استضاف الصالون الثقافي والفني «مساحة 13» لصاحبته الفنانة التشكيلية مي السعد ندوة للشاعرة سعدية مفرح بمناسبة صدور كتابها الجديد «أسطورة زرقاء بكحل أسود».
في كتابها هذا، تسرد سعدية مفرح قصصا وحكايات موسومة بعبق الماضي الجميل مستلهمة الأحلام،
وعوالم الماضي الجميل، لتلتقط منه صورا عجائبية في حكايات تأخذنا الى حيث الماضي بل الى حيث الحاضر حيث الاسئلة التي مازالت تلح على المرأة حول وضع المرأة بل حول الرجل أيضا.
ثقوب.. في جدران الطفولة
كتاب «أسطورة زرقاء بكحل أسود» مستمد من تراث النساء في منطقة الجزيرة العربية تحت ظلال حكاية زرقاء اليمامة،
ولذلك أطلقت الشاعرة على كتابها اسم «أسطورة زرقاء بكحل أسود»، وشرحت الفكرة بأنها «محاولة لاسترجاع أصواتهن البائدة في مفازات الروح».
وقدمت سعدية مفرح لكتابها الشعري القصصي بمقدمة قالت انها «من حكايات جدتي التي لا يحبها الرقيب»، وجاء فيها:
«في جدران طفولتي البائسة إلا قليلا، ثقوب أطل من خلالها الآن على حكايا الدهشة، فأفاجأ بوجه جدتي المبتسم إلا قليلا،
أشم رائحة لوز وجوز وزبيب بلون العسل، تنفرج زوايا الذاكرة قليلا، فأغلق كفي على بيض حمام ملون بالأزرق الفاتح والوردي والأبيض المائل للصفرة، حلو ولذيذ،
ولا يماثله في حلو اللذة سوى أغنيات العمة لقصائد الجدة الذاهلة عن كل شيء إلا عن صلاة لا تنتهي، وقصائد لا تنتهي أيضا،
وانسحب من تلال الذاكرة المفعمة بالأسى وطعم الزبيب المتناثرة حباته على سجادة الصلاة ومستحلب الجوز في فم جائع،
فتلاحقني أغنيات النساء اللواتي لا أعرفهن ولكنهن يباغتن ليلي بأسمائهن وأسماء عشاقهن!،
ورحلت جدتي في بدايات مراهقتي، لكن شغفي بعوالمها المسحورة ظل دائما يراود سكوني أمام الورق الأبيض،
ولاحقا أمام لوحة المفاتيح، فأنساق في خضم السحر لكي تكون الحكاية كلمة ونغما، حداء حزينا،
ورحى تدور وتدور وتدور على محورها المغنى، وتقول جدتي إنهن كن يغنين وهن يطحن القمح، فتسير الأغنية في متواليات دائرية، وتكمل الحكاية حيث تبدأ،
فتبدأ الدائرة رحلة دورانها من جديد، ويكون الليل بظلمته وظلمه ساترا وستارا، لحكايات النساء البدويات المبللة بالأشواق والحنين والحرمان،
من دون أن تفقد جرأتها والتي لم اكتشفها إلا مؤخرا جدا، وأنا أتحاشى مقص الرقيب فيما أنشر، لا فيما أكتب».
وجاء«أسطورة زرقاء بكحل أسود» في 180 صفحة،
وزين غلافه بصورة فوتوغرافية مستنسخة من مكتبة الكونغرس الأميركي لامرأة من الجزيرة العربية يعود تاريخها الى نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن العشرين،
وقد أهدت سعدية مفرح كتابها الى «ذكرى راعية السهر وبذرة القصيدة.. راويتي الأولى وسحر طفولتي، جدتي رحمها الله».
التخلي عن ثقافتنا!
تحدثت سعدية مفرح في ندوتها المفتوحة مع الجمهور حول كتابها الجديد، بل حول إبداعها الشعري بشكل عام، وعن مواقفها الادبية والنقدية،
وتجربتها طوال سنوات طويلة كامرأة مبدعة وباحثة عن المكنون في الصدور والوجدان الخليجي والعربي..
وضمن ما قالت من أفكارها المثيرة للإعجاب لدى الحاضرين والجديرة بالتوقف طويلا عندها لدينا:
ضرورة المطالبة دوما بحق الإنسان بالعيش الكريم دون تمييز بين الرجل والمرأة..
وحين يكون الرجل حرا فلن يرضى بغير امرأة حرة لذلك لتكن مطالباتنا لكافة البشر للانسان دوما.
وتابعت: حين فشلت في تأدية دور تمثيلي مكتوب لي وقت دراستي المتوسطة قررت الكتابة من نفسي لنفسي.
وأكدت أننا نكبر على ثقافات متعددة تحاول التعلق بنا وما أن يأخذنا الزمن نتخلى عن ثقافاتنا التي ربينا عليها ونتخلى عنها، لذا كيف نتخلى عن أجزاء كبيرة شكّلت ذواتنا.
وأضافت: إن للمرأة البدوية رصيد حكايا عديدة وقصائد عظيمة تركناهن لنتغنّى بغيرهن.
وقالت: السيرة الذاتية دوما ناقصة ولا تكتمل إلا بالموت.
وتابعت: الشاعر لا يعبّر عن نفسه إلا بالقصيدة مهما كتب من كتب وحوارت و