الفاجومي: أنا مواطن لا اسم ولا كَسْم ولا سِعر
الفاجومي: أنا مواطن لا اسم ولا كَسْم ولا سِعر
حاولوا أن ترسموا صورا لأنفسكم، وجاهدوا أن تكون الصورة طبق الأصل أو قريبة من الأصل.. فماذا ستجدون؟
بطل حكايتنا واحد من الذين رسموا لأنفسهم صورة، وكانت الصورة مطابقة للأصل.
وتلك ملامح الصورة كما رسمتها كلماته:
«أنا في سوق الرجال مجرد مواطن.. لا اسم ولا كسم ولا سعر!».
ويضيف كلمات تلقي ضوءا على شخصيته:
«أنا لمضي! يعني غلباوي.. يعني نجري.. ورث هذه اللماضة عن أمي»!
ويقول عن أمه:
«كانت واحدة فلاحة، لا بتكتب، ولا بتفك الخط، إنما أجاركم الله كانت في الكلام مكلمه.. لما تبدأ ما تنتهيش»!
وعن علاقته بأمه يقول:
«كانت تحطني في حجرها.. كانت تغني لي.
يا حلاوني بيع الحلاوة اللي عندك يا حلواني
عضيه عضيه وبانت مطرح أسناني..
خر العسل يا جميل وشربته بمفاني
الناس تنقط بالفضة.. والذهب غالي.. وأنا بنقط حبيبي بس بوصالي».
لكن.. الصورة لم تكن وردية طوال الوقت، أو كما يقول بطل حكايتنا:
«لما كنا بنتخانق ودا كان بيحصل يومياً وبدون أسباب جوهرية كانت تبدأ موشح الشتائم.. يلعن سنسفيل جدود اليوم المنيل بستين نيله!
وهي تقصد يوم مولدي 22 مايو 1929 كان يوم أسود يوم ما جبتك.. كان صباحه أسوده من مساه، اصطبح على الريق، يا فتاح بلا مفتاح، جاني الخبر اللي أسود من قرون الخروب، قال ايه.. أبوك الله يجحمه مطرح ما راح كان عاوز يتجوز عليَّ.. والنبي ماني مسمحاه ليوم الحشر.. عزت ابن مريم القادرة الـ…. اللي رمت عيالها وراحت اتجوزت!
تفاصيل أخرى أو خطوط أخرى تضاف الى صورة أمه:
«أمي جابت 13 بطن منهم 4 بطون مجوز.. يبقى المجموع 17 بالتمام والكمال.
أنا كنت عضو المجوز الرابع والأخير.. من مسلسل حشود تفريغ بطن المواطنة المصرية: هانم مرسي.. أمي عليها السلام.
والدي كان مقطّع السمكة وديلها وملهلب قلوب النسوان
عفواً وقفة قبل الاسترسال.
بطل حكايتنا الفاجومي أو الشاعر أحمد فؤاد نجم.. أم الشاعر اللمض الفاجومي أو أحمد فؤاد نجم هي بنت عم والده ضابط البوليس محمد عزت أفندي.
يقول نجم عن والده:
كان مقطّع السمكة وديلها وملهلب قلوب النسوان ومسهر العذارى.
كانت أمي بنت 13 سنة حسب روايتها.
لكن.. كيف تم اللقاء بين محمد عزت أفندي ضابط البوليس وبين البنت الطفلة «هانم» أم أحمد فؤاد نجم؟
يقول نجم:
«شافها وهي بتلعب في الحارة، سأل مين البنت البيضة أم شعر أصفر وعيون فيروزي دي؟
قالوا له: دي بنت عمك.
سأل: بنت عمي مين؟
أجابوه: بنت عمك مرسي.
ذهب محمد عزت أفندي الى بيت عمه وطلبها منه.
ويضيف أحمد فؤاد نجم:
«ستي آمنة (جدته) قالت لجدي الرهيب:
البنت لسة جاهلة (صغيرة) يا أبوعباس!
قال جدي: الجاهل بكرة يكبر يا أم عباس.
قالت جدتي: بس عزت (والد نجم) فلاتي وديله نجس!
رد جدي: ادعي له ربنا يهديه ويتوب عليه.
قالت جدتي: لأ بقى.. يأكلها التمساح ولا يأخذها السفاح.
جدي رفع يده وضرب جدتي بالقلم.. سقطت جدتي على الأرض ووضع جدي قدمه على رقبة جدتي وزعق بعلو صوته:
ابن عمها يأخذها.
وتمت الخطوبة.. دفع أبي مهراً لأمي خمستاشر جنيه ذهب، مع أن مهر أجعص عروسة في ذلك الوقت كان لا يزيد عن 5 جنيهات فقط!
وبعد أسبوع تم الزفاف.
مرت الستة الأولى زواج.. فماذا حدث؟
يقول أحمد فؤاد نجم:
البنت الفلاحة المفعوصة بقت الست «أم علي» وتحول كازانوفا النسوان والدي الى زوج مطيع! بطل التسكع على القهاوي.. هجر مجالس الأنس.. يعني أصبح بيتوتي.
