نجوم السوشيال ميديا قادمون بقوة.. رواج كتب «اليوتيوبرز» في معرض الكتاب.. ظاهرة مُحيرة مقلقة!
فعلت السوشيال ميديا فعلتها في عالم الكتب أيضا، وأصبحت تنافس مصادر النشر التقليدية، بل تفرض شروطها عليها! وقد لاقت الكتب المؤلفة من «يوتيوبرز» ونجوم السوشيال ميديا رواجاً غير مسبوق في معرض الكتاب الدولي بمصر هذا العام.. فكيف نرصد هذه الظاهرة بأسبابها؟
شهد معرض الكتاب الدولي بمصر ظاهرة واضحة جدا، وتطرح العديد من الأسئلة المخيرة.. وهي الطوابير الطويلة من أبناء الجيل الجديد أمام منافذ وأجنحة بيع كتب كتبها يوتيوبرز ونجوم السوشيال ميديا، وليسوا الكتاب العاديين أو التقليديين!
وتحت عنوان “مؤثرون مصريون يلفتون الأنظار في القاهرة للكتاب” ذكرت صحيفة الشرق الأوسط على موقعها الإلكتروني أنه قد لفت أنظار رواد معرض القاهرة الدولي للكتاب اصطفاف فتيات وشباب مصريين أغلبهم دون العشرين في طوابير يحملون كتاباً واحداً في أيديهم ويطلبون الحصول على توقيع مؤلفهم المفضل.. لكن المفاجأة أن المؤلفين هنا ليسوا من مشاهير الأدباء، إنما صُناع محتوى على موقع يوتيوب، وأعمالهم تُحقق مبيعات بفضل شهرتهم باعتبارهم ”يوتيوبرز”. وكمثال على هذه الظاهرة ما حدث مع “اليوتيوبر” يحيى عزام مؤلف رواية “مركب عم جابر” التي كتبها بمشاركة محمد عصمت، ومثال آخر “اليوتيوبر” محمد طاهر الذي أقام حفل توقيع كتابه “فيلم في الخمسينة” الذي يتضمن مراجعات لأفلام سينمائية حديثة.. مثال ثالث على الظاهرة “اليوتيوبر” علي غزلان مؤلف كتاب “أشطر فاشل” الذي يتضمن مقالات ورؤى وأفكاراً أقرب ما تكون إلى عالم التنمية البشرية.
نجاح كبير في التسويق
من ناحية علينا أن نعترف بأن كتاب السوشيال ميديا أو نجومهما من الشباب ناجحون جداً في التسويق لأعمالهم وأسمائهم، وبالتالي لهم قاعدة عريضة من الجماهيرية في أوساط الأجيال الجديدة تحديدا..
لذلك وصل الأمر إلى أن دور النشر التقليدية أصبحت هي التي تخاطب هؤلاء نجوم المجتمع الجدد كي يكتبوا خصوصا لها! كي تنشر وتبيع كميات كبيرة من الكتب لهم، بغض النظر عن المضمون الموجود داخل تلك المؤلفات إن صح تسميتها مؤلفات!
كتب من اليوتيوب إلى القارئ!
أنواع متعددة من كتب اليوتيوبرز كانت موجودة بنجاح ورواج كبير ومنها كتب تخصصت تحديدا في كيفية التعامل مع اليوتيوب نفسه، أو كيف يصير الشاب أو الشابة “يوتيوبر” ناجحا، مثل كتاب: “كتاب اليوتيوبرز” من وضع “اليوتيوبر” مي مجدي، وهو يقدم فكرته الأساسية تحت عنوان: كيف تبدأ قناة، وتحقق الربح منها؟
وهناك مواقع على اليوتيوب أو قنوات عربية أصبحت تعمل على تلخيص كتب عديدة ومراجعتها بشكل موجز.. ثم تقوم بنشر كتاب عن الموضوع نفسه مرة أخرى! هذه القنوات تعمل على تلخيص كتب عديدة بكل أنواعها، في المجالات كلها مع مناقشة محتواها ومراجعتها وتقييمها مع تقديم المعلومات بقدر قراءة الكتب بشكل يقتصر على المهم ومحاور الكتاب، إلا أنه في السنوات الأخيرة انتشرت ظاهرة الكتب الصوتية، وقد تكون صوتا وصورة، وهي الآن واحدة من أبرز ظواهر المشهد الثقافي العربي.
الخطر الحقيقي!
المشكلة الكبرى في هذه الظاهرة أن هناك تزييفا للتاريخ في بعض تلك الكتب المنشورة لنجوم السوشيال ميديا! وهذا ما أوضحه الكاتب الصحافي أكرم القصاص في برنامج “من مصر”، حيث أكد في لقائه هذا أن كتاب “الرابر” و”اليوتيوبرز” بعضها يزيف التاريخ، وهذا هو الخطر الحقيقي، مما يثير المخاوف والقلق، ولكن في الوقت ذاته يلفت النظر إلى أهمية تسويق الأفكار! كما أضاف أن رواج كتب “اليوتيوبرز” في معرض الكتاب ظاهرة تحتاج إلى رصد، ومطلوب أننا نروج أكثر للأفكار، ونفتح أبوابا للنقاشات، موضحا أن السوشيال ميديا فيها الكثير من الظواهر المفيدة، ولكن في ظواهر أيضا “منفوخة” ومجرد “بالونات”. وختم رأيه في هذه الظاهرة بالقول: لكن ظاهرة كتب اليوتيوبر بطلها بطل اليوم الواحد، وهذه ظاهرة قد تختفي ويظهر غيرها.. كما أن طوابير معرض الكتاب ليست دليلاً على جودة المنتج الثقافي.
ونحن نقول إنه إلى جانب الخطر الحقيقي المتمثل في تزييف التاريخ في محتوى بعض هذه الكتب، فهناك خطر أكبر وهو تزييف الوعي لدى الجيل الجديد، فالأفكار الواردة في تلك الكتب هي وليدة عقلية صاحبها، وبالتالي السؤال المهم: هل التكوين العقلي الثقافي لبعض هذه العقليات يصلح كي يؤثر بأفكاره في جيل بأكمله؟