هدى المدلج صاحبة أول صالون أدبي كويتي في الخارج
هدى المدلج برتقالة أنقذت ابني في الغزو
أجمل هدية لشعب غربي أن تطعمه معلومة عنك، عن بلدك، عن ثقافتك، وحبك لوطنك، وهذا ما أيقنته الكاتبة والإعلامية هدى المدلج فاختارت الكلمة وقوتها لتوصيل رسالة حبها لوطنها الى العالم أجمع،
فكانت أول كويتية تفتح صالونا أدبيا ثقافيا عربيا خارج الكويت وتحديدا في إسبانيا، كونها زوجة دبلوماسي كويتي، وأعدت كتابا باللغة الانجليزية بعنوان «الهروب من الغزو».
كانت أولى تجاربها في التأليف، وحرصت على أن يكون الكتاب باللغة الإنجليزية لأنها اللغة الأولى لأبناء الدبلوماسيين في الخارج فهم يفضلون القراءة بهذه اللغة العالمية ولكي تصل اليهم كان لا بد أن يكون الكتاب بلغتهم وأن يحاكي عقليتهم.
و«أسرتي» التقت الكاتبة هدى المدلج التي استطاعت ان تحول تجربتها في الخارج الى مجال خصب للإبداع والكتابة والثقافة والعمل التطوعي ورفعة اسم الكويت.
كتابي عن الغزو بالإنجليزية من أجل الأجيال القادمة
الكاتبة هدى المدلج نموذج إيجابي للمرأة الكويتية في الخارج كيف رأيت نظرة المرأة الأجنبية لنا؟
كوني مرافقة لزوجي الدبلوماسي طوال 26 الماضية في نيويورك واسبانيا ومؤخراً المانيا، استطعت تغيير صورة المرأة العربية لدى الغرب، فيجب علينا نحن المساهمة في خلق الصورة الحقيقية للمرأة العربية القوية، وتغيير الصورة النمطية لدى الغرب عنها.
وأضافت:
لذلك عندما آمنت بقدراتي الشخصية والعلمية وضعت خطة لتغيير هذا المفهوم وبدأت في مدارس أبنائي، حيث قدمت العديد من المحاضرات التنويرية عن التراث الاسلامي الغني بالعلم والطب والاختراعات وأسهبت في جمال اللغة العربية وعاداتنا وتراثنا العربي الأصيل .
وبعد الغزو العراقي الآثم، وقد بدأ الاعلام الغربي بتشويه صورتنا كشعب كويتي صامد، ونظراً لقصور الاعلام العربي لتحسين هذه الصورة لدى الغرب،
أخذت على نفسي عهدا بأن أنقل الصورة الحقيقية لما حدث أثناء الغزو للشعب الكويتي البطل، واعتمدت على قدراتي كمحبة للقراءة والكتابة واعتمدت على تحصيلي العلمي حيث حصلت على درجة الماجستير بتعليم اللغة الانجليزية لغير المتحدثين بها من جامعة نيويورك .New York University -NYU
في عام 2001 قررت أن أخاطب العقلية الاجنبية بما يناسبها، فأصدرت كتابي الأول بعنوان «Escaping the invasion» أي «الهروب من الغزو» بالتعاون مع شركة أمازون العالمية وكان تعاملي معهم «أون لاين»، وقد لقي الكتاب قبولا من الشركة لأنه كتب بأسلوب السهل الممتنع وكتابة القصة أخذت مني الكثير،
لكن كمسؤولية كانت أكبر، وأكملت مشواري حتى أبصر النور في العام 2012، بعدها قامت وزارة الاعلام والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بتبني الكتاب العام 2013، وشاركت به معرض في الكتاب الدولي في دورته الـ38، ولله الحمد لقي أصداء رائعة والآن يدرّس في بعض مدارس العالم الغربي في أميركا وايطاليا والتشيك والصين.
الكتابة عشق متأصل بداخلي منذ الصغر وكنت أدوّن مذكراتي
حدثينا أكثر عن كتاب الهروب من الغزو.
الكتاب جاء في 57 صفحة، وهو يتكلم عن فترة الغزو من جانب اجتماعي، من خلال أم تقص لابنها البالغ من العمر تسع سنوات، الأحداث التي عاشتها في فترة الغزو.
وتابعت: عن سبب تأليفي للكتاب هو انني كنت أريد أن أتكلم كأم رأت فراغا كبيرا متمثلا في ان أبنائي في غربتهم لا يوجد منهج دراسي يعرفهم بالغزو، ولا يوجد كتاب يحاكي عقلية الشباب والجيل الجديد الذي يتكلم باللغة الانجليزية،
لذا كان الهدف من الكتاب ان نوصل للعالم جانبا مهما من تاريخ الكويت في مرحلة تركت أثرا في حياة الشعب الكويتي ونعرف الآخرين بما مر بنا أيام الغزو العراقي، فقد كنت أثناء الغزو أسجل مذكراتي يوما بيوم، حيث كنت أكتب مذكراتي منذ أن كنت طفلة،
والكتاب هذا عشت معه في أجواء ولاأزال أعيش وأستحضر هذه المشاعر العميقة، وقد أخذ مني ست سنوات لإخراجه بالصورة التي هو عليها الآن، فقد ألفت الكتاب من أجل أبنائي، وهدفي ان يصل الكتاب لكل الشباب،
وأن تصل رسالتي المبسطة لكل مدارس الكويت سواء الخاصة أو الحكومية حيث انني أوضحت الجانب السياسي من خلال دور الأمم المتحدة والعالم آنذاك في وقوفهم معنا بتلك المحنة الكبيرة.
بعد سنوات من إصدارك كتاب الهروب من الغزو هل رأيت انه حقق هدفك منه؟
الإنسان لا يتوقف طموحه اذا كان لديه هدف، والى الآن تصلني رسائل من مختلف دول العالم بعد قراءة اصداري كتاب «الهروب من الغزو» لتثني عليه وعلى سهولة الاسلوب الاجتماعي الذي تغلغل الى قلوبهم وغيّر نظرتهم عما حدث أثناء الغزو .
ما قصة البرتقال معك في فترة الغزو؟
اترك للقارئ اكتشاف هذا اللغز الذي أنقذ ابني عبدالله الخميس ذا السبعة أشهر أثناء هروبنا المؤلم بالصحراء في شهر أغسطس الحار وتحت أشعة الشمس التي وصلت حرارتها الى ما فوق 50 درجة مئوية!
حيث انها كانت عبارة عن بضع برتقالات وجدتها في المنزل قبل خروجنا منه، ولاإراديا مني اخذتها دون تفكير فيما ماذا سينفعنا البرتقال في الرحلة هروبنا،
وعند نفاد الماء منا وابني اصبح نفسه متقطعا وحرارة الشمس تلفحه والسيارة تكاد تطير من فوق الارض، تذكرت البرتقال وبدأت أقطر بضع نقاط في فم ابني، حتى للتقط انفاسه ودبت فيه الروح من جديد.
نقلت مشاعري الحقيقية التي هزت كل من قرأ الكتاب
في فترة الغزو .. كنت أماً لطفل لم يبلغ العام وأخذت قرارا بأن تغامري بالسفر به.. كيف كان شعورك وقتها؟
في كتابي حاولت أن أركز على الجانب الاجتماعي في نقل تجربتي كأم حديثة عهد بالحياة الزوجية ونقلت مشاعري الحقيقية التي هزت كل من قرأ الكتاب، القرار كان صعباً والأحداث التي مرت بنا كثيرة.
حدثينا عن مواقف وآراء وصلت لك عن الكتاب.
بكل فخر وسرور وسعادة تلقيت العديد من الرسائل التي تشيد بالكتاب سواء من الكويت او خارجها، وأكثر ما كان يسعدني هو ان يستفيد منه ابناؤنا الذين لم يتعرفوا على تضحيات الكويتيين من اجل اغلى ما لديهم وهي أرض الكويت،
كما انني اذكر رسالة شكر وتقدير رسمية وصلتني من عمدة مدينة فرانكفورت الألمانية السيد بيتر فيلدمان يقدم فيها مشاعره وامتنانه لإهدائي نسخة له من اصداري كتاب «الهروب من الغزو» يبين فيها امتنانه
وتأثره بما جاء فيه من سرد عن بلدي الحبيب الكويت، وفي مقابلتي معه وبعد ابداء اعجابه بالمعلومات التي تضمنها الكتاب قال لي كنت لا أعرف عن مدينة الكويت الا مطارها.
وأضافت:
فأكبر انجاز أن تحقق بالقلم حلمك في نشر ثقافة بلدك وتاريخه وأمجاده، فلا يتوقف دورنا كمؤثرين في اي مكان بالعالم فكلنا سفراء لبلدنا وثقافتنا وهويتنا العربية.
من وجهة نظرك ماذا سلب الغزو من الكويت ولم يسترد الى الآن سواء كان معنويا او ماديا؟
أحداث الغزو لم تزدنا الا صلابة وقوة، وكل درس بالحياة نتعلم منه لكي نتطور الى الأفضل، لذلك ما حدث هو من الماضي الآن يجب ألا ننساه ونعلمه ابناءنا فهو جزء من تاريخ الكويت المعاصر،
ولكن في الوقت ذاته يجب ألا نتباكى عليه فاليوم نحن اقوى عزماً وأشد صلاب.
كنت صاحبة أول صالون أدبي كويتي في الخارج هل كان له صدى؟
كان لي حلم بأن أُسس صالونا ثقافيا لتمكين المرأة العربية، وتغلبت على ظروف الغربة وصعوباتها وأسسته في العاصمة الإسبانية مدريد حيث أقمناه كمحطة دبلوماسية، ولله الحمد،
لاقى نجاحا عظيما لدى السيدات العربيات في اسبانيا من السلك الدبلوماسي والمقيمات حيث دمجنا تراثنا العربي بالتاريخ الأندلسي الجميل.