تطوع المراهق.. اكتشاف النفس وحب الغير
وجدت الشابة فاطمة نفسها حين مدت يد العون لغيرها وشاركت في نشاط تطوعي، ولم تقتصر مشاركتها على مجتمعها الصغير، بل سافرت لتساعد الآخرين في الخارج كذلك، فالتطوع عمل يسمو من مقام الإنسان ويوسع مداركه. وخلال هذا الموضوع يحكي لنا يافعون عن رأيهم في التطوع وقصتهم معه وكيف يرى خبراء آثاره على شخصية المراهقين:
فاطمة: التطوع يُعطي نكهة لحياة الفرد
- بدايتنا مع فاطمة، طالبة انثربولوجي وعلاقات دولية، والتي شاركت في عدد من الأنشطة التطوعية حيث تقول «تطوعت في الخارج 3 مرات، مرتين بتركيا ومرة في أذربيجان، فعملت في تركيا بحضانة لمدة 5 أسابيع، والمرة الثانية كان في معهد مجاني للأطفال لتدريس اللغة الإنجليزية».
وتكمل «في أذربيجان كان تطوعي بدار للأيتام وكنت أُدَرِّس اللغة الإنجليزية وترك التطوع بداخلي آثرا كبيرا ليس في شخصيتي فقط بل في حياتي كلها».
وتوضح فاطمة أن التطوع «يعطي نكهة لحياة الفرد»، وتفسر ذلك قائلة «عندما نكون في مرحلة تكوين الشخصية ونمر باضطرابات عن مستقبلنا وهويتنا وتحيرنا تساؤلات عن معنى الحياة يأتي التطوع ليكون عاملًا مساعدًا في تشكيل شخصياتنا وأفكارنا ومهاراتنا والتعرف أكثر على جوانب مختلفة لشخصيتنا. ويساعدنا التطوع كذلك على إدراك العالم حولنا».
وتؤكد أن التطوع ينمي مهارات الشخص الفردية قائلة «التطوع يعلمنا سرعة البديهة والتركيز على الحلول أكثر من التركيز على المشكلة».
عبدالرحمن: المشاركة في الأنشطة التطوعية منحتني الإحساس بالمسؤولية تجاه الآخرين
- ومن فريق كويت العز الشبابي التطوعي يحدثنا عبدالرحمن خالد القصبا طالب الهندسة وأحد مؤسسي الفريق قائلًا «فكرة الفريق كانت بين مجموعة شباب حاولوا استغلال وقتهم والتركيز على النشء وفعل شيء مفيد بحياتنا فمهما طال عمر الإنسان فلا بد أن تكون له بصمة إيجابية في الحياة، ونحن ننظم عددا من الأعمال الخيرية المتنوعة سواء مساعدات إنسانية أو تنموية أو رياضية أو فعاليات مختلفة ونحاول نشر قيمة التطوع والاحترام والأخلاق والالتزام».
ويوضح أن كثيرا من الشباب الكويتي يستغل وقت الفراغ في أنشطة غير مفيدة أو في «طلعات» وأعمال تضيع الوقت وربما تضره «نحاول من خلال الفريق جمع الطاقات الشبابية لأنهم فقط ينتظرون الدافع المعنوي والكلمة الطيبة من الآخرين، فشبابنا وبناتنا فيهم الخير».
وعن أثر تجربته في التطوع على شخصيته يقول «كانت لدي مشاركات تطوعية مختلفة. وأثرت تلك المشاركات على شخصيتي في أشياء متعددة، منها الالتزام بالوقت والانضباط والإحساس بالمسؤولية تجاه الآخرين، كما أصبحت أشعر بغيري عندما ألمس معاناة الآخرين».
حمد: التطوع درب متأكد %100 من صحة السير فيه
- أما حمد عبدالكريم الهاجري، وهو طالب بكلية الهندسة الكهربائية، فيقول عن العمل التطوعي «في رأيي أننا كشباب في الكويت ليس لدينا كثير من الأنشطة أو الفعاليات التي تشغلنا لا يوجد أفضل لنا من المشاركة في الأعمال التطوعية فنتعرف بها على أصدقاء جدد ونقدم خيرًا للآخرين، والتطوع درب أنت متأكد مائة بالمائة في صحة السير فيه. ويشعرك العمل التطوعي بالونس وبراحة نفسية سواء دنيويًا أو دينيًا فكل الأشياء به إيجابية».
عايشة: التطوع يزرع لدي الثقة بالنفس
- وتوضح عايشة المطيري ذات التسعة عشر عامًا أن مشاركتها في الفريق هي تجربتها التطوعية الأولى وأنها شاركت في عدد من الفعاليات مع الفريق. وترى أن التطوع يعطي شعورًا بالرضا عن النفس «كوني أساعد الناس وأنشر شيئًا جميلًا بينهم وأقدم لنفسي وغيري عملًا جيدًا يزرع لدي ثقة بالنفس، فالتطوع جعلني اجتماعية أكثر في تعاملي مع الآخرين وفي الحديث معهم».
وتشجع عايشة الشباب على الاشتراك في الأعمال التطوعية «الأنشطة التطوعية تشغل الوقت بطريقة إيجابية وتعزز العلاقات الاجتماعية وتساعد الغير والمجتمع».
البشاير: العمل التطوعي يساعدني على استغلال وقتي بطريقة مفيدة
- وتحدثنا البشاير العنيزي التي تدرس الهندسة الكهربائية عن أول تجربة تطوع لها قائلة: دخلت التطوع من باب «خير الناس أنفعهم للناس» فالتطوع يجعلني أساعد الناس وأحصل على أجر. كما يمثل نشاطًا إضافيًا لحياتي إلى جانب الدراسة.
وعن أثر التطوع عليها تقول «الأعمال التطوعية مهمة للشباب والمراهقين بالنسبة لي تجعلني أستغل وقتي بطريقة صحيحة ومفيدة فمن الجميل أن يبدأ الشخص نشاطه وعمله التطوعي منذ سن صغيرة ويتعلم العطاء. ولا يؤثر التطوع على دراستي، فأنا أستطيع تنظيم الوقت بين الدراسة والتطوع».
فاطمة الشطي: التطوع يمنحني حماساً أكثر للدراسة
- أما فاطمة الشطي والتي تبلغ 15 عامًا فأحبت المشاركة في الأنشطة التطوعية لعمل شيء جديد «كانت المشاركة في الأعمال التطوعية ممتعة جدا والفعاليات جميلة، كما أصبحت أرى أشياء بطريقة مختلفة».
وتبين أنها تعلقت بالأعمال الخيرية «أحببت رسم الابتسامة على وجوه الآخرين. وجعلني التطوع أغير تفكيري وساهم في اجتهادي أكثر بدراستي، فصرت أتحمس للدراسة أكثر، كما لم يكن تأثيره سلبيًا أبدًا على دراستي فيمكنني تخصيص وقت للدراسة ووقت للعمل التطوعي».
د.ميس الشريف: المشاركات التطوعية تسهم في زيادة المهارات الاستقلالية للمراهق
- ثم انتقلنا إلى الخبراء في مجال علم النفس والمراهقة لنرى تأثير التطوع على الشباب والمراهقين، فتقول د.ميس الشريف الاستشاري النفسي «يزيد التطوع من مشاعر المراهق الروحية والمهارات الاجتماعية والقدرات التواصلية، كما يساعد على زيادة اكتشاف الذات والوعي بالقدرات والإمكانات وبالتالي زيادة التقدير والثقة بالذات».
وتضيف «المشاركات التطوعية تسهم في زيادة المهارات الاستقلالية للمراهق ومهاراته التنظيمية وإدارة الذات والوقت وتحسين المهارات القيادية والذكاء العاطفي الاجتماعي».
وعن خبرتها الشخصية تقول «لمست من خبرتي الدور الفاعل للأندية الاجتماعية والدينية والمهنية في تطوير شخصية المراهق وصقلها والاستفادة من طاقاته وقدراته التي تكون في أوجها وذروتها وتحتاج فقط الى التوظيف والتوجيه والتنظيم».
إيمان الراشد: الأهل هم من يشجعون الابن على تحقيق ذاته بالانخراط في الفرق التطوعية المختلفة
- وتؤكد إيمان سعود الراشد المرشدة التربوية المختصة في المراهقة والطفولة أن الأنشطة التطوعية تجعل المراهق يندمج في المجتمع ويشارك الآخرين مما يخفف الضغوط التي يمر بها «التطوع يملأ وقت الفراغ لدى المراهق فيما ينفع ويجعله يمارس هواياته ويفرغ ضغوط الحياة اليومية مما يؤدي الى بناء ذاته وتحقيق رغباته».
وتشدد على دور الأهل في غرس ثقافة التطوع لدى المراهقين «الأهل هم من يشجعون الابن على تحقيق رغباته وذاته من خلال الانخراط في الفرق التطوعية المختلفة العاملة في بلدنا الكويت وغرس ثقافة العمل التطوعي لديه».
وتوضح أن التطوع يسهم في اكتساب العديد من المهارات والقيم «الأنشطة التطوعية تعزز من ثقة المراهق بنفسه وتكسبه مهارات التفكير والتخطيط الإيجابي وإدارة الوقت والتعاون والإيثار والتعامل مع الآخرين وأهمية الخدمة المجتمعية».
وتبين وجود كثير من النماذج في المجتمع التي أثر بها النشاط التطوعي وأصقل من شخصياتهم «التأثير يكون في عدد من الجوانب سواء القراءة أو الحوار أو القدرة على الإقناع أو التواصل الاجتماعي مع الآخرين».
وتختتم «أقرب مثال مشاركة أبنائنا الأطباء في معسكرات العيون في أفريقيا ومشاركة مجموعة الطالبات في إغاثة الأسر المنكوبة في مخيمات اللاجئين بتركيا والأردن وغيرهما».
داليا شافعي