حولت أكبر مقبرة للإطارات في العالم إلى «كنز» المهندسة آلاء حسن: حذروني من حروب «البزنس».. ولكنني واجهتها
سيدة أعمال كويتية مهندسة صناعية وإدارية، طموحة لا تعرف ولا يوجد في قاموسها كلمة (مستحيل)، إنها المهندسة آلاء حسن رئيسة مجلس إدارة شركة (أيبسكو)، المتخصصة في قطاع النفط والغاز والصناعات الخضراء، والتي دخلت في المجال الصناعي الذي تحبه وتعشقه، متحدية الكثيرين الذين أحبطوها بعدم قدرتها على النجاح في هذا المجال الصعب درست الكيمياء التطبيقية والهندسة الصناعية والإدارية، بالإضافة إلى تحضير دراسة الماجستير في مجال الاستدامة والطاقة البديلة الخضراء والمدن الذكية، وكان لـ «أسرتي» هذا اللقاء معها:
لا أعرف كلمة «مستحيل»
كيف ترين واقع المرأة الكويتية وسيدات الأعمال في الكويت؟
– الكويت من الدول الرائدة التي ظهر فيها دور المرأة بشكل كبير، أثبتت وجودها في كل المجالات وفي مجال السياسة بشكل خاص، والنظرة إلى قطاع الصناعة من قبل المرأة مازالت ضعيفة، وهناك تركيز من قبل المرأة على بعض الأعمال في مجالات الموضة والأزياء، بمعنى آخر المجالات الأسهل، فيما يتعلق بالاستثمار في المطاعم أو السياحة، فلو لم يتوافر الطموح والإصرار على الدخول في القطاع الصناعي لما نجح أي شخص امرأة كانت أو رجلا فيه.
الشخصية القيادية تقبل دائماً التحدي
وتابعت: ولكني اخترت الطريق الصعب، حيث أردت أن أكون في اتجاه معاكس لاتجاهات المرأة التقليدية، نعم، وجدت تحذيرات كثيرة في بداية دخولي للقطاع الصناعي، وقيل لي إنه قطاع يصعب اختراقه من قبل المرأة، وانه قطاع يحتاج إلى دعم معين للعمل والاستمرارية، ووجدت صورة مغايرة تماماً، كان القياديون متعاونين بشكل كبير، ما لم يشعرني يوماً بعدم التعاون، مثلما يشاع، بالفعل واجهت حروبا، ولكنها حروب (البزنس) بشكل عام، فمن يدخل تلك المجالات فعليه أن يكون مستعدا للتنافس الشريف، وقد اخترت المجالات البعيدة عن المنافسة الشرسة، خاصة في مجال التكنولوجيا والحلول الذكية، ما يجعلني أفكر في حلول خارج النطاق التقليدي، كما أنني وجدت القطاع النفطي من أنجح القطاعات التي تستطيع المرأة العمل فيها بل والنجاح، واستطعت أن أمنح مؤسسة البترول حلولا ذكية تفيد القطاع النفطي ودولة الكويت من خلال تقليل التكلفة، فالشخصية القيادية تقبل دائماً التحدي، والتغلب على كل ما هو صعب ولا أعرف كلمة “مستحيل”.
كيف اقتحمت المهندسة آلاء حسن مجالات التجارة والنفط والصناعة؟ ومن أين انطلقت؟
– بالفعل دخلت عالم التجارة منذ وقت وكان على النطاق العائلي المحدود، وبدأت خوض التجربة أثناء دراستي الجامعية في كلية الدراسات التكنولوجية تخصص الكيمياء التطبيقية كما درست في كلية الهندسة الصناعية والإدارية، ومع الوقت توسعت في التجارة، ولكن مع الممارسة التجارية رأيت أن التجارة ليست مجرد كلمة لكنها طموح كبير، ولذا قررت أن أقوم بعمل نظام تجاري غير عشوائي، وانطلقت في عدة مجالات (الاستيراد والتصدير – التجارة العامة) وشملت هذه التجربة التجارة بمفهومه العام، وهو شراء وبيع المنتجات والسلع وتلك كانت نقطة الانطلاق، وما أن تخرجت في الجامعة، دخلت للعمل بالقطاع الحكومي بوزارة الطاقة – الكهرباء والماء، واستمرت لـ 10 سنوات واكتسبت الخبرة بقطاع يختص بتمديد وتوصيل الغاز (إدارة شبكات الوقود) لتصميم شبكات المياه.
كيف اتجهت للمجال الصناعي والاستثماري بالقطاع الخاص؟
– توجهت إلى تعديل مسار النشاط التجاري إلى الصناعي للمضي قدما في طموحي الذي رغبت فيه، فقد كان حلمي أن أصبح مهندسة متخصصة بالصناعة، وكان قطاع الصناعة والنفط والغاز بالنسبة لي يمثل تحديا، ورأيت أنه من الضروري أن أخوض التجربة، وهما قطاعان يروقان لي حيث درست الاثنين الكيمياء التطبيقية والهندسة الصناعية والإدارية، وبالفعل بدأت التجربة الصناعية.
