سر تمثال الحسناء في متحف روما!

 

زوج الحسناء يمنع زوار المتحف من تقبيل التمثال!

المكان: عاصمة إيطاليا «روما» وتحديدا «متحف بورجيزي»

زوار المتحف يقفون مبهورين امام تمثال لـ«حسناء»!

الذين يقفون امام التمثال يقولون وقد هزهم جميعاً الذهول: معقول إذا كان تمثال هذه الحسناء بهذا الجمال الباهر فكيف يكون الأصل؟!

المثير حقاً ما تعرض له «كاميلو بورجيزي» زوج الحسناء الذي طلب من الفنان «كانوفا» أن يقوم بعملية نحت التمثال لزوجته الحسناء..

تصوروا ماذا حدث له؟

لقد جلس على ركبتيه امام التمثال وبدأ يقبله بشغف!

لكن الأكثر اثارة ما قام به الزوج.. لقد رفض ان يقوم احد غيره بوضع قبلاته على وجه تمثال الحسناء..

ورفض ان يرى التمثال احد غيره!

تصوروا مرة اخرى: ان «كاميلو بورجيزي» زوج الحسناء رفض ان يلقي الفنان الذي قام بنحت التمثال نظرة اخيرة حتى لو كانت نظرة عابرة على التمثال.

الخبراء يقولون ان تصرف الزوج كان نابعاً من غيرته الشديدة وحبه لزوجته الحسناء!

لكن من هذه الحسناء؟

هي اميرة «بورجيز» وآخرون يعرفونها يقولون هي دوقة «غواستالا» او اميرة «بيمونت» اسمها الحقيقي «ماريا باوليتا» والمثير انها لا تُعرف به وانما تعرف باسم «بولين».

 

حقيقة العلاقة بين «بولين» ونابليون!

.. «بولين» حكايتها حكاية.. تعالوا نتبع الحكاية منذ البداية..

.. هي «بولين بونابرت»

كثيرون يقعون في خطأ! وهو الاعتقاد ان «بولين بونابارت» هي ابنة نابليون بونابرت!

.. لكن الحقيقة انها ليست ابنته وانما هي شقيقته الصغرى..

«ماريا بوليتا»

نابليون هو الذي اختار لها اسم «بولين» كان يحبها كثيرا.. وكان قريبا منها كثيرا..

وبقية الاسماء الاخرى اخذتها من زوجها الامير «كاميلو بوجيزي» احد شرفاء ايطاليا.. الذي حكم «غواستالا» ثم ولاية «بيمونت».

.. ولدت «بولين» عام 1780 هي العاشرة في الترتيب بين اشقائها.. كانت «بولين» اجمل بنات العائلة.

قال لها شقيقها نابليون:

«بولين انا فخور بك ولكن اخاف عليك بسبب جمالك المفرط وجاذبيتك التي لا تقاوم!

.. تسابق الرجال لطلب يدها.. اختار لها شقيقها احد مساعديه ويدعى «الجنرال لوكليرك».

.. وفي عام 1801 قامت ثورة الزنوج في جزيرة «سان دومنيك» في اميركا.

.. كلف نابليون بونابرت زوج شقيقته «بولين» الجنرال (لوكليرك) بقيادة قوات لاخماد الثورة.

.. استغلت «بولين» غياب زوجها «لوكليرك» في قيادة الحملة في سهراتها وخاف عليها شقيقها وعلى سمعتها وسمعة زوجها..

.. اصدر نابليون امرا لها بضرورة السفر الى «سان دومينيك» لتساعد زوجها.. في قيادته للحملة التي تتصدى للثورة..

سافرت «بولين» بالفعل وقامت بدور بطولي في التصدي لمواجهة مرض الحمى الصفراء ومكافحة الاوبئة التي انتشرت بين الجنود..

.. كانت تداوي المرضى.. كانت كلماتها الرقيقة تبعث الثقة في نفوسهم.. خاف عليها المسؤولون في وطنها من ان تلحقها العدوى.. فطلبوا عودتها..

قالت لهم في شجاعة: اذا كنتم تخافون علي من المرض او الموت فمن انا؟

.. انا لا ارتقي  الى عطاء القادة الذين يقاتلون.. لا ارتقي الى تضحياتهم.. لا ارتقي الى عطاء جندي من جنودنا البواسل.. انني اتعلم من جنودنا لا تنسوا ايها السادة انني شقيقة نابلون.

.. استمرت «بولين» تؤدي دورها الى جوار زوجها الى ان كان عام 1802 فوجئت بإصابة زوجها بالحمى ومات متأثراً بالمرض الذي فتك به.

.. كان عمر «بولين» 22 عاما تغير حال «بولين» بكت زوجها بكاء شديدا..

فقصت شعرها الحريري الطويل ووضعته على جثمان زوجها «الجنرال لوكليرك».

اعتزلت العالم لم تغادر قصرها المطل على ميدان «الكونكورد».

