أول سيدة للديلفري في مصر تطوف الإسكندرية بالسكوتر سيدة «الأوردر» نادية عبدالصمد: لم أختر العمل في توصيـل الطلبات بـل جـاء المـوضـوع قـدرًا ومصادفـة
قادت محادثة هاتفية نادية عبدالصمد للتفكير في العمل بتوصيل الطلبات، ومهد لها الدرب للوصول إلى العمل الذي كانت تبحث عنه.. نادية سيدة في الأربعينيات من عمرها تمكنت من تكوين عملها الخاص حين باءت محاولاتها للحصول على العمل بالفشل، فجعلت من دراجتها البخارية مصدر رزقها، وأصبحت أول سيدة تعمل في مجال التوصيل بمصر منذ 5 سنوات.. تحدثنا إلى صاحبة (الأوردر) لنقترب من رحلتها أكثر في السطور التالية:
بداية، هل كان مجال دراستكِ أو صفاتكِ منذ صغركِ لهما علاقة بعملكِ الحالي؟
– دراستي لا علاقة لها بالعمل أنا حاصلة على ليسانس آداب قسم تاريخ، ولم أكن في صغري محبة للأشياء الغريبة أو الجديدة، ولكن منذ أيام الدراسة الجامعية كنت أميل للعمل، وأن يكون لدي عملي الخاص فلا بد أن يكون هناك شغل في حياتي.
كنتُ أبحث عن عمل يشغلني عن التفكير في موضوع الإنجاب
لا بد أن هناك قصة وراء عملكِ في مجال التوصيل فهل تحكينها لنا؟
– تعود قصة مشروعي لتوصيل الطلبات، ومن بعده صفحة الأوردر، إلى نحو ٥ سنوات، فقبل زواجي عملت في مكتبة الإسكندرية لفترة من الوقت، ثم تركت ذلك العمل لظروف عمل زوجي. وجرت الأعوام في الزواج بيننا ولم يحصل نصيب أن ننجب أطفالًا، وكانت الحياة بالنسبة لي صعبة حيث يسافر زوجي في عمله بالبحر لفترة طويلة، وأنا أيضًا أحب العمل فصار من الضروري البدء في عمل يساعدني في أن أشغل حياتي ولا يكون كل تفكيري في موضوع الإنجاب. بحثت عن عمل كثيرًا ولم أتمكن من العودة لعملي، كما رُفِضت في عدد من الوظائف، في نفس الوقت كنت قد اشتريت دراجة بخارية صغيرة (سكوتر) كوسيلة مواصلات لي، وبالمصادفة بعد عام من امتلاكي السكوتر كنت أحادث إحدى السيدات التي تبيع منتجات “أونلاين” فوجدتني أعرض عليها العمل معها في توصيل المنتجات، فوجئت السيدة في البداية ثم شرحت لها فكرتي. ما أذكره هنا أنني لم أختر العمل في توصيل الطلبات بل جاء الموضوع قدرًا ومصادفة.
كيف واجه زوجكِ رغبتكِ في العمل بالتوصيل؟
– كان زوجي أول من أعلمته بأمر عملي المرتقب بعد مكالمتي مع السيدة، وكان على علم برغبتي الكبيرة في الحصول على عمل ولطالما شجعني في بحثي. وعندما أخبرته عن طبيعة العمل في التوصيل، اندهش في البداية، ثم شرحت له طبيعة العمل فتفهم رغبتي في العمل ولم يرفض ولكنه أصر على أن الأمر تجربة لنرى إن كان مناسبًا أم لا.
هل توسع عملكِ فيما بعد؟
– بعدما بدأت عملي مع السيدة في توصيل منتجاتها، وما زلت معها حتى اليوم، توسع العمل ليشمل توصيل منتجات سيدات أخريات، كما عرفني عدد كبير من الناس من خلال صفحتي على “فيسبوك” والبطاقات التي أوزعها، كما صار الكثيرون في الإسكندرية يعتمدون عليّ في التوصيل. شعرت بأن الله عوضني عن كل ما كان خلال الفترة الماضية بشيء أحبه كثيرًا وفخورة به ولعملي حقه الكامل في حياتي وأتمنى أن يصبح مشروعي الصغير شركة كبيرة في يوم من الأيام.
ألا ترين أن هذا النوع من العمل ينطوي على مخاطرة كبيرة؟
– لا أشعر بأن المخاطرة كبيرة، في رأيي أن القيادة عمومًا سواء سيارة أو دراجة بخارية وغيرها يحتاج إلى بعض الشجاعة والإقدام في مواجهة الشارع. فإذا قررت أنني سأقود وسط السيارات والدراجات البخارية لا بد أن يكون لدي الشجاعة الكافية، أو كما نقول (قلب جامد) وسرعة بديهة لتفادي أي أمور في الشارع.
