مع عودة المدارس وموسم جديد للعمل هناك موسم جديد آخر مهم ومؤثر بشكل إيجابي قوي في حياتك وعلاقاتك، وهو موسم السلام مع نفسك ومن ثم موسم السلام مع الآخرين.. فربما مع إيقاع الحياة اللاهث خلف الأعمال والمسؤوليات والمشكلات قبل الموسم الصيفي «تقع» أشياء أو أمور جميلة بسيطة من بين أيدينا في علاقاتنا ولا يلتفت إليها أحد، لكن قد تتحول تلك الأمور البسيطة «المهملة» مع نفسك ومع الآخرين إلى سدود وموانع بينك وبين نفسك وبينك وبين الآخرين..وتسأل نفسك: ماذا حدث بيننا؟! وقد تشعر بلوم خفي تجاه الآخرين، وهنا أنت تحتاج إلى صنع السلام من مادة الحب الخام التي تقبل الكثير جدا من صناعة السلام والود والتآلف والتعاطف والقبول والمسامحة بين نفسك أولا ثم بين الآخرين. فهل يمكن أن تستثمر فرص الرجوع من الصيف إلى العمل وموسم جديد بطاقة حياة جديدة في تحقيق السلام مع نفسك ومع الآخرين؟!
مشاعر الندم والحزن والخوف ولوم الآخرين وصولاً إلى الانتقام.. انعكاس لعدم مسامحة الآخرين أو النفس
المحبة.. دواء العداوة
في كتابها الأكثر مبيعاً في العالم You can heal your life تلخص لويز هاي بعض المشاعر كالندم والحزن والألم والخوف أو الشعور بالذنب ولوم الآخرين وصولاً إلى الانتقام بأنّها جميعاً انعكاس لعدم مسامحة الآخرين أو النفس على أخطاء ارتكبت في الماضي وجعلتنا أسرى لها.ولكي نصل إلى حد التسامح، علينا أولاً أن نعلم أنّ الحب هو الوسيلة الوحيدة لمداواة أنفسنا، وهو الشعور الوحيد القادر على دفعنا إلى الغفران للآخرين.
التسامح الحل الأمثل لبعض المشكلات، وذلك لأنه يمكننا من أن نتحرر من الماضي ويطلق سراحنا نحو الحاضر
التسامح.. قطع خيوط الماضي
السلام نتيجة للتسامح الحل الأمثل لبعض المشكلات التي تواجهنا مع أنفسنا أو مع الآخرين، وذلك لأنه يمكننا من أن نتحرر من الماضي ويطلق سراحنا نحو الحاضر والمستقبل، فهو يساعدنا مساعدة قوية وحاسمة على أن نقطع جميع الخيوط السلبية مع الماضي التي تربطنا به نفسياً وروحانياً.. وتلك الخيوط مشاعر الغصب من الاساءة التي وجهت لنا والرغبة في الانتقام أو رد الإساءة، إلى جانب الرغبة في رد الاعتبار لذواتنا التي تعرضت للإهانة من قبل الشخص المسيء إلينا. فإن شعرنا بأننا مكبلون وغير قادرين على التقدم للأمام، فهذا يعني أننا نحتاج إلى المزيد من التسامح حتى نقطع جميع الخيوط السلبية مع الماضي.
صُنع السلام ليس عملاً سهلاً، لأنه يتطلب قوة داخلية وجمال الصبر وحكمة التواضع، والخضوع المتبادل للقيم الروحية السامية
السلام.. ليس سهلاً لكنه أساسي
يجب علينا أن نعترف بأن المصالحة مع الآخرين وصنع السلام ليس عملا سهلا، لأنه يتطلب قوة داخلية ونقاء الإيمان وجمال الصبر وحكمة التواضع، والخضوع المتبادل للقيم الروحية السامية، مع ضرورة توافر عنصر الوقت.. ولكن المصالحة ممكنة وتتحقق على أرض الواقع.. فقط عندما تتحول إلى قرار من داخلنا يجب تحقيقه على أرض الواقع.
السلام انتصار للقيم الضرورية لصحتك النفسية والبدنية
عندما نتصالح مع الآخرين لتحقيق السلام الداخلي والخارجي فإن القيم الضرورية للصحة النفسية والبدنية معاً تتحقق بل تتجسد على ارض الواقع.. فللصحة النفسية لكل فرد منا قيم مهمة خاصة عليه أن يحافظ عليها وإلا دخل في صراعات كثيرة مع نفسه أولا ثم مع الآخرين، لكن من يحافظ على قيمة السلام تحديدا يكتسب القيمة الحقيقية الذاتية لنفسه وبالتالي قيمة الآخرين..فتنطبق ملامح صورة الذات مع الصورة الاجتماعية مع الصورة الأخلاقية القيمية، فالتقدير الذاتي والقوة الحقيقية النفسية أو الداخلية يأتيان من الاعتراف بأخطائك، والتعلم منها واتخاذ الخطوات التصحيحية لها مع نفسك ومع الآخرين..ولكي تصل إلى هذه القوة النفسية مع نفسك والآخرين من خلال قيمة السلام، يمكنك فعل الآتي:
- عندما تقترف خطأ ما، فمن الأفضل الاعتراف به وتصحيحه، بدلا من تجاهله والادعاء أن شيئا لم يحدث .
- عندما تنظر إلى نفسك في المرآة، لاحظ نقاط الجمال بدلا من التركيز على العيوب، لأن قبول الذات الحقيقي هو الاحتفال بالجمال الحقيقي للشخص.
- تحمل المسؤولية كاملة عن النتائج الخاصة بأفعالك بدلا من إلقاء اللوم ومشاكلك على الآخرين.
- تحمل المسؤولية عن أفكارك، وكلماتك، وسلوكياتك يحررك من ألم اللوم أو الشعور بالذنب.
- تمتع بالحق في التعبير عن الرغبات الخاصة بك، واحتياجاتك، وتقديرك لنفسك؛ والاحترام الموجود بينك وبين الآخرين. فالمطالبة بحقوقك المشروعة واحتياجاتك في توازن مع حقوق واحتياجات الآخرين يدعم إحساسك بقيمتك الذاتية والسلام مع نفسك ومعهم.
- أنت قادر على الإبداع والانجاز لأي شيء عندما يكون لحياتك هدف ومعنى واتجاه، فأنت لديك القدرة على أن تكون أكثر مما تتخيل حاليا، لكن الشيء الأكثر أهمية هو أن يكون لحياتك معنى.
- حافظ على التزاماتك الأدبية والمادية والمعنوية تجاه الآخرين، فمن خلال الوفاء بالالتزامات الخاصة بك وبالآخرين تثبت النزاهة والمصداقية، وتكسب احتراما لنفسك واحتراما للآخرين.
- تحدث مع نفسك بالحديث الإيجابي الذي يجعلك أقوى، ويبني الثقة والسلام داخلك.
- تكلم بكل ما هو إيجابي وبنّاء في حق الآخرين ومعهم عن أنفسهم.. فيكتسبون صديقا قادرا على فهمهم ورؤية الإيجابيات فيهم.