوية أخرى لضمان متانتها وثباتها على الرسومات، مضيفا: وقد استخدمت هذه الطريقة لسنوات عدة، وجمعت مجموعة واسعة من اللوحات.
وحول إقبال الجماهير على شراء هذه النوعية من اللوحات، قال الفاتح:
الحمد لله هناك إقبال جيد، وأرسم لوحات بالطلب لعدد من الراغبين في اقتناء هذه النوعية من اللوحات، خاصة أنها منفذة بهذه الطريقة من الألوان الطبيعية، وهذا ما يميزها عن غيرها من اللوحات ويجعلها مرغوبة.
وحول مشاركاته بلوحاته في التظاهرات والاعتصامات التي تقوم في السودان من وقت لآخر كنوع من توظيف الفن في خدمة المجتمع والقضايا الوطنية، يقول الفاتح:
الفن ليس للمتع البصرية والجماليات فقط، أيضاً لا بد أن يكون في خدمة الأوطان والدفاع عنها، ولكن بطريقته الخاصة، فإذا كان سلاح الجندي المدفع والرشاش، فسلاح الفنان ريشته وألوانه، وبالفعل شاركت في التظاهرات بجدارية كبيرة تعبر عن جموع الشعب وآماله، وكانت تحمل شعار حرية وسلام وعدالة، لكن تم محوها وتشويهها، وكلما حاولت إصلاحها تم منعي من استكمالها.