BOBBI BROWN قصة نجاح صانعة الجمال الطبيعـي ورائدة المكياج العضـوي
في الوقت الذي كانت تتهافت السيدات على اقتناء أقلام الروج الحمراء الصارخة اللون في ثمانينيات القرن الماضي، حيث كانت تلك الألوان فقط هي الدارجة والموجودة آنذاك خرجت مصممة المكياج حديثة التخرج «Bobbi Brown» بصرعة جديدة تدخل الألوان الطبيعية الهادئة على خارطة المكياج لتشكل خطاً جديداً بات موضع تنافس بين المتخصصين في هذا المجال منذ ذلك الوقت حتى الآن لتكون واحدة من أكبر امبراطوريات تصنيع المكياج في العالم.
بدأت إمبراطوريتها من مكياج والدتها
تأثرت الطفلة الصغيرة براون التي ولدت في 1957 بمدينة شيكاغو الينوي الأميركية كثيرا بجمال والدتها وعشقها لوضع المكياج على بشرتها الصافية، حيث كانت دوماً تنظر إليها بزهو وسعادة وهي تلون جفونها بظلال العيون البيضاء وتحددهما بخطوط الآيلاينر الأسود لتكمل اللوحة بحمرة الخدود الوردية وقلم الروج الأحمر.
وحين بلغت الفتاة سنّ الرشد وأصبح بإمكانها الانخراط في العمل تلّقت أول تدريباتها العملية في مركز صغير لمستحضرات التجميل، حيث تمرنت على العمل في هذا المجال الصعب، وفي تلك الأثناء التحقت براون بكلية “ايمرسون” في بوسطن ودرست فن المكياج المسرحي والتصوير الفوتوغرافي وبعد تخرجها في عام 1980، انتقلت إلى مدينة نيويورك للعمل فنانة مكياج محترفة لتبدأ رحلتها الجديدة.
طلبت براون من الصيدلي أن يصمم لها حمرة شفاه ليست دهنية وبدون أي رائحة وأن يكون لونها ترابياً
المصادفة البحتة كانت بداية العالمية
عملت براون في نيويورك خبيرة مكياج لحسابها الخاص، لكنها لم تكن أبداً راضيةً عن ألوان حمرة الشفاه ذات الألوان الصارخة التي انتشرت في الأسواق آنذاك، وهو ما دفعها إلى التفكير خارج الصندوق، حيث قادتها أفكارها إلى الاتصال بالصيدلي الذي يعمل بالصيدلية القريبة من منزلها وسألته عن إمكانية تصميم حمرة شفاه خاصة بها، وذات مواصفات خاصة كونه كيميائيا، ويندرج ذلك العمل ضمن اختصاصاته وكانت المفاجأة بموافقته.
وفى لقاء صحافي قالت براون إنها طلبت من الصيدلي أن يصمم لها حمرة شفاه ليست دهنية وأيضا ليست جافة وبدون أي رائحة، وأن يكون لونها ترابياً أو من لون شفتيها وهو ما حدث بالفعل. وكانت المفاجأة الكبرى حين تلقت عرضا من قبل الصيدلي لمشاركتها في إنتاج تلك الحمرة وبيعها بمبلغ 15 دولارا أميركياً للقلم الواحد على أن يتقاسما السعر المحدد لتكون المصادفة البحتة هي بداية مشروع براون الذي تحول لاحقا إلى امبراطورية لتصنيع مستحضرات التجميل تقدر بمليار دولار.
وتضيف براون أن رحلتها لم تكن بالسهلة أبدا، حيث إنها لم تكن تعرف أحداً في تلك المدينة الكبيرة، وأنها بدأت مشوارها من دليل التلفونات، حيث كانت تتصل بكل الأرقام ذات الصلة بعالم مستحضرات التجميل أو عارضات الأزياء المدونة أسماؤهم في أوراق الدليل الصفراء حتى تعرض عليهم مستحضرها الوليد، وأيضا ما تقدمه من خدمات تجميلية.
وقالت إنها كانت تتحدث مع كل الناس في أي مكان تتحرك فيه كي تنشر ما تقوم به من منتجات، وفي تلك الأثناء كانت براون تحضر لمجموعتها الأولى التي أطلقتها في عام 1991 والمؤلفة من عشرة ألوان هادئة تحمل اسمها، حيث اعتبرت في ذلك الوقت قفزة نوعية في عالم مستحضرات التجميل.
وفي ذلك تقول براون:
”عندما أسست الشركة كانت مهمتي أن أصنع أحمر شفاه يبدو تماماً بلون الشفاه، فغالبية حمرة الشفاه المنتشرة في الأسواق، كانت تبدو اصطناعية ودهنية وذات رائحة كريهة، أردت أن أصنع شيئاً يبدو طبيعياً، ويتلاءم مع لون البشرة والشفاه”.
ولم تتوقف براون عند هذا الحد، حيث تحدثت إلى صديقة لها عن مستحضرها الجديد، وبالمصادفة كانت تلك الصديقة تعمل محررة في مجلة “جلامور” العالمية والتي بدورها طلبت من براون كتابة مقال حول حمرة الشفاه الجديدة التي تقدمها، وهو ما حدث بالفعل، حيث كتبت الأخيرة المقال وأضافت إليه رقم تلفون منزلها، وقد فتحت لها تلك الخطوة أبواب السعادة، حيث لم تتوقف الطلبات على مستحضرها الجديد وذاع صيتها في المدينة بأسرها.
وتستطرد انها كانت تعمل ليل نهار مع زوجها Steven Plofker الذي كان يدرس الحقوق في ذلك الوقت، حيث كانا يضعان أقلام حمرة الشفاه في أظرف وبدون علب لتوزيعها في كل مكان، وقالت إنهما كانا يتجولان بما لديهما من بضاعة في كل الحدائق العامة ومراكز التسوق، ليس فقط لتسويقها، بل للتأكد من احتياج السيدات لها ولمعرفة مدى ملاءمتها لكل ألوان البشرات أيا كانت الجنسية، واستمر ذلك الوضع إلى أن أسس الزوجان شركة “Bobbi Brown” لمستحضرات التجميل.
عملت براون مع أهم المصوّرين والمحررين في المجلات المتخصصة بشؤون المرأة ومنها “كوزمو بوليتان” و”فوج” فيما زادت شهرتها وسطع نجمها عندما وضعت لمساتها التجميلية على عارضة الأزياء نعومي كامبل التي ظهرت على غلاف مجلة “فوغ”.
إستي لودر تشتري براون وتعاقدت على اتفاقية منع التنافس ولمدة تصل إلى 25 سنة!
في عام 1995 أصبحت علامة “بوبي براون” التجارية تنافس علامة “إستي لودر” التجارية في أهم مراكز بيع مستحضرات التجميل، وهو ما حدا بالأخيرة إلى شراء علامة براون التجارية مقابل مبلغ ضخم، مع الاحتفاظ بكامل الحقوق الإبداعية لبراون التي عينت مديرة للإبداع بالشركة التي تمثل 10% من مجمل مبيعات شركة استي لودر.
وحفاظاً على حقوقها، تعاقدت استي لودر مع براون على اتفاقية منع التنافس التي تمنع الأخيرة من إنتاج أي مستحضرات يمكن أن تنافس منتجاتها ولمدة تصل إلى 25 سنة.
وبالفعل عملت براون معهم لمدة تجاوزت العشرين عاما استطاعت خلالها أن تحول الشركة إلى امبراطورية تقدر بمليار دولار.
وخلال تلك السنوات قدمت براون العديد من التقنيات البسيطة والحديثة لتطبيق المكياج الطبيعي الراقي دون عناء لأنها تؤمن “أن المكياج لا يقوم على القواعد، بل على الخيارات” وكتبت 9 كتب متخصصة بفنون التجميل، كما أنشأت مدرسة لتعليم فن المكياج، ومجلة خاصة بالصحة إلى جانب عملها محررة تجميل في عدد من الإصدارات الإعلامية واستمرت في إنجازاتها المتلاحقة حتى حصلت على شهادة دكتوراه فخرية من جامعة Montclair State.
حصلت براون على شهادة معتمدة من مؤسسة «Institute for Integrative Nutrition» وعملت أخصائية تغذية
بالإضافة إلى ما سبق ذكره، زينت مستحضرات ”بوبي براون” المتنوعة وجوه الكثير من الشخصيات العامة المشهورة من بينهم سيدة أميركا الأولى سابقا ميشيل أوباما و”دوقة كامبريدج كيت ميدلتون” وغيرهن من شهيرات العالم فيما تنتشر مستحضرات التجميل التابعة لها في 68 دولة. في تلك الأثناء حصلت براون على شهادة معتمدة من مؤسسة اInstitute for Integrative Nutritionب، وعملت اخصائية تغذية، بل وأطلقت علامتها التجارية Evolution 18.
مستحضرات براون العضوية Jones Road
تتناسب مع جميع الأعمار ومختلف أنواع البشرة ودرجات ألوانها
وفي عام 2021 أعلنت براون عن شركتها الجديدة “جونز رود” المتخصصة في تصنيع مستحضرات تجميل صديقة للبيئة وخالية من المكونات الحيوانية المضرة ومعتمدة على المكونات العضوية المفيدة التي تتناسب مع جميع الأعمار ومختلف أنواع البشرة ودرجات ألوانها.
وتعكس العلامة التجارية الجديدة التطوّر في شخصية براون والمرحلة الجديدة في حياتها كسيدة أعمال وخبيرة مكياج بعدما لاحظت تغيرات كبيرة في الطريقة التي تعتمدها السيدات حديثا أثناء تطبيق المكياج.
وتقول براون إنها لم “تفكر مطلقاً في أنني سأعود إلى صناعة مستحضرات التجميل، لكنني أدركت مدى حبي لكوني فنانة مكياج، وهذا ما درسته في الكلية”. وأضافت أنها تحب العمل بالمكياج أكثر من أي شيء آخر.
وتعتمد براون على فكرة “المكياج المحدود” أو ما يعرف بالميناميلست والذي يقوم على فكرة استخدام الحد الأدنى من مستحضرات التجميل حفاظاً على البيئة من ناحية والصحة العامة، حيث ترى أن المرأة العصرية لا تحتاج لأكثر من الكونسيلر وآيلاينر وكريمات الأساس والماسكارا والكريمات المرطبة، إلى جانب ملمع الشفاه وظلال العيون.
وأهم ما يميز مستحضرات براون الجديدة هو خلوها من جميع المكونات الضارة بالبشرة كالسولفيت على سبيل المثال لا الحصر، إلى جانب كونها عضوية بالكامل ولا يستخدم فيها أي مكون حيواني حماية لتلك الكائنات من قتلها بهدف التربح منها.
تمكين المرأة المحرومة من ضمن اهتماماتها
وعلى الرغم من جدول براون المكتظ بالمشاريع والإنجازات، إلا أنها لم تتخل عن واجبها المجتمعي تجاه البشرية، حيث إنها كرّست جزءاً من وقتها للأعمال الخيرية ومن بينها حملة “جميلة وقوية للنساء والفتيات” ويذهب ريع أحد منتجاتها بنسبة 100% إلى دعم برامج تمكين المرأة المحرومة حول العالم.