أزياء وموضةالنصف الحلو

Tom Ford .. صانع أناقة القرن الـ 21

أناقة والدته الكلاسيكية ولمسات جدته الإبداعية كانت مصدر إلهامه

 

توم فورد اسم لا يمكن أن يخطئه أي مهتم بعالم الموضة والأزياء أو محب للسينما وعالم الفن، فهذا الرجل غيّر شكل الموضة في القرن

الـ 21 وأصبح من أهم صناعها فمواهبه المتعددة أهلته ليحول التراب الذي يصل إلى يديه إلى ذهب كما يصفه الاعلام الغربي، ولم لا؟ وقد أنقذ علامة جوتشي التجارية من الانهيار، بل زاد مبيعاتها من بضعة ملايين سنويا إلى مليارات.

حياته سلسلة من النجاحات المتتالية وحتى إخفاقاته سرعان ما تتحول إلى نجاحات كونه من النوعية التي لا تعرف الاستسلام ولا تسمح للفشل بالوصول اليها، ويبقى السؤال من توم فورد؟

 

ولد توم فورد بولاية تكساس الاميركية في 27 اغسطس 1961 لأبوين ميسوري الحال، حيث كانا يعملان في مجال التسويق العقاري وهو ما أدى إلى انتقاله وهو طفل صغير للعيش مع جديه في مدينة صغيرة بنفس الولاية.

عاش الفتى المدلل في كنف العائلة الدافئ حيث كان يقضي أوقاتا سعيدة برفقتهما وبزيارات والديه حيث يقول في احد  حواراته الصحافية انه يتذكر كيف كان يشعر بالفرح وهو ممدد بجوار جديه على حافة حمام السباحة بمنزلهما الصغير. ويستطرد: كنت أشعر بسعادة غامرة عندما كانا يصطحباني إلى Ralf the swimming pig وهي من المعالم السياحية المشهورة بالمدينة، ويبدو أن تلك الحياة البسيطة ظلت عالقة في ذهن ووجدان فورد الشاب الذي لطالما قال انه يحلم بالعودة اليها من جديد.

كان الفتى مولعاً بفن الرسم، فحسب وصفه لنفسه فهو من النوع البصري الذي يحفظ الاشياء ويحب أن يصورها أو يجسدها وهو ما كان سببا في ولعه بتصميم الأزياء التي عشقها منذ نعومة أظفاره.

ويضيف فورد أن هذا لا يعني أنه كان يرسم اسكتشات لتصاميم أزياء وهو في الخامسة من عمره مثلا، ولكنه قال إنه كان يقوم بإعادة تنظيم أثاث المنزل كلما خرج والداه وتركاه وحده.

وأضاف انهما كانا يشجعانه على عمل كل ما يريد ربما لأنهما أدركا مواهبه المتعددة وإصراره على تحقيق ما يريد إلى جانب سعيه الدائم للوصول للكمال وتأدية ما عليه من واجبات على أكمل وجه والتي استمرت معه حتى يومنا هذا، وقد يكون ذلك احد اسباب نجاحه المستمر.

 

والدته وجدته قدوتاه في الأناقة والتميز

ويبدو أن الطفل الصغير كان يختزن في ذاكرته كل ما كانت ترتديه والدته من تصميمات كلاسيكية أنيقة وكذلك جدته التي كانت تتمتع بذوق رفيع ولمسات إبداعية تعكس ثقافة تكساس القائمة على التفاصيل اللافتة الكبيرة الحجم.

وأكد المصمم أنهما كانتا قدوته في مجال الأناقة والشياكة ومصدراً لإلهامه الدائم، حتى انه استطاع أن يجمع بين كلاسيكية الأم ولمسات الجدة في تصميمات أحدثت نقلة كبيرة في عالم الأزياء والموضة ولاسيما في مجموعاته الاولى التي صممها لدار جوتشي للأزياء وكانت سببا في رفع المبيعات بشكل غير مسبوق.

