عزيزتي غنيمةمقالات

الزواج هو الحياة والاستمرار

 

من أرشيف مجلة أسرتي

سلسلة مقالات أسرية

بقلـم: غنيمـة فهـد المـرزوق (رحمها الله)

 

 

أنا فتاة في السادسة عشرة من عمري أحببت فتى في الثالثة والعشرين من عمره ويريد الزواج مني، ولكنني أمانع لأني أخاف الزواج، أخاف المسؤولية المترتبة والقائمة عليه، إنها مسؤولية صعبة ولا أحب العيشة المقيدة بزوج، ولكن أحب الحرية، وكذلك أخاف ليلة الزفاف إنها عدوى إذ كانت لي أخت ماتت في ليلة زواجها وكذلك صديقتي ماتت بعد زواجها بأيام، فأنا أخاف الزواج أخاف الموت.. ولكنه حاول أن يفهمني أن الزواج ليس الطريق المؤدي الى الموت كنظرتي له ولكنه طريق السعادة للعاشقين والمحبين مثلنا مع أنه رجل مثقف ويحبني كثيرا وأهله موافقون وكذلك أهلي لأنه خطبني ووافقوا ولكنهم ينتظرون موافقتي.

اني أخاف الزواج كما قلت على الرغم من أن  ابنة خالتي متزوجة من ستة أشهر، وقالت لي ان الزواج ليس طريق الى الموت، فلا خوف منه وأخبرتها بأني أتزوجه بشرط ألا أنام معه، ولكنها قالت إن الزواج مبني على هذه العلاقة التي سنها الله ورسوله وانها علاقة محللة بالطريقة التي يتبعها العالم الإسلامي.

قلت لزوجي بأني سأتزوجك ولكن بدون النوم معك، ورضي بذلك، وقال إنه سيروضني بعد الزواج ويمهد الطريق لي ويسهله، فرفضت الزواج بتاتا منه أو من غيره، فماذا أفعل دبريني بربك؟

أختك خيرية صالح – كيفان

 

– الزواج هو الحياة، بل هو أصل الحياة، إنه السعادة والأولاد، طريق الإنسانية الوحيد للبقاء، فالزواج بكل علاقاته هو الحياة والاستمرار، أما عدم الزواج فهو الفناء والعدم، وموت أختك أو صديقتك بعد الزواج، ظرف شاذ لأن الملايين يتزوجون ويتناسلون.. والحياة نفسها لا تكتمل إلا بنشوة السعادة الزوجية الكاملة، فدعي مخاوف الطفولة واسمعي كلامي وكلام صديقتك.

 

 

تركيز الحب قاتل

حبك لمدرستك حب طبيعي وبديل معقول للحب الأبوي الذي حرمت منه، ولكن الخطأ في التركيز عليه وجعله الحب الوحيد في حياتك.

 

حضرة الأخت غنيمة المحترمة..

تحية واحتراما مع شكر جزيل لما تقومين به من مجهود في سبيل إسعاد الآخرين.

لأول مرة أجرؤ على الكتابة لأي مجلة، فلعلني أجد عندك ما يشفي غليلي ويروي ظمأ عقلي وقلبي، فالحقيقة انني ترددت كثيرا قبل الكتابة لأنني لا أدري من أين أبدأ وكيف تكون هذه البداية؟ لأن مشكلتي أو حكايتي لا أعتقد أن لها مثيلا، فكم عرفت الكثير من الصديقات والزميلات وعرفت منهن الكثير إلا أنني لم أجرؤ على محادثتهن بحكايتي لئلا ينعتنني بالشذوذ، وغير ذلك من النعوت التي أنا منها براء.

فوالدي توفي وأنا طفلة وتركني وأخوي تحت رعاية أقدس وأطهر الأمهات وأحب وأحسن الاخوة، أم ضحت بشبابها لتربيتنا تربية صالحة وإخوة ضحوا بمستقبلهم التعليمي وتفرغوا للعمل من أجل تثقيفنا ثقافة عالية.

ولكي لا تختلف علينا الحياة وتنقلب عما كان عليه زمن والدي رحمه الله، فنشأنا أعزاء أحباء من قبل والدتي واخوتي.

تمضي الأيام والسنون ودخلت المرحلة الثانوية ومن هنا تبدأ حكايتي الغريبة، فلقد تعرفت في هذا العام على من غيّرت حياتي، وسقتني العذاب في كل شيء حتى في الصداقة التي يطلبها ويقرها الجميع، إنها إحدى مدرساتي، شدني إليها من ناحية الطيبة والأمانة حيث تتحلى بهما، واحترامها للجميع من ناحية ثانية، المهم أنها جذبتني بقوة إليها، وكم كنت جد محتارة من هذه التغيرات التي طرأت علي بعد معرفتي لها، أصبحت أرى كل شيء أمامي متمثلا فيها، ولا يفارقني طيفها أبدا، وهي كلما رأت تلهفي واندفاعي تزداد صدودا ونكرانا وغرورا، مما يزيدني تحديا وإقداما، وكم.. وكم ذرفت الدموع طويلا لهذا الاحساس، انني كثيرا ما أتساءل ماذا بي؟ انه شيء فوق قدرتي واحتمالي.

إنني كثيرا ما طلبت منها ألا تقسو لأن القسوة لا تزيدني إلا عكس ما تتوقع، ولكنها أصمت أذنيها عن سماعي كما أغلقت قلبها.

إنني كثيرا ما أمقت نفسي لأنها سببت لي الكثير من ضياع الكرامة والخنوع، إنني على هذا الحال منذ ثلاثة أعوام، وقد بدأت تطمئن لي وتحدثني عن شيء من حياتها ولكن سيئاتها يسبقن الحسنات، لقد انتهيت من الدراسة هذا العام والجميع يقنعونني بالذهاب لمواصلة تعليمي الجامعي، وهي أيضا تلح علي كثيرا بالذهاب، ولكنني رفضت لسبب واحد تعرفه هي: انه من أجلها واكتفيت بما حصلت عليه من تعليم ولا أطمع في أكثر.

فكيف بالله تعللين حكايتي، وهل من حل؟ انني أغلقت قلبي عن نداءات كانت ولاتزال تستصرخني، ولكنني زهدت بكل شيء إلا هي.

أخبريني بالله عليك.. هل من حل لهذه الحكاية؟

مع تمنياتي لك بالسعادة ولـ «أسرتي» بمزيد ن التقدم والازدهار.. وشكرا جزيلا.

المخلصة س.أ

 

الرد:

أتعرفيني ما الذي يزيد مشاكلنا تعقيدا ويبعدها عن الحل.. إنه التركيز عليها، والاهتمام المُبالغ فيه بها.. ثم الإحساس بالخطيئة والجرم والشذوذ بالنسبة لعواطف يمكن أن تكون طبيعية ومفيدة، لو لم تصاحبها هذه المضاعفات.

إنك نشأت طفلة يتيمة، ونما في نفسك شعور بأنك محرومة من حب كبير يتمتع به غيرك من الأطفال.. فشعرت بأنك مضطهدة من قبل قوى ظالمة عاتية لا تملكين إزاءها سوى التسليم بمرارة.. ثم تفتحت عيناك على حب مدرستك التي أثارت فيك حرمانك القديم، وبحثك عن الشخص القوي المحترم الذي يحبك، لعلك تجدين نوع الحب الذي حرمت منه صغيرة.. فاندفعت في تيار إحساسك الجديد وهنا بدأت المراهقة وعنفها وتحديها تنفخ هذه الأحاسيس وتبالغ فيها وتكسبها مظهرا أعنف من حقيقتها.. فبدأت مدرستك تحاول أن تخفف اندفاعك نحوها خوفاً عليك، وإشفاقا على نفسيتك، ثم بدأت تسمعين من هنا وهناك كلمات عن الشذوذ، فزاد خوفك وتوترك، وبدأت كراهيتك لنفسك وللدراسة، وللناس.

إن حبك لمدرستك حب طبيعي، وبديل معقول للحب الأبوي الذي حُرمت منه، ولكن الخطأ في التركيز عليه وجعله الحب الوحيد في حياتك، يمكنك أن تحبي أمك وناظرتك، ومدرستك، وأن تجعلي في قلبك مكانا لحب إنسان ما تحملين له إعجابا ما، وأن تحبي كرة اليد، وأفلام السينما، وتعملي من أجل قضية إنسانية وطنية.. وسعي اهتمامك، وافتحي قلبك للدنيا بأسرها فستجدين حبك ينير عالمك كله.. أما تركيز الحب على هدف واحد فهو قاتل.. تماما كأشعة الشمس طالما هي تغمر مساحة الكون كله فإنها تغمره بالضياء اللطيف والدفء اللذيذ.. ولكن جربي أن تركزي هذه الأشعة على نقطة واحدة بواسطة عدسة مجمعة، فستجدين فورًا أن الأشعة الجميلة اللطيفة تحولت الى نار تحرق وتدمير.. وأنت يا صغيرتي مازالت دنياك واسعة فاخرجي إليها.. الى الجامعة، والزميلات والمستقبل، والحب، والعمل، والأمل.. افتحي الأبواب.

عـام 1969

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق