تحوّلت إلى فنادق في لبنان قصور تحكي التاريخ.. وبيوت تحاكي الطبيعة

لطالما شكلت القصور التي تحولت إلى فنادق عامل جذب للسياح العرب والأجانب في لبنان، ومن الطبيعي أن تحتل سلّم أولوياتهم عند الحجز، فأصالة جدران هذه القصور تحكي التاريخ الغابر، كيف عاشوا وماذا استعملوا، ولأي مدرسة معمارية انتموا، اللوحات، الإضاءة، والإكسسوارات، فهذه الفنادق التاريخية تعكس بتصاميمها الفنّ اللبناني والشرقيّ التقليدي، وتوفّر خلف جدرانها القديمة أجواء عابقة بالتاريخ وتجربة تراثية لا تنسى.
بالإضافة إلى القصور التي تحولت إلى فنادق، انتشرت في لبنان في السنوات الأخيرة تجربة بيوت الضيافة، ولاقت إقبالاً كبيراً من اللبنانيين أنفسهم قبل غيرهم، فعززت هذه الخطوة السياحة الداخلية وأمّنت لأصحاب البيوت دخلاً إضافياً، والبعض بات يعتمد على مردود البيوت كدخل أساسي للعيش، وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه البيوت زاد الطلب عليها بشكل كبير من السياح العرب والأجانب نظراً لجماليتها العالية وأصالتها، وكون بيت الضيافة يكون في الأصل ذا موقع طبيعي مميز ومواصفات تاريخية، وفي أغلب الأحيان يكون عمر البيت يتعدى الـ 200 عام.
وقد أدخل رجال الأعمال استثماراتهم في مجال بيوت الضيافة، وأسس بعضهم مشاريعهم الخاصة المعتقة والحافظة لعراقة التاريخ، مطعمة برفاهية الحاضر لتأمين متعة الإقامة للقادمين من الداخل والخارج.
قصور تحوّلت إلى فنادق
فندق دير الأمراء
دير الأمراء فندق جبلي لبناني ساحر يقع في قلب دير القمر، تم بناؤه عام 1827 من قبل الأمير بشير الثاني لمستشاره الأول قبل أن يتم تحويله إلى مدرسة داخلية في عام 1908، ويُعد هذا الفندق اليوم من الفنادق التاريخية والتراثية في لبنان، وهو يعكس فنّ العمارة التقليدي والتصميم الشرقي الأنيق.
يحتوي دير الأمراء على 16 جناحاً فسيحاً، يتميّز كلّ منها بطابع مميز. وهو يوفّر أجواء جبلية وريفية في قلب الطبيعة الجميلة، ولعل أكثر ما يميزه أنه يوحّد الأصالة والفخامة مع الهدوء وجمال الطبيعة الخلابة. وبالإضافة إلى جمالية المكان، الاهتمام يكون على أشده بتقديم أفضل وأطيب الأطباق اللبنانية والعالمية، لتجتمع العناصر كافة من أجل إرضاء الضيف الذي يُعامل كفرد في عائلة لا كزبون.
«قصر الأمير أمين» بناه الأمير بشير الشهابي الثاني لابنه الأمير أمين ثم تحول إلى فندق فخم عام 1986.. يجمع بين فنّ البناء العثماني والإسلامي إذ إنه شيّد خلال فترة الحكم العثماني للبنان!
يُعدّ فندق قصر الأمير أمين نموذجاً للعمارة اللبنانية في أوائل القرن التاسع عشر، وهو يجمع بين فنّ البناء العثماني والإسلامي، إذ انه شيّد خلال فترة الحكم العثماني للبنان. بنى هذا القصر الأمير بشير الشهابي الثاني لابنه الأمير أمين، على تلّ يشرف على قصره في بيت الدين عام 1839، وقد استثمرته ورمّمته الدولة اللبنانية وحوّلته إلى فندق فخم عام 1986.
يتميّز القصر بهندسته المعمارية الرائعة، والمساحات الخضراء الشاسعة التي تحيط به ليصبح نسخة مصغّرة من قصر بيت الدين. تعكس زخرفة القصر جمال التصاميم الشرقية، وقد استعان الأمير بشير بالحرفيين السوريين لتنفيذ التصاميم الداخلية والزخارف المستوحاة من الفن الدمشقي التقليدي.
للقصر بوابة خشبية منقوشة بالمسامير النحاسية، غالبية الأبواب شاهقة ومصنوعة من الخشب، وتمتد الباحة الخارجية المظللة بالقناطر على مستويات مختلفة وتحيط بها الغرف من مختلف الجهات.
ما يميز الفندق اليوم التصميم القديم، الذي ما زال واضحاً في أقسامه وأجنحته، كما يتميّز بالأجواء التقليدية المحلية التي يوفّرها لزائريه.
وضع تصميم ترميم الفندق مهندسان اختصاصيان في تحويل القصور القديمة الكئيبة إلى فنادق عصرية مشرقة مع إبقاء ما تتميز به من الطابع الأثري التاريخي الّذي يجملها ويزينها. ويتألف بناء الفندق من ثلاث طبقات: الطبقة الأرضية لتسع غرف واسعة وردهة استقبال وحدائق داخلية، والطبقة الأولى فيها سبع غرف كبيرة لكل منها شرفة وثماني غرف وحيدة بلا شرفات. وفي الطبقة الثانية تسع غرف.
يبعد هذا القصر عن بيروت 46 كلم وارتفاعه عن سطح البحر 960 مترا. اختار الأمير أمين رقعة مرتفعة في تلال جميلة من قضاء الشوف الأخضر المطلة على مدينة بيروت.
«بيوتي» تقع وسط جبال الشوف وبالتحديد في منطقة معاصر بيت الدين على مساحة 35 ألف متر مربع وبنيت البيوت العشرة من الحجر الصخري ليعكس الأصالة اللبنانية العريقة
تقع “بيوتي” وسط جبال الشوف وبالتحديد في منطقة معاصر بيت الدين على مساحة 35 ألف متر مربع، وبنيت البيوت العشرة من الحجر الصخري ليعكس الأصالة اللبنانية العريقة.
مزج مشروع بيوتي في تفاصيله ما بين العراقة والحداثة في ديكوراته وأثاثه، فتشاهد المدفأة على الحطب (الشيمينيه) إلى جانب الصوبيا (وسيلة تدفئة قديمة) في آن، وكذلك شراشف مطرّزة بالدانتيل البريطاني على الأسرة ومغسلة على شكل جرن الكبّة في صالة الحمام المغطّى بالرخام.
بيوت الضيافة في مشروع بيوتي موزعة بشكل متباعد للحفاظ على الخصوصية وجميعها مطلّة على منظر طبيعي خلّاب محاط بالورود والأشجار كما أنها مفروشة بالأثاث القديم والمحدّث معا، وكذلك بأسرّة وحمامات صممّت بأسلوب راق. ولا تغيب عن هذه المنازل التكنولوجيا الحديثة، وكل بيت يحكي قصة بهندسته أو بالاسم الذي يحمله.
دار نور
يقع “دار نور” في شبطين، على بعد ساعة بالسيارة من بيروت. هو بيت ضيافة تقليديّ ساحر محاط بأشجار البلوط والزيتون المعمّرة. تطلّ دار نور على تلال البترون، ويمنح المرء بيئة مثاليّة للاسترخاء. تضم الدار ترّاسات جميلة، وجاكوزي في الهواء الطلق، وسطحاً رائعاً للاستمتاع بغروب الشمس. يعدّ أيضاً ملاذاً مثاليّاً لأولئك الذين يبحثون عن الهدوء والابتعاد عن الروتين اليوميّ والاتصال بالطبيعة.
«بيت طراد».. منزل لبناني تقليدي يعود إلى القرن التاسع عشر مميّز بتصميمه الذي يوقظ الحواس.. مخبّأ وسط أشجار الصنوبر القديمة المهيبة
هناك شيء مميز للغاية في بيت طراد المخبّأ وسط أشجار الصنوبر القديمة المهيبة. هذا المنزل اللبنانيّ التقليديّ الرائع الذي يعود إلى القرن التاسع عشر مميّز بتصميمه الذي يوقظ الحواس.
في هذا المكان، تتلاقى الأناقة البسيطة والتصميم الفريد وكرم الضيافة. لقد صمّم البيت بذوق، يجمع بين العناصر الكلاسيكية والحديثة. فهو يتميّز بالأسقف العالية وبلاط الأرضيّات الجميل، والواجهة الحجرية. يضمّ البيت تسع غرف مزيّنة بشكل فريد وحديقة واسعة.
بيت «تيتا منى»
يقع بيت تيتا منى على ارتفاع 1200 متر فوق مستوى سطح البحر، قرب منحدرات الزعرور وكفرذبيان.
يتمتع هذا المنزل الذي يعود تاريخه إلى أكثر من مائة عام بإطلالات مميّزة على البحر الأبيض المتوسط والتلال المجاورة.
صُمّمت غرفُ النوم الثلاث بتنسيق مميّز ومثاليّ باستخدام قطع معاصرة وشرقيّة، جمعها المالكون خلال رحلاتهم حول العالم.
شباك حبيب
يتمتّع شباك حبيب بهندسة معمارية فريدة تميّزه من باقي بيوت الضيافة، لا في لبنان فقط بل في جميع أنحاء العالم. بهندسته المثلّثة الشكل، وغرفه الاستثنائية، وأقواسه وأدراجه، يعكس هذا البيت التصميم اللبناني التراثيّ.
يعود تاريخ بناء شباك حبيب إلى العام 1837، ويقع في قلب دير القمر، على مقربة من مناطق الجذب الرئيسيّة في الساحة الرئيسية والشوارع التاريخيّة الضيّقة. مما لا شك فيه أن الاهتمام ببيوت الضيافة إلى جانب القطاعات السياحية الأخرى شكّل عامل جذب إضافيا لقدوم السياح إلى لبنان، لكن في جوهر الموضوع تكمن الأهمية بخلق ذهنية المحافظة على تراثنا ودخول غمار بناء بيوت على نسق البيوت القديمة بكل تفاصيلها ومقتنياتها، فتصبح هذه البيوت بمثابة إرث ومعلم للأجيال القادمة، والأهمية الأخرى تقول إننا حافظنا على القصور المتخمة بالتاريخ والعراقة الموجودة ورممناها، وبذلك يكون أصحابها قد استفادوا ماديا عبر الاستثمار فيها، ولم يعمدوا إلى هدمها أو بيعها بل الاعتناء بها وتوريثها في المستقبل.
علي غندور- أسرتي