 

من تكساس إلى  نيومكسيكو  إلى نيويورك.. وأول الإخفاقات

انتقل ولدا الشاب للعمل في ولاية نيومكسيكو وذلك تزامنا مع التحاقه بالمرحلة الثانوية التي أتمها بنجاح لينتقل بعد ذلك إلى مدينة الاحلام نيويورك وذلك لدراسة تاريخ الفن بجامعة نيويورك

ولكنه لم يستمر بها سوى عام واحد فقط حيث أخفق في دراسته الحياة الصاخبة التي عاشها آنذاك ولكنه سرعان ما استفاق وعدل مساره، حيث انتقل بعد عام واحد فقط إلى مدينة لوس انجيليس حيث عمل هناك  ممثلا في بعض الاعمال التلفزيزنية التجارية.

 

من لوس أنجيليس إلى نيويورك ومن الهندسة للأزياء

بعد عدة سنوات عاد فورد إلى مدينة نيويورك من جديد حيث التحق بجامعة Parson School Of Design وذلك لدراسة الهندسة المعمارية ولكنه انتقل في الصف النهائي إلى فرع الجامعة بباريس حيث تخرج من هناك ولكن مفاجآت فورد التي لا تنتهي بدأت من جديد وذلك بعد ان ادرك على حد تعبيره انه لا يهوى الهندسة بالقدر الذي كان يعتقده وانه يميل إلى العمل بتصميم الأزياء.

«لقد أفقت ذات صباح وسألت نفسي ما الذي أفعله؟ فالهندسة مجال شديد الجدية، ففي كل مشروع كنت أقوم به للجامعة كنت أتعامل معه وكأنه فستان أصممه فأدركت أن الموضة والتصميم هما الاتجاه الصحيح الذي يجب أن اتجه اليه».

 

بعد شهر من الاتصالات اليومية.. كاثي تعين فورد لديها

فى 1985 وفور تخرجه في الجامعة قرر فورد أن يعود إلى نيويورك من جديد كي يعمل بالمجال الذي يحبه فما كان منه الا انه قام بالاتصال بمكتب مصممة الأزياء الرياضية الاميركية  Cathy Hardwick للعمل لديها وقال إنه استمر بالاتصال بمكتبها بشكل يومي ولمدة شهر كامل حتى انها ردت عليه في النهاية ووافقت على مقابلته كي تثنيه عن العمل معها.

وقالت في احد  لقاءاتها الاعلامية إنها سألته متى يستطيع مقابلتها، فكان رده مفاجئا حيث قال لها خلال دقيقتين فقد كان يتصل من غرفة الاستقبال المجاورة لغرفتها وبالفعل استقبلته وسألته العديد من الاسئلة من بينها أفضل المصممين بنظره فقال شانيل وجورجيو أرماني.

وعندما سألته في وقت لاحق لماذا اختار هذين الاسمين؟ قال: لقد كنت ترتدين شيئا من تصميم أرماني. التحق فورد بالعمل مع فريق المصممين لدى كاثي ليصل إلى منصب مساعد مصمم أزياء واستمر ذلك لمدة عامين انتقل بعدهما للعمل مع دار Perry Ellis لتصميم الجينزات، حيث تدرب على يد مدير الدار الإبداعي مارك جيكوبز، فقد اكتسب خبرة كبيرة بالعمل معه قبل أن يتنقل في بداية التسعينيات من القرن الماضي إلى ميلانو بايطاليا للعمل مع دار جوتشي للأزياء لتكون بمثابة النقلة النوعية بحياته المهنية ومستقبل العلامة التجارية التي كانت في طريقها للانهيار والافلاس.

 

فورد ينقذ جوتشي من الانهيار.. ويحفر اسمه في عالم الموضة

في تلك الأثناء كانت إدارة دار جوتشي للأزياء المتخصصة في صناعة الجلود تعيش في حالة من التخبط الشديد الذي كاد أن يودي بها إلى الهاوية والانهيار وهو ما دفع بها إلى تعيين فورد كمصمم للدار مع منحه كل الصلاحيات لتغيير بعض القوانين التي كانت سارية بقوة داخل الادارة ومنها منع المصممين من تحية الجمهور أثناء أو بعد عروض الأزياء.