هل كان من السهل تقبل الأهل دخولك في القطاع النفطي؟
– واجهت في البداية معارضة من قبل الأهل لدخول المجال الصناعي بشكل عام والقطاع النفطي بشكل خاص، وذلك بسبب خوفهم الشديد علي من هذين القطاعين المملوءين بالعثرات والصعوبات، ولكن بإصراري خوض هذه التجربة أكدت أن التخوفات زالت بمجرد أن بدأت أولى خطوات النجاح في ذلك القطاع الأهم في الكويت.
وكيف استطعت كامرأة تحقيق التوازن بين مسؤوليات العمل والمنزل؟
– بالإرادة والعزيمة والإصرار يمكن تحقيق ما نريد، فقد كنت أدرس وأعمل بالتجارة ورغم الضغوط في الحياة وتلبية متطلبات عائلتي، تمكنت من تحقيق طموحي، مع وضع خطة منظمة للوقت ومساندة والزوج والأسرة وتفهمهم لطموحك يقودك للنجاح، وهذا ما حصلت عليه أثناء الدراسة وما بعدها أيضا.
ما مجالات التحدي بعد حصولك على بكالوريوس الهندسة؟
– بدأت في المجال النفطي، وحرصت على دخول السوق من زاوية تناسبني وتناسب قدراتي، وتتيح لي مجالا يختص بالتكنولوجيا الحديثة لأهمية هذا القطاع، الذي تكاد تنعدم فيه المنافسات وعدم وجود منافسين كبار وبالفعل حالفني التوفيق بمشروع قدمته لرفع حجم الإنتاج للآبار النفطية مع وضع حلول للإشكاليات أثناء الحفر وكذلك أثناء الاستخراج، ونجاحي في هذه التجربة زاد شغفي لأصل لأبعد من ذلك.
مشكلة الإطارات التي كانت حديث العالم في الفترة الأخيرة كيف تعاملت ابسكو مع هذه الأزمة؟
– مردم إطارات ارحية وصف مؤخراً بأكبر مقبرة للإطارات في العالم نتيجة للكم الهائل من الإطارات السيارات الخردة التي تراكمت على مدى 17 عاماً في منطقة أرحية الواقعة على بعد نحو 35 كيلومتراً من العاصمة الكويت ونحو 7 كيلومترات فقط من المناطق السكنية، وشكّل هذا الموقع مصدر إزعاج للسكان بسبب الحرائق المتتالية التي كانت تندلع بين الحين والآخر في هذا الكمّ الضخم من الإطارات مسبّبةً سحباً من الدخان الأسود الضار بالبيئة والسكان، وتقرر نقل جميع الإطارات من منطقة أرحية إلى منطقة السالمي بالقرب من الحدود السعودية خلال 6 أشهر، وبدأت جهود إعادة التدوير من دون أي تكلفة على الحكومة، حيث يقوم خط الإنتاج على دخول الاطار وبدء تقطيعه لإنتاج منتجات مختلفة في مصنع لإعادة التدوير تديره شركة (ايبسكو العالمية للتجارة العامة) في منطقة السالمي.
حدثينا عن مصنع تدوير الإطارات الأول في الكويت وأهميته ومنتجاته.
– مصنع تدوير الإطارات يمثل المصنع الثاني من المصانع الخضراء في المحافظة على البيئة لمجموعة الشركات التابعة لنا، وتم بناؤه خلال عام واحد لينطلق بالإنتاج للمحافظة علي البيئة وتمتلك هذا المصنع (شركة ايبسكو العالمية للتجارة العامة)، وكان أحد أهدافها الرئيسية إنشاء المصنع كواجب اجتماعي يسبق تحقيق مكاسب مالية لتنظيف منطقة (ارحية) جنوب سعد العبدالله من الإطارات والتلوث البيئي ضمن تعاون حكومي وأهلي يتمثل في توفير منطقة للسكن للمواطنين، وقامت الشركة دون أن تتحمل الدولة أي أعباء مالية في تطهير هذه المنطقة وتم تسليم جزء من المنطقة خالية وتخليصها مما يقارب من ٤٠ مليون إطار تالف في وقت قياسي وبجهود الإدارات والهيئات.
القدرة الاستيعابية للمصنع نحو 3 ملايين إطار
ما القدرة الإنتاجية لمصنع (ابسكو)، وهل هو قادر على حل مشكلة الإطارات المستعملة؟
– تم إنشاء المصنع في العام 2019 وبدأت خطوط الإنتاج بالعمل الفعلي في 2020، حيث تبلغ القدرة الاستيعابية للمصنع نحو 3 ملايين إطار سنويا، وهذه الطاقة تختلف بحسب ورديات العمل في المصنع، ما يعني أنه يمكن التخلص من الإطارات بشكل سريع وجذري وضمان عدم تكدسها مرة أخرى.