كيف تواجهين آراء البعض بالرفض أو الاستنكار لطبيعة عملكِ؟
– لم أكن مهتمة كثيرًا بكلام أو تصورات الآخرين عن عملي بقدر ما كنت مهتمة بإيجاد عمل، فقد كانت الفترة التي بدأت العمل بها فترة صعبة بحياتي خاصة مع تنقلي بين الأطباء في محاولات للإنجاب وهكذا. وشرحت للآخرين أن هذا العمل محترم وحلال وإنساني، فأنا أنظر للعمل بنظرة إنسانية أيضًا كوني أساعد سيدات وفتيات مثلي في توصيل الطلبات، وبدأ كثيرون يستوعبون الوضع وتحول الأمر إلى تشجيع.
كيف يبدأ يومكِ ومتى تبدئين العمل؟
– أستيقظ في السابعة صباحًا، وأبدأ العمل في التاسعة والنصف تقريبًا أو العاشرة، ولكنني منذ اليوم الأول للعمل اتخذت قرارًا بألا يطغى عملي على حياتي ويومي، فأخصص له جزءا من الوقت في اليوم فقط كما لو كنت في عمل مكتبي أو حكومي، ولهذا أعود للبيت في الثالثة أو الثالثة والنصف، وأكمل يومي في بيتي.
ما أكثر تعليق إيجابي ما زلتِ تذكرينه حتى الآن؟
– أكثر تعليق إيجابي أتذكره جاء من رجل أمن لإحدى العمارات أثناء توصيلي لطلب، وكان ذلك في بداية عملي. وعندما شاهدني وتحدثت له وعرف أنني أعمل في التوصيل وسألني عن السبب فحكيت له قصتي بإيجاز فقال لي أنتِ بمائة رجل من (الجالسين على القهوة)، ولا أنسى كلمته أبدًا. وحقيقي هناك بعض الأشخاص يتكاسلون عن العمل، ولو أنهم بحثوا سيجدون الأعمال ويتمكنون من النجاح.
من أكثر الأشخاص الداعمين لكِ في العمل؟
– أكثر الداعمين لي أولًا زوجي وأهلي، فهم أكثر سند لي، وأكن لهم كل التقدير لذلك، فساعدوني في تخطي ما صاحب حياتي من كآبة لكي أصل إلى عمل يشغل حياتي ومن بعدهم كل الذين عملت معهم ويقدمون لي الدعم باستمرار.
بحكم طبيعة عملكِ تتعرضين للكثير من المواقف الغريبة، فما أكثر موقف غريب مرّ عليكِ وتذكرينه حتى اليوم؟
– في إحدى المرات أثناء توصيلي لطلب لعميلة من العملاء، لاحظت أن باب الشقة المجاور لشقتها مفتوحًا، وعندما تسلمت العميلة الطلب مني وأنهينا الحديث كان باب الشقة المجاورة لا يزال مفتوحًا. وحينها شككت في الأمر ولفت انتباهها إليه، وأن باب الشقة مفتوح ولا يوجد صوت في الداخل. وبالفعل قرعنا الجرس ولم يرد أحد فاتصلت العميلة بجارتها لتستفهم منها عن الأمر فوجدت أن الجارة خرجت ونسيت الباب مفتوحًا وشكرتنا لأننا أنقذنا الشقة من حدوث أي مكروه دون أن يدري أحد.
السيدات قادرات على كل شيء.. ماذا تمثل لكِ هذه الجملة؟
– مؤيدة لها تمامًا فالسيدات قادرات على فعل كل شيء وما يريدون، أنا أشعر بأن السيدات لديهن إرادة قوية واكتشفت من مجال عملي أن كثيراً من السيدات الآن أصبحن يعملن عن طريق الإنترنت ويقدمن منتجات أونلاين. و(الست المصرية) مجتهدة ومكافحة ومحبة للعمل، ودائمًا ما تحاول أن تأتي بالمال والدخل إلى بيتها بمختلف الطرق ويضحين كثيرًا من أجل هذا.
أتمنى أن يتحول «الأوردر» في المستقبل من فكرة صغيرة إلى مشروع كبير
كيف ترين (الأوردر) في المستقبل؟
– حاليًا أصبح لـ(الأوردر) سجل تجاري وبطاقة ضريبية، وأحب أن يكمل مشروعي في توصيل الطلبات، إذ تعمل معي أخواتي وأخوات زوجي، وأوصيتهن بأن يكملن العمل في المشروع والصفحة حتى إن أصابني أي شيء، فأتمنى في السنوات المقبلة عندما أكون أكبر سنًا ولا تسعفني صحتي على توصيل الطلبات بالسكوتر أن يصبح (الأوردر) شركة كبيرة وفيها أشخاص آخرون يعملون، وتتحول الفكرة الصغيرة إلى مشروع كبير إن شاء الله.
أسرتي في كل مكان
مصر- داليا شافعي