بالأمان والثقة.. الدنماركيون الأسعد عالميًا
خمسة ملايين ونصف المليون نسمة هم شعب الدنمارك الأكثر سعادة في العالم، هكذا تم تصنيفهم لعدة سنوات متتالية من قبل المفوضية الأوربية للسعادة بالرغم من كون بلادهم ليست الأغنى، بل انهم من اكثر شعوب أوروبا والعالم أجمع دفعا للضرائب، فما سبب تلك السعادة التي باتت حديث العالم وتكهنات خبرائه؟
«انهم شعب أقرب في صفاتهم الاجتماعية للقبيلة منهم لمواصفات الشعب العادي، فالجميع هنا يعرفون بعضهم بعضا»، هكذا وصف السفير البريطاني في الدنمارك الدنماركيين، ولكن خبير السعادة Meik Wiking يحلل تلك الظاهرة في كتابه The little book of hygge قائلا:
ان سر سعادة هذا الشعب تكمن في كلمة واحدة.. لهذه الكلمة ترجمات كثيرة تحمل بين طياتها الحميمة والدفء والأمان ومعاني أخرى كثيرة أكثر عمقا يمكن أن نشعر بها ولكن لا يمكن ترجمتها لكلمات، وهذا هو بالضبط ما يمكن أن نصف به علاقة الأسرة الدنمركية بعضها ببعض لتتسع الدائرة لباقي الشعب.
«هنا معدل ساعات العمل لا تتجاوز الـ 33 ساعة أسبوعيا و4% من الدانماركيين فقط يعملون 40 ساعة وهو ما يتيح للمواطن العناية بنفسه وبأفراد أسرته بحيث يستطيع قضاء الوقت الكافي معهم وهو ما يخلق حالة من الترابط الاسري والحميمية بينهم »
ويشير الكاتب الى أن سعادة الشعب تنعكس في احتفالاتهم المختلفة فهم معروفون بعشق الانوار التي يتبارون سنويا في تنسيقها احتفالا بالكريسماس لتتحول كوبنهاجن الى قطعة من النور فيما تتزين المنازل والاماكن العامة طوال العام بالشموع الملونة الرومانسية.
ولكن العامل الأهم على حد وصف الكاتب في تلك السعادة الغامرة هو الاحساس العام بالأمان الكامل داخل الوطن فالكل هناك سواسية مهما كانت طبقتك الاجتماعية فلك ما لدى الجميع من حقوق وعليك ما عليهم من واجبات، تدفع ضرائب تعد الاعلى اوربيا ولكنك تحصل في المقابل على كل الخدمات التي تؤمن مستقبلك وكهولتك على حد سواء فأنت تدفع ولكن حال خانك الحظ وتركت العمل فالمخصصات المالية التي تكفيك وتكفي عائلتك بانتظارك الى حين تسوية اوضاعك، والحال ذاته لكبار السن فهم مؤمنون في كبرتهم من حيث المعاشات والخدمات الاجتماعية والصحية التي تضمن لهم حياة كريمة.
كما تهتم الدنمارك بالمرأة وتعطي ما يقرب من 18 أسبوعا إجازة مدفوعة الأجر للأمهات وتوجد بها 79 % من النساء اللاتي يعملن وهي نسبة أعلى نسبيا من البلدان الأخري، فيما يحصل الاطفال على رعاية الدولة الكاملة من خلال الخدمات التعليمية والصحية والرياضية المجانية وبأعلى المستويات العالمية.
وتعزو وكالة الصحافة الأوروبية وفقا لتقرير عن مؤشر السعادة العالمي اسباب سعادة الدنماركيين الى عدة اسباب بالاضافة الى ما سبق ذكره منها أنها حصلت على صفر في معدلات الجريمة والقتل وغياب الفساد، والاستقرار في النمو الاقتصادي ونوعية الحياة. ويعتمد مؤشر السعادة العالمي على عدة عوامل تقرر درجة سعادة الشعوب من تعاستها، وهي الحرية السياسية والشبكات الاجتماعية القوية، وغياب الفساد، والصحة العقلية والجسدية للأفراد، بالإضافة إلى الاستقرار الوظيفي والأسري.