هي تلك الممثلة المخضرمة التي لم يستطع الزمن أن ينال من طموحها، ولا الحد من نجاحاتها. عادت الفنانة اللبنانية القديرة كارمن لبس واحتلت الشاشة الصغيرة بفترة زمنية قصيرة بأدوار تنوّعت بين سيدة الأعمال القوية في (ع الحلوة والمرّة)، المرأة الحديدية في (2020)، ودور فريال في (بالقلب)، وقريبا العمة الشريرة في (عروس بيروت).
الشخصيات الشريرة تريحني أكثر وتسلين
استطاعت لبس خلال أدوارها أن تُخرج المتابع من فكرة مشاهدته عملا تمثيلياً، لتدخله بأجواء المشهد واقعيا متقنة، فهي تمنح ذاتها بامتياز للدور باتباع تقنية (البساطة) والإحساس الصادق، ولعل سماع دقات القلب والتفاعل خير دليل على نجاح الممثل بنقل الأحاسيس للمشاهد، وهذا ما ميّز لبس خصوصا في مسلسل «بالقلب» حيث لعبت دور العاشقة المكسورة والعمّة الأم.
في هذه المقابلة سنتعرف أكثر على كارمن لبس، حيث الطموح لا يعترف بعداد الأيام، وحيث الطاقة اليافعة والأداء المخضرم في عمر «الخمسين».
كل دور أديته أحببته كثيراً حتى قبلت به
حين تؤدين دور المرأة الشريرة أو القاسية نجد أن الجمهور يتقبّلك ولا يصدر عنه ردة فعل سلبية نحوك، بل يحب الدور من خلالك.. لماذا برأيك؟
عندما ألعب دور الشريرة دائما أجد تبريرا لهذا الشخصية، وأعتبر أنه ليس هناك أحد ولد بهذه الصفة وليس هناك شر مطلق، وعلى صعيدي الشخصي أجسد الدور بطريقة تظهر أن هذه الشخصية بينها وبين نفسها تشعر بأنها مرهقة وغير سعيدة، وهذه التفاصيل تظهر بلا حوار بل من خلال لغة العيون وتعابير الوجه، وتصبح الشخصية غير مكروهة بسبب بروز الجانب الإنساني المخبّأ خلف الشر.
بين الأدوار التي أديتها أي شخصية تفضلين؟
كل دور أديته أحببته كثيرا حتى قبلت به، وهناك أدوار مهمة تم عرضها عليّ ورفضتها، لأنني وأنا أقرأ الدور شعرت بعدم مقدرتي على أن أعطيه من أحاسيسي وروحي، فاعتذرت عن عدم المشاركة في العمل لأنني أخاف أن أفشل.
التمثيل يعطي فرصة عيش تجربة هذه الشخصية أو تلك
هل التمثيل بالنسبة لكِ مهنة أم هواية؟
التمثيل بالنسبة لي عشق، ولو كان مهنة لكنت أوقفته منذ زمن، التمثيل متعب جدا ولا يعطي مردودا ماليا يوازي التعب والجهد المبذول، وهو مليء بالمجهود النفسي، الجسدي، الفكري، وجوهره التركيز على إخراج الأحاسيس.. الأدوار التي تحتوي على مشاعر وأحاسيس وبكاء لا أستطيع إظهارها إلا إذا أوجدت لنفسي حالة تمكّنني من الشعور، وتكون مشاعري حقيقية وبكائي غير مصطنع.
بين دور شخصية الخير والشر أيهما تفضلين؟
الشخصيات الشريرة تريحني أكثر وتسليني، ففي بعض الأحيان أفضّل أن أعيش دور الشريرة لأنني لست كذلك في الحياة.
ماذا أعطاكِ فن التمثيل؟
التمثيل يعطي فرصة عيش تجربة هذه الشخصية أو تلك ، وكل دور أقوم به أعتبر نفسي أنني أعيش دور امرأة موجودة فعلا في الحياة، بحيث أترك حياتي وأتقمص شخصيتها وأعيش لحظاتها السعيدة والحزينة والمضحكة والموجعة، وهذه ميزة في التمثيل بحيث يمكّننا من لعب أكثر من شخصية وهو شيء لا يمكننا القيام به في حياتنا الواقعية.