أشفق عليها نابليون وقرر ان يختار لها زوجا آخر وهو واحد من نبلاء ايطاليا اسمه (كاميلو بوجيزي)..

كان مثقفا مستقيما.. تزوجا عام 1803.. انتقلت «بولين» وزوجها الجديد «كاميلو» للحياة في روما..

تغير حال «بولين» من الحزن والحداد الى حياة السهر والبذخ..

كان يصرف عليها زوجها ببذخ.. حاول اسعادها بكل الطرق..

كان يحبها حبا شديدا.. لكنها كانت تشعر بالغربة فتقربت الى العديد من الشخصيات المهمة ورجال السياسة والسفراء..

صبر عليها زوجها كثيراً..

فوجئ في احد الايام بأنها تعد حقائبها للعودة الى باريس.. لجأ الزوج الى شقيقها نابليون..

كتب لها شقيقها رسالة جاء فيها:

تنسين انك شقيقتي التي احبها.. واحب فيك الوفاء والاخلاص وتنسين ان لك زوجا له حقوق..  يؤلمني اشد الالم ان ينال ذلك من سمعتك، صدقيني الجمال زائل «والشباب لا يدوم» وعلينا ان نحرص على كسب احترام الآخرين.

.. مرت عشرة اشهر على زواجها من «بورجيزي» وفي عام 1804 اصبح شقيقها امبراطور فرنسا واصبح من حقها ان تحمل لقب «صاحبة السمو الامبراطوري بولين بورجيزي».

«بولين» نجمة السهرات المخملية وتسابق رموز المجتمع الإيطالي على حضورها

 

.. اصبحت «بولين» مغرورة اقدمت على تنظيم الحفلات الكبيرة في قصرها..

أنفقت الكثير من المال على هذه الحفلات التي لا تنام وبعد مرور شهرين حلت بها كارثة تمثلت في وفاة ابنها من زوجها السابق..

كان ابنها في سن سبع سنوات وعادت من جديد الى العزلة والحزن والاسى..

شقيقها اشفق عليها ودعاها هي وزوجها الى باريس.. خفف عنها حزنها.. اقام لها حفلات باذخة احاطها بالارستقراطيين.. قدم لها الدعوات لحضور المعارض والحفلات الموسيقية..

اغلقت باب الحزن على ابنها وعادت من جديد لحياة اللهو والترف.. والتألق والمشاهير..

اصبحت «بولين» عرضة للحسد من حسناوات باريس اثارت حولها الشبهات.. قيل انها تقيم علاقات غرامية مع حراسها ومساعديها.. استدعاها شقيقها.. استفسر منها عن الشائعات التي تلاحقها!

اجابت: لقد وضعت في ثقتك وانا جديرة بهذه الثقة.. لكنك يا اعز حبيب تنغمس في مهامك.. مشاغلك لا تجعلك قادرا على دراسة ميول البشر من حولك من رجالات القصر والقادة الذين صنعتهم..

وكان علي ان اعمل على لم الشمل والمحافظة على ان هؤلاء على ولاء  لك.. لقد علمتني ان الشجرة كلما كانت مثمرة زاد عدد الذين يقذفونها بالحجارة..

ثق يا شقيقي ان سلوكي شريف وان احدا لن ينال مني غير عبارة رقيقة او ابتسامة هنا وهناك.. انهم يتقولون علي بدافع الغيرة والاحقاد النسائية.

كلماتها ادخلت الفرح والسعادة على شقيقها..

اشفق عليها فمسح على رأسها وقال لها: «هذه انت يا بولين ثقتي فيك لا حدود لها».

.. وفي عام 1814 عصفت الثورة والبراكين السياسية بفرنسا .. تنازل نابليون عن العرش في 15 من شهر ابريل 1814 وتم نفيه  الى جزيرة «سانت هيلانه»،  ابتعد عنه الجميع وبقيت الى جانبه «بولين»  التي لحقت به وقالت:  أريد ان ابقى الى جانبه حتى النهاية.. لم أكن احبه كإمبراطور ولكنني احببته لأنه شقيقي الانسان الحنون..

وعند عودته الى بلاده وضعت بين يديه جميع ممتلكاتها ومجوهراتها.. لكن نابليون تخلى عن العرش مرة اخرى ونفي الى جزيرة «سانت هيلانه» وتم منعه من رؤية اهله وابنه حتى زوج اخته «كاميلو بورجيزي» تخلى عن «بولين» زوجته..رحلت «بولين» وامها الى ايطاليا..

حاصرت الامراض «بولين» وبقيت تنتظر الموت وقالت للكاهن الذي طالبها بالتوبة عما اقترفته في حياتها «لست في حاجة الى التوبة» كنت اعرف تماما كل ما اقدم عليه ولو عشت مرة اخرى لفعلت ما فعلت.. وسلكت نفس الطريق حتى ماتت في 1825.

 

كتبت نادية عبدالرحمن