وبوجود مصنع لتدوير الاطارات بطاقة إنتاجية كبيرة، خاصة في ظل وجود كميات أخرى من الإطارات المستعملة التي سيتم التخلص منها بشكل مستمر ودون توقف.
ما المجالات التي يمكن أن نستخدم فيها الإطارات المعاد تدويرها؟
– هناك العديد من المنتجات التي تنتج عن تدوير الإطارات، أهمها ما يتعلق برصف الشوارع بالدرجة الأولى، خاصة أن الطلب على هذه المنتجات كبير جدا، لاسيما في الدول الخليجية المجاورة التي تعتمد هذه المنتجات لدى هيئة الطرق، حيث يتم استخدامها بديلا لـ (البوليمر) و(السلفر) في خلطه مع الاسفلت، لجدواه الاقتصادي وخصائصه التقنية.
كذلك هناك منتجات تتعلق باستخدامه بلاطا للحدائق وممرات المشي والرياضة وممرات الدراجات، بالإضافة إلى مناطق لعب الأطفال، حيث يتم استخدام هذه المنتجات بألوان زاهية ومواصفات آمنة تم اعتمادها بموجب شهادات جودة عالمية تثبت جدواها.
وماذا عن مصنع (كيميكويت) لدى شركتكم ومنتجاته؟
– بالفعل لدينا بالشركة خط خاص للبتروكيماويات تحت مسمى مصنع (كيميكويت) للصناعات الكيماوية، وذلك لإنتاج حمض الكبريتيك الذي يدخل في تنقية المياه الخالية من الشوائب والفطريات، وهو المصنع الوحيد بالكويت، ومن واجبي الوطني والإنساني أن أسعى لخفض الانبعاثات الضارة التي تنطلق عبر مصانعنا.
وبالنسبة للمصنع تم إبرام اتفاقية مع احدى الشركات العالمية الكبرى.
لإنتاج المواد الكيميائية الخاصة التي تدخل في عمليات الحفر للآبار وهي من المواد التي تحتاج اليها تلك الشركات في أعمالها، ولذا سيكون مصنعنا المورد الرئيسي لهذه الشركة وأصبح هذا المنتج الوطني عاملا مساعدا وآمنا لعدم الاعتماد على استيراد مثل هذه المواد الخاصة وتتجه استراتيجية المصنع لتوقيع عقود لعدة شركات عالمية أخرى لتزويدها بالمواد التي تخدم أعمالها بالقطاع النفطي وزيادة الدخل القومي للكويت.
تحديات كبرى واجهتنا وهدفنا بيئة خضراء ونظيفة خالية من الإطارات المستعملة
ما مشروع (الوقود العضوي) للشركة ومن أين جاءت فكرته؟
– مشروعنا الحالي لإنتاج الوقود الحيوي (الوقود العضوي) وسوف يبدأ بإنتاجه قريبا، وهو لإنتاج مادة تضاف لوقود السيارات تتلاءم مع الصحة والسلامة والبيئة وتطوراتها وتم اعتماد هذا المشروع بالتعاون مع هيئة الصناعة والهيئة العامة للبيئة، ويسمى هذا المنتج الوقود العضوي لكونه يحتاج الى مواد أولية عضوية وليست كيميائية وتتعلق بالاستدامة وخفض التكاليف وتقليل الانبعاثات الكربونية والتي سيعرض على جميع دول العالم إلى استخدامه في الوقود بإلزام وليس اختيارا والفكرة انطلقت من خلال بحثي عن التطورات العالمية لسلامة البيئة واستدامتها. يأتي ذلك ضمن الصناعة التي تختص بسلامة الصحة والبيئة، ورأيت تطورات وإبداعات عالمية في هذا المجال وتوصلت إلى أن الصناعة الحديثة ترتبط بالصحة والسلامة البيئية والسعي بتوفير الطاقة البديلة للمدن الخضراء وتم الخوض في هذا المضمار من خلال انتاج الوقود العضوي.
المهندسة آلاء حسن.. ما أسرار نجاحها المهني؟
– نجاحاتي التي حققتها لا وجود لها من غير وجود والدتي وزوجي، فالنجاح بالنسبة لي هو مساعدة ومعاونة الأسرة في ترتيب الحياة عامة، وترتيب الوقت بما لا يتعارض مع الحياة الاجتماعية، وهو أساس النجاح سواء كانت تجارة أو صناعة، إلى جانب الإصرار، وهو أمر مهم قادني ودعم عزيمتي على الاستمرار في هذا قطاع الأعمال وصولا إلى تحقيق ما أريده، الأمر الثاني هو وضع الخطط ودراسة شاملة كل أمر تحب أن تخوضه.