ويقول أيضا عن أمه:
زاملت أبي بشرف وجدعنة.. واتغربت معاه في كل بلد ورا أكل العيش من مصر (القاهرة) الى الاسكندرية الى طنطا الى السويس بلد الغريب (بلدي) لـ «بنها» الى الشرقية، انتهت خدمة والدي في البوليس، أتعين رئيس خزينة المحكمة الكلية في مدينة «الزقازيق» عاصمة محافظة الشرقية.
ويواصل أحمد فؤاد نجم:
أنا في الايام دي كان عمري حوالي خمس سنين شفت أبويا كويس كان راجل جميل زي عود الزان.. كان شديد الحنان.. وأحياناً شديد القسوة.. ضربني بالقلم على وجهي لأنني كنت ماسك عصفورة من رقبتها.
وماذا عن أمه بعد العودة الى عزبة «نجم» في الشرقية؟
يقول أحمد فؤاد نجم:
لم تعد تُعرف باسم «هانم بنت مرسي» أصبحت تُنادى باسم أم عبدالعزيز بعد أن فقدت «علي» الابن الكبير.
أمي في الفترة دي دارت واستدارت.. خراط البنات خرطها على ذوقه.
الشعر الأصفر كاسي صدرها وظهرها مبروز وشها اللي كان لونه بمبي من غير دهان.. عيون فيروزي.. عود فارع.. نظيفة.. ركبت فوق أسنانها فوق وتحت ذهب.
زاملت عبدالحليم حافظ في ملجأ أيتام
مات محمد عزت أفندي ضابط الشرطة سابقا مدير خزينة المحكمة الكلية في مدينة الزقازيق.. لم يترك لأولاده الخمسة القصر وأمهم غير ثلاثة جنيهات لم تستطع الأسرة أن توفر لهم إمكانيات الحياة.
والحل؟
أدخل أحمد فؤاد نجم ملجأ للأيتام.. وفي الملجأ قربت مشاعر الحرمان والوحدة بين جدران الملجأ بينه وبين يتيم آخر من قريته اسمه «عبدالحليم شبانة» لكن ثمة فرقا كبيرا بين الاثنين.
نجم يقول عن نفسه:
«أنا في سوق الرجال محض مواطن.. لا اسم ولا كسم ولا سعر وبين عبدالحليم الذي أصبح علامة مضيئة ونجماً من نجوم الغناء العربي، وأصبح يعرف باسم «عبدالحليم حافظ»، وحافظ نسبة الى حافظ عبدالوهاب الإعلامي والإذاعي الكبير الذي اكتشفه.
دخل السجن في عهد ناصر والسادات
هاجم أم كلثوم بقصيدة «كلب الست»
اختاروا له اسم
«أحمد فؤاد» تيمناً بالملك أحمد فؤاد الأول
لم يكن لنجم اهتمام بالسياسة ولم يغرق في بحورها حتى عام 1967 ولنقرأ ما كتبه زميله في السجن الكاتب «صلاح عيسى»:
«ذات يوم تلقى الرئيس جمال عبدالناصر بعد نكسة 1967 تقريرا من أحد أجهزة الأمن حول نجم وأشعاره التي يغنيها مطرب ضرير صديق نجم اسمه الشيخ «إمام عيسى» بين الشباب وطلاب الجامعة.. طلب ناصر أن يستمع الى هذه الأشعار التي تُغنى، استدعى ناصر وزير الإعلام في ذلك الوقت محمد فايق الذي يتولى حاليا الإشراف على منظمة حقوق الإنسان.
قال ناصر لوزير الإعلام:
ازاي سيبتهم يقولوا ويغنوا الكلام ده؟ ما اعتقلتهمش ليه؟
وتم اعتقال نجم والشيخ إمام والكاتب الصحافي الناشط السياسي صلاح عيسى، ورفض ناصر جميع الوساطات للإفراج عن الثلاثة.
الشاعر اللمض أحمد فؤاد نجم سماه والده «أحمد فؤاد» تيمناً بالملك أحمد فؤاد الأول ملك مصر.
كتب الكاتب الصحافي صلاح عيسى:
تزوج «نجم» 4 مرات أنجب من الزوجة الاولى ابنة سماها عفاف وفي بداية السبعينيات تزوج من الكاتبة الصحافية المعروفة صافيناز كاظم، وهي بنت ذوات وحاصلة على درجة الماجستير في النقد المسرحي أنجب منها ابنته نوارة.
ثم تزوج من حفيدة أحد البشاوات وهي «عزة بلبع» ثم تزوج من إحدى جاراته في حارة «حوش قدم» أنجب منها ابنته «زينب».
وصفه الشاعر الفرنسي «لويس اراغوت» بـ «أن فيه قوة تسقط الأسوار».. ووصفه الناقد الدكتور علي الراعي بـ «الشاعر البندقية»، ووصفه الرئيس السادات بـ «الشاعر البذيء».
كتبت: نادية عبدالرحمن