
مع الاحتفال بأعياد الاستقلال بداية من الستينيات ازدهر فن الأوبريت الوطني بشكل كبير وقدمت أعمال خالدة لا تزال حاضرة وراسخة في ذاكرة الوطن منها «احنا عشقنا، قصة بلدنا، مذكرات بحار، السندباد البحري، حديث السور، موكب الوفاء» وغيرها من الأعمال الخالدة، فما أسباب نجاحها واستمرارها في الذاكرة إلى يومنا هذا، ولماذا تراجع فن الأوبريت أو تم تقديمه بشكل يعتمد على «الشو» الإعلامي السريع، وهل أفسدت التقنيات الحديثة فن الأوبريت أم أضافت له؟ هذا التحقيق يكشف ما حدث لفن الأوبريت الوطني في الكويت:
غنام الديكان:
كنا نستغرق خمسة أشهر في الإعداد والتحضير للأوبريت الوطني
الإبهار في الصورة
في البداية، يقول الموسيقار غنام الديكان: تحولت الأوبريتات إلى الإبهار في الصورة عبر التقنيات الحديثة في الإضاءة وشاشات ا3Dب ولا اعتراض على ذلك، فاستخدام التكنولوجيا أمر حتمي، لكن يجب توظيفها بشكل صحيح وذات قيمة فنية، وليس مجرد إبهار وشو فقط مع ألحان سريعة وأغنيات مقسمة إلى فقرات غنائية غير متناسقة، وفيها نوع من التكرار، فالأوبريت عبارة عن مجموعة من الأغاني المختلفة ويتخللها حوار، وفي الماضي قُدمت اأوبريتاتب خالدة لا تزال راسخة في ذاكرة الوطن إلى يومنا هذا مثل امذكرات بحارب في عام 1979 وهو للشاعر البحريني محمد الفايز، ومن ألحاني وغناء شادي الخليج وسناء الخراز.
وعن كيفية التحضير والإعداد لمثل هذه الأوبريتات الوطنية الخالدة يضيف الديكان: كان العمل يستغرق خمسة أشهر على الأقل في التحضير والبروفات، فكنا نحرص على عدم تكرار الألحان، وأن تكون شاملة لجميع الإيقاعات التراثية الكويتية، ونتابع كل كبيرة وصغيرة حتى الأزياء التراثية التي تعبر عن الديرة مستعينين بخبراء الأزياء والأشخاص الواعين للتراث الكويتي، وربما البعض يعتبر أن الأزياء أمر ثانوي، ولا يعول عليه كثيرا، وهذا اعتقاد خاطئ؛ لأنه جزء من تكوين المجتمع وتاريخه، وعندما نقدمها للجيل الحالي، فيجب أن نكون أمناء بهذا النقل، خصوصا أن الجيل الجديد لا يدرس هذه المواضيع في الكتب كل هذه التفاصيل كانت من أهم أسباب نجاح الأوبريتات الوطنية إلى جانب وجود لغة مشتركة وتعاون بين الملحن والشاعر والمغني والمخرج والأداء الحركي نتيجة حالة النضوج الفني.
د.حسين المسلم:
ما يقدم ليس «أوبريت» بل مجموعة أغان تُجمع مع بعض
أوبريت «نحبها قول وفعل»
أما المخرج الدكتور حسين المسلم، فتحدث عن االأوبريتاتب وبداياتها التي بدأت مع الاحتفالات بالاستقلال على المسرح المدرسي الذي ظل لسنوات عديدة يقدم فقرات لها علاقة بالتراث الشعبي الموروث، وفي بدايتها كان الشعراء الموسيقيون يقلدون الأغاني العاطفية المصرية، ويضعون لها كلمات تخص الموروث والوطن مع الاهتمام بالتشكيلات الحركية التي تجمع عنصري التشكيل والروح الفلكلورية.
ويضيف المسلم:
كانت التجهيزات تستغرق شهورا طويلة والفرقة الموسيقية تعزف مباشرة على المسرح، وليس ابلاي باكب كما هو الآن، فما يقدم ليس اأوبريتب بل مجموعة أغان تجمع مع بعض، علماً أن االأوبريتب له مواصفات مختلفة كالتسلسل الزمني المنطقي والدرامي أو القصصي، فأوبريت انحبها قول وفعلب لا تزال الناس تحب مشاهدته إلى اليوم لأنه جمع بين روح التراث مع إضافة التقنيات الحديثة، فكنا نحرص على تمثيل البيئة الكويتية من خلال إبراز تراث الكويت القديم كالخيش والسدو مع بعض الإضافات التقنية البسيطة التي كانت موجودة في تلك الفترة، لكن مع التطور الكبير الحادث الآن من الإضاءة وحركة المسرح والكشافات الحديثة وشاشات ا3Dب للأسف لا توظف بشكل جيد، ولا تخدم العمل.
واعتبر المسلم أن أي مخرج يتصدى لعمل االأوبريتب يجب أن يكون ملماً بالتشكيل وقادراً على التحكم بالأعداد الكبيرة على خشبة المسرح لذلك االأوبريتاتب القديمة لا تزال بصمتها مؤثرة.
د. سليمان الديكان:
نطالب الجهات المسؤولة كوزارتي الإعلام والتربية بتكليف المتخصصين
أغان سريعة وشو
ومن الأجيال الشبابية، يقول الدكتور سليمان الديكان عميد المعهد العالي للفنون الموسيقية الأسبق حول غياب فن الأوبريتات الوطنية وتراجعه عن السنوات السابقة أو تقديمه بمستوى ضعيف يعتمد على االشوب الإعلامي إن الكويت قدمت مجموعة كبيرة من الأوبريتات الوطنية التي لا تزال راسخة في الأذهان، ويتم بثها خلال الأعياد الوطنية في القنوات الخليجية، لكن في السنوات الأخيرة تحول فن الأوبريت إلى مجرد أغان سريعة وشو أو مجرد تكرار لما سبق تقديمه بتنويعات مختلفة، لكن على النمط نفسه فيما لا بد من تقديم فكرة لها قيمة فنية على صعيد الألحان والأشعار، وتوظف في سياق درامي، ويتم تقديمها مباشرة على خشبة المسرح وعدم استخدام البلاي باك؛ لأنه يضعف من قيمة العمل وللجميع الحق في الاحتفال والغناء لوطنه، لكن المشكلة من الناحية الفنية، ولذلك نطالب الجهات المسؤولة كوزارة الإعلام ووزارة التربية والمعاهد الموسيقية والتلفزيون بتكليف متخصصين في مثل هذه الفنون ليقدموا أعمالهم، ولا مانع من تشكيل لجنة مشاهدة مكونة من مخضرمين في الفنون الكويتية لتقرر العمل الذي يتم تقديمه، ويكون ذا قيمة كبيرة تتناسب مع الاحتفالات بالأعياد الوطنية.