الدراما اللبنانية قبل الحرب اللبنانية كانت من أهم الأعمال إلى جانب الدراما المصرية
هل تعتبرين أن الدراما المشتركة بين لبنان وسوريا ومصر أغنت الدراما اللبنانية؟
بالتأكيد أغنت، الدراما اللبنانية قبل الحرب اللبنانية كانت من أهم الأعمال إلى جانب الدراما المصرية، والتلفزيونات العربية كانت تشتري الدراما اللبنانية أيام هند أبي اللمع وعبد المجيد مجذوب، الحرب أعادت الدراما اللبنانية إلى الوراء كثيرا ولم تعد التلفزيونات العربية تطلب الإنتاجات اللبنانية نتيجة رداءة القصص والإنتاج وانعدام الاهتمام. الدراما المشتركة أغنت الجميع وصنعت تشكيلة متجانسة ومميزة.
هل ترين بتجربة شابة مستقبلا مشرقا بالتمثيل؟
هناك عدة مواهب لديها المؤهلات لتلمع، لكن الأساس ليس بالموهبة بل بمدى إيمان المنتج بهذه الموهبة، فمهما كانت الموهبة قوية ولم تجد منتجا يدعمها فلن تصل إلى أي مكان والمؤسسات الإنتاجية هي التي تصنع الأبطال، ولهذا السبب تحديدا تعبت كثيرا كي أصل.
هل أنت مهتمة بالمشاركة في الأعمال الخليجية؟
بالطبع، لأن الدراما الخليجية في تقدم مستمر، وتشهد تطورا مهما حيث التقنيات المتطورة على صعيد الصورة والضوء. ولفتني في الدراما الكويتية إنصاف المرأة بحيث يعطونها حقها بكل أعمارها.
هل يأخذ الممثل المخضرم دوره واحترامه في الدراما اللبنانية؟
الجوهر يكمن بالمطلوب أن يُكتب، إذا لم يُطلب كتابة دور مهم لهذه الفئة العمرية فتلقائيا يكون الدور ثانويا وهذا ليس تهميشا. ولفتت لبس إلى أن المشاهدين ليسوا بالفئات العمرية الصغيرة بل كبار السن، فمن الضروري تقديم أعمال لهذه الأعمار، ونلاحظ أن الأعمال التي تدور أحداثها في الخمسينيات والستينيات الناس ترغبها وتحبها لأنها تعود بهم إلى الماضي ويسترجعون الذكريات وتفاصيل هذه الفترة. وعندما يكون في المسلسلات مساحة ودور أكبر للفئات العمرية الكبيرة نلاحظ تفاعلاً كبيراً مع الشخصية وصدى واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.
في هذا العمر هل وصلت إلى أحلامك؟
بالتأكيد لا، بل كل شيء طمحت له وصلت إليه بمجهود كبير، وبالنسبة لي لم أفعل شيئا بعد، وكل الأدوار التي لعبتها اعتبرها نقطة أمام الأدوار التي أستطيع أن أؤديها، وأطمح لأن ألعب أدوارا فيها حالات أكثر عمقا بحيث أخرج من شخصيتي وأتقمصها بتفاصيلها.
هل تخافين من العمر؟
التقدم بالعمر يخيفني لأنني أرغب بتحقيق العديد من الأشياء بعد في حياتي، ومن جهة أخرى يخيفني إذا مرضت وأنا لا أحب أن أعذّب غيري معي لذلك أصلي أن أرحل بسرعة وبصمت.
رسالتك لجمهورك العربي.
أرجو أن تحمل السنة الجديدة الخير، البركة والأهم الصحة وأن تنتهي جائحة كورونا ومتحوراتها، وألا يبقى في عالمنا إنسان (بردان) أو جائع، أو يموت فقير على أبواب المستشفيات.
أسئلة سريعة
على ماذا تندمين؟
أندم أنني ضيعت الكثير من الوقت على أشياء ليست مهمة.
بين السينما والتلفزيون والمسرح ماذا تفضلين؟
السينما.
هل سرق التمثيل وقتك على حساب حياتك الخاصة؟
كلا، أنا سرقت حياتي الشخصية لأذهب نحو التمثيل.
إذا لم تكوني ممثلة ماذا تفضلين أن تكوني؟
طبيبة نفسية أو طبيبة بيطرية.
«أسرتي» في كل مكان
علي غندور – لبنان