أحــداث 2015 الاقتصادية سلبيـة كـويـتيًّـا وإقليميًّا وعالميًّا
جاسم السعدون لـ «أسرتي»:
تحدث جاسم خالد السعدون رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستثمار عن أهم الأحداث الاقتصادية التي شهدها العالم خلال عام 2015 على المستوى الكويتي والإقليمي والعالمي.
وصف جاسم السعدون هذه الأحداث بأنها ذات أبعاد سلبية، وأكد ضرورة أن تقوم الكويت بخطوات إصلاح كبيرة ومقبولة للوصول الى علاج وقائي مبكر لمواجهة تراجع سيولة البورصة والعقار وانعكاسه على رهونات المصارف، وفيما يلي الحوار الذي دار بين مجلة «أسرتي» وجاسم خالد السعدون:
ضعف سوق النفط مستمر على المستويين المتوسط والطويل
ما أهم الأحداث الاقتصادية التي شهدها العالم عام 2015.
– أهم الأحداث الاقتصادية من حيث تأثيرها الآني والمستقبلي كان شديداً.. فعلى المستوى الكويتي أصاب هذا التأثير السلبي سوق النفط ابتداءً من خريف عام 2014.. فمثلا على مستوى الكويت، بدأ التأثير السلبي واستمر في عام 2015، وفقد معدل سعر برميل النفط الكويتي نحو 57.4 دولارا أميركيا بانخفاض معدله من نحو 100.6 دولار أميركي في أغسطس من العام الفائت إلى نحو 43.2 دولارا أميركيا في أكتوبر من العام الحالي.
وبدأت الكويت وكل دول الخليج النفطية الأخرى حقبة عجز حقيقي في موازناتها العامة بدءاً من السنة الحالية، بعد نحو 15 عاماً من تحقيق فائض، والأخطر هو أن ضعف سوق النفط سوف يستمر على المديين المتوسط والطويل.
كيف ترى أداء الاقتصاد العالمي عام 2015؟
– لأول مرة منذ عام 1929، يعاني أداء الاقتصاد العالمي ضعفا مزمنا، فالتوقعات تشير إلى تباطؤ متصل في النمو، وخطورته من حيث تداعياته على دول النفط هو أن هذا التباطؤ سوف يصيب الاقتصادات الناشئة والنامية في آسيا، وأهم الاقتصادات المصابة هي الصين، وأفريقيا وأميركا اللاتينية.
وما بين منتصف ثمانينيات القرن الفائت ونهاية عام 2013، كانت الصين وحدها مسؤولة عن زيادة الطلب على النفط بنحو 9 ملايين برميل يومياً، وكان اقتصادها ينمو بمعدل أكثر من 10% سنويا، وفي أواخر أكتوبر الفائت، قدمت الصين خطتها الخمسية الجديدة مستهدفة معدل نمو بحدود 6.5%، وتباطؤ النمو الصيني سيضعف الطلب على النفط وبقية المواد الأولية، وسيكون عاملا رئيسيا في الضغط المتصل إلى الأدنى على أسعار النفط.
ماذا فعلت منظمة الدول المصدرة للنفط لتخفيف حدة تراجع أسعار النفط؟
– بينما أعلنت دول أوبك عزمها الدفاع عن حصص إنتاجها في السوق النفطي رغم انحسار الطلب في محاولة منها لإخراج النفط غير التقليدي من السوق، أو حتى وقف التوسع في الاستثمار فيه، ونجحت في خفض منصات حفره بنحو 60%، امتد الصراع على حصص الإنتاج بين منتجي النفط التقليدي ما تسبب في فائض المعروض منه وهوى بأسعاره من مستوى 106.3 دولارات أميركية للبرميل في شهر يونيو الفائت إلى نحو 43.2 دولارا أميركيا للبرميل في شهر اكتوبر الفائت.
وسط هذا التراجع في أسعار النفط، ما تقديركم لحجم العجز الذي قد تواجهه الموازنة العامة الحالية للكويت؟
– تغطي الموازنة العامة للكويت الفترة ما بين 1 أبريل 2015 و31 مارس 2016، أي أن تقديراتها جاءت بعد أكثر من 6 شهور من بداية ضعف سوق النفط، وجاءت تقديرات الإنفاق العام فيها بنحو 19.2 مليار دينار كويتي، أو ادنى من تقديرات السنة المالية السابقة لها بنحو17.4%، إلا أنها جاءت بعجز افتراضي بحدود 7 مليارات دينار كويتي.
ورغم أن العجز الحقيقي لن يبلغ هذا المستوى وسيكون بحدود 2-3 مليارات دينار كويتي، إلا أنه عجز حقيقي ولن تنفع معه معالجات هامشية مثل زيادة سعر الديزل أو خفض نفقات السفر للمسؤولين وما يثير القلق بلوغ الإنفاق غير المرن أو الرواتب والأجور المباشرة وغير المباشرة والدعم أكثر من 15 مليار دينار كويتي، ولا يبدو أن الحكومة الحالية قادرة على تبني حلول تضمن استدامة قدرتها على تمويل نفقاتها.
ما مدى تأثير تطورات الأحداث الجيوسياسية العربية عام 2015 على الاقتصاد العربي؟
– عام 2015 كان عام إضافة اليمن إلى الدول العربية الفاشلة، ودخلت دول الخليج أو معظمها حرب اليمن بشكل مباشر، ولأن معضلة اليمن لن تحسم بالحرب كما هو حال العراق وسورية وليبيا وقبلها الصومال، فإنها ستتحول إلى مصدر استنزاف للموارد التي باتت شحيحة.
وتلك الحروب والصراع على حصص سوق النفط أمر يحتاج إلى توافق بين دول الإقليم التي باتت تدير حروب الوكالة، ذلك ما لا يبدو ممكناً في الوقت الحاضر، لذلك سوف يكون هذا العامل ضاغطاً على الإستقرار الداخلي لجميع دول الإقليم شاملاً الكويت.
كيف كان أداء بورصة الكويت والعقار خلال 2015؟
– انحسرت سيولة البورصة في الشهور العشرة الأولى من عام 2015 بنحو 32.5% مقارنة بسيولة الشهور العشرة الأولى من عام 2014، وانحسرت سيولة السوق العقاري (أي قيمة تداولاته) بنحو 10.9% في الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي.. وأدى انحسار سيولة البورصة إلى فقدان مؤشرها الوزني نحو 11.6% في عشرة أشهر وفقدان قيمة شركاتها المدرجة نحو 11.5% في المقابل، و وأدى انحسار سيولة سوق العقار إلى الضغط على أسعار العقار الاستثماري وبعض أسعار السكن الخاص.
ولاستمرار انحسار السيولة في السوقين تداعيات
سلبية على ثروات الناس، وقد يؤثر في أوضاع قطاع المصرف ومعظم رهوناته عقار وأسهم، وهذه الأعراض تحتاج إلى علاج وقائي مبكر لم نقرأ مؤشرات
في سياسات مواجهته من قبل الحكومة حتى الآن.
ما تقييمك لمجمل أحداث 2015 الاقتصادية؟
– لم يكن عاماً جيداً، فحصيلة أحداثه الاقتصادية سلبية:
أولاً: على مستوى العالم أقر الجميع بالتعايش مع نمو اقتصادي ضعيف بما يعنيه من التعايش مع معدلات بطالة عالية نسبياً.
ثانياً: على مستوى الإقليم استمرار تعرضه لضربة مزدوجة، الأولى انخفاضه إلى نحو النصف لإيراداته النفطية، والثانية ارتفاع في مستوى الأحداث الدامية ومنافسة احتياجات تمويلها وتعويض ما تدمره تلك المواجهات على موارد أصبحت شحيحة.
ثالثاً: على مستوى الكويت، دخلت مرحلة العجز المالي الحقيقي مع ضغوط إلى الأدنى على معدلات النمو الاقتصادي وبدء مؤشرات البطالة السافرة، ومؤخراً انعكاسها على المشهد السياسي بتفجير مسجد الإمام الصادق وكشف خلية العبدلي.
مطلوب خطوات إصلاح ضرورية ومقبولة
هل من نصيحة يمكن أن تخفف الوطأة عن اقتصاد الكويت؟
– أحياناً، يدفع الشعور بالألم إلى جهود إصلاح تولد بعض الأمل، ويدفع إلى بعض الإصلاح لعلاقات الجوار في الإقليم، وبعض الإصلاح لعلاقة السلطات بالشعوب بالداخل، ليس فقط يقدم بعض الدعم لسوق النفط، وإنما يجعل خطوات الإصلاح الاقتصادي الضرورية وغير الشعبية خطوات مقبولة.
الكويت: فادية الزعبي