حرّمته مؤسسات دينية ومنعت بثّه بعض الدول مسلسل «معاوية».. جدل كبير.. وتساؤلات أكثر من الإجابات

أشعل مسلسل «معاوية» الذي أنتجته المملكة العربية السعودية الجدل الكبير منذ بدأ تصويره قبل عامين، وشهد جدلا واسعا حول فكرة تجسيد شخصيات الصحابة دراميًا، وأن مشاهدته قد تثير الفتنة وتؤجج الصراعات، لدرجة أن الأزهر الشريف حرّم مشاهدته، وقامت كل من إيران والعراق بمنع بثه، كما شهد انسحاب مخرجه طارق العريان أثناء تصويره، وحل محله المخرج أحمد مدحت، ودافع مؤلفه الكاتب خالد صلاح عن المسلسل، وقال إنه كتب عن معاوية الإنسان، وليس القائد العسكري الذي خاض سبع حروب، ولا يزال الجدل مستمرًا حوله، وقد يمتد طويلا بسبب تصادم الآراء وتعارضها، في السطور التالية نستعرض جوانب من أزمة مسلسل «معاوية»، ولماذا حُرِّمَت مشاهدته، ومنعت بعض الدول عرضه؟
بلغت تكلفته 100 مليون دولار وشهد اعتذارات وتعديلات على السيناريو
بداية، تتناول أحداث العمل قصة الخليفة معاوية بن أبي سفيان ونشأة الدولة الأموية بدءًا من الفتنة الكبرى عقب استشهاد الخليفة عثمان بن عفان مرورًا بتولي علي بن أبي طالب الخلافة ثم استشهاده وتنازل الحسن بن علي عن الحكم لمعاوية، وصولًا إلى تولي يزيد بن معاوية واستشهاد الحسين في كربلاء.
ومر تصوير العمل الذي بلغت تكاليف إنتاجه 100 مليون دولار بصعوبات، منها اعتذار المخرج المصري طارق العريان عن استكماله وإسناد مهمة إخراجه لأحمد مدحت لاحقًا، وشهد تعديلات على السيناريو الذي كتبه الصحافي خالد صلاح بهدف تجنب الجدل الكبير وتخفيف بعض العناصر المثيرة له في النص.
المسلسل يضم نخبة من النجوم العرب، حيث يقوم السوري لجين إسماعيل بتجسيد شخصية معاوية بن أبي سفيان، بينما يؤدي إياد نصار دور علي بن أبي طالب، وأيمن زيدان دور عثمان بن عفان، أما وائل شرف فيؤدي دور عمرو بن العاص وفادي صبيح يجسد شخصية أبي سفيان، وتجسد الممثلة التونسية سهير بن عمارة شخصية هند بنت عتبة، كما تؤدي كل من عائشة بن أحمد وجميلة الشيحة دوري زوجتي معاوية، ويشارك في العمل نجوم كبار مثل سامر المصري وأسماء جلال وسوسن بدر وغيرهم.
ورغم الإنتاج الضخم والاهتمام الكبير الذي حظي به، واجه المسلسل اعتراضات قوية من المؤسسات الدينية، وعلى رأسها الأزهر الشريف الذي أعلن رفضه القاطع لتجسيد شخصيات الصحابة، معتبرًا ذلك حراما شرعا، كما دعا علماء الدين إلى مقاطعة العمل وعدم مشاهدته، وأن الخلافات التاريخية حول الحكم والخلافة شأن إلهي لا يجب تحويله إلى عمل درامي يخضع للتفسيرات المتباينة، ورغم الاعتراضات الدينية تمسك القائمون على المسلسل بقرار عرضه، مؤكدين أنه عمل درامي يعكس فترة تاريخية مهمة دون المساس بالشخصيات المقدسة.
ودافع الكاتب المصري خالد صلاح مؤلف مسلسل معاوية عنه، مؤكدا أن المسلسل لم يكن يهدف للترويج إلى رواية معينة، أو ينحاز لطرف دون آخر، وإنما أراد تقديم قراءة جديدة ترسم صورة لمعاوية بن أبي سفيان من غير اللجوء إلى منطق المنتصر والمهزوم.
وأشار المؤلف إلى أن معاوية كان إنسانًا يتعامل مع التحديات الكبرى في عصره، ولم يكن معاوية رجل سيف كخالد بن الوليد ولا ناسكًا زاهدًا كعلي بن أبي طالب، بل كان رجل التدبر الطويل والانتظار الصامت، وإن العمل يطرح تساؤلات أكثر مما يقدم إجابات، ويدعو المشاهدين إلى إعادة التفكير في شخصية تاريخية أثرت في مسار الأحداث الإسلامية بعيدًا عن الجدل المسبق الذي يحيط بها عبر العصور.