الفن يصالح ستيف سابيلا مع منفاه
عرض الفنان ستيف سابيلا سلسلة أعماله الفنية: من «المنفى 2006» الى «تحولات 2012» الى «ثمانية وثلاثون يوما من الاستعادات 2014» الى استقلال 2013» في معرضه الانفرادي «طبقات» داخل قاعة «كاب» للفن المعاصر في الكويت.. وهي تظهر مركزية الاحتلال في الوعي المعاصر.
وتتحدى أعماله أيضا محدودية الفن التصويري الفوتوغرافي.. وهو فن يستصرخ الـ «هنا» و«الآن».
الفنان المولود في القدس يقدم عمله كمنبر يُعالج من خلاله واقع تأثير الصراع والاحتلال الدائمين على شعبه وعليه شخصيا، ولقد طور من خلال فنه منهجا يصالحه مع منفاه الذي شكل رحلة تتجلى فيها عناوين بعض مجموعات: الخروج، في المنفى، الغبطة، ما وراء الغبطة، تحولات واستقلال.
إذا نظرنا إلى أصل الصورة وسألنا ما الذي حل أولاً الصورة أو العالم اكتشفنا مع سابيلا ليس فقط قوة الصور في تظهير الأفكار ونقلها بل قدرتها على تمثيل الواقع الحقيقي أيضا حتى درجة اختراعه.
ولقد عبر الفنان عن ذلك بقوله:
إن وظيفة أعماله تكمن في كونها جسرا متخيلا وبناء خرائطيا يصلنا بماضينا ويربط رؤيتنا بالمستقبل.
يتأمل سابيلا في المنفى تأثير الزمن على الجسد وحتمية الضمور.. ففي «ثمانية وثلاثون يوما من إعادة التجميع» تظهر تصاوير الأغراض المنزلية وصور العائلة على أسطح من فسيفساء اللوحات.
وكانت تلك الصور قد التقطت في منزل فلسطيني قطن فيه الفنان لمدة ثمانية وثلاثين يوماً.. وهو منزل احتله الإسرائيليون منذ عام 1948.
ولقد جمعت فسيفساء اللوحات تلك من جدران المنزل الذي كان قد ولد فيه، ومن جدران المنازل الأخرى في المدينة القديمة من القدس.
ستيف سابيلا:
أعمالي تصلنا بماضينا وتربط رؤيتنا بالمستقبل
في وصف نقدي لأعماله
يتم تقديم عاديات الحياة اليومية كأنها مصوغات معمارية أو آثار غابرة وجب حفظها.. بيد أن تلك الكينونات المتخطية للزمن – رغم هشاشتها – تحتفظ بخضم من التواريخ في طياتها.. لكن مجموعة استقلال تبتعد كليا عن التاريخ والحيثيات؛ فالشخوص معلقة في الظلمات.. وهي تبدو هادئة متوجسة في الوقت ذاته وأجسادها المضيئة تكشف تشوهات وعظاماً مكسورة.
ويُقدم العمل تأملات ملغزة وتجاذبات بين الداخلي والخارجي بين المثالي والتوحشي وبين المرتبط والطليق.
كتبت «مالو هالاسا» في مقالتها عن هذا المعرض:
ترك ستيف سابيلا مسقط رأسه عام 2007 كي يدرس في لندن، ثم ما لبث أن استقر في برلين.. ومنذ أن بدأت نهضة الفن المعاصر في الشرق الأوسط في بدايات الألفية الثالثة، تشكّى بعض الفنانين العرب من كونهم قد عزلوا بحيث لم يعد باستطاعتهم ممارسة الفن للفن.. فلقد بات من المفروض عليهم أن ينخرطوا سياسيا ويضيؤوا على النزاعات الإقليمية من خلال أعمالهم.. ويتحدى سابيلا الروايات المقبولة رسميًّا التي تضع الاحتلال في فلسطين كتجربة شعب هامشية تجري في مكان ما.