بدأ فورد بعمل تغييرات جذرية في أسلوب التصميم في الدار، حيث توقف عن خط المينيماليزم الذي كان سائدا في بداية التسعينات واستبدله بتصميمات عصرية مختلفة أحدثت ضجة كبيرة في عالم الموضة والأزياء وزادت من مبيعاتها بشكل غير متوقع للجميع.

استمر فورد في نجاحاته المتتالية مع جوتشي وقام بعمل توسعات في خطوط الإنتاج التي بلغت 13 خطاً مختلفاً منها إلى جانب الأزياء الاكسسوارات والعطور والاكسسوارات المنزلية وغيرها من الخطوط التي دفعت بالدار عشرات الخطوات للامام، حيث زادت حجم المبيعات من 230 مليون دولار سنويا إلى اربعة مليارات ونصف المليار  وهو ما جعل اسم فورد اشهر من نار على علم في ذلك المجال.

وللمزيد من النجاحات اشترت علامة جوتشي التجارية دار ايف سان لوران الفرنسية للأزياء، حيث كانت تعاني هي الاخرى من الكثير من الازمات المالية ليصبح فورد هو مديرها الإبداعي أيضا بالتوازي مع عمله الأساسي.

 

نهاية عمله مع جوتشي.. بداية جديدة في حياته

تأتي الرياح دائماً بما لا تشتهي السفن، وهذا ما حدث مع فورد بالضبط، فبعد أن أعلنت ادارة علامة جوتشي بيع الدار لشركة Pinault printemps Rodounte الفرنسية في العام 2004 قرر المصمم فورد تقديم استقالته من الدارين سالفتي الذكر ليجد نفسه بين يوم وليلة بلا عمل، ولكن كما أسلفنا سابقا فمواهبه المتعددة وإصراره الدائم على النجاح مكنته من تحدي كل الصعاب، حيث قرر اسس شركته الخاصة لإنتاج الاعمال السينمائية بالتوازي مع إنشاء علامته التجارية الخاصة به.

ولأن فورد رجل لا يعرف الهزيمة ولا الاستسلام فقد قرر في 2005 تأسيس علامة توم فورد التجارية التي تعتبر أهم وأبرز دار في القرن الـ 21 بل إنها أحدثت نقلة في عالم الأزياء والموضة لا تقل عما قام به كريستيان ديور وكوكو شانيل في القرن الـ20، وكان المصمم من الذكاء بمكان بحيث لم يفتتح كل خطوط الإنتاج مرة واحدة، بل جاءت كل منها على حدة. وحتى تكون خطواته ثابتة ومؤثرة بدأ فورد بتصميم الأزياء الرجالية وأثبت فيها نجاحا منقطع النظير حتى أصبح فورد ملك الأناقة الرجالية، وبالتوازي افتتح خطوطا اخرى لتصميم النظارات الشمسية والعطور، ومن ثم بدأ بتصميم الملابس النسائية وعلى الأخص المسائية التي اتسمت بالطابع الكلاسيكي العصري.

وبعد أربع سنوات من الإبداعات المتتالية فاجأ فورد متابعيه بإخراجه فيلما بعنوان A Single Man وهو أيضا من إنتاج شركته الخاصة بإنتاج الافلام التي أسسها بعد تركه العمل بدار جوتشي للأزياء، وقد قوبل الفيلم بالكثير من ردود الافعال الايجابية سواء على صعيد النقاد أو الجمهور بل انه تلقى عدة جوائز عالمية.

 

عطوره تكاد تكتسح هذا العالم المليء  بالأسماء العالمية الكبرى

واذا كانت شهرة فورد قد بدأت بتصميم الأزياء، الا أن عطوره تكاد تكتسح هذا العالم المليء بالاسماء العالمية الكبرى، فعطور توم فورد التي يزيد عددها على 97 عطرا تتعدى ما كان مألوفا لدى مصممي العطور، حيث استخدم اللمسات الشرقية بقوة في تصميمها لتصبح بصمته التي لا يخطئها أحد. فقد استخدم فورد المسك الابيض والخشب الصندل والبلاك أوركيد والفانيلا وأوراق التوباكو وزهورا أخرى متنوعة يختارها المصمم بمنتهى العناية.

والسؤال ما الذي يحمله لنا فورد من مفاجآت في المستقبل القريب أو البعيد؟!

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق