«زوجوه يعقل».. أمر عارٍ من الصحة تماماً د. مريم العوضي: الإفصاح عن المرض النفسي يعطينا مؤشراً لنجاح الزواج!
لم يعد المرض النفسي عاراً أو حالة من العيب التي يخشى المصاب أو أهله من الاعتراف بها أو كشفها أمام الآخر، فوعي المجتمع جعل المرض النفسي كأي مرض جسدي يصيب الإنسان، ويعالج صاحبه ويشفى منه، عدا عن وجود بعض الحالات التي ينكر أصحابها الإصابة.
الدكتورة مريم العوضي استشاري الطب النفسي أكدت أن المريض نفسيا شخص مثل أي مريض بمرض جسدي، يعالج ويمكن إذا اتبع العلاج بشكل كامل أن يشفى، ولا يمنعه المرض من الزواج وبناء حياة زوجية، ولكن بعدة شروط.
من الأسئلة المهمة التي تطرقت لها د. مريم العوضي في ندوتها النفسية أولوية التي أقيمت في الجمعية الثقافية النسائية هي محور المريض النفسي والزواج، وإن كان يحق له الزواج أم لا؟ وهنا قالت إن للجميع الحق في الزواج فهو من الحاجات الإنسانية الأساسية سواء أكان يعاني اضطراباً نفسياً أم لا، ولكن يجب أن نراعي عدداً من الاعتبارات المهمة حينما يقرر المريض النفسي الزواج ليصبح زواجه عاملاً إضافياً يسهم في تحسنه وإقباله على الحياة بدلاً من أن يصبح سبباً في انتكاسه وعامل إحباط وضغط نفسي للشريك.
من المهم أن نناقش أمرا، وهو أن المرض النفسي من الصعب إخفاؤه حيث إنه من الممكن أن يؤثر على سلوكيات الإنسان ومزاجياته، وعندما نكون أمام فكرة ارتباط ومشروع زواج، تراودنا فكرة أن نخفي هذا الأمر عن الطرف الآخر، هنا نتساءل: هل هذا التصرف سيصب في مصلحة المريض النفسي؟! بالطبع لا، كيف يمكن للمريض أن يجلس مع شريك حياته، وهو يخفي هذا الأمر، واقعيا صعب تماما، صحيح أن الإنسان من حقه أن يحافظ على خصوصيته يقول “أنا لا أريد لشريك حياتي أن يعرف”، وأنا لا أستطيع إجبار المريض على أن يفصح عن مرضه، ولكن أرى أن الإفصاح عن المرض النفسي لشريك الحياة ومدى تقبله يعطينا مؤشرات لنجاح هذا الزواج ومدى التفاهم بين الطرفين.
وأوضحت استشاري الطب النفسي د. مريم أنه يجب أن نعطي الشخص الفرصة للتعرف على المريض النفسي بشكل طبيعي لأنه في النهاية شخص لديه شخصية وطموح وأخلاق تجعله أهلاً للزواج، فلا تتم مفاجأة المتقدم للزواج منذ أول لقاء بالمرض النفسي أو إخفاء المرض عنه بشكل كامل ما سينعكس سلباً بعد الزواج، ويهدم الثقة بين الطرفين، بل يجب أن يعطى المتقدم للزواج الفرصة للتعرف على شخصية من يتقدم له عن قرب، ومن ثم يجب أن يخبر عن وجود المرض شأنه شأن أي مرض عضوي آخر كالضغط والسكري وغيرهما، بشرط أن يكون الإخبار قبل عقد القران “أي يكون الإخبار في فترة التعارف!”
اختيار الشريك المناسب مهم جداً لدعم المريض النفسي
وأضافت أنه لقبول التزويج أو الزواج بالمريض النفسي لا بد من مراعاة استقرار الحالة النفسية للمريض، ويكون الطبيب المعالج هو من يؤكد استقرار حالته من عدمه، وليس بالاعتماد على ما يشعر به المريض أو ما يقوله لذويه، إن الغالبية العظمى من المرضى النفسيين قادرون على الزواج، وخصوصاً حينما نتكلم عن الأمراض العصبية “الاكتئاب، والوسواس القهري، والقلق، واضطراب التكيف، والرهاب”، لأنهم ليسوا فاقدي البصيرة، أو يفتقرون للحكمة، بل هم يدركون ماهية مرضهم ويلجأون إلى علاجه، ويجب التأني مع الأمراض الذهانية مثل “الفصام – ثنائي القطب” التي تتأثر بها البصيرة والحكمة بشكل جزئي أو كلي والتي من الممكن أن تتحسن وتكون قابلة للعلاج بنسبة 70% إذا ما التزم المريض وأهله بشكل كامل بأخذ العلاج المناسب له، وعليه يستطيع الطبيب النفسي أن يقرر مدى استقرار الحالة وقابليتها للزواج.
وتابعت د. مريم أن الأمر يتعلق بمدى التزام المريض النفسي بالعلاج وعدم رفضه أو أهله لأخذ العلاج النفسي المناسب، إذ يوجد بعض الأهل الذين يرفضون علاج ابنهم أو ابنتهم ممن يعانون اضطرابات نفسية، ويعتقدون أن الزواج سيعالجه “زوجوه يعقل!”، وهو أمر عار عن الصحة تماماً، لأن الزواج يشكل ضغطاً نفسياً على المتزوجين بنسبة كبيرة، لذلك فإن وعي وتقبل المريض وأهله للعلاج شرط ضروري لنجاح زواجه.
وأشارت د. العوضي إلى أنه لا بد للأهل من التأني وعدم التسرع ليضمنوا أن أبناءهم ممن هم يعانون أمراضاً نفسية سيكونون مع شريك متفهم وداعم لهم، فلا يقبلون أي شخص على مضض فقط لأنهم يشعرون بأن أحداً لن يقبل الزواج بمريض نفسي، بل على العكس تماماً يجب أن نحرص على ألا يتزوج المريض النفسي إلا من هو أهل له، وخصوصاً إذا علمنا أن الدراسات أثبتت أن علاج المرض النفسي يعتمد على البيئة الداعمة، وعلى العقاقير والجلسات النفسية العلاجية، لذلك فإن اختيار الشريك المناسب مهم جداً لدعم المريض النفسي.