صناعة القبقاب تعاني من الركود بعد أن ولى زمنها وحدث التطور وبعد أن غنى له مطربون مشاهير أبرزهم «دلوعة» السينما المصرية المطربة شادية التي غنت «رنة قبقابي يامه رنة قبقابي وأنا ماشية يامه بتميل راسي»، وكذلك أغنية المطرب المصري عبد العزيز محمود «يا أسمر يا جميل» التي يقول فيها: «يا اللي كعابك فوق قبقابك ورد في ميه»، لكن الزمن تغير ولم يبق من صنّاعه سوى الحاج نورعبدالقادر الذي يقترب من السبعين ويقبع داخل ورشة متهالكة يرجع تاريخها إلى أوائل القرن الماضي وبجواره ماكينة لتقطيع «القباقيب» في منطقة تحت الربع بالغورية في مصر الفاطمية يقاوم الزمن ويحرص على تنفيذ وصية والده بالاستمرار في الصناعة وعدم هجرها، التقينا به فكان هذا الحوار:
لماذا حرصت على هذه الصناعة التي تكاد تندثر رغم تطور الزمن وتراجع الإقبال عليها؟
– بداية ورثت مهنة صانع «القباقيب» عن والدي تاجر الأخشاب الذي عمل في المهنة من منتصف القرن الماضي وكأي شاب له طموحات وقتها بعد أن حصلت على دبلوم سكرتارية ولم أعمل به في أي وظيفة حكومية سافرت إلى إيطاليا وعشت هناك سنوات طويلة وعندما توفي والدي عدت إلى القاهرة لأقف مع أخي الأكبر الذي كان يساعد والدي في الورشة وتعلمت منه وعندما رحل أصبحت وحيدا في هذه الورشة التي لم يطرأ عليها أي تجديد منذ ربع قرن فلم يعد عليه إقبال بعد ظهور الأحذية البلاستيكية والجلدية، ما أجبر معظم صانعي القبقاب على هجر المهنة ولم يتبق منهم في مصر إلا العبد الفقير إلى الله انتظر المجهول بعد أن كنا أحد أهم موردي القبقاب للصعيد في جنوب مصر وللفلاحين المنتشرين في دلتا مصر، حيث كان القبقاب رمزا للدلع من جانب السيدات وكان من الأشياء الأساسية في جهاز أي عروس خصوصا في الريف لكن ربنا كريم فنحن نعمل لبيوت الله وللمصلين حاليا ثم بعض السياح العرب والأجانب يشترونها للذكرى أو كأنتيكة قبل مغادرة مصر وهناك أنواع من القباقيب يتم تصنيعها لتعلق على الجدران وهذه تكون منقوشة ويتم حفر خشبها ووضع رسوم عليها وأحيانا صبغها بألوان معينة.
يعود تاريخ القبقاب إلى العصر الفاطمي وكان يُستخدم في المنازل والحمامات الشعبية
هل لديك فكرة عن تاريخ صناعة القبقاب وكيف حرص المصريون على استعماله؟
– يرجع تاريخ «القبقاب» في مصر إلى عصر الفاطميين، إذ كان يُنتعل بكثرة في المنازل والحمامات الشعبية لمنع الانزلاق ومنذ ذلك الوقت ارتبط «القبقاب» بالثقافة الشعبية المصرية ففي عصر المماليك كان سببا في مقتل الملكة شجرة الدر سنة 1257م (حكمت مصر 80 يوما) والتي قيل إنها ماتت ضرباً بالقباقيب والحقيقة ليس لدى تأكيد لصحة هذه الواقعة التاريخية لكن هذا هو المشاع.
كيف تتم صناعة القبقاب وأي نوع من الأخشاب هو الأنسب لصناعته؟
– مراحل التصنيع تبدأ بجلب الخشب المطلوب، حيث يقطع شرائح على أشكال أسافين ويرسم على قدر قدم الإنسان حسب المقاس ثم تأتي عملية التفكيك وفيها تتم إزالة الزوائد الخارجية من الجانبين ثم النشر بعملية اللف، وهي إزالة الزوائد الأمامية والخلفية وبعدها تأتي عملية التقدير وهي تشكيل كعب القبقاب ثمَّ يأتي دور التنعيم أي حفّ القبقاب وأخيراً يركب قطعة من الجلد من كاوتش السيارات وفوقها قطعة صفيح تثبت على مقدمة القبقاب بمسامير خاصة تسمى مسامير قباقبية.
بعض الناس يشتري 100 قبقاب ويتبرع بها للمساجد في رمضان
متى تزدهر عمليات بيعه وتسويقه وكيف تواجه عمليات التطور التي تصيبه بالركود بسبب انتشار الشباشب البلاستيك الخفيفة والرخيصة أيضا؟
– تنشط الصناعة وتزدهر في المواسم الدينية المتمثلة في شهور رجب وشعبان ورمضان، خاصة رمضان طبعا فهو أكثر الشهور التي نبيع فيها القبقاب بسبب ازدحام المساجد بالمصلين وحرص الجوامع على شراء كميات كبيرة منه للوضوء، إذ يشتري بعض الناس كمية كبيرة تصل الى 100 قبقاب ويتبرع بها للمساجد أما المواطنون العاديون فلا يقبلون حاليا على شراء القبقاب لاستعماله في المنزل لثقل وزنه والصوت العالي الذي يصدره أثناء المشي ويفضلون الشباشب البلاستيك، فاستعمال القبقاب أصبح داخل المساجد فقط للوضوء.
يقال إن القبقاب له فوائد صحية فهل هذه حقائق أم مجرد دعايات لمحاولات تنشيط البيع والتسويق؟
– هذا ليس كلامنا ولا نستطيع أن نغش الناس من أجل البيع فالأطباء يقولون انه معالج لمرض الروماتيزم (التهاب المفاصل) وينصح الأطباء بارتدائه للذين لديهم حساسية في القدمين ولا يتسبب القبقاب في التشققات الجلدية بأصابع القدمين كما يحدث مع استخدام الشباشب البلاستيك وهو عازل جيد للكهرباء.
أمام هذا التراجع في البيع ما أسعار القبقاب حاليا؟
– أسعار القبقاب تتراوح بين 10 و15 جنيها، وهناك أنواع أخرى يصل سعرها إلى 35 جنيهاً ويتم تصنيعها بالطلب، وفيه يُطعم ويزين القبقاب بالصدف والخلخال والألوان واللاكيه ليكتسب منظرا جميلًا والأنواع المصنوعة من خشب التوت أفضل وأجود القباقيب.