تحقيقات

أول مأذونة في فلسطين

التاريخ سوف يتذكر اسم «تحرير حماد» أول امرأة تعمل بوظيفة مأذون في تاريخ فلسطين.

تشعر «تحرير حماد» بالفخر لأنها أصبحت أول مأذونة في تاريخ فلسطين، فقد استطاعت أن تُحقق حلما كان صعب المنال في مجتمع تحكمه الثقافة الذكورية.

بعد احتدام الجدل حول اعتلاء أول امرأة فلسطينية منصب «المأذون الشرعي» بحكم الرئاسة الفلسطينية بأحقيتها بذلك لتكون «تحرير حماد» أول مأذون شرعي في العالم الإسلامي، زاد الجدل حولها فرحب بها البعض وانتقدها البعض، وفي سبيل الاقتراب أكثر منها أجرينا هذا الحوار معها:

 

في البداية حدثينا عن نشأتك وحياتك الأسرية.

– تحرير حماد من مواليد 1979 من سكان بلدة سلواد، قضاء رام الله، نشأت في أسرة مكونة من 3 ذكور وبنتين، انهيت التعليم الابتدائي والثانوي في مدرسة بنات سلواد الثانوية، أفراد الأسرة كلهم حاصلون على شهادات جامعية، دبلوم وبكالوريوس، والدتي عملت مدرسة لمدة 36 سنة وكان لها الفضل الكبير في حثنا على الدراسة والمثابرة. طبعا إخوتي الذكور وأختي كل منهم متزوج وله حياته الاسرية الخاصة وحاليا نقيم انا ووالدي ووالدتي بالبيت.

 

من تحرير حماد؟

– تحرير حماد شابة هدفها إثبات وجود المرأة الفلسطينية على الساحة الفلسطينية، حاصلة على بكالوريوس فقه وتشريع من جامعة القدس – أبو ديس- وحاصلة على ماجستير دراسات اسلامية أيضا من جامعة القدس ـ أبو ديس، حاصلة على إجازة محاماة شرعي، شاركت في العديد من المؤتمرات ولي أبحاث منشورة.

 

في البداية ما الذي دفعك إلى التفكير في هذه الوظيفة «مأذونة»؟

– من أجل كسر حاجز اقتصار المهنة على الرجال فقط، فأردت ان أثبت لهم أن المرأة تستطيع القيام بمثل هذه المهنة ولا يوجد مانع شرعي أو قانوني في ذلك.

ألم تعملي بوظيفة أخرى منذ تخرجك؟
- عملت منذ تخرجي عام 2000 في عدة وظائف، أولى هذه الوظائف باحثة ميدانية لدى جهاز الاحصاء  المركزي لمدة 3 سنوات، ثم عملت مدرسة أيضا لمدة 3سنوات وفي عام 2008 دخلت سلك القضاء الشرعي علمت لمدة سنتين في دائرة الاصلاح والإرشاد الأسري، ثم كلفت بعمل وكيل نيابة شرعية لمدة 5 سنوات، والآن أعمل في محكمة رام الله والبيرة الشرعية بمسمى نائب رئيس قلم،  الى ان حصلت على مسمى أول مأذون شرعي في فلسطين.

 

ماذا كان رد فعل أسرتك تجاه عملك؟
- الحمد لله أسرتي وأقاربي رحبوا بالموضوع وتم عمل حفلة بهذه المناسبة بحضور الاقارب.

 

ما رد فعل الناس من حولك؟

– طبعا كون هذا المنصب او هذه المهنة جديدة على المرأة وهي حكر على الرجال فقط وكون مجتمعنا ذكوريا فكان هناك بين مؤيد ومعارض للفكرة.

هل مارست عملك ماذونة أم لا؟

– نعم لقد أجريت الى الآن 3 عقود، ومنهم من رحب بالفكرة ومنهم من فوجئ عندما علم بأنني من سأقوم بإجراء العقد ومع ذلك باركوا لي بهذا المنصب.

 

ماذا كان رد فعل زملائك؟

– للأسف موقف زملائي بالعمل لم يكن متوقعا، فالمعارضون اكثر بكثير من المؤيدين، لكن زملائي خارج العمل كانوا أول المهنئين والمباركين لي.

 

هل ستفكرين في ترك عملك إذا واجهتك صعوبات، أو مضايقات؟

– طبعا لا، فأنا واثقة من نفسي وقدرتي على النجاح، وسأواجه أي صعوبة بصدر رحب.

 

هل ستعقدين قران ابنك؟

– طبعا هذا يشرفني، وسأكون سعيدا جدا في هذه اللحظة.

عند حدوث مشاكل بين زوجين هل ستصلحين بينهما أم ستنحازين للزوجة؟

– بالتأكيد سأقوم بالإصلاح بينهما، وأنا انحاز للحق فقط، وكما قلت سابقا انني عملت في دائرة الاصلاح والإرشاد الاسري فكسبت خبرة في هذا المجال.

 

ما موقف الأسرة تجاه عمل السيدة تحرير كأول مأذونة في فلسطين؟

– طبعا كان هذا الموضوع فخرا لهم بأن تكون ابنتهم أول من حصل على لقب أول مأذون شرعي في فلسطين.

 

هل هاجمك أم وقف بجوارك منافسوك في موضوع عملك كمأذونة؟

– هناك من وقف بجواري وساندي وقدم لي المساعدة والنصيحة، ولكن الكثيرين هاجموني وبشدة ولم أكن اتوقع منهم ذلك.

 

وماذا عن وضع المأذون يده فوق يد العريس؟

– هذا يحصل فقط في المسلسلات التي نشاهدها على التلفاز، ولكن على أرض الواقع لا يتم وضع يد المأذون فوق يد العريس، بل يطلب المأذون من العريس أن يضع يده في يد والد العروس ويطلب منه أن يكرر ما سيلقنه من عبارات.

 

وماذا عن الزي المناسب لعمل المرأة كمأذونة؟

– لا يوجد عندنا في فلسطين زي رسمي أو خاص للمأذون، وبالنسبة لي أرتدي الزي الشرعي.

بماذا تردين علي من يقول: « إن المرأة لا تصلح لأن تكون مأذونة؟»

– أقول لهم إنه لا يوجد مانع شرعي أو قانوني في ذلك، والمرأة تصلح لأن تمارس أي مهنة اذا كانت حاصلة على المؤهلات العلمية وتنطبق عليها الشروط المطلوبة، وأنا توافرت فيّ الشروط وفق التعليمات المنظمة لعمل المأذون الشرعي لسنة 1987 المعمول به الآن في المحاكم الشرعية.

 

يردد البعض: «يعني هي كل المهن خلصت حتى تكون مأذونة»، فما تعليقك؟

– ما خلصت المهن ولا راح تخلص، وأسألهم سؤالا: هل هذه المهنة حكرا على الرجال فقط؟ وهل يوجد ما يمنع من أن تقوم المرأة بهذه المهنة؟

 

اعتاد الناس أن يكون عقد القران في المسجد ويلقي المأذون خطبة بعد الإشهار فكيف يكون، وصوت المرأة – كما يقولون – عورة، ومسألة الاختلاط؟

– أولا ليس صوت المرأة عورة على إطلاقه فإذا كانت تلقي محاضرة أو درسا فأين العورة في ذلك؟ هذا أولا، ثانيا انا عملي كمأذون فقط داخل المحكمة الشرعية فلن يكون هناك اختلاط ولا تنقل في المساجد أو القاعات.

 

ما البرنامج الذي تضعينه لنفسك لضمان تميزك ونجاحك؟

– إصراري على تحقيق هدفي في كسر حاجز اقتصار هذه المهنة على الرجال فقط، تحدي الضغوطات والصعوبات التي واجهتني وسوف تواجهني، وسيكون ذلك من خلال إصراري على ممارسة المهنة وإثبات قدرتي ووجودي.

 

ما طموحاتك ومشروعاتك المستقبلية بعد أن أصبحت أول مأذونة في فلسطين؟

– طموحي الوحيد الآن هو الحصول على شهادة الدكتوراه، وانني أسعى من أجل الحصول على منحة منذ سنوات.

 

ما المواصفات التي يجب توافرها لدى المرأة التي تقبل على وظيفة المأذونية؟

– أن تكون حاصلة على الشهادات العلمية في الشريعة الاسلامية.

– السمعة الحسنة وأن تكون محبوبة.

– حسن السيرة والسلوك.

 

والخطوات التي يجب اتباعها لتحقيق ذلك؟

– أولاً ان تقوم برفع كتاب الى لجنة المأذونين مرفقة الشهادات الحاصلة عليها والسيرة الذاتية، وبعدها تقوم اللجنة بدراسة الطلب  ثم الموافقة او لا.

وبماذا تنصحينها حتى تكون مأذونة ناجحة؟

– أن تكون جريئة، وواثقة من نفسها.

 

هل المرأة قادرة على تقلد مناصب لم تتقلدها من قبل في مجتمعنا؟

– إذا كانت المرأة تمتلك المؤهلات العلمية وتمتلك القدرة فما المانع من تقليدها لأي منصب بما أنه لا يخالف الشرع.

 

من خلال تجربتك أيهما أقدر على استيعاب مواقف مهنة المأذون الرجل أم المرأة؟

– ما بقدر أحكم من خلال إجراء 3 عقود بأنها تجربة، لكن لا يوجد في مهنة المأذون من الصعوبة ما يجعلها خاصة بالرجل دون المرأة.

 

بعيدا عن «تحرير المأذونة» كيف ترين «نونة المأذونة» في مسلسل حنان ترك؟

– صراحة لم أحضر هذا المسلسل وسمعت به عندما تم تعييني مأذونة فبدأ يتردد على ألسنة الزملاء توتة المأذونة قياسا على نونة المأذونة. ومع هذا فلم تعد صورة المرأة كمأذون مجرد خيال في التلفاز أو خارج عن المألوف بل أصبحت واقعا نعيش فيه.

 

لماذا زادت حالات الطلاق في مجتمعنا مؤخرا؟

– يقول الرسول ﷺ: «اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه الا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير»، ويقول أيضا: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك»، فمعيار النجاح لاستمرارية الحياة الزوجية هو الدين لكن للأسف هذا اخر شيء ينظر اليه العريس والعروس كحد سواء، وأيضا لا يكون هناك توافق في الناحية التعليمية ولا الاجتماعية.

 

في أي الأشهر يحرص المواطنون على عقد قرانهم في فلسطين؟

– يتم القران في فصل الشتاء ليتم حفل الزفاف في الصيف.

 

دائما ما تتعرض المرأة لموانع شرعية من حيض ونفاس تتعارض وطقوس الزواج التي تقتضي تلاوة بعض آيات من القرآن الكريم؟

– الموانع الشرعية من حيض وغيره لا تمنع من اجراء عقد الزواج، فعلى الراجح عند العلماء أنه لا حرج على الحائض والنفساء أن تقرأ ما تحفظ من القرآن، ولا حرج أن تقرأ ما تيسر من القرآن في جميع الأوقات عن ظهر قلب، ولهذا أمر

النبي ﷺ عائشة لما حاضت في حجة الوداع قال لها:  «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري» ولم ينهها عن قراءة القرآن. وحديث: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن»، ضعيف عند أهل العلم.

 

ألا تخشين التعرض لبعض المخاطر جراء عملك الجديد؟

– كون عملي يقتصر فقط داخل المحكمة ولن أتنقل في ساعات متأخرة فبإذن الله لن أتعرض لأي مخاطر.

 

هل لديك القدرة على حل المشاكل التي قد تؤدي إلى الطلاق؟

– عملي في دائرة الاصلاح والإرشاد الأسري أكسبني الخبرة في حل المشاكل التي تؤدي الى الطلاق، مع الاخذ بعين الاعتبار طبيعة المشكلة ومدى صعوبتها.

 

هل تعتقدين أن أخريات سينتهجن نهجك؟

– هناك امرأة سلكت هذا المنهج لكن الى الآن لم تستكمل أوراقها وفي المستقبل اذا اعتاد المجتمع على هذه الفكرة فستسلك المرأة هذا المجال.

 

من صاحب قرار ترشحك لمنصب المأذون؟

– الدكتور محمود صدقي الهباش قاضي قضاة فلسطين ومستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الاسلامية.

 

ما هواياتك بعيداً عن الماذونية؟

– أحب ممارسة رياضة المشي ولعب الريشة.

 

طبختك المفضلة.

– المقلوبة بشرط ان تكون يوم الجمعة فقط.

 

حكمتك المفضلة.

– لا تمش في الارض مرحاً فإنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا.

رضا الناس غاية لا تدرك، ورضا الله غاية لا تترك، فاترك ما لا يدرك، وأدرك ما لا يترك.

 

برنامجك التلفزيوني المفضل.

– برامج دينية تختص بالفتاوى وبرنامج التفاح الاخضر الذي تبثه قناة الـ MBC.

 

فلسطين – عبدالله